- الربا محرم في كل مكيل أو موزون إذا بيع بجنسه متفاضلا فالعلة فيه الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس فإذا بيع المكيل أو الموزون بجنسه مثلا بمثل جاز البيع وإن تفاضلا لم يجز ولا يجوز بيع الجيد بالردئ مما فيه الربا إلا مثلا بمثل فإذا عدم الوصفان الجنس والمعنى المضموم إليه حل التفاضل والنساء وإذا وجدا حرم التفاضل والنساء وإذا وجد أحدهما وعدم الآخر حل التفاضل وحرم النساء وكل شيء نص رسول الله A على تحريم التفاضل فيه كيلا فهو مكيل أبدا وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا مثل الذهب والفضة وما لم ينص عليه فهو محمول على عادات الناس وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر فيه التقابض ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق ويجوز بيع اللحم بالحيوان عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد : لا يجوز إلا أن يكون اللحم الذي في الحيوان أقل مما هو المعقود عليه ويجوز بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل والعنب بالزبيب ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا وكذلك ألبان البقر والغنم وخل الدقل بخل العنب ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلا .
ولا ربا بين المولى وعبده ولا بين المسلم والحربي في دار الحرب .
_________ .
باب الربا .
بكسر الراء مقصورة على الأشهر ويثنى ربوان - بالواو على الأصل - وقد يقال ربيان - على التخفيف - كما في المصباح والنسبة إليه ربوى - بالكسر - والفتح خطأ مغرب .
( الربا ) لغة : مطلق الزيادة وشرعا : فضل خال عن عوض بمعيار شرعي مشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضة كما أشار إلى ذلك بقوله : هو ( محرم في كل مكيل أو موزون ) ولو غير مطعوم ومقتات ومدخر ( إذا بيع بجنسه متفاضلا فالعلة فيه الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس ) قال في الهداية : ويقال : القدر مع الجنس وهو أشمل اه . يعني يشمل الكيل والوزن معا ( فإذا بيع المكيل أو الموزون بجنسه مثلا بمثل جاز البيع ) لوجود شرط الجواز وهو المماثلة في المعيار ( وإن تفاضلا ) أو كان فيه نساء ( لم يجز ) لتحقق الربا ( ولا يجوز بيع الجيد بالردئ مما ) يثبت ( فيه الربا إلا مثلا بمثل ) لأن الجودة إذا لاقت جنسها فيما يثبت فيه الربا لا قيمة لها جوهرة . قيدنا بما يثبت فيه الربا لإخراج ما لا يدخل تحت القدر كحفنة بحفنتين وتفاحة بتفاحتين وفلس بفلسين وذرة من ذهب وفضة مما لا يدخل تحت الوزن بمثليها بأعيائهما فإنه يجوز التفاضل لفقد القدر ويحرم النساء لوجود الجنس فلو انتفى الجنس أيضا حل مطلقا لعدم العلة ( فإذا عدم الوصفان ) أي ( الجنس والمعنى والمضموم إليه ) من الكيل أو الوزن ( حل التفاضل والنساء ) بالمد لا غير - التأخير مغرب لعدم العلة المحرمة والأصل فيه الإباحة هداية ( وإذا وجدا حرم التفاضل والنساء ) لوجود العلة ( وإن وجد أحدهما ) : أي القدر وحده أو الجنس وحده ( وعدم الآخر حل التفاضل وحرم النساء ) ولو مع التساوي واستثنى في المجمع والدرر إسلام النقود في موزون لئلا ينسد أكثر أبواب السلم وحرر شيخنا تبعا لغيره أن المراد بالقدر المحرم القدر المتفق بخلاف النقود المقدرة بالصنجات مع المقدرة بالأمنان والأرطال ( وكل شيء نص رسول الله A على تحريم التفاضل فيه كيلا فهو مكيل أبدا ) : أي ( وإن ترك الناس الكيل فيه مثل ) الأشياء الأربعة المنصوص عليها ( الحنطة والشعير والتمر والملح ) لأن النص أقوى من العرف والأقوى لا يترك بالأدنى فلو باع شيئا من هذه الأربعة بجنسها متساويا وزنا لا يجوز وإن تعورف ذلك لعدم تحقق المساواة فيما هو مقدر فيه ( وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا ) : أي وإن ترك الناس الوزن فيه ( مثل ) الاثنين الآخرين ( الذهب والفضة ) فلو باع أحدهما بجنسه متساويا كيلا لا يجوز وإن تعورف كما مر ( وما لم ينص عليه ) كغير الأشياء الستة المذمورة ( فهو محمول على عادات الناس ) لأنها دلالة ظاهرة وعن الثاني اعتبار العرف مطلقا لأن النص على ذلك لمكان العادة وكانت هي المنظور إليها وقد تبدلت وخرج عليه سعدي أفندي استقراض الدراهم عددا وكذا قال العلامة البركوي في أواخر الطريقة : إنه لا حيلة له فيه إلا التمسك بالرواية الضعيفة عن أبي يوسف لكن ذكر شارحها العارف سيدي عبد الغني ما حاصله : أن العمل بالضعيف مع وجود الصحيح لا يجوز ولكن نقول : إذا كان الذهب والفضة مضروبين فذكر العدد كناية عن الوزن اصطلاحا لأن لهما وزنا مخصوصا ولذا نقش وضبط والنقصان الحاصل بالقطع أمر جزئي لا يبلغ المعيار الشرعي اه . وتمامه هناك .
( وعقد الصرف ) وهو ( ما وقع على جنس الأثمان ) من ذهب وفضة ( يعتبر ) أي يشترط ( فيه ) : أي في صحته ( قبض عوضيه في المجلس ) : أي قبل الافتراق بالأبدان وإن اختلف المجلس حتى لو عقدا عقد الصرف ومشيا فرسخا ثم تقابضا وافتراقا صح فتح ( وما سواه ) أي سوى جنس الأثمان ( مما ) يثبت ( فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر ) : أي لا يشترط ( فيه التقابض ) لتعيينه لأن غير الأثمان يتعين بالتعيين .
( ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ) من الحنطة ( ولا بالسويق ) منها وهو المجروش ولا بيع الدقيق بالسويق ولا الحنطة المقلية بغيرها بوجه من الوجوه لعدم التسوية لأن المعيار في كل من الحنطة والدقيق والسويق الكيل وهو لا يوجب التسوية بينهما لأنها - بعرض التكسير - صارت أجزاؤها متكثرة في الكيل والقمح ليس كذلك فلا تتحقق المساواة فيصير كبيع الجزاف . ويجوز بيع الدقيق بالدقيق والسويق بالسويق إذا تساويا نعومة وكيلا .
( ويجوز بيع اللحم بالحيوان ) ولو من جنسه ( عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) لأنه بيع الموزون بما ليس بموزون فيجوز كيف كان بشرط التعيين لاتحاد الجنس وشرط محمد زيادة اللحم ليكون الزائد بمقابلة السقط كالزيت بالزيتون قال في التصحيح : قال الإسبيجاني : الصحيح قولهما ومشى عليه النسفي والمحبوبي وصدر الشريعة ( ويجوز بيع الرطب بالتمر ) وبالرطب ( مثلا بمثل ) كيلا عند أبي حنيفة لأن الرطل تمر وبيع التمر بمثله جائز قال في التصحيح : قال الإسبيجاني : وقالا : لا يجوز والصحيح قول أبي حنيفة واعتمده النسفي والمحبوبي وصدر الشريعة ( و ) يجوز بيع ( العنب بالزبيب ) وكذا كل ثمرة تجف كتين ونحوه يباع رطبها برطبها وبيابسها قال في العناية : كل تفاوت خلقي كالرطب والتمر والجيد والردئ فهو ساقط الاعتبار وكل تفاوت بصنع العباد كالحنطة بالدقيق والحنطة المقلية بغيرها يفسد اه ( ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم ) بكسر السينين ( بالشيرج ) ويقال له حل بالمهملة ( حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير ) بفتح المثلثة وبكسر الجيم - الثفل وكذا كل ما لثفله قيمة كجوز بدهنه ولبن بسمنه ( ويجوز بيع اللحمان ) بضم اللام - جمع لحم . مصباح ( المختلفة بعضها ببعض متفاضلا ) والمراد لحم البقر والإبل والغنم فأما البقر والجواميس فجنس واحد وكذا المعز والضأن والعرب والبخاتي هداية ( وكذلك ألبان البقر والغنم وخل الدقل ) بفتحتين - ردئ التمر ( بخل العنب ) متفاضلا للاختلاف في الأصول وكذا في الأجزاء باختلاف الأسماء والمقاصد ( ويجوز بيع الخبز ) ولو من البر ( بالحنطة والدقيق متفاضلا ) لأن الخبز صار عدديا أو موزونا والحنطة مكيلة وعن أبلي حنيفة : لا خير فيه والفتوى على الأول ولا خير في استقراضه عددا أو وزنا عند أبي حنيفة لأنه يتفاوت بالخبز والخباز والتنور والتقدم والتأخر وعند محمد : يجوز بهما للتعامل وعند أبي يوسف : يجوز وزنا ولا يجوز عددا للتفاوت في آحاده هداية . قال في الدر : والفتوى على قول محمد . ابن ملك واختاره في الاختيار واستحسنه الكمال واختاره المصنف تيسيرا اه باختصار .
( ولا ربا بين المولى وعبده ) لأن العبد وما في يده ملك لمولاه فلا يتحقق الربا ( ولا بين المسلم والحربي في دار الحرب ) لأن مالهم مباح في دارهم فبأي طريق أخذه المسلم أخذ مالا مباحا إذا لم يكن فيه غدر بخلاف المستأمن منهم لأن ماله صار محظورا بعقد الأمان هداية