- المرابحة : نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح . والتولية : نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول من غير زيادة ربح .
ولا تصح المرابحة ولا التولية حتى يكون العوض مما له مثل .
ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والصباغ والطراز والفتل وأجرة حمل الطعام ولكن يقول : قام علي بكذا ولا يقول : اشتريته بكذا .
فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة فهو بالخيار عند أبي حنيفة : إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها المشتري من الثمن .
وقال أبو يوسف : يحط فيهما وقال محمد : لا يحط فيهما .
ومن اشترى شيئا مما ينقل ويحول لم يجز له بيعه حتى يقبضه ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد : لا يجوز .
ومن اشترى مكيلا مكايلة أو موزونا موازنة فاكتاله أو اتزنه ثم باعه مكايلة أو موازنة لم يجز للمشتري منه أن يبيعه ولا يأكله حتى يعيد الكيل والوزن .
والتصرف في الثمن قبل القبض جائز .
ويجوز للمشتري أن يزيد البائع في الثمن .
ويجوز للبائع أن يزيد في المبيع ويجوز أن يحط من الثمن ويتعلق الاستحقاق بجميع ذلك .
ومن باع بثمن حال ثم أجله أجلا معلوما صار مؤجلا .
وكل دين حال إذا أجله صاحبه صار مؤجلا إلى القرض فإن تأجيله لا يصح .
_________ .
باب المرابحة والتولية .
شروع في بيان الثمن بعد بيان المثمن .
( المرابحة ) مصدر رابح وشرعا : ( نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول ) ولو حكما كالقيمة .
وعبر به لأنه الغالب ( مع زيادة ربح والتوالية ) : مصدر ولى غيره : جعله واليا وشرعا : ( نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول ) ولو حكما كما مر ( من غير زيادة ربح ) ولا نقصان ( 1 ) .
( ولا تصح المرابحة ولا التولية حتى يكون العوض مما له مثل ) لأنه إذا لم يكن له مثل فلو ملكه ملكه بالقيمة وهي مجهولة ولو كان المشتري باع مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعه بربح دراهم أو بشيء من المكيل موصوف جاز لأنه يقدر على الوفاء بما التزم . هداية .
ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والصباغ والطراز ) بالكسر - علم الثوب ( والفتل وأجرة حمل الطعام ) لأن العرف جار بإلحاق هذه الأشياء برأس المال في عادة التجارة ولأن كل ما يزيد في المبيع أو في قيمته يلحق به هذا هو الأصل وما عددنا بهذه الصفة لأن الصنع وأخواته يزيد في العين والحمل يزيد في القيمة إذ القيمة تختلف باختلاف المكان . هداية . ) ولكن يقول : قام علي بكذا ولا يقول : اشتريته بكذا ) كيلا يكون كذبا وسوق الغنم بمنزلة الحمل بخلاف أجرة الراعي وكراء بيت الحفظ لأنه لا يزيد في العين ولا القيمة . فتح .
( فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة ) بإقرار البائع أو برهان أو نكول ( فهو ) . أي المشتري ( بالخيار عند أبي حنيفة : إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء فسخ ) لفوت الرضا ( وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها المشتري من الثمن ) عند أبي حنيفة أيضا لأنه لو لم يحط في التولية لا يبقى تولية لأنه يزيد على الثمن الأول فيتغير التصرف فيتعين الحط وفي المرابحة لو لم يحط يبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير فلو هلك قبل أن يرده أو حدث فيه ما يمنع الفسخ يلزمه جميع الثمن في الروايات الظاهرة . هداية .
( وقال أبو يوسف : يحط فيهما ) لأن الأصل كونه توليه ومرابحة ولهذا تنعقد بقوله : وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان معلوما فلابد من البناء على الأول وذلك بالحط غير أنه يحط في التولية قدر الخيانة من رأس المال وفي المرابحة منه ومن الربح ( وقال محمد : لا يحط فيهما ) لأن الاعتبار للتسمية لكونه معلوما والتولية والمرابحة ترويج وترغيب فيكون وصفا مرغوبا فيه كوصف السلامة فيتخير بفواته . قال في التصحيح : واعتمد قول الإمام النسفي والبرهاني وصدر الشريعة .
( ومن اشترى شيئا مما ينقل ويحول لم يجز له بيعه حتى يقبضه ) لأن فيه غرز انفساخ العقد على اعتبار الهلاك ( ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) لأن ركن البيع صدر من أهله في محله ولا غرر فيه لأن الهلاك في العقار نادر بخلاف المنقول والغرر المنهي عنه غرر انفساخ العقد والحديث معلل بهذا . هداية . ( وقال محمد : لا يجوز ) رجوعا لإطلاق الحديث ( 2 ) واعتبارا بالمنقول . هداية . قال في التصحيح : واختار قول الإمام من ذكر قبله .
( ومن اشترى مكيلا مكايلة أو موزونا موازنة ) يعني بشرط الكيل والوزن ( فاكتاله المشتري ) أو اتزنه ( ثم باعه مكايلة أو موازنة لم يجز للمشتري منه ) أي للمشتري الثاني من المشتري الأول ( أن يبيعه ولا ) أن ( يأكله حتى يعيد الكيل والوزن ) لاحتمال الزيادة على المشروط وذلك للبائع والتصرف في مال الغير حرام فيجب التحرز عنه بخلاف ما إذا باعه مجازفة لأن الزيادة له . هداية . ويكفي كيله من البائع بحضرة المشتري بعد البيع لا قبله فلو كيل بحضرة رجل فشراه فباعه قبل كيله لم يجز وإن اكتاله الثاني لعدم كيل الأول فلم يكن قابضا . فتح .
( والتصرف في الثمن ) ولو مكيلا أو موزونا قهستاني ( قبل القبض جائز ) لقيام الملك وليس فيه غرر الانفساخ بالهلاك لعدم تعينها بالتعيين بخلاف المبيع . هداية . وهذا في غير صرف وسلم .
( ويجوز للمشتري أن يزيد البائع في الثمن ) ولو من غير جنسه في المجلس وبعده . خلاصة . بشرط قبول البائع كون المبيع قائما ( ويجوز للبائع أن يزيد في المبيع ) ويلزمه دفعها إن قبلها المشتري ( ويجوز ) له أيضا ( أن يحط من الثمن ) ولو بعد قبضه وهلاك المبيع ( ويتعلق الاستحقاق بجميع ذلك ) لأنها تلتحق بأصل العقد وعند زفر تكون هبة مبتدأة : إن قبضها صحت وإلا بطلت .
( ومن باع بثمن حال ثم أجله معلوما ) أو مجهولا جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحو ذلك كما مر وقبل المديون ( صار ) الثمن ( مؤجلا ) وإن أجله إلى مجهول جهالة فاحشة كهبوب الريح ونزول المطر وإلى الميسرة فالتأجيل باطل والثمن حال ( وكل دين حال ) كثمن البياعات وبدل المستهلكات ( إذا أجله صاحبه ) وقبل المديون ( صار مؤجلا ) لأنه حقه فله أن يؤخره تيسيرا على من عليه ألا يرى أنه يملك إبراءه مطلقا فكذا مؤقتا ولأن هذه الديون يجوز أن تثبت مؤجلة ابتداء . فجاز أن يطرأ عليها الأجل بخلاف القرض ولذلك استثناؤه فقال : إلا القرض فإن تأجيله لا يصح ) لأنه إعارة وصلة في الابتداء حتى يصح بلفظ الإعارة ولا يملكه من لا يملك التبرع كالوصي والصبي ومعاوضة في الانتهاء فعلى اعتبار الابتداء لا يلزم التأجيل فيه كما في الإعارة إذ لا جبر في التبرع وعلى اعتبار الانتهاء لا يصح أيضا لأنه يصير بيع الدرهم بالدرهم نسيئة وهو ربا . وهذا بخلاف ما إذا أوصى أن يقرض من ماله ألف درهم فلانا إلى سنة حيث يلزم من ثلاثة أن يقرضوه ولا يطالبوه قبل المدة لأنه وصية بالتبرع بمنزلة الوصية بالخدمة والسكنى فيلزم حقا للموصي . هداية .
_________ .
( 1 ) قال في الهداية إن البيعين جائزان لاستجماع شرائط الجواز والحاجة ماسة إلى هذا النوع من البيع لأن الغبي الذي لا يهتدي في التجارة يحتاج إلى أن يعتمد فعل الذكي المهتدي ويطيب نفسه بمثل ما اشترى وبزيادة ربح فوجد القول بجوازهما ولهذا كان مبناهما على الأمانة والإحتراز عن الخيانة وعن شبهتها . وقد صح أن النبي A لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر Bه بعيرين فقال أن النبي A دلني أحدهما فقال هو لك بغير شيء فقال A أما بعد ثمن فلا قال في الفتح وفي التولية أحاديث لا شبهة فيها وذكرهما حديث عبد الرزاق بسنده إلى سعيد بن المسقب أن النبي A قال التولية والإقالة والشركة سواء لا بأس به والحديث من مراسيل سعيد ولا خلاف في قبولها .
( 2 ) الحديث الذي ورد في هذا الموضوع هو أنه E : ( نهى عن بيع مالم يقبض ) فأما محمد بن الحسن C فأخذ بظاهره وقال : إن الحديث لم يفرق بين العقار والمنقول فيكون بيع كل منهما قبل قبضه منهيا عنه وأما أبو حنيفة وأبو يوسف فقالا : إن العلة في هذا النهي كون المبيع قبل قبضه يعرض الهلاك فيكون العقد على شفا الانفساخ إذا تبين هلاك المبيع ولما كان الهلاك في المنقول قريب الاحتمال والهلاك في العقار نادرا حملنا الحديث على خصوص المنقول رجوعا إلى العلة التي من أجلها ورد النهي . ولم نجعل العقار مما يتناوله النهي لأن الشيء البادر لا يحفل به فلا يكون له حكم الشيء المتكرر القريب الوقوع