11 - كتاب الإجار .
الإجارة : .
عقد على المنافع بعوض .
ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة والأجرة معلومة وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة .
والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت وتارة تصير معلومة بالعمل والتسمية كمن استأجر رجلا على صبغ ثوب أو خياطته أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها وتارة تصير معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلا لينقل له هذا الطعام إلى موضع معلوم .
ويجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى وإن لم يبين ما يعمل فيها وله أن يعمل كل شيء إلا الحداد والقصار والطحان .
ويجوز استئجار الأراضي للزراعة ولا يصح العقد حتى يسمي ما يزرع فيها أو يقول : على أن يزرع فيها ما شاء .
ويجوز أن يستأجر الساحة ليبني فيها أو يغرس فيها نخلا أو شجرا فإذا انقضت مدة الإجارة لزمه أن يقلع البناء والغرس ويسلمها فارغة إلا أن يختار صاحب الأرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعا فيملكه أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا والأرض لهذا .
ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل فإن قال : على أن يركبها فلان أو يلبس الثوب فلان فأركبها غيره أو ألبسه غيره كان ضامنا إن عطبت الدابة أو تلف الثوب .
وكذلك كل ما يختلف باختلاف المستعمل .
وأما العقار وما لا يختلف باختلاف المستعمل فلا يعتبر تقييده فإذا شرط سكنى واحد فله أن يسكن غيره وإن سمى نوعا أو قدرا يحمله على الدابة مثل أن يقول : خمسة أقفزة حنطة فله أن يحمل ما هو مثل الحنطة في الضرر أو أقل كالشعير والسمسم وليس له أن يحمل ما هو أضر من الحنطة كالملح والحديد .
وإن استأجرها ليحمل عليها قطناه سماه فليس له أن يحمل مثل وزنه حديدا وإن استأجرها ليركبها فأردف معه رجلا فعطبت ضمن نصف قيمتها ولا يعتبر بالثقل .
وإن استأجرها ليحمل عليها مقدرا من الحنطة فحمل أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل .
وإذا كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة .
والأجراء على ضربين : .
وأجير مشترك وأجير خاص فالمشترك : من لا يستحق الأجرة حتى يعمل كالصباغ والقصار والمتاع أمانة في يده : إن هلك لم يضمن شيئا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : يضمنه وما تلف بعمله كتخريق الثوب من دقة وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري الحمل وغرق السفينة من مدها مضمون إلا أنه لا يضمن به بني آدم فمن غرق في السفينة أو سقط من الدابة ثم يضمنه وإذا قصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك .
ولأجير الخاص : الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا للخدمة أو لرعي الغنم ولا ضمان على الأجير الخاص فما تلف في يده ولا ما تلف من عمله .
والإجارة تفسدها الشروط كما تفسد البيع ومن استأجر عبدا للخدمة فليس له أن يسافر .
به إلا أن يشترط ذلك .
ومن استأجر جملا ليحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة جاز وله المحمل المعتاد وإن شاهد الجمال المحمل فهو أجود وإن استأجر بعيرا ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق جاز له أن يرد عوض ما أكل .
والأجرة لا تجب بالعقد وتستحق بأحد معان ثلاثة : إما بشرط التعجيل أو بالتعجيل من غير شرط أو باستيفاء المعقود عليه .
ومن استأجر دارا فللمؤجر أن يطالبه لأجره كل يوم إلا أن يبين وقت الاستحقاق بالعقد ومن استأجر بعيرا إلى مكة فللجمال أن يطالبه بأجرة .
كل مرحلة وليس للقصار والخياط أن يطالب بالأجرة حتى يفرغ من العمل إلا أن يشترط التعجيل .
ومن استأجر خبازا ليخبز له في بيته قفيز دقيق بدرهم لم يستحق الأجرة حتى يخرج الخبز من التنور ومن استأجر طباخا ليطبخ له طعاما للوليمة فالغرف عليه ومن استأجر رجلا ليضرب له لبنا استحق الأجرة إذا أقامه عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : لا يستحقها حتى يشرجه .
وإذا قال للخياط : إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم وإن خطته روميا فبدرهمين جاز وأي العلمين عمل استحق الأجرة .
وإن قال : إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم فإن خاطه اليوم فله درهم وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة ولا يتجاوز به نصف درهم .
وإن قال : إن سكت في هذا الدكان عطارا فبدرهم في الشهر وإن سكنته حدادا فبدرهمين جاز وأي الأمرين فعل استحق المسمى فيه عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : الإجارة فاسدة .
ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور إلا أن يسمي جملة شهور معلومة فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه ولزمه ذلك الشهر ولم يكن للمؤجر أن يخرجه منها إلى أن ينقضي وكذلك كل شهر يسكن في أوله .
وإذا استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يسم قسط كل شهر من الأجرة .
ويجوز أخذ أجرة الحمام .
والحجام ولا يجوز أخذ عسب التيس ولا يجوز الاستئجار على الأذان والإقامة والحج والغناء والنوح .
ولا تجوز أجارة المشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك .
وقال أبو يوسف ومحمد : إجازة المشاع جائزة ويجوز استئجار الظئر بأجرة معلومة ويجوز بطعامها وكسوتها وليس للمستأجر أن يمنع زوجها من وطئها فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها وعليها أن تصلح طعام الصبي وإن أرضعته في المدة بلبن شاة فلا أجر لها .
وكل صانع لعمله أثر في العين كالقصار والصباغ فله أن يحبس العين بعد الفراغ من عمله حتى يستوفي الأجرة .
ومن ليس لعمله أثر فلي له أن يحبس العين بالأجرة كالحمال والملاح .
وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أ ن يستعمل غيره فإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعلمه .
وإذا اختلف الخياط وصاحب الثوب فقال صاحب الثوب : أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياط : قميصا أو قال صاحب الثوب للصباغ : أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه فإن حلف فالخياط ضامن .
وإذا قال صاحب الثوب : عملته لي بغير أجرة وقال الصانع : بأجرة فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه عند أبي حنيفة وقال .
أبو يوسف : إن كان حريفا له فله الأجرة وإن لم يكن حريفا له فلا أجرة له وقال محمد : إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة أن يعمل بالأجرة فالقول قوله أنه عمله بأجرة .
والواجب في الأجارة الفاسدة أجر المثل لا يتجاوز به المسمى وإذا قبض المستأجر الدار فعليه الأجرة وإن لم يسكنها فإن غصبها غاصب من يده سقطت الأجرة وإن وجد به اعيبا يضر بالسكنى فله الفسخ وإذا .
خربت الدار أو انقطع شرب الضيعة أو انقطع الماء عن الرحى انفسخت الإجارة .
وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت الإجارة وإن عقدها لغيره لم تنفسخ ويصح شرط الخيار في الإجارة وتنفسخ الإجارة بالأعذار كمن استأجر دكانا في السوق ليتجر فيه فذهب ماله وكمن آجر دارا أو دكانا ثم أفلس ولزمته ديون لا يقدر على قضائها إلا من ثمن ما آجر فسخ القاضي العقد وباعها في الدين .
وكمن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بدا له من السفر فهو عذر وإن بدا للمكاري من السفر فليس ذلك بعذر