{ باب الخلع } .
قوله : ولا شئ له لأن الملك الذي يسقط عنه بالطلاق ليس بمال متقوم فلا يجب البدل إلا باعتبار التسمية والمسمى ليس بمال متقوم .
قوله : وعليه القيمة لأن الملك الذي يسقط عنه بالإعتاق مال متقوم فإذا لم يسلم له العوض المشروط لفساده يرجع عليه بقيمة المعقود عليه وكذلك لو أعتقه على ذلك فقبل عتق وعليه قيمته لما قلنا وكذلك لو تزوج امرأة على ذلك فقبلت جاز النكاح وعليه مهر المثل لأن النكاح نظير الكتابة لأن المعقود عليه عند الدخول في ملك الزوج مال متقوم فإذا لم يجب المسمى لفساد التسمية وجب قيمة البضع ولهذا لو تزوج بدون المهر يجب مهر المثل .
قوله : وهي صغيرة وإن خلع الصغيرة على مهرها فإن لم يضمن الأب شيئا توقف على قبولها إن كانت من أهل القبول بأن كانت تعرف كون الخلع سالبا والنكاح جالبا فإن قبلت وقع ولم يبطل من مهرها شئ بل يبقى الكل إن دخل بها والنصف إن لم يدخل بها وإن لم يقبل هي وقبل الأب عنها فعلى هذا روايتان وأما إذا ضمنه الأب فإن كان المهر ألفا فالقياس أن يجب عليه الألف ولها على الزوج خمسمائة إن كان قبل الدخول بها وفي الاستحسان يجب خمسمائة عليه وعلى الزوج أيضا كذلك .
قوله : والألف عليه لأن اشتراط بدل الخلع على الأجنبي صحيح لأنه يسلم للعبد بالعتق شئ ولا يسلم ذلك للأجنبي فافترقا وفي الخلع يسقط فلا يسلم للمرأة شئ كما لا يسلم للأجنبي فاستويا .
قوله : على كل واحد منهما ألف درهم لهما أن هذا الكلام يستعمل في موضع المعاوضة والشرط ألا ترى أن من قال : احمل هذا المتاع إلى منزلي ولك درهم كان مثل قوله : بدرهم ؟ وهذا لأن الواو يصلح للحال كما في قوله : إن دخلت الدار وأنت راكبة فأنت طالق فيكون شرطا عند دلالة الشرط وعوضا عند دلالة المعاوضة ولأبي حنيفة أن قوله : وعليك ألف درهم جملة تامة فلا يجعل متصلا بما قبله إلا بدلالة ولم يوجد لأن الطلاق شرع بمال وبغير مال بخلاف ما إذا استعمل في موضع المعاوضة لأنه ما شرع إلا معاوضة غالبا فيصلح دلالة .
قوله : طاب الفضل للزوج لقوله ( تعالى ) : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وفي رواية الأصل : يكره لما روى : [ أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت رسول الله A فقالت : يا رسول الله إني أبغض زوجي لا أنا ولا ثابت فقال ( عليه السلام ) : أتردين عليه حديقته ( والحديقة كانت مهرها ) قالت : نعم مع زيادة فقال ( عليه السلام ) : أما الزيادة فلا ] .
قوله : كره له الفضل ولا يكره أخذ مهرها الذي قبضت لما تلونا من الآية وفي رواية الأصل : يكره لقوله ( تعالى ) : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } الآية .
قوله : فالقول قول الزوج لأن الطلاق بمال يمين من جانب الزوج حتى لا يصح الرجوع عنه واليمين يتم من غير قبول إنما القبول شرط الحنث فلا يكون الإقرار به إقرارا بالقبول أما البيع إيجاب وقبول فلا يتم إلا بالقبول فكان الإقرار منه للبيع إقرارا للقبول فإذا أنكر فقد رجع عن بعض ما أقر به .
قوله : إذا كان للزوج لأنه يمين من جانبه من حيث المعنى حتى لا يصح رجوعه عنه فلا يحتمل خيار الشرط .
قوله : فإن ردت الخيار إلخ فإن اختارت الطلاق في الثلاث فالطلاق واقع والألف لازم وعندهما الطلاق واقع والمال لازم والخيار باطل لأن قبولها شرط اليمين فلا يحتمل الخيار كسائر الأيمان ولأبي حنيفة أن الخلع من جانبها يشبه البيع لأنه تمليك مال بعوض ولهذا لو رجع صح رجوعها ولو قامت بطل كما في البيع ولا يتوقف على ما وراء المجلس والمبيع يحتمل الخيار وإنما جعل ذلك شرطا في حق الزوج وأما في حق نفسها تمليك مال بعوض .
قوله : وبطل الخيار فرق أبو حنيفة بين الخلع في جانبها وبين النكاح فإن اشتراطه الخيار في النكاح لا يصح وإن كان كلاهما تمليكا من جانبها حتى لو تزوج امرأة بشرط الخيار يبطل الخيار والفرق أن الخيار أثره في إثبات حق الفسخ بعد تمام الإيجاب والنكاح بعدما تم لا يحتمل الفسخ ولهذا لا يحتمل الإقالة وإيجاب المال فيه تابع ولهذا يصح بدون ذكر المال فلم يمكن إفراده بحكمه أما المال في باب الخلع مقصود فأمكن إفراده بحكمه .
قوله : له ثلث الألف لأن كلمة على في المعاوضات بمنزلة الباء في العادة فإنه لا فرق بين قول الرجل : احمل هذا المتاع إلى منزلي بدرهم وبين قوله : على درهم ولأبي حنيفة أن كلمة على بمعنى الشرط لأن أصلها اللزوم فاستعير للشرط لأنه يلازم الجزاء والشرط لا ينقسم على الجزاء .
قوله : فله ثلث الألف لأن الباء تصحب الأعواض والعوض ينقسم على المعوض كرجل قال لرجل : بع هؤلاء الجيد الثلاثة بألف درهم فباع الواحد بثلث الألف صح كذا هذا .
قوله : لم تبرأ لأنه شرط فاسد لأن الخلع معاوضة فتصير السلامة مستحقة به والتسليم واجب عليها فإذا فات كان عليها القيمة فكان اشتراط البراءة شرطا فاسدا فيلغو الشرط لكن لا يبطل الخلع لأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة