{ باب في المهور } .
قوله : القول قوله ولا يجعل مهر المثل حكما لأن تقويم البضع أمر ضروري فلا يصار إليه ما أمكن ولأن المرأة تدعي المهر عليه فيكون القول قوله إلا إذا كذبه الظاهر فحينئذ لا يقبل قوله وهما يقولان : إنهما اختلفا في ما له قيمة شرعا فوجب الرجوع إلى ما هو الأصل .
قوله : إلا أن يأتي بشئ قليل المراد به ما لا يتعارف مهر مثل لأنا جعلنا القول قوله بشهادة الظاهر وقد ادعى خلاف الظاهر فلا يصدق .
قوله : وقال محمد C إلخ هذه المسئلة تبتني على مسئلة أخرى .
وهي أن من تزوج امرأة على هذا العبد فإذا هو حر قال أبو حنيفة ومحمد : لها مهر المثل وقال أبو يوسف : لها قيمة الحر لو كان عبدا ولو تزوجها على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر قال أبو حنيفة : لها مهر المثل وقال أبو يوسف : لها قيمة الخمر لو كان خلا وقال محمد : لها مثل الدن من الخل فأبو حنيفة اعتبر الإشارة وأبو يوسف اعتبر المسمى ومحمد توسط بينهما ولأبي حنيفة في مسئلة الكتاب أنه لما كان الواجب تسليم العبد فإذا وجد العبد حرا وجب مهر المثل وقد وجد في هذه المسئلة أحد العبدين حرا وهو المسمى فلا يجب مهر المثل لأن وجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل كما لو تزوج المرأة على ثوب قيمته خمسة دراهم لا يجب مهر المثل وإنما يجب الثوب وخمسة دراهم حتى يتم العشرة وههنا العبد الباقي يساوي عشرة دراهم فاكتفى به وأبو يوسف يقول : أطمعها في سلامة العبدين وقد عجز عن تسليم أحدهما فتجب قيمته ومحمد يقول : لو كانا حرين يجب تمام مهر المثل فإذا كان أحدهما عبدا وجب العبد وتمام مهر المثل إذا لم يكن قيمة العبد مثل مهر المثل .
قوله : فلها ألف فعند أبي حنيفة الشرط الأول جائز والثاني فاسد وقال زفر : الشرطان فاسدان والمسئلة تأتي في كتاب الإجارات من هذا الكتاب .
قوله : في ذلك كله لأن الجهالة لا يمنع وجوب المهر فوجب المهر فإذا وجب المهر وجب ما هو المتيقن وهو الأوكس ولهذا لو طلقها قبل الدخول وجب نصف الأوكس بالإجماع ولأبي حنيفة أن مهر المثل هو الواجب الأصلي في باب النكاح إلا إذا صحت التسمية ولم تصح التسمية فيجب مهر المثل ومهر المثل لا يعتبر بالطلاق قبل الدخول بها فيجب ما هو المتيقن وهو نصف الأوكس وأنه فوق المتعة .
قوله : أن يبلغوا بها مهر مثلها وقال أبو يوسف ومحمد : ليس لهم ذلك قال بعض المشايخ : الصحيح هو قول أبي يوسف لأن النكاح بغير ولي صحيح عنده فأما عند محمد لا يصح فلا يكون نافذا أصلا فكيف يتصور الاختلاف عنه وتفسيره في مسئلة ذكرها في كتاب الإكراه : أن ولي المرأة والمولى عليها إذا أكرها على النكاح ثم زال الإكراه بعد العقد فإن كان الزوج غير كفؤ والمهر وافرا كان للولي أن يرد النكاح وكذا لها أن ترد النكاح فإن رضي أحدهما لم يبطل حق الآخر وإن كان كفؤا والمهر قاصرا فللمرأة أن ترده فكذا للولي فإن رضيت فللولى رده عند أبى حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : ليس له رده وقال بعضهم : لا حاجة إلى هذا التفسير بل يحمل على القول المرجوع عنه فإنه صح رجوعه عنه إلى قولهما وقد بينا هذا في مسئلة النكاح بغير ولي في شرح المختصر لهما أن المهر حق المرأة فيصح الحط لأنها تصرفت في خالص حقها ولأبي حنيفة أنها أضرت بالأولياء لأنهم يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بضده .
قوله : فلها المتعة هذا قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف الأخير وكان أبو يوسف يقول أولا : لها نصف العبد لأنه نصف المفروض وإنا نقول : الغرض تعيين مهر المثل لأنه كان واجبا قبله فنزل المعين منزلة مهر المثل ومهر المثل لا يتنصف فكذا ما نزل منزلته .
قوله : فلها أن تمنع لأن الوطء تصرف في البضع المحترم فلا يجوز إخلاءه عن العوض فإذا منعت عن الوطىء فقد منعت الزوج بما يقابله ولهما أن المعقود عليه كله صار مسلما برضاها فبطل حقها في الحبس فإن منعت نفسها فلها النفقة والسكنى حتى تستوفي مهرها عند أبي حنيفة ( C ) وقالا : لا نفقة لها وكان الشيخ الإمام أبو القاسم الصفار البلخي يفتي في المنع بقول أبي يوسف ومحمد وفي السفر بقول أبي حنيفة وأنه حسن .
قوله : رجع عليها لأن الموهوب مثل المهر حقيقة لا عينه حتى لا يلزمها رد عين ما قبضت وحق الزوج في سلامة نصف الصداق وإذا لم تقبض شيئا حتى وهبت الكل لا يرجع بشئ عندنا .
قوله : لم يرجع لأنه سلم له عين حقه فوجب له البراءة عن المطالبة في أوانه لأن عين حقه ما بقي في ذمته لأن ما دفع إلى المرأة الظاهر أنه حقها فلا يرجع عليها بشئ ولو كان المهر عرضا فقبضت أو لم تقبض فوهبت له ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع عليها بشئ بالاتفاق لأن الموهوب عين المهر وقد سلم له حقه .
قوله : فإن كان حرا إلخ اتفق أصحابنا على أن عين خدمة الحر لا يصير مستحقا بالنكاح للحرة وقال الشافعي ( C ) : لها خدمته سنة لأن الخدمة مال عند العقد بالإجماع حتى لو تزوج امرأة على خدمة حر آخر برضاه جاز وصار مهرا ولو تزوج امرأة على رعي غنمها هذه السنة أو زراعة أرضها هذه السنة صح بالإجماع فكذا الخدمة فصار هذا كما لو كان الزوج عبدا وإنا نقول : بأن المسمى لا يصلح مهرا لأنه حرام على الزوج في الشرع لأنه مالكها وهو قوام يليها بخلاف خدمة حر آخر فإنه ليس فيه هذه المناقضة وبخلاف رعي الغنم لأنه ليس خدمة مناقضة أيضا لأنه لا بأس بالقيام بأمور الزوجات وإنما الحرام هو الخدمة وبخلاف ما لو كان الزوج عبدا فإنه خدمته تصلح مستحقة لها بالنكاح لأن خدمته لها جائزة لأنه بمنزلة الأموال يباع في السوق وقد سلبت عنه جميع الكرامات فلم تحرم الخدمة وإنما تحرم خدمة الحر لشرف الحر كرامة وقال محمد ( C تعالى ) : إن المسمى مال متقوم فصحت التسمية إلا أنه عجز عن التسليم فقامت القيمة مقامها كما لو تزوجها على خدمة عبد الغير ولم يرضى به ذلك الغير فيجب قيمة الخدمة ولأبي حنيفة ( C ) أن المسمى لا يصلح مستحقا لها بحال فلا تقوم القيمة بحال مقامها .
قوله : في الوجهين لأن مهر المثل وجب بالنكاح فيبقى بعد الموت كالمسمى وصار هذا كما إذا مات أحدهما ولأبي حنيفة ( C تعالى ) أن القاضي عجز عن القضاء بمهر المثل لأنهما إذا ماتا فالظاهر موت أخراهما فبمهر مثل من يقدر ؟ ولا كذلك إذا مات أحدهما .
قوله : فالقول قوله لأن المملك هو الزوج فيكون هو أعلم بجهة التمليك فوجب المصير إلى قوله إلا في ما صار مكذبا عرفا .
قوله : نصراني إلخ وكذا الحربي وهو قول أبي يوسف ومحمد ( C ) في الحربيين وأما في الذمية فلها مهر المثل إن دخل بها أو مات عنها والمتعة إن طلقها قبل الدخول وقال زفر ( C تعالى ) في الحربية : لها مهر المثل أيضا فزفر سوى بينهما في الوجوب وأبو حنيفة ( C تعالى ) سوى بينهما في عدم الوجوب وهما فرقا وقالا في الذمية : إن وجوب المهر إذا سكت عنه العاقد أو نفى عنه حكم من أحكام الإسلام وأحكام الإسلام جارية على أهل الذمة في دار الإسلام غير جارية على أهل الحرب في دار الحرب ولأبي حنيفة ( C تعالى ) أن العمل بديانتهم في ما يحتمل الصحة واجب كما قلنا في الخمور والخنازير وهذا الحكم من جنس ما يحتمل أن يكون صحيحا وذكر في الكتاب تزوجها على غير مهر وذلك يحتمل النفي والسكوت عن ذكر المهر فالنفي على الاختلاف لا محالة وأما السكوت فإنه يرجع فيه إلى دينهم فإن دانوا أنه لا يجب إلا بالنص عليه كان على الاختلاف وإن دانوا أنه يجب إلا أن ينفى .
قوله : فلها الخمر والخنزير إلخ لأنها وإن أسلمت لكن هذا بقاء على ملك الخمر لا ابتداؤه كالمسلم يسترد الخمر المغصوب في حالة كفره .
قوله : وقال محمد إلخ أما الكلام في العين فهما يقولان : القبض مؤكد للملك فيمتنع الملك فيهما بسب الإسلام كابتداء الملك ولأبي حنيفة الثابت بالقبض صورة اليد فلا بأس بها بعد الإسلام ثم قال أبو يوسف : لما كان بالتسليم حكم الابتداء من وجه ألحقناه بابتداء التسمية بعد الإسلام وهو باطل فوجب مهر المثل ومحمد يقول : إن التسمية صحت إلا أنه عجز عن التسليم شرعا بشبهة الابتداء فقامت القيمة مقامها وأبو حنيفة يقول : الأمر كما قال محمد في الخمر أما في الخنزير فلا لأن قيمة الخنزير لها حكم الخنزير من وجه فوجب مهر المثل .
قوله : فلها نصف المهر لأن الإحرام واجب فرضا كان أو نفلا فيمنع صحة الخلوة وكذلك صوم رمضان يمنع صحة الخلوة لأنه لا يحل له الإبطال إلا لعذر وأما صوم التطوع لا يمنع صحة الخلوة لأنه يحل له إبطاله ومنهم من قال : يمنع صحة الخلوة لأنه لا يحل له الإبطال إلا بعذر والأول أصح لأنه نص في المنتقى : أن من صام التطوع له أن يفطر بغير عذر هكذا قال الشيخ الإمام الأجل برهان الأئمة وأما المرض فمرضها متنوع إن كان لا يؤثر في المواقعة ولا يلحقها ضرر لا يمنع صحة الخلوة فإن كان يلحقها بذلك ضرر يمنع صحة الخلوة لأن الإضرار بها حرام وأما مرضه فقد قيل : بأنه متنوع أيضا إن كان لا يلحقه ضرر بذلك لا يمنع صحة الخلوة وإن كان يلحقه لذلك ضرر حينئذ يمنع صحة الخلوة لأنه يكون مانعا طبعا وقال بعضهم : كل مرض من جانبه يمنع صحة الخلوة لأنه يلحقه ضرر بذلك لا محالة وأما الحيض والنفاس يمنع صحة الخلوة لأنه مانع طبعا وشرعا .
قوله : لها نصف المهر لأن عجز المجبوب فوق عجز المريض وله أن الجب لا يمنع تسليم المبدل وهي منفعة المساس والسحق فيجب تسليم البدل .
قوله : وليس بقياس والقياس أن لا يجب لأن هذا طلاق قبل الدخول فلا يجب به العدة كما لو كان قبل الخلوة وجه الاستحسان أنه يتوهم الدخول في هذه المواضع كلها والعدة فيها حق الله ( تعالى ) وحق الولد فيحتاط فيها إذا وقع الشك في وجوبها