بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وبعد قوله : وسماه الجامع الصغير ذكر الصدر الشهيد في خطبة شرحه : إن مشايخنا كانوا يعظمون مسائل هذا الكتاب تعظيما ويقدمونه على سائر الكتب تقديما وكانوا يقولون : لا ينبغي لأحد أن يتقلد القضاء والفتوى ما لم يحفظ مسائل هذا الكتاب فإن مسائله من أمهات المسائل فمن حوى معانيها وحفظ مبانيها صار من زمرة الفقهاء وصار أهلا للفتوى والقضاء وذكر فخر الإسلام البزدوي في أول شرحه : كان أبو يوسف يتوقع من محمد أن يروي كتابا عنه فصنف محمد هذا الكتاب وأسنده عن أبي يوسف عن أبي حنيفة فلما عرض على أبي يوسف استحسنه وقال : حفظ أبو عبد الله إلا مسائل أخطأ في روايتها فلما بلغ ذلك محمدا قال : حفظتها ونسي هو وذكر قاضيخان في شرحه : إن الجامع الصغير قيل : من تصنيف أبي يوسف وقال بعضهم : من تصنيف محمد فإنه حين فرغ من تصنيف المبسوط أمره أبو يوسف أن يصنف كتابا ويروي عنه فصنف هذا الكتاب وذكر الأتقاني في ( باب الأذان ) من شرح الهداية المسمى بغاية البيان : ذكر محمد في الجامع الصغير في رواية المسائل : محمد عن يعقوب ( وهو اسم أبى يوسف ) عن أبي حنيفة حتى لا يكون وهم التسوية في التعظيم بين الشيخين لأن الكنية للتعظيم وكان محمد مأمورا من أبي يوسف أن يذكره باسمه حيث يذكر أبا حنيفة فعن هذا قال مشايخنا : إن من الأدب أن لا يدعو الطلبة بعضهم لبعض بلفظ مولانا عند أستاذهم احترازا عن التسوية بين الأستاذ والتلميذ .
قوله : ولم يبوب الأبواب إلخ أي جمع مسائل متفرقة في كتاب مثلا : مسائل الصلاة في كتاب الصلاة ومسائل الصوم في كتاب الصوم ولم يفصل الأبواب تحت كل كتاب والفرق بين الكتاب والباب أن الكتاب عندهم عبارة عن طائفة من المسائل اعتبرت مستقلة شملت أنواعا أو لم تشتمل فقولهم : طائفة كالجنس وقولهم : اعتبرت مستقلة أي مع قطع النظر عن تبعيتها للغير أو تبعية غيرها إياها فيدخل فيه كتاب الطهارة وإن كان هو من توابع الصلاة وكذا كتاب الصلاة وإن كان مستتبعا للطهارة فاعتبار الاستقلال قد يكون لانقطاعه عن غيره ذاتا : كانقطاع كتاب اللقطة عن كتاب المفقود مثلا وقد يكون بمعنى اعتباري يؤثر في ذلك كانقطاع كتاب الطهارة عن الصلاة وقولهم : شملت أنواعا : ككتاب الصلاة والطهارة أو لم تشتمل : ككتاب الآبق والمفقود مثلا فإن كان ما تحته أنواع فكل نوع مشتمل على الجزئيات يسمى بالباب : كباب نواقض الوضوء ونحوه وإن قصد فصل طائفة من الجزئيات يسمى ذلك فصلا فعلم أن الفصل لا يوجد بدون الباب والباب لا يوجد بدون الكتاب والكتاب قد يوجد بدون الباب والباب قد يوجد بدون الفصل هذا هو المعروف عندهم وذكر بعضهم في تفسيرها وجوها أخر قد بسطناها في السعاية في كشف ما في شرح الوقاية وفقنا الله لإتمامه ويسر علينا اختتامه