( قال ) - C تعالى - ( رجل قال لفلان على مائة درهم عددا ثم قال بعد ذلك هي وزن خمسة أو ستة وكان الاقرار منه بالكوفة فعليه مائة درهم وزن سبعة ولا يصدق على النقصان إلا أن بين الوزن موصولا بكلامه ) لأن ذكر الدراهم عبارة عن ذكر الوزن فإنه لا طريق لمعرفة الوزن فيه إلا بذكر العدد من الدراهم ومطلق ذكر الوزن ينصرف إلى المتعارف منه فإذا كان إقراره بالكوفه فالمتعارف بها في الدراهم سبعة وكما ينصرف مطلق البيع والشراء بالدراهم إليه فكذلك الإقرار ينصرف إليه فقوله وزن خمسة بيان معتبر لما اقتضاه مطلق إقراره فقد بينا بيانه والتعبير يصح موصولا بالكلام ولا يصح مفصولا .
ومعنى قولنا وزن سبعة أن كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل وكل درهم أربعة عشر قيراطا وإذا كان الدرهم أربعة عشر قيراطا تبنى عليه أحكام الزكاة ونصاب السرقة وغيرها وأصل المسألة أن الأوزان في عهد رسول الله - A - وعهد أبى بكر Bه كانت مختلفة فمنها ما كان الدرهم عشرين قيراطا ومنها ما كان عشرة قراريط وهو الذي يسمى وزن خمسة ومنها ما كانت اثنى عشر قيراطا وهو الذي يسمى وزن ستة فلما كان في زمن عمر - Bه - طلبوا منه أن يجمع الناس على نقد واحد فأخذ من كل نوع من الأنواع الثلاثة درهما وكان الكل اثنين وأربعين قيراطا وأمر أن يضرب من ذلك ثلاثة دراهم متساوية فكل درهم أربعة عشر قيراطا وهو وزن سبعة التى جمع عمر - Bه - عليها الناس وبقي كذلك إلى يومنا هذا .
وإن كان في بلد يتبايعون على دراهم معروفة الوزن بينهم ينقص من وزن سبعة صدق في ذلك لأن تعين وزن سبعة لم يكن نص من لفظه إنما كان بالعرف الظاهر في معاملة الناس به وذلك يختلف باختلاف البلدان والأوقات فيعتبر في كل موضع عرف ذلك الموضع كما في سائر التصرفات سوى الإقرار .
وإن ادعى وزن دون المتعارف كما في تلك البلدة لم يصدق إلا إذا ذكره موصولا بكلامه .
وإن كان في البلد نقود مختلفة فإن كان الغالب منها نقدا بعينه ينصرف مطلق الإقرار إليه .
وإن لم يكن البعض غالبا على البعض ينصرف إقراره إلى الأقل لأن الأقل متيقن به وعند التعارض لا يقضى إلا بقدر المتيقن وهذا لأن المقر بين الأول لأن الأقل المتيقن به وعند التعارض لا يقضى إلا بقدر المتيقن وهذا لأن المقر بين الأول لا محالة وهذا بيان التفسير حين استوت النقود في الرواج وبيان التفسير صحيح مفصولا كان أو موصولا كبيان الزوج في كنايات الطلاق .
ولو قال بالكوفة علي مائة درهم بيض عددا ثم قال هي تنقص دانقا لم يصدق لأن مطلق لفظه انصرف إلى الإقرار بوزن سبعة فدعواه النقصان بمنزلة الاستثناء لبعض ما أقر به والاستثناء لا يصح إلا موصولا .
ولو قال علي مائة درهم اسبهبديه عددا ثم قال عنيت هذه الصغار فعليه مائة درهم وزن سبعة الأسبهبدية لأن قوله اسبهبديه يرجع إلى بيان النوع كقوله سود يرجع إلى بيان الصفه فلا يتغير به الوزن والأسبهبديه فارسية معربة معناه إسبه سالادية والصغار هو الذي تسميه الناس مهرا تكون ستة منه بوزن درهم ولكنه غير مصدق فيما يدعى من نقصان الوزن مفصولا على ما بينا .
ولو قال له على مائة درهم من السود الخيار ثم قال هي وزن سبعة وقال الطالب هي مثاقيل فالقول قول المقر مع يمينه لما بينا أن تسمية الدراهم بيان للوزن وقوله من السود بيان للصفة وقوله الخيار بيان العرض وبه لا يزداد الوزن .
فإن ادعى المقر له زيادة عليه فالقول المنكر مع يمينه وكذلك لو قال له على درهم غير فهو على وزن سبعة ووصفه بالصغر إما للأثقال أو لصغر الحجم وبه لا ينتقص الوزن .
وكذلك لو قال علي درهم كبير ولو قال على دراهم فعليه ثلاثة دراهم لأنه أقر بلفظ الجمع وأدنى الجمع المتفق عليه ثلاثة ولا غاية لأقصاه فينصرف إلى الأدنى لأنه متيقن به وقد بينا أن الإقرار إيجاب لا يقابله الاستيجاب فيكون بمنزلة الوصية في أنه يؤخذ بالأقل مما يلفظ به .
وكذلك لو قال له علي دريهمات فهو تصغير بجمع الدراهم وهذا التصغير لا ينقض الوزن فعليه ثلاثة دراهم وكذلك لو قال له على فليس أو قفيز أو رطيل فهو وقوله فلس وقفيز ورطل سواء ينصرف ذلك إلى التمام من ذلك وزنا وكيلا ولو قال له علي مائة مثاقيل كما قال .
وكان عليه مائة مثقال عن الدراهم لأنه نص على وزن هو أكثر ما اقتضاه مطلق كلامه ولو نص على وزن هو دونه قبل منه إذا كان موصولا فكذلك إذا نص على وزن هو أكثر إلا أن في هذا لا يلحقه التهمة فيصح سواء ذكره موصولا أو مفصولا .
ولو قال له على ربع حنطة فعليه ربع حنطة بربع البلد الأكبر وإن قال عنيت الربع الصغير لم يصدق والربع اسم لمكيال كالقفيز والصاع والمتعارف في المعاملات به الأكبر فينصرف مطلق الإقرار إليه على قياس ما بينا في الوزن .
( ثوب في يدي رجل فقال لي فلان فقال نعم أو أجل أو بلى أو صدقت أو قال ذلك بالفارسية فهو إقرار ) لأن ما ذكره في موضع الجواب غير مستقل بنفسه فانه ليس بمفهوم المعنى وهو ما يصلح أن يكون جوابا وما تقدم من الخطاب يصير كالمعاد للجواب قال تعالى { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم } ( الأعراف : 44 ) أى نعم قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقال الله تعالى { ألست بربكم قالوا بلى } ( الأعراف : 172 ) أي بلى أنت ربنا فهنا أيضا يصير ما تقدم من عقد الهبة معادا في الجواب فيثبت العقد باقرار ؟ ؟ القبض موجود فيجعل صادرا عن ذلك العقد وإن لم يكن الثوب في يد الموهوب له ولكنه في يد الواهب فادعى الموهوب له الهبة والتسليم وجحد ذلك الواهب فإن شهد الشهود بمعاينة القبض قبل بالاتفاق وكان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .
وإن شهدوا على إقرار الواهب بالتسليم كان أبو حنيفة - C - يقول أولا لا يقبل لأن تمام الهبة يقبض بحكم والقبض فعل لا يصير موجودا بالإقرار به كاذبا فإن المخبر عنه إذا كان باطلا فبالإخبار عنه لا يصير حقا كقرية المقرين وجحود المبطلين .
فإذا لم يشهدوا بهبة تامة لا تقبل الشهادة ثم رجع وقال الشهادة مقبولة وهو قول أبى يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأن ثبوت إقرار بالبينة كثبوته بالمعاينه والقبض وإن كان فعلا هو يثبت في حق المقر باقراره كالقتل والغصب في حق المقر باقراره فهذا مثله فإن أقر الواهب بالهبة والقبض ثم أنكر التسليم بعد ذلك وأراد استحلاف الموهوب له لم يحلفه القاضي في قول أبى حنيفة ومحمد - رحمهما الله .
ويحلفه في قول أبى يوسف - C - استحسانا . وأصل المسألة البائع إذا أقر بقبض الثمن ثم جحد وأراد استحلاف المشتري لم يكن له ذلك عندهما وهو لأنه مناقض في كلامه راجع عما أقر به من القبض والمناقض لا قول والاستحلاف ينبني على دعوى صحيحة واستحسن أبو يوسف C بما عرف من العادة الظاهرة أن البائع يقر بالثمن للأشهاد وإن لم يكن قبضه حقيقة فالاحتياط [ فللاحتياط ؟ ؟ ] لحقه يستحلف الخصم إذا طلب هو ذلك والله أعلم بالصواب