اتفق المشايخ من الصحابة " عمر " و " علي " و " ابن مسعود " Bهم أنه يبدأ بالتكبير من صلاته الغداة من يوم " عرفة " وبه أخذ علماؤنا Bهم في ظاهر الرواية لقوله تعالى : " واذكروا .
صفحة [ 43 ] الله في أيام معدودات " } البقرة : 203 وهي أيام العشر عند المفسرين فيقتضي أن يكون التكبير فيها مشروعا إلا ما قام عليه الدليل و " عن " عبدالله بن عمر " Bهما قال : قال رسول الله A : أفضل ما قلت وقالت الأنبياء قبلي يوم عرفة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " ولأن هذه التكبيرات لإظهار فضيلة وقت الحج ومعظم أركان الحج الوقوف فينبغي أن يكون التكبير مشروعا في وقته ولهذا قال مكحول : البداءة بها من صلاة الظهر يوم عرفة لأن وقت الوقوف بعد الزوال ثم قال " ابن مسعود " Bه إلى صلاة العصر من يوم النحر يكبر في العصر ثم يقطع وبه أخذ " أبو حنيفة " Bه لأن البداءة لما كانت في يوم يؤدى فيه ركن الحج فالقطع مثله يكون في يوم النحر الذي يؤدى فيه ركن الحج من الطواف ولأن رفع الأصوات بالتكبير في أدبار الصلوات خلاف المعهود فلا يثبت إلا باليقين واليقين فيما اتفق عليه كبار الصحابة وقال " علي " رضي الله تعالى عنه إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق يكبر في العصر ثم يقطع وهو إحدى الروايتين عن " عمر " Bه وفي الأخرى إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق .
وأخذ " أبو يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى بقول " علي " Bه لقوله تعالى : " واذكروا الله في أيام معدودات " } البقرة : 203 وهي إما أيام التشريق أو أيام النحر فينبغي أن يكون التكبير فيها مشروعا ولأنا أمرنا بإكثار الذكر ولأن يكبر ما ليس عليه أولى من أن يترك ما عليه واتفق الشبان من الصحابة " زيد بن ثابت " و " ابن عمر " و " ابن عباس " Bهم على أن يبدأ بها من صلاة الظهر يوم النحر وإليه رجع " أبو يوسف " لقوله تعالى : " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم " } البقرة : 200 والفاء للتعقيب وقضاء المناسك وقت الضحى من يوم النحر فينبغي أن يكون التكبير عقيبه والناس في هذه التكبيرات تبع للحاج ثم الحاج يقطعون التلبية عند رمي جمرة العقبة ويأخذون في التكبيرات وذلك وقت الضحوة فعلى الناس أن يكبروا عقيب أول صلاة مؤداة بعد هذا الوقت وهي صلاة الظهر ثم قال " ابن عمر " Bه إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق وقال " ابن عباس " رضي الله تعالى عنه إلى صلاة الظهر وقال زيد إلى صلاة العصر وبه أخذ " الشافعي " Bه .
والتكبير أن يقول بعد التسليم : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وهو قول " علي " و " ابن مسعود " رحمهما الله تعالى يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر وبه أخذ " الشافعي " Bه . وكان " ابن عباس " رضي .
صفحة [ 44 ] الله عنه يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله الحي القيوم يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . وإنما أخذنا بقول " علي " و " ابن مسعود " Bهما لأنه عمل الناس في الأمصار ولأنه يشتمل على التكبير والتهليل والتحميد فهو أجمع . وهذا التكبير على الرجال المقيمين من أهل الأمصار في الصلوات المكتوبات في الجماعة عند " أبي حنيفة " C وقال " أبو يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى كل من يصلي مكتوبة في هذه الأيام فعليه التكبير مسافرا كان أو مقيما في المصر أو القرية رجلا أو امرأة في الجماعة أو وحده وهو قول " إبراهيم " C تعالى لأن هذه التكبيرات في حق غير الحاج بمنزلة التلبية في حق الحاج وفي التلبية لا تراعى هذه الشروط فكذلك في التكبيرات . و " أبو حنيفة " Bه احتج بما روينا لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع قال " الخليل " و " النضر بن شميل " رحمهما الله تعالى التشريق في اللغة التكبير ولا يجوز أن يحمل على صلاة العيد فقد قال في حديث " علي " Bه : لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع فقد ثبت في الحديث أنه بمنزلة الجمعة في اشتراط المصر فيه فكذلك في اشتراط الذكورة والإقامة أو المسافر خلف المقيم وجب عليهم التكبير تبعا كما يتأدى بهم فرض الجمعة تبعا وفي المسافرين إذا صلوا في المصر جماعة روايتان : .
رواية " الحسن " C تعالى عليهم التكبير لأن المسافر يصلح للإمامة في الجمعة .
والأصح : أنه ليس عليهم التكبير لأن السفر مغير للفرض مسقط للتكبير ثم لا فرق في تغير الفرض بين أن يصلوا في المصر أو خارجا عنه فكذلك في التكبير قال : ولا تكبير على المتطوع بصلاته وقال مجاهد عليه التكبير وقاس التكبير في آخر الصلاة بالتكبير في أولها ولنا أن الأذان أوجب من التكبير لأن ذلك في جميع السنة وهذا في أيام مخصوصة ثم الأذان غير مشروع في التطوعات فكذلك هذه التكبيرات وكذلك لا يكبر عقيب الوتر عندهما لأنه سنة وعند " أبي حنيفة " Bه لأن الوتر لا يؤدى بالجماعة في هذه الأيام وكذلك عقيب صلاة العيد لا يكبرون لأنها سنة فأما عقيب الجمعة فيكبرون لأنها فرض مكتوبة قال : ويبدأ الإمام إذا فرغ من صلاته بسجود السهو ثم بالتكبير ثم بالتلبية إن كان محرما لأن سجود السهو مؤدى في حرمة الصلاة ولهذا يسلم بعده ومن .
صفحة [ 45 ] اقتدى به في سجود السهو صح اقتداؤه والتكبير يؤدى في فور الصلاة لا في حرمتها حتى لا يسلم بعده ولا يصح اقتداء المقتدي به في حال التكبير والتلبية غير مؤداة في حرمة الصلاة ولا في فورها حتى لا تختص بحالة الفراغ من الصلاة فيبدأ بما هو مؤدى في حرمتها ثم بما هو مؤدى في فورها ثم بالتلبية والمسبوق يتابع الإمام في سجود السهو لأنه مؤدى في حرمة الصلاة ولا يتابعه في التكبير والتلبية لأنها غير مؤداة في حرمة الصلاة وعلى هذا إذا نسي الإمام سجود السهو لم يسجد القوم لأنه مؤدى في حرمة الصلاة فكانوا مقتدين به لا يأتون به دونه قال : وإذا نسي التكبير أو التلبية أو تركهما متأولا لم يترك القوم لأنها غير مؤداة في حرمة الصلاة وإذا نسي الإمام التكبير حتى انصرف فإن ذكره قبل أن يخرج من المسجد عاد وكبر وإن كان قد خرج أو تكلم ناسيا أو عامدا أو أحدث عامدا سقط لأن الانصراف قبل الخروج من المسجد لا يقطع فور الصلاة حتى لا يمتنع البناء عليها لو حصل في خلالها كمن ظن أنه سبقه الحدث فأما الخروج والكلام والحدث العمد فيقطع فور الصلاة حتى يمنع البناء عليها لو حصل في خلالها فإن سبقه الحدث فإن شاء ذهب فتوضأ ورجع فكبر وإن شاء كبر من غير تطهر لأن سبق الحدث لا يقطع فور الصلاة حتى لا يمنع من البناء والتكبير غير مؤدى في حرمة الصلاة فلا يشترط فيه الطهارة كالأذان . قال الشيخ الإمام والأصح عندي أنه يكبر ولا يخرج من المسجد للطهارة لأنه لما لم يكن به حاجة إلى الطهارة كان خروجه قاطعا لفور الصلاة فلا يمكنه أن يكبر بعدها فيكبر للحال والله سبحانه وتعالى أعلم