( قال C وإذا كان المشتري شرط الخيار لنفسه ثلاثا في الشراء فللشفيع الشفعة ) أما عند أبي يوسف ومحمد لأنه صار مالكا للدار وعندهما خيار الشرط كخيار الرؤية والعيب للمشتري فلا يمنع وجوب الشفعة وعند أبي حنيفة المشتري أن لم يملك الدار بشرط الخيار فقد خرجت الدار من ملك البائع وانقطع حقه عنها لكون البيع باقي في جانبه ووجوب الشفعة تعتمد انقطاع حق البائع لا ثبوت الملك للمشتري حتى إذا أقر بالبيع وأنكر المشتري يجب للشفيع فيه الشفعة ولأن المشتري صار أحق بالتصرف فيها فباعتباره يتحقق الضرر المحوج للشفيع إلى الدفع عن نفسه وإذا اشترى المرتد دارا فللشفيع فيها الشفعة أن قبل على الردة أو أسلم في قول أبي يوسف ومحمد لأن الشراء من المرتد صحيح عندهما وعند أبي حنيفة لأن البيع قد تم في جانب البائع وصار المشتري أحق بها لو أسلم فكان للشفيع حق الشفعة وهو بمنزلة خيار ثابت للمشتري ولو كان المشتري بالخيار أبدا لم يكن للشفيع فيها الشفعة لأن البيع فاسد وفي البيع الفاسد حق البائع في الاسترداد ثابت وما لم ينقطع حق البائع في الاسترداد لا يجب للشفيع الشفعة فإن أبطل المشتري خياره وأوجب البيع قبل مضي الأيام الثلاثة وجبت الشفعة لزوال المفسد قبل تقرره وكذلك عندهما بعد مضي الأيام الثلاثة لأن العقد عندهما ينقلب صحيحا متى أسقط خياره وهذا إذا شرط الخيار أبدا فإن كان شرط الخيار شهرا فعندهما هذا البيع صحيح لازم وللشفيع حق الأخذ بالشفعة وقد بينا المسألة في البيوع وإن كان الخيار ثلاثة فأخذها الشفيع من البائع في الثلاثة فقد وجب البيع وليس للشفيع من الخيار ما كان للمشتري لأن خيار الشرط كاسمه لا يثبت إلا لمن شرط له والشرط كان للمشتري دون الشفيع وإذا كان الخيار للبائع فلا شفعة فيها حتى يوجب البيع لأن خيار البائع يمنع خروج المبيع من ملكه وبقاء حق البائع بمنع ثوبت حق الشفيع فبقاء ملكه أولى فإن بيعت دار إلى جنبها فللبائع فيها الشفعة دون المشتري لأن الملك في الدار المبيعة عندهما في هذا البيع للبائع وإذا أخذها بالشفعة فهذا نقض منه للبيع لأنه قرر ملكه وجواره حين أخذ المبيعة بالشفعة باعتباره فاقدام البائع على ما يقرر ملكه في مدة الخيار يكون نقضا للبيع وهذا لأنه لو لم يجعل ناقضا لكان إذا أجاز البيع فيها ملكها المشتري من وقت العقد حتى يستحق بزوائدها المتصلة والمنفصلة فتبين أنه أخذها بالشفعة من غير حق له وإن كان الخيار للمشتري فبيعت دار بجنب هذه الدار كان له فيها الشفعة لأنه صار أحق بها مع خياره وذلك يكفي لثبوت حق الشفعة له كالمأذون والمكاتب إذا بيعت دار بجنب داره وكان البلخي يدعي بهذا الفصل المناقضة على أبي جنيفة فيقول أنه إذا كان من أصله أنه لا يملك المبيع في مدة خياره واستحقاق الشفعة باعتبار الملك ولهذا لا يستحق المستأجر والمستعير فكيف تثبت للمشتري الشفعة في هذه الدار ولكن عذره ما بينا فإذا أخذها بالشفعة كان هذا منه أجازة للبيع بوجود دليل الرضا لتقرر ملكه فيها وهذا يؤيد كلام البلخي فإنه لو لم يكون الملك معتبرا في استحقاق الشفعة لما صار مخيرا للبيع بأخذها بالشفعة ولكنا نقول لو لم يسقط خياره بذلك لما كان إذا فسخ البيع انعدم السبب في حقه في الأصل فتبين أنه أخذها بالشفعة من غير حق له فللتحرز عن ذلك جعلناه مخيرا للبيع فإذا جاء الشفيع وأخذ منه الدار الأولى بالشفعة لم يكن له على الثانية سبيل لأنه إنما يتملكها الآن فلا يصير بها جارا للدار الآخرى من وقت العقد إلا أن يكون له دار إلى جنبها والدار الثانية سالمة للمشتري لأن أخذ الشفيع من يده لا ينفي ملكه من الأصل ولهذا كانت عهدة الشفيع عليه فلا يتبين به انعدام السبب في حقه من الأصل حين أخذ بالشفعة وإذا اشترى دارا بعبد واشترط الخيار ثلاثا لمشتري الدار فللشفيع فيها الشفعة فإن أخذها من يد مشتريها فقد وجب البيع له لأنه عجز عن ردها وذلك موجب له البيع فيها فإن سلم المشتري البيع وأبطل خياره سلم العبد للبائع فإن أبى أن يسلم البيع أخذ عبده ودفع قيمة العبد الذي أخذها من الشفيع إلى البائع ولا يكون أخذ الشفيع الدار بالشفعة اختيارا من المشتري للبيع واسقاطا لخياره في العبد بخلاف ما إذا باعها المشتري فذلك اختيار منه لان البيع تصرف ببينته واختياره فيكون دليل الرضا به وأسقاط خياره فأما أخذ الشفيع من يده يكون بغير رضاه واختياره وإنما يأخذها الشفيع بحق يثبت له قبل قبض المشتري ألا ترى أنه كان له حق الأخذ من البائع فلا يكون ذلك اختيارا من المشتري وهذا بخلاف ما لو حدث بها عيب عنده أو عرفت لأن تعذر الرد عليه في هذه المواضع بسبب حادث بعد قبضه فيجعل ذلك بمنزلة اختياره فأما عند أخذ الشفيع تعذر الرد عليه بحق كان سابقا على قبضه فلهذا لا يجعل ذلك اختيارا منه ويبقي هو في العبد .
على خياره فإذا فسخ العقد في العبد يجعل هذا بمنزلة ما لو انفسخ العقد فيه بالهلاك في يده قبل القبض فعليه أن يدفع إلى البائع القيمة المقبوضة من الشفيع لأنها هي التي سلمت له بسبب يده على الدار فيردها على البائع كما يرد الدار لو كانت في يده ولو كانت الدار في يد البائع كان للشفيع أن يأخذها منه بقيمة العبد ويسلم العبد للمشتري لانتقاض البيع بينهما حين أخذها الشفيع من يد البائع ولو كانت الدار في يد المشتري فهلك العبد في يد البائع انتقض البيع ورد المشتري الدار وللشفيع أن يأخذها بقيمة العوض لما بينا أن حق الشفعة ثبت له بقيمة العوض وهو قادر على أداء ذلك بعد هلاك العوض في يد مشتري الدار ولو كان الخيار لبائع الدار فيها أو في العبد لم يكن للشفيع فيها شفعة حتى يوجب البيع لأن أحد المتعاقدين إذا شرط الخيار لنفسه في أحد العوضين فذلك منه شرط للخيار في العوض الآخر وإن كان الخيار أربعة أيام فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة ولا شفعة في ذلك إلا أن يسقط خياره قبل مضي ثلاثة أيام وعند أبي يوسف ومحمد البيع جائز ولكن بخيار البائع لا تجب الشفعة حتى يسقط خياره أو يسقط ذلك بمضي المدة فحنئذ يجب للشفيع فيه الشفعة والله أعلم بالصواب