( قال C والشريك في الأرض أحق بالشفعة من الشريك في الشرب كما أن الشريك في نفس المنزل أحق بالشفعة من الشريك في الطريق ) لقول علي وابن عباس Bهما لا تنفعة إلا لشريك لم يقاسم يعني عند وجوده لا شفعة إلا له ثم الشرب من حقوق المبيع كالطريق وقد جاء الحديث في استحقاق الشفعة بالشريك في الطريق قال A إذا كان طريقهما واحدا فكذلك يستحق بالشركة في الشرب والشريك في الشرب أحق بالشفعة من الجار كالشريك في الطريق قال والشركاء في النهر الصغير كل من له شرب أحق من الجار الملاصق وإن كان نهرا كبيرا تجرى فيه السفن فالجار أحق لأن هؤلاء ليسوا شركاء في الشرب معنى هذا القول أن الشركة في الشرب منزلة الشركة في الطريق ففي النهر الصغير الشركة خاصة بمنزلة سكة غير نافذة وفي النهر الكبير الشركة عامة بمنزلة الطريق النافذ لا يستحق الشفعة باعتاره والمروي عن أبي يوسف في حد النهر الصغير أن يستقي منه قراحين أو ثلاثة فإن جاوز ذلك فهو النهر الكبير والمذهب عند أبي حنيفة ومحمد أن النهر الكبير بمنزلة الدجلة والفرات تجري فيه السفن وكل ماء يجري فيه السفن من الأنهار في معنى ذلك وما لا يجري فيه السفن فهو في حكم النهر الصغير حتى روى ابن سماعة عن محمد أن الشركاء في النهر وإن كانوا مائة أو أكثر فإن كان بحيث لا تجري فيه السفن يستحق الشفعة باعتباره ومنهم من ققدر بعدد الأربعين أو بعدد الخمسين ولا معنى للمصير فيه إلى التقدير من حيث العدد لأن المقادير بالرأي لا تستدرك وليس في ذلك نص فالمعتبر ما قلنا أن يكون بحيث تجري فيه السفن وإذا زرع المشتري الأرض ثم جاء الشفيع فله أن يأخذها بالشفعة ويقلع الزرع في القياس لأنه زرع في أرض غيره أحق بها منه فهو كالغاصب إذا زرع الأرض المغصوبة ولأن المشتري كما لا يتمكن من تأخير حقه لأن التأخير من وجه إبطال وفي الاستحسان لا يأخذها بالشفعة حتى يحصد الزرع ثم يأخذها لأن المشتري زرع في ملك نفسه وما كان يتيقن بأن الشفيع يطلب الشفعة قبل ادراك زرعه فلا يكون متعديا فيما صنع بخلاف الغاصب ولأن لا دراك الزرع نهاية معلومة فلو انتظر ذلك لم يبطل حق الشفيع وأن تأخر قليلا وإذا قلع زرع المشتري تضرر بإبطال ملكه وماليته وضرر التأخير دون ضرر الإبطال فإن كان غرس فيها كرما أو شجرا أو رطبة فله أن يقلع ذلك ويأخذ الأرض لأنه ليس لفراغ الأرض منها نهاية معلومة وقد بينا في البناء نظيره يوضحه إنه قد يتأخر حق الشفيع لدفع الضرر عن المشتري حتى إذا طلب الشفعة تأخر التسليم إليه إلى احضار الثمن فيجوز أن يتأخر أيضا للدفع عن المشتري في زرعه ولكن لا يجوز إبطال حق الشفيع لدفع الضرر عن المشتري وفي التأخير لا إلى غاية معلومة إبطال وإذا اشترى نخلا ليقطه فلا شفعة فيه وكذلك إذا اشتراه مطلقا لأن الأرض لا تدخل في هذا الشراء والنخل بدون الأرض كالبناء لا يستحق بالشفعة فإن اشتراها بأصولها ومواضعها من الأرض ففيها الشفعة لأنها تابعة للأرض في هذا الحال وكذلك أن اشترى زرعا أو رطبة ليجزها لم يكن في ذلك شفعة وإن اشتراها مع الأرض وجبت الشفعة في الكل استحسانا وفي القياس لا شفعة في الزرع لانه ليس من حقوق الأرض وتوابعها ولهذا لا يدخل في البيع إلا بالذكر فهو كالمتاع الموضوع في الأرض لا يستحق بالشفعة وإن اشترى مع الأرض ووجه الاستحسان أن الزرع متصل بالأرض ما لم يحصد وما كان من المنقول متصلا بالعقار يستحق بالشفعة تبعا كالأبواب والشرب المركبة يوضحه أن الشفيع يقدم على المشتري شرعا وقبل الحصاد يمكنه أخذ الكل من الوجه الذي أوجبه العقد للمشتري بخلاف ما إذا لم يحصد حتى حصد الزرع لأنه لا يمكنه أخذ الزرع بعد الحصاد على الوجه الذي أوجبه العقد للمشتري فلو أخذه كان أخذا للمنقول بالشفعة مقصودا وذلك ممتنع وإذا اشترى أرضا فيها نخل ليس فيها ثمر فاثمرت في يده فأكلها سنين ثم جاء الشفيع فله أن يأخذها بالشفعة بجميع الثمن أن شاء وكان أبو يوسف يقول أولا يحط من الثمن حصة ما أكل المشتري من الثمر لأن حال المشتري مع الشفيع كحال البائع مع المشتري قبل التسليم إليه ولو أكل البائع الثمار الحادثة بعد العقد يحط عن المشتري حصتها من الثمن كما يحط حصة الثمرة الموجودة عند العقد فكذلك في حق الشفيع يوضحه أن تناول الثمار الحادثة تمنع المشتري من بيعها مرابحة حتى يبين وهي في ذلك كالثمار الموجودة فكذلك في حق الشفيع فأما وجه ظاهر الرواية وهو الذي رجع إليه أبو يوسف أن المشتري يملك الأرض والنخل بجميع الثمن والشفيع إنما يأخذها بمثل ما يملك به المشتري وهذا لأن الحادث من الثمار بعد القبض لاحصة له من الثمن فإنه لم يكن .
موجودا عند العقد ولا عند القبض وانقسام الثمن يكون باعتبارها ولو كانت قائمة في يد المشتري بعد الجذاذ لا يثبت حق الشفيع فيها فتناوله إياها لا يجل لها حصة من الثمن أيضا بخلاف بيع المرابحة فالمتولد من العين هناك لو كان قائما في يد المشتري كان يضمه إلى الأصل ويبيع الكل مرابحة فإذا تناول ذلك لم يكن له أن يبيعه مرابحة من غير بيان إلا أن يكون أنفق عليه مثل ما أكل وقد بينا هذا في البيوع وهذا بخلاف الثمار الموجودة عند العقد إذا أخذها المشتري فللثمار الموجودة حصة من الثمن ولا حق للشفيع فيها بعد الجذاذ فيطرح عن الشفيع حصتها من الثمن ألا ترى أن الثمار الموجودة عند العقد لو بلغت عنده من غير صنع أحد سقط عن المشتري حصتها من الثمن بخلاف الثمار الحادثة فكذلك في حق الشفيع وإن حضر الشفيع قبل أن يجذها المشتري أخذها مع الأشجار بجميع الثمن استحسانا وهذا والزرع سواء وبعد الجذاذ هنا والحصاد في الزرع عند أبي يوسف يقسم الثمن على قيمة الأرض وعلى قيمة الثمار والزرع وقت العقد لأن انقسام الثمن عليهما بالعقد فتعتبر القيمة عند ذلك وعند محمد تقوم الأرض مزروعة وغير مزروعة والأشجار مثمرة وغير مثمرة فربما لا يكون للزرع والثمر في ذلك الوقت قيمة إلا شيئا يسيرا فلو اعتبرنا قيمته محصودا تضرر به الشفيع فلدفع الضرر قال اقسم الثمن على قيمة الأرض مزروعة وغير مزروعة فما يخص قيمتها غير مزروعة فهو حصة الأرض يأخذها الشيع بذلك وإذا اشترى أرضا فيها شجر صغار فكبرت فاثمرت أو كان فيها زرع فأدرك فللشفيع أن يأخذ جميع ذلك بالثمن لأن حقه ثبت فيها بطريق الاتصال بالأرض والشجر بيع ما بقى الاتصال وإذا اشترى بيتا ورحا ماء فيه ونهرها ومتاعها فللشفيع الشفعة في ذلك كله إلا ما كان من متاعها ليس بمركب في البناء لأن ما كان مركبا متصل بالأرض فهو بمنزلة البناء فيستحق بالشفعة تبعا ألا ترى أن الحمام يباع ويأخذه الشفيع بقدر الحمام لأنه في البناء فكذلك الرحا واستحقاق الشفعة في الحمام والرحا قولنا فأما عند الشافعي ما لا يحتمل القسمة لا يستحق الشفعة لأن من أصله أن الأخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة المقاسمة وذلك لا يتحقق فيما لا يحتمل القسمة وعندنا لدفع ضرر البادي بسوء المجاورة على الدوام وذلك فيما لا يحتمل القسمة موجود لاتصال أحد الملكين بالآخر على وجه التأييد والقرار وحجتنا في ذلك ما روينا من حديث جابر Bه أن النبي A قال الشفعة في كل شيء ربع أو حائط والأن الحمام لو كان مهدوما فباع أحد الشريكين نصيبه كان للشريك الشفعة وما يستحق بالشفعة مهدوما يستحق بالشفعة مثبتا كالشقص من الدار وبهذا يتبين أن مؤنة المقاسمة أن كانت لا تلحقه في الحال فقد تلحقه في الثاني وهو ما بعد الانهدام إذا طلب أحدهما قسمة الأرض بينهما ولو اشترى أجمة فيها قصب وسمك يؤخذ بغير صيد أخذ الإجمة والقصب بالشفعة ولم يأخذ السمك لأن القصب متصل بالأرض فأما السمك فلا اتصال له بالأرض بل هو كالمتاع الموضوع في الدار والأرض فلا يستحق بالشفعة وإذا اشترى عينا أو نهرا أو بئرا بأصلها فللشفيع فيها الشفعة لاتصال ملكه بالمبيع على وجه التأييد وكذلك أن كانت عين قير أو نفط أو موضع ملح أخذ جميع ذلك بالشفعة لوجود الاتصال معنى فإنه يبيع من ذلك الموضع بمنزلة ما يتولد منه بخلاف السمك إلا أن يكون المشتري قد حمل ذلك من موضعه فلا يأخذ ما حمل منه بمنزلة الزرع والتمر بعد الحصاد والجذاذ وإن اشترى شربا من نهر بغير أرض ولا أصل من نهر فلا شفعة فيه لأن بيع الشرب فاسد فإنه من حقوق المبيع بمنزلة الأوصاف فلا يفرد بالبيع ثم هو مجهول في نفسه غير مقدور التسليم لأن البائع لا يدري أيجري الماء أم لا وليس في وسعه إجراؤه ( قال وكان شيخنا الإمام يحكي عن أستاذه أنه كان يفتي بجواز بيع الشرب بدون الأرض ويقول فيه عرف ظاهر في ديارنا بنسف فإنهم يبيعون الماء ) فللعرف الظاهر كان يفتي بجوازه ولكن العرف إنما يعتبر فيما لا نص بخلافه والنهي عن بيع الغرر نص بخلاف هذا العرف فلا يعتبر وإذا اشترى الرجل أرضا فله ما فيها من نخل أو شجر لأنها بمنزلة البناء متصله بالأرض للقرار وليس له ما فيها من زرع أو ثمر لأن الاتصال فيها ليس للتأييد والقرار بل للإدراك فهو اتصال يعرض الفصل فيكون بمعنى المتاع الموضوع فيها لا تدخل في البيع إلا بالذكر والأصل فيه قوله A من اشترى أرضا فيها نخل فالثمر للبائع إلا أن يشترط المتاع ولو اشترى الأرض بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها بحقوقها فعند هذا التقييد لا تدخل الثمرة .
والزرع لأنهما ليسا من حقوقها وتأويل ما ذكر هنا أنه لم يقيد بقوله من حقوقها وعند الاطلاق يتناول لفظ الثمر والزرع لأنهما من القيليل والكثير الذي هو فيها أو منها لاتصاله في الحال والامتعة الموضوعة تدخل بهذا اللفظ أيضا أن كان قال أو منها لأنها من القيليل أو الكثير الذي فيها وإن كان قال ومنها لم تدخل لأنها ليست من الأرض وأما ما لا يدخل في البيع كالزوجة والولد للبائع إذا كان فيها في القياس يدخل ويفسد البيع وفي الاستحسان لا يدخل لعلمنا أنهما لم يقصدا ذلك وإذا اشتراها بكل حق هو لها بمرافقها لم يدخل فيها الثمر الزرع لأنهما ليسا من حقوق الأرض ومرافقها فإنما يطلق هذا اللفظ على مابه يتأتى الانتفاع بالأرض كالشرب والطريق الخاص في ملك إنسان فذلك الذي يدخل في الشراء عند ذكر هذا اللفظ والثمر والزرع ليسا من هذا في شيء فلا يدخل بذكر الحقوق والمرافق وإذا اشترى دارا فله البناء سواء اشترط كل حق هولها أو لم يشترط وهذه ثلاثة فصول الدار والمنزل والبيت فإذا عقد العقد باسم الدار يدخل فيه العلو والسفل والكنيف والشاع وإن لم يقل بكل حق هو له لأن الدار هو اسم لما أدير عليه الحائط والعلو والسفل مما أدير عليه الحائط ولا يدخل الطريق الخاص في ملك إنسان إلا أن يقول بكل حق هولها لأن الطريق خارج مما أدير عليه الحائط ويكون من حقوق الدار فالانتفاع بالدار يتأتى به فإنما يدخل عند ذكر الحقوق والمرافق فأما الظلة التي على ظهر الطريق عليها منزل إلى الدار لا يدخل عند أبي حنيفة إلا أن يشترط الحقوق والمرافق فحينئذ تدخل إذا كان مفتحها إلى الدار وعند أبي يوسف ومحمد تدخل إذا كان مفتحها إلى الدار وإن لم يشترط الحقوق والمرافق لأنها من بناء الدار بمنزلة العلو والكنيف والشارع وأبو حنيفة يقول هي خارجة مما أدير عليه الحائط ولكنها من مرافق الدار إذا كان مفتحها إلى الدار فإنما تدخل بذكر الحقوق والمرافق والطريق الخاص وهذا لأن أحد جانبي الظلة على حائط الجار المحاذي والجانب الآخر على بناء الدار وكانت من جملة الدار من وجه دون وجه فلا تدخل عند اطلاق اسم الدار بخلاف كنيف الشارع فإنه متصل ببناء الدار لا اتصال له بشيء آخر فيكون داخلا فيما أدير عليه الحائط من البناء وإن كان اشترى بيتا وعليه علو لم يدخل العلو في البيت سواء ذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر ما لم ينص على العلو لأن البيت اسم لما يبات فيه والعلو في هذا كالسفل وكان نظير بيتين أحدهما بجنب الآخر وهذا لأن الشيء لا يكون من حقوق مثله فإما إذا اشترى منزلا لم يكن له علوه إلا أن يقول بكل حق هو له أو بمرافقه فيدخل العلو فيه لأن العلو من حقوق المنزل فيدخل عند ذكر الحقوق والبيت اسم لمسقف واحد له دهليز والمنزل اسم لما يشتمل على بيوت وصحن مسقف ومطبخ ليسكنها الرجل بعياله والدار اسم لما يشتمل على بيوت ومنازل وصحن غير مسقف فكان المنزل فوق البيت ودون الدار فلكونه فوق البيت قلنا يدخل العلو عند ذكر الحقوق والمرافق ولكنه دون الدار قلنا لا يدخل العلو فيه إذا لم يذكر الحقوق والمرافق ومشتري المنزل من الدار وإن ذكر الحقوق والمرافق لاحق له في الدار إلا الطريق ومسيل الماء فإن ذلك من حقوق المنزل فأما المخرج والمربط والمطبخ وبئر الماء فلا حق له فيها إلا أن يسمى شيئا من ذلك لأن ذلك من حقوق الدار ومرافقها ليس من حقوق المنزل فالانتفاع بالمنزل يتأتى بدونه بخلاف الطريق والمسيل وفي شراء الدار إذا كان لها طريقان أحدهما في السكة والآخر في دار فإن اشترط الحقوق والمرافق استحق ذلك كله وإن لم يشترط لم يستحق الطريق الذي في الدار الأخرى لأن ذلك خارج مما أدير عليه الحائط والقرية مثل الدار وإن كان في الدار أو في القرية باب موضوع أو خشب أو آجر أو جص لم يدخل ذلك في البيع بذكر الحقوق والمرافق وإن اشترط كل قليل وكثير هو فيها أو منها أو اشترط كل حق هو لها لأن الانتفاع يتأتى بدون هذه الأشياء وهي بمنزلة متاع موضوع فيها وإذا اشترى الرجل أرضا فاستأجرها الشفيع منه أو أخذها مزارعة أو كان فيها نخيل فأخذها معاملة بعد علمه بالشراء أو ساوم بها فقد بطلت شفعته لأن إقدامه على هذه التصرفات دليل الرضا بتقرر ملك المشتري فيها ودليل الرضا كصريح الرضا والاستيام دليل ابطال حق الشفعة لأنه طلب التملك منه بسبب يباشره باختياره ابتداء وذلك يتضمن تقرره على مباشرة هذا السبب فيكون اسقاطا للشفعة دلالة وإذا اشترى نخلا ليقطعه ثم اشترى بعد ذلك الأرض وترك النخيل فيها فلا شفعة للشفيع في النخيل لأنها كانت مقصودة بالعقد وهي من النقليات لا تستحق .
بالشفعة وكذلك لو اشترى الثمرة ليجذها والبناء ليهدمه ثم اشترى الأرض لم يكن للشفيع الشفعة إلا في الأرض خاصة لأن استحقاق البناء بالشفعة لمعنى التبعية للأرض وذلك لا يتحقق إذا ملكه بسبب غير السبب الذي ملك الأرض به وإذا اشترى قرية فيها بيوت ونخيل وأشجار ثم باع المشتري شجرها ونخلها ليقطع ثم جاء الشفيع وقد قطع بعضها فله أن يأخذ الأرض وما لم يقطع من الشجر بحصته من الثمن وليس له أن يأخذ ما قطع من ذلك وللشافعي قول أن حق الشفيع متى كان ثابتا في البناء والشجر فله أن يأخذ ذلك بعد القطع والهدم اعتبارا للحق بالملك فكما لا يبطل ملك المالك بالقطع فكذلك حق الشفيع ولكنا نقول ثبوت حقه في الآخذ كان لمعنى الاتصال بالأرض فإذا زال ذلك قبل الأخذ لا يكون له فيه حق الأخذ كما لو زال جوازه ولكن يطرح حصته من الثمن عن الشفيع لأنه صار مقصودا بالحبس والتناول فيكون له حصته من الثمن يطرح عن الشفيع وإذا اشترى الرجل نهرا بأصله ولرجل أرض في أعلاه إلى جنبه ولآخر أرض في أسفله إلى جنبه فلهما جميعا الشفعة في جميع النهر من أعلاه إلى أسفله لأن ملك كل واحد منهما متصل بالمبيع اتصال تأييد وقرار فلكل واحد منهما الشفعة بالجوار وكذلك القناة والعين والبئر فهي من العقارات يستحق فيها الشفعة بالجوار وكذلك القناة يكون مفتحها في أرض ويظهر ماؤها في أرض أخرى فجيرانها من مفتحها إلى مصبها شركاء في الشفعة لاتصال ملك كل واحد منهما بالمبيع وبالاتصال في جانب واحد يتحقق الجوار وصاحب النصيب في النهر أولى بالشفعة ممن يجري النهر في أرضه لأنه جار باتصال أرضه بالنهر والشريك في المبيع مقدم على الجار وإذا كان نهر أعلاه لرجل وأسفله لآخر ومجراه في أرض رجل آخر فاشترى رجل نصيب صاحب أعلا النهر فطلب صاحب النهر وصاحب الأرض وصاحب أسفل النهر الشفعة فالشفعة لهم جميعا بالجوار لأنهم أستووا في سبب الاستحقاق فملك كل واحد منهم متصل بالمبيع إلا أن اتصال صاحب الأسفل بمقدار عرض النهر واتصال صاحب الأرض بمقدار طول النهر من أرضه ولو عبرة بزيادة الجوار كما لا عبرة بزيادة الشركة وليس لصاحب مسيل الماء حق لمسيل الماء يعني أن صاحب أسفل النهر له في المبيع حق سيل الماء فما لم يسل الماء في أعلا النهر لا ينتهي إليه ولكن لا يصير به شريكا لرقبة النهر ولا في حقوقه وإنما بترجح على الجار الشريك في نفس المبيع أو في حقوقه وكذلك لو اشترى رجل نصيب صاحب أسفل النهر فالشفعة لصاحب الأعلا بالجوار لاتصال ملكه بالمبيع وكذلك لو كانت قناة مفتحها بين رجلين إلى ما كان معلوم وأسفل منذلك لأحدهما فباع صاحب الأسفل ذلك الأسفل فالشريك والجيران فيه سواء لأن بالشركة في أعلا القناة لا يكون شريكا في المبيع فإن المبيع أسفل القناة وذلك كان ملكا خالصا للبائع فلهذا كان شريكه في أعلا القناة والجيران في الشفعة سواء وإذا كان نهر لرجل فطلب إليه رجل ليكري منه النهر إلى أرضه ثم بيع النهر لرجل الأول ومجراه في أرض رجل آخر فصاحب الأرض أولى بالشفعة لأن الآخر مستعير ولا حق للمستعير في الشفعة إذ لا ملك له متصل بالبيع على وجه التأييد والقرار وإذا كان نهر لرجل في أرض لرجل عليه رحاماء في بيت فباع صاحب النهر النهر أو الرحاء والبيت فطلب صاحب الأرض الشفعة في ذلك كله فله الشفعة لاتصال ملكه بالمبيع وإن كان بين أرضه وبين موضع الرحاء أرض لرجل آخر وكان جانب النهر الآخر لرجل آخر فطلبا الشفعة فلهما أن يأخذ ذلك بالشفعة لأنهما سواء في الجوار من النهر وإن كان بعضهم أقرب إلى الرحاء لأن الرحاء لا تستقيم إلا بالنهر فهو الآن شيء واحد ألا ترى أن موضع الرحاء لو كان أرضا لها في ذلك النهر شرب فبيعت كان الشركاء في الشرب سواء في الشفعة ولا يكون أقربهم إليها أولى بالشفعة وهذا إشارة إلى أن باعتبار ملك الرحاء تثبت الشركة في الشرب لأن الانتفاع بالرحاء لا يتأتى إلا بالماء كما لا يتأتى في الانتفاع بالأرض إلا بالماء وإذا كان نهر لرجل خالصا له عليه أرض ولآخر عليه أراضي ولا شرب لهم فيه فباع رب الأرض النهر خاصة فهم شركاء في الشفعة فيه لايصال ملكهم بالمبيع وإن باع الأرض خاصة دون النهر فالملازق للأرض أولاهم بالشفعة لأنه لا شركة بينهم في النهر والمبيع الأرض وهم جيران المبيع يعني من يلازق أرضه الأرض المبيعة فالشفعة للجار الملازق خاصة وإن باع النهر والأرض جميعا كانوا شفعاء في النهر لاتصال ملك كل واحد منهم بالنهر وكان الذي هو ملازق الأرض أولاهم بالشفعة في الأرض لاتصال ملكه .
بالأرض بمنزلة طريق في دار لرجل فباع الطريق والطريق خالص له فجار الطريق أولى به من جار الأرض دون الطريق وهذان بمنزلة دارين ليميز أحدهما عن الآخر لأن جوار هذا غير جوار هذا ولو كان شريكا في الطريق أخذ شفعته من الدار لأن الشريك مقدم على الجار فكذلك أن كان شريكا في النهر أخذ بحصته من الأرض وكان أحق بهما جميعا من جيران الأرض والطريق والنهر سواء في كل شيء وقد بينا ذلك في أول الباب والله أعلم