قال C رجل اشتري من رجل درهما معه لا يعلم وزنه بدرهم مثل وزنه أجود منه أو أردأ منه فهو جائز لأن شرط الجواز المساواة في الوزن دون العلم بمقدار الوزن ولا معتبر بالجودة والرداءة في المساواة المشروطة في العقد وكذلك لو قال بعنى بهذا الدرهم فضة مثل وزنه لأن الفضة تثبت دينا في الذمة وشرط جواز العقد وهو المساواة وزنا موجود . ولو اشترى مثقالي فضة ومثقالي نحاس بمثقال فضة وثلاثة مثاقيل حديد كان جائزا بطريق أن الفضة بمثلها وزنا وما بقي من الفضة والنحاس بالحديد فلا يمكن فيه الربا وكذلك مثقال صفر ومثقال حديد بمثقال صفر مثقال رصاص فالصفر بمثله والرصاص بمابقى لأن الصفر موزون وقد بينا أن الحكم في مال الربا أنه يقابل الشيء مثله من جنسه فالحاصل أن حكم الربا في الفروع يثبت على الوجه الذي يثبت في الأصل لأنه إنما يتعدى إلى الفرع حكم الأصل فكما أن في الذهب والفضة تثبت المقابلة بهذه الصفة عند اطلاق العقد فكذلك في الفروع وعلى هذا نقول الحديد كله نوع واحد ما يصلح أن يصنع منه السيف وما لا يصلح كذلك ولا يجوز إلا وزنا بوون لأن الحكم في الفرع يثبت على الوجه الذي يثبت في الأصل وفي الذهب والفضة تجعل أنواع النقرة جنسا واحدا البيضاء والسوداء في ذلك سواء وأنواع الذهب كذلك فكذلك الحديد وإن افترقا قبل التقابض لم يبطل البيع لأن الحديد يتعين بالتعيين بخلاف الذهب والفضة وقد بينا في البيوع الفرق بين الصرف وغيره من البيوع في الأموال الربوية في اشتراط القبض وكذلك الرصاص القلعى بالأسرب فهذا رصاص كله يوزن ولكن بعضه أجود من بعض وبالجودة والرداءة لا يختلف الجنس ولا بأس بالنحاس الأحمر بالشبه والشبه واحد والنحاس اثنان يدا بيد من قبيل أن الشبه قد زاد فيه الصبغ فيجعل زيادة النحاس من أحد الجانبين بزيادة الصبغ الذي في الشبه قال ولا خير فيه نسيئة لأنه نوع واحد وبزيادة الصبغ في الشبه لا يتبدل الجنس ولأنه موزون منفق في المعنى والوزن بهذه الصفة يحرم النساء ولا بأس بالشبه بالصفر الأبيض يدا بيد الشبه واحد والصفر اثنان لما في الشبه من الصبغ ولا خير فيه نسيئة لأنه موزون متفق في المعنى وكذلك الصفر الأبيض لا بأس به واحدا منه باثنين من النحاس الأحمر لأن الصفر الأبيض فيه رصاص قد اختلط به فباعتباره يجوز العقد ولا خير فيه نسيئة لأنه موزون كله . وإن افترقا في جميع ذلك وهو قائم بعينه ولم يتقابضا لم يفسد البيع لأنهما افترقا عن عين بعين وكل ما لم يخرج بالصنعة من الوزن في المعاملات لم يبع بجنسه إلا وزنا بوزن سواء لأن المصوغ الذي يباع وزنا بمنزلة التبر . وإن اشترى إناء من نحاس برطل من حديد بغير عينه ولم يضرب له أجلا وقبض الإناء فهو جائز أن دفع إليه الحديد قبل أن يتفرقا لأن الحديد موزون فإذا صحبه حرف الباء وبمقابلته عين كان ثمنا وترك التعيين في الثمن عند العقد لا يضر وإن تفرقا قبل أن يدفع إليه الحديد فإن كان ذلك الإناء لا يباع في العادة وزنا فلا بأس به لأنهما افترقا عن عين بدين وأن كان الإناء بوزن فلا خير فيه لأنه بيع موزون بموزون والدينية فيه عفو في المجلس لا بعده وإذا افترقا وأحد العوضين دين فسد العقد كما لو كان أحدهما مؤجلا فلا قبض الحديد في المجلس ولم يقبض الإناء حتى افترقا لم يفسد العقد لأن ما كان دينا قد تعين بالقبض قبل الافتراق والإناء عين فترك القبض في المجلس فيه لا يضر وكذلك أن اشترى رطلا من حديد بعينه برطلين من رصاص جيد بغير عينه فالعقد فاسد تقابضا في المجلس أو لم يتقابضا لأن أحد العوضين مبيع وهو ما لم يصحبه حرف الباء فيكون بائعا ما ليس عنده لا على وجه السلم ونهى رسول الله A عن بيع ما ليس عند الإنسان ومطلق النهي يوجب الفساد والله أعلم