قال C وإن استأجر أجيرا بذهب أو فضة يعمل له في فضة معلومة يصوغها صياغة معلومة فهو جائز وكذلك الحلى والآنية وحلية السيف والمناطق وغيرها لأنه استأجره لعمل معلوم ببدل معلوم فلا تشترط المساواة بين الأجرة وبين ما يعمل فيه من الفضة في الوزن لأن ما يشترط له من الأجرة بمقابلة العمل لا بمقابلة محل العمل وكذلك إذا استأجره ليخلص له ذهبا أو فضة من تراب الصواغين أو تراب المعادن إذا اشترط من ذلك شيئا معلوما لأن مقدار عمله بعد تعبين المحل معلوم عند أهل الصنعة على وجه لا تمكن فيه منازعة وكذلك أن استأجره ليفضض له حليا أو ينقش بنقش معروف فذلك جائز لأن العمل معلوم والبدل بمقابته معلوم وكذلك أن استأجره ليموه له لجاما فإن اشترط ذهب التمويه على الذي يأخذ الأخر فلا خير فيه لأن مقدار ما يحتاج إليه من الذهب للتمويه غير معلوم ولأن العقد في ذلك صرف فلا بد من التقابض في المجلس ولم يوجد وإن استأجره بدراهم ليموه له حرزا بقيراط ذهب فهذا باطل إلا أن يقبض الدرهم ويقبض ذلك القيراط ثم يرده إليه ويقول موه به وكذلك أن استأجره بذهب أكثر من ذلك فإنه لا يجوز إلا أن يتقابضا لأن العقد في الذهب صرف ولو استأجره بعرض أو بشيء من المكيل أو الموزون بعينه على أن يموه له ذلك بذهب أو فضة مسمى فهو جائز لأن بعض العرض بمقابلة الذهب المسمى يكون تبعا والقبض في المجلس ليس بشرط في بيع العين بالدين وبعضه بمقابلة العمل وهي أجارة صحيحة فإن عمله فقال المستأجر لم يدخل فيه ما شرطت لي وقال الآخر قد فعلت فالقول قول المستأجر مع يمينه لانكاره البض في بعض ما استحقه بالبيع ثم يعطي المموه قيمة ما زاد التمويه في متاعه إلا أن يرضى أن يأخذ بقوله لأنه أقام أصل العمل ولكنه غيره عن الصفة المشروطة عليه فإن رضي بأن يأخذ بقوله فقد وجد إبقاء المشروط وإلا فعليه قيمة ما زاد التمويه في متاعه وقد بينا نظائره في باب الاستصناع من كتاب الإجارات في مسألة الصياغ وإن استأجره يحمل له مالا من أرض إلى أرض أو ذهبا أو فضة مسماة فهو جائز وكذلك تراب المعادن أو تراب الصياغة لأنه عمل معلوم ببيان المسافة والمحمول وكذلك لو استأجره يبيع له ذلك شهرا فالمعقود عليه منافعه وهي معلومة ببيان المدة بخلاف ما لو استأجره ليبيع هذا العبد بعينه حيث لا يجوز لأن الإجارة وردت على البيع والبيع ليس في وسعه فهو بمنزلة ما لو استأجر إنسانا للتذرية ولم ييبن المدة حيث لا يجوز .
ولو استأجره يحفر له في هذا المعدن عشرة أذرع بكذا فهو جائز ولو استأجره لينقي تراب المعدن أو تراب الصياغة بنصف ما يخرج منه كان فاسدا لأن الأجر مجهول ووجوده على خطر وهو استئجار ببعض ما يخرج من عمله فيكون بمعنى قفيز الطحان فله أجر مثله لأنه أوفي المنفعة بعقد فاسد وإن استأجر إناء فضة أو حلى ذهب يوما بذهب أو فضة جاز لأن المستأجر منتفع به لبسا أو استعمالا والبدل بمقابلة المنفعة دون العين فلا يتحقق الربا فيه ولو استأجر منه ألف درهم أو مائة دينار بدرهم أو ثوب لم يجز قال لأنه ليس بإناء يريد أنه لا ينتفع به مع بقاء عينه ومثله لا يكون محلا للأجارة وإنما يرد عقد الإجارة على ما ينتفع به مع بقاء عينه وقد بينا أن الإعارة في الدراهم والدنانير لا تتحقق ويكون ذلك قرضا فكذلك الإجارة ولو استأجر سيفا محلى أو منطقة أو سرجا مدة معلومة بدراهم أكثر مما فيه أو أقل فهو جائز لأن الانتفاع بهذه الأعيان مع بقاء العين ممكن والبدل بمقابلة المنفعة دون الحلية ولو استأجر صائغا يصوغ له طوق ذهب بقدر معلوم وقال زد في هذا الذهب عشرة مثاقيل فهو جائز لأنه استقرض منه تلك الزيادة وأمره أن يخلطه بملكه فيصير قابضا كذلك ثم استأجره في إقامة عمل معلوم في ذهب له ولأن هذا معتاد فقد يقول الصائغ لمن يستعمله أن ذهبك لا يكفي لمن تطلبه فيأمره أن يزيد من عنده وإذا كان أصل الاستصناع يجوز فيما فيه التعامل فكذلك الزيادة فإن قال قد زدت فيه عشرة مثاقيل وقال رب الطوق إنما زدت فيه خمسة فإن لم يكن محشوا بوزن الطوق ليظهر به الصادق منهما فإن كان محشوا فالقول قول رب الطوق مع يمينه لانكاره القبض في الزيادة على خمس مثاقيل إلا أن يشأ الصائغ أن يرد عليه مثل ذهبه ويكون الطوق للصائغ لأن الطوق في يده وهو غير راض بإزالة يده عنه ما لم يعطه عشرة مثاقيل وقد تعذر ذلك بيمين رب الطوق فكان للصائغ أن يمسك الطوق ويرد عليه مثل ذهبه قال وهذا لا يشبه الأول يريد به مسألة الحرز فقد بينا هناك أن الخيار لصاحب الحرز .
لأن ذهب التمويه صار مستهلكا لا يتخلص من الحرز بمنزلة الصبغ في الثوب فكان الخيار لصاحب الحرز وهنا عين ما زاد من الذهب قائم في الطوق فالصائغ فيه كالبائع فيكون له أن يمتنع من تسليمه ما لم يصل إليه كمال العوض وإن الصائغ أن يصوغ له خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم وأراه القدر وقال لتكون الفضة علي قرضا من عندك لم يجز لأن الفضة للصائغ كلها والمستقرض لا يصير قابضا لها فيبقى الصائغ عاملا في ملك نفسه ثم بائعا منه الفضة بأكثر من وزنها وذلك لا يجوز بخلاف الأول فهناك المستقرض يصير قابضا للذهب يخلطه بملكه فإنما يكون الصائغ عاملا له في ملكه فلهذا يستوجب الأجر عليه وفي مسألة الخاتم يفسد أيضا لعلة أخرى وهو أنه صرف بالنسيئة وذلك لا يجوز سواء كان بمثل وزنة أو أكثر والله أعلم