قال C روى عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود Bهما قالت أعطاني رسول الله A أحدا وخمسين وسقا من تمر خيبر وعشرين وسقا من شعير فقال لي عاصم بن عدي أعطيك تمرا هنا وآخذ تمرك بخيبر فقالت لا حتى أسئل عن ذلك فسألت عمر بن الخطاب Bه فنهاني عنه وقال كيف بالضمان فيما بين ذلك وبه نأخذ فإن هذا ابن كان بطريق البيع فاشتراط إيفاء بدل له حمل ومؤنة في مكان آخر مبطل للبيع وهو مبادلة التمر بالتمر نسيئة وذلك لا يجوز وإن كان بطريق الاستعراض فهذا قرض جر منفعة وهو إسقاط خطر الطريق عن نفسه ومؤنة الحمل ونهى رسول الله A عن قرض جر منفعة وسماه ربا وعن محمد بن سيرين قال أقرض عمر بن الخطاب Bه أبي بن كعب Bه عشرة آلاف درهم وكانت لأبي Bه نخل بعجل فأهدى أبي بن كعب Bه فرده عليه فلقيه أبي فقال أظننت أني أهديت إليك لأجل مالك أبعث إلى مالك فخذه فقال عمر لأبي Bهما رد علينا هديتنا وبه نأخذ فإن عمر Bه إنما رد الهدية مع أنه كان يقبل الهدايا لأنه ظن أنه أهدى إليه لأجل ماله فكان ذلك منفعة القرض فلما أعلمه أبي Bه أنه ما أهدى إليه لأجل ماله قبل الهدية منه وهذا هو الأصل و لها قلنا أن المنفعة إذا كانت مشروطة في الإقراض فهو قرض جر منفعة وإن لم تكن مشروطة فلا بأس به حتى لورد المستقرض أجود مما قبضه فإن كان ذلك عن شرط لم يحل لأنه منفعة القرض وإن لم يكن ذلك عن شرط فلا بأس به لأنه أحسن في قضاء الدين وهو مندوب إليه . بيانه في حديث عطاء قال استقرض رسول الله A من رجل دراهم فقضاه وأرجح له فقالوا أرجحت فقال A أنا كذلك نزن .
فإن جاز الرجحان له من غير شرط فكذلك صفة الجودة قالوا وإنما يحل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر أما إذا كان يعرف أنه فعل ذلك لأجل القرض فالتحرز عنه أولى لأن المعروف كالمشروط والذي يحكي أنه كان لأبي حنيفة على رجل مال فأتاه ليطالبه فلم يقف في ظل جداره ووقف في الشمس لا أصل له لأن أبا حنيفة كان أفقه من ذلك فإن الوقوف في ظل جدار الغير لا يكون انتفاعا بملكه كيف ولم يكن مشروطا ولا مطلوبا وذكر عن الشعبي أنه كان يكره أن يقول الرجل للرجل أقرضني فيقول لا حتى أبيعك وإنما أراد بهذا إثبات كراهة العينة وهو أن يبيعه ما يساوي عشرة بخمسة عشر ليبيعه المستقرض بعشرة فيحصل للمقرض زيادة وهذا في معنى قرض جر منفعه والأقراض مندوب إليه في الشرع والغرر حرام إلا أن البخلاء من الناس تطرقوا بهذا إلى الإمتناع مما يدنوا إليه والأقدام على ما نهوا عنه من الغرور وبنحوه ورد الأثر إذا تبايعتم بالعين واتبعتم أذناب البقر ذللتم حتى يطمع فيكم وعن ابن عمرو الحسن Bهما قال في الرجل يكون له على الرجل دراهم فيعطيه دنانير يأخذها بقيمتها في السوق وهذا لأن عند اختلاف الجنس لا يظهر الربا بخلاف ما إذا كان الجنس واحدا كما ذكر ذلك عن الشعبي وعن عبدالله بن عمر Bهما أن رسول الله A بعث عتاب بن أسيد Bه إلى مكة وقال أنههم عن شرطين في بيع وعن بيع وسلف وعن بيع ما لم يقبض وعن ربح ما لم يضمن وبه نأخذ وصفة الشرطين في البيع أن يقول بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا وذلك غير جائز والبيع مع السلف أن يبيع منه شيئا ليقرضه أو يؤجله في الثمن ليعطيه على ذلك ربحا وبيع ما لم يقبض عام دخله الخصوص في غير المبيع من الصداق وغيره وظهر أن المراد النهي عن البيع مع بقاء الغرور في الملك المطلق للتصرف وذلك في المنقول دون العقار وقد بيناه في البيع وعن ربح ما لم يضمن هو في معنى هذا فإن المبيع قبل القبض ليس في ضمان المشتري فما يحصل فيه من الربح لا يطيب له وزاد في بعض الروايات عن بيع ما ليس عنده يعني ما ليس في ملكه بيانه في حديث حكيم بن حزام Bه أنه قال لرسول الله اني ربما أدخل السوق فاستجيد السلعة ثم أذهب فابيعها ثم ابتاعها فقال رسول الله A لا تبع ما ليس عندك .
وعن الشبي قال أقرض عبدالله بن مسعود Bه رجلا دراهم فقضاه الرجل من جيد عطائه فكره ذلك ابن مسعود Bه فقال لا إلا من عرضه مثل دراهمي وعن عامر C لا بأس بأن يقضي أجود من دراهمه إذا لم يشترط ذلك عليه وقد روى أن ابن عمر Bهما كان يفعله وبه نأخذ وتأويل كراهة ابن مسعود Bه أن الرجل إنما فعل ذلك لأجل القرض فلهذا كرهه وقد رد عمر Bه الهدية بمثل هذا وعن صلة بن زفر قال جاء رجل إلى ابن مسعود Bه على فرس بلقاء فقال أنه أوصى إلى في يتيم فقال عبدالله Bه لا تشتر من ماله شيئا ولا تستقرض منه شيئا وبه نأخذ فنقول ليس للوصي أن يستقرض من مال اليتيم لأنه لا يقرض غيره فكيف يستقرضه لنفسه وهذا لأن الاقراض تبرع فلا يحتمله مال اليتيم وبظاهر الحديث يأخذ محمد C فيقول إذا اشترى الوصي من مال اليتيم لنفسه شيئا لا يجوز ولكن أبا حنيفة يقول مراده إذا اشترى بمثل القيمة أو بأقل على وجه لا يكون فيه منفعة ظاهرة لليتيم لأن مقصوده من هذا الأمر له أن ينفي التهمة عن نفسه وعن عطاء C أن ابن الزبير Bه كان يأخذ بمكة الورق من التجار فيكتب لهم إلى البصرة إلى الكوفة فيأخذون أجود من ورقهم قال عطاء فسألت ابن عباس Bه عن أخذهم أجود من ورقهم فقال لا بأس بذلك ما لم يكن شرطا وبه نأخذ فنقول المنهى عنه هي المنفعة المشروطة أما إذا لم تكن مشروطة فذلك جائز لأنه مقابلة الإحسان بالإحسان وإنما جزاء الإحسان الإحسان وكذلك قبول هديته وإجابة دعوته لا بأس به إذا لم يكن مشروطا وعن ابن عباس Bهما أنه كان يأخذ الورق بمكة على أن يكتب لهم إلى الكوفة بها وتأويل هذا عندنا أنه كان عن غير الشرط فإما إذا كان مشروطا فذلك مكروه والسفاتج التي تتعامله الناس على هذا أن أقرضه بغير شرط وكتب له سفيجة بذلك فلا بأس به وإن شرط في القرض ذلك فهو مكروه لأنه يسقط بذلك خطر الطريق عن نفسه .
فهو قرض جر منفعه رجل باع من رجل عبدا بثمن مسمى إلى شهر على أن يوفيه إياه بمصر آخر عينه فالبيع جائز لأن الثمن معلوم والأجل معلوم بالمدة إلا أن فيما لا حمل له ولا مؤنة يطالبه بالتسليم حيث يجده بعد مضي الأجل وفيما له حمل ومؤنة لا يطالبه به إلا في الموضع المشروط لأن الشرط معتبر إذا كان مقيدا غير معتبر إذا لم يكن مقيدا وهذا بخلاف القرض فإن المستقرض مضمون بالمثل فلا يجوز فيه شرط الإيفاء في مكان آخر ولأن اشتراط مكان التسليم كاشتراط زمان التسليم لأن التسليم لا يتأتى إلا بمكان وزمان وشرط الزمان في القرض للتسليم لا يلزم وهو الأجل فكذلك شرط المكان بخلاف البيع فإن لم يبين في البيع مدة الأجل والمسألة بحالها ففيما له حمل ومؤنة العقد فاسد وصورته أن يبيعه العبد بحنطة موصوفة بالكوفة على أن يسلمها بالبصرة فهذا شرط أجل مجهول لأن تعيين مكان التسلم فيما له حمل ومؤنة معتبر ولا يلزمه التسليم ما لم يأتيا ذلك المكا وأما ما لا حمل له ولا مؤنة فكذلك الجواب في ظاهر الرواية لاشتراطه الأجل المجهول لنفسه إلا أن يأتي ذلك المكان وعن أبي يوسف أنه يجوز العقد ويطالبه بالتسليم في الحال لأن التسليم فيما لا حمل له ولا مؤنة لا يتقيد بالمكان المذكور ومعنى الأجل في ضمنه فإذا لم يثبت كان الثمن حالا وإذا أقرض الرجل الرجل الدراهم ثم صالحه منها على أقل من وزنها فهو جائز لأنه قبض البعض وابرأه عن البعض وكل واحد منهما صحيح في الكل فكذلك في البعض فإن فارقه قبل أن يعطيها لم يبطل الصلح لأنه لا يتمكن في هذا التصرف معني المبادلة وصحة الإبراء لا تستدعي القبض وهذا بخلاف ما لو صالحه على أن أجله فيها شهرا لأن التأجيل بعد الإقراض كالمقرون بالإقراض والمعنى الذي لأجله لا يلزم الأجل إذا اقترن بالإقراض أنه بمنزلة العارية فهو موجود في التأجيل بعد الأفراض وإن صالحه على عشرة دنانير فهو جائز إذا كان يدا بيد لتمكن معنى المبادلة في هذا الصلح بسبب اختلاف الجنس فإن افترقا قبل قبض الدنانير بطل الصلح وإن افترقا بعدما قبض بعضها يبرأ من حصة المقبوض وعليه رد ما بقى من الدراهم اعتبارا للبعض بالكل وأن صالحه منها على ذهب تبر أو مصوغ لا يعلم وزنه جاز أن قبضه قبل الافتراق لأن ربا الفضل ينعدم عند اختلاف الجنس بخلاف ما إذا صالحه على فضة لا يعلم وزنها فهناك لاتحاد الجنس ربا الفضل يجرى وتوهم الفضل كتحققه فيما ينبني أمره على الاحتياط .
ووقع في بعض نسخ الأصل لو صالحه على ذهب تبر جزافا بعينه أو ورق قيل قوله أو ورق زيادة من الكاتب وقيل بل هو صحيح لأن في لفظ الصلح ما يدل على أن ما وقع عليه الصلح من الورق أقل من الدين لأن مبنى الصلح على التجوز بدون الحق فيحوز إلا أن يعلم أنه أكثر من حقه وزنا وإن أقرضه درهما ثم اشترى به فلوسا بعينها أو بيغر عينها فهو جائز أن قبضها قبل أن يتفرقا لأن الفلوس الرائجة لا تتعين عند المقابلة بخلاف جنسها فإن فارقه قبل القبض بطل لأنه دين بدين فإن قيل ليس كذلك لأنه قابض للدرهم بذمته ولهذا يسقط عنه فكان هذا عينا بدين وقد بينا في بيع الفلوس بالدراهم أن قبض أحد البدلين قبل الافتراق يكفي قلنا نعم صار قابضا له بذمته ولكن دينا لا عينا لأن الدين لا يتعين إلا بقبض مال عين وذلك لا يحصل بالقبض بالذمة فلا يخرج به من أن يكون دينا بدين فيكون هذا افتراقا عن دين بدين وإن أقرضه ألف درهم فأخذ بها كفيلا ثم صالح الكفيل الطالب على عشرة دنانير وقبضها جاز لأن الكفيل قائم مقام الأصل ويثبت في ذمته ما هو في ذمة الأصيل وصلحه مع الأصيل جائز على الدنانير بشرط القبض في المجلس فكذلك مع الكفيل ثم الكفيل يرجع على الأصيل بالدراهم لأنه بالصلح ملك ما في ذمته ولو ملكه بالأداء أو بالهبة رجع به على الأصل فكذلك إذا ملكه بالصلح ولو صالحه على مائة درهم لم يرجع على المكفول عنه إلا بمائة درهم لأن الطالب هنا يتبرأ عما زاد على مائة والكفيل لا يتملك المكفول به بالإبراء فلا يرجع إلا بقدر ما أدى والطالب له أن يرجع بتسعمائة على المكفول عنه ( قال الشيخ الإمام الأجل أبو بكر محمد بن الفضل ) لم يذكر فضل رجوع الطالب على المطلوب هنا وإنما ذكره في موضع آخر . ووجه ذلك أن الصلح مع الكفيل على مائة درهم بمنزلة إبراء الطالب عن الباقي وبراءة الكفيل لا توجب براءة الأصيل فكان للطالب أن يرجع بالتسعمائة الباقية لهذا بخلاف الأول ففي الصلح هناك معنى المبادلة لاختلاف الجنس فيصير به متملكا جميع الألف ولا مبادلة هنا فإن مبادلة المائة بالألف ربا .
قال ولو أن المكفول عنه صالح الكفيل قبل أن يؤدي الكفيل المال إلى الطالب على عشرة دنانير ودفعها إليه كان جائزا لأن بالكفالة كما وجب المال للطالب على الكفيل وجب للكفيل على الأصيل ولكنه مؤجل إلى أن يؤدى والصلح عن الدراهم المؤجل على دنانير صحيح بشرط القبض في المجلس فإن أدى المكفول عنه الدراهم بعد ذلك رجع به على الكفيل إلا أن يشاء الكفيل أن يرد الدنانير التي أخذ لأنه إنما أعطاه ليسقط مطالبة الطالب عنه ولم تسقط فله أن يرجع به عليه كما لو أعطاه جنس المال ثم الكفيل صار مستوفيا منه الدراهم بطريق الصلح ومبنى الصلح على الأغماض والتجوز بدون الحق فإذا من لزمه الرد تخير بين أن يرد المقبوض بعينه وبين أن يرد ما صار مستوفيا بالمقاصة من الدراهم ولو كان صالحه على مائة درهم لم يرجع عليه إلا بها لأن ما زاد على المائة الكفيل مبرئ للأصيل وفي المائة مستوف فلا يلزمه إلا رد ما استوفى وإذا أقرض الرجل الرجل ألف درهم وقبضها منه وأمره أن يصرفها له فصرفها له بالدنانير فلا يجوز على الطالب لأنه لا دين عليه فإن رضى الطالب أن يأخذ الدنانير ففعل ذلك فهو جائز كما لو استبدل معه دراهم القرض بالدنانير هكذا في رواية أبي سليمان من غير تنصيص على الخلاف فيه وفي رواية أبي حفص قال هذا قول أبي حنيفة أما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فهو جائز على الطالب سواء صرف الدراهم بالدنانير أو الدنانير بالدراهم وسواء قبضه الطالب في المجلس أو بعده وهو الصحيح والمسألة تنبني على ما بينا في كتاب البيوع وإذا قال الطالب للمطلوب أسلم مالي عليك في كر حنطة وقد قررنا الخلاف في تلك المسألة فكذلك في هذه إذ لا فرق بين أن يأمره بالصرف مع غير المعين أو السلم عندهما يصح في الوجهين جميعا باعتبار أنه أضاف الوكالة إلى ملكه فالدين في ذمة المديون ملك الطالب وعند أبي حنيفة لا يجوز في الوجهين جميعا باعتبار أنه أضاف الوكالة إلى ملكه فالدين ذمة المديون ملك الطالب وعند أبي حنيفة لا يجوز في الوجهين لأنه أمره بدفع الدين إلى من يختاره لنفسه وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فدفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال اصرفها وخذ منها فقبضها فهلكت قبل أن يصرفها هلكت من مال الدافع والمدفوع إليه مؤتمن لأنه قبض الدنانير بحكم الوكالة والوكيل أمين فيما دفعه الموكل إليه من ماله فإن صرفها وقبض الدراهم فهلكت قبل أن يأخذ منها حقه هلكت من مال الدافع أيضا لأنه في القبض بحكم العقد عامل للأمر فهلاكه في يده كهلاكه في يد الآمر حتى يأخذ منها حقه فإذا أخذ حقه وضاع ما أخذه فهو من ماله لأنه هذا الأخذ عامل لنفسه وإنما يصير آخذا حقه بأحداث القبض فيه لأجل نفسه ولو دفعه إليه المطلوب قضاء لحقه كان داخلا في ضمانه .
فكذلك إذا قبضه بأمره وإن قال بعها بحقك فباعها بدراهم مثل حقه وأخذها فهو من ماله لأنه بالبيع ممتثل أمره وإنما يكون ذلك إذا كان في القبض عاملا لنفسه حتى يتحقق كونه تابعا بحقه بخلاف الأول فإن هناك أمره بالبيع للأمر فكان في القبض عاملا للآمر ما لم يستوف حقه من المقبوض وإذا اشترى بيعا على أن يقرضه فهذا فاسد لنهي النبي A عن بيع وسلف ولنهيه A عن بيع وشرط والمراد شرط فيه منفعة لأحد المتعاقدين لا يقتضيه العقد وقد وجد ذلك وإذا أقرض المرتد أو استقرض فقتل على ردته فقرضه الذي عليه دين في ماله أما لأن تصرفه قد بطل فبقى هو قابضا مال الغير على وجه التملك وذلك موجب الضمان عليه أو لأن تصرفه من حيث الاستقراض صحيح فإن توقف تصرفه لحق الورثة واستقراضه لا يلاقي محلا فيه حق الورثة فإن قيل أليس العبد المحجور إذا استقرض واستهلك لم يلزمه ضمانه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ما لم يعتق فكذلك المحجور بسبب الردة ينبغي أن لا يكون ضامنا ما استقرض في ماله الذي هو حق الورثة قلنا العبد يصح منه التزام الضمان بالاستقراض في حق نفسه حتى يؤاخذ به بعد العتق فكذلك من المرتد يصح الإلتزام في حق نفسه ثم حقه في المال يقدم على حق الورثة ولهذا يقضي سائر الديون من ماله فكذلك هذا الدين وما أقرضه المرتد فهو دين على صاحبه لأنه قبضه بشرط الضمان وذلك موجب عليه في حق المرتد وفي حق ورثته واقراض المرتدة واستقراضها جائز كما يجوز سائر تصرفاتها ولا يجوز اقراض العبد التاجر والمكاتب والصبي والمعتوه لأنه تبرع وهؤلاء لا يملكون التبرع وإذا أقرض الرجل صبيا أو معتوها فاستهلكه لا ضمان عليه هكذا أطلق في نسخ أبي حفص وفي نسخ أبي سليمان قال وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله أما في قول أبي يوسف فهو ضامن لما استهلك وهو الصحيح لأنه بمنزلة الوديعة لأنه سلطه على الاستهلاك بشرط الضمان وتسليط الصبي على الاستهلاك صحيح وشرط الضمان عليه باطل وقد قررنا هذه الطريقة في كتاب الوديعة فهي في القرض أظهر .
وإن أقرض عبدا محجورا عليه فاستهلكه لم يأخذه به حتى يعتق وهو على الخلاف الذي بينا وإن لم ينص عليه وعند أبي يوسف يؤاخذ به في الحال كما في الوديعة . وإن وجد المقرض ماله بعينه عند واحد من هؤلاء فهو أحق به لأنه عين ملكه . وإذا باع الرجل دراهم بدراهم إلى أجل وقبض فهو فاسد لوجود المجانسة والقدر والنساحر أم عند وجود أحد الوصفين فعند وجودهما أولى . والمقبوض بمنزلة القرض حال عليه فإن وجد دراهمه بعينها فللآخر أن يعطيه غيرها لأنه قرض عليه واختيار محل قضاء بدل القرض إلى من عليه وقد بينا فيه خلاف أبي يوسف وفي نسخة أبي سليمان فيجب ردها بعينها على ما بينا أن الدراهم تتعين بالقبض وإن كانت لا تتعين بالعقد والله أعلم بالصواب