( تابع . . . 1 ) : قال الشيخ الإمام الزاهد الأجل شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد .
وكذلك لو قبض نصيب كل واحد منهما على حدة بيده أو بيد وكيله فهو جائز لأن قبضه تم حين قبض نصيب الآخر منهما وقبض وكيله له كقبضه وهذا بخلاف الأول فإن هناك حين قبض نصيب الأول ما كان حكم الصدقة ثابتا في نصيب الآخر أصلا فتعين جهة البطلان في نصيب الأول فيبطل حكم قبضه في نصيب الثاني بعدما بطل حكم الصدقة في نصيب الأول وبطل حكم قبضه في نصيب الثاني لملاقاته جزأ شائعا وهنا حين قبض نصيب الأول كان حكم الصدقة ثابتا في نصيب الآخر فيتوقف حكم تمام الصدقة في نصيب الأول على تمام القبض وقد تم ذلك بقبض الثاني . يوضحه أن هناك حين قبض نصيب الأول لم يكن متمكنا من قبض نصيب الثاني فإنما يعتبر حكم قبضه فيما تمكن منه خاصة وهو جزء شائع وهنا حين قبض نصيب الأول كان متمكنا من قبض نصيب الثاني فيجعل ما تفرق من قبضه كالمجتمع لتمكنه من قبض الكل .
( قال ) ( وإذا كانت الأرض لرجل أو رجلين فتصدقا بها صدقة موقوفة وسلماها إلى رجل واحد وجعل أحدهما نصيبه موقوفا على ولده وولد ولده أبدا ما تناسلوا فإذا انقرضوا كانت غلتها للمساكين وجعل الآخر نصيبه وقفا على إخوته وأهل بيته فإذا انقرضوا كانت غلته في الحج يحج بها في كل سنة أو كان المتصدق واحدا فجعل نصف الأرض مشاعا على الأمر الأول ونصفها على الأمر الآخر فذلك جائز ) لأنها صدقة واحدة يقبضها وال واحد فلا يضرهم على أي الوجوه فرقوا غلتها ومعنى هذا أن تمام الصدقة بالقبض وإذا كان الوالي واحدا فهو يقبض الكل جملة فتتم الصدقة بالكل بقبضه ثم بتفرق جهات الصدقة لا تتفرق الصدقة . ألا ترى أن المتصدق لو كان واحدا وفرق الغلة سهاما بعضها في الحج وبعضها في الغزو وبعضها في أهل بيته وبعضها في المساكين كان ذلك صدقة جائزة فكذلك إذا كان المتصدق اثنين وعين كل واحد منهما لنصيبه مصرفا وهذا كله قول محمد .
فأما عند أبي يوسف الصدقة الموقوفة في جميع هذه الوجوه جائزة لأنه يجوزها غير مقبوضة فكذلك غير مقسومة . فالحاصل أن أبا يوسف يوسع في أمر الصدقة الموقوفة في قوله الآخر غاية التوسع وفي قوله الأول ضيق فيها غاية التضييق كما هو قول أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - فقال لا تلزم في الحياة أصلا وتوسط قول محمد - C تعالى - في ذلك ولهذا أفتى عامة المشايخ - رحمهم الله تعالى - فيها بقول محمد - C تعالى .
ومما توسع فيه أبو يوسف - C تعالى - أنه لا يشترط التأبيد فيها حتى لو وقفها على جهة يتوهم انقطاعها يصح عنده وإن لم يجعل آخرها للمساكين ومحمد - C تعالى - يشترط التأبيد فيها فقال : إذا كانت الجهة بحيث يتوهم انقطاعها لا تصح الصدقة إذا لم يجعل آخرها للمساكين لأن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك وذلك يتأبد كالعتق وإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها فلم يتوفر على العقد موجبه والتوقيت في هذا العقد كالتوقيت في البيع فكان مبطلا وأبو يوسف - C تعالى - يقول المقصود هو التقرب إلى الله تعالى والتقرب تارة يكون في الصرف إلى جهة يتوهم انقطاعها وتارة بالصرف إلى جهة لا يتوهم انقطاعها لا تصح الصدقة