( قال ) Bه ( وإذا حلف لا يركب دابة فركب حمارا أو فرسا أو برذونا أو بغلا حنث وكذلك إن ركب غيرها من الدواب كالبعير والفيل ) لأن اسم الدابة يتناوله حقيقة وعرفا فإن الدابة ما يدب على الأرض قال تعالى : { وما من دابة في الأرض } ( الأنعام : 38 ) الآية .
ون كان يعلم بموته حين حلف حنث وكذلك لو حلف ليضربنه أو ليكلمنه أو ليقتلنه وهذا قول أبي حنيفة ومحمد .
ون كان يعلم بموته حين حلف حنث وكذلك لو حلف ليضربنه أو ليكلمنه أو ليقتلنه وهذا قول أبي حنيفة ومحمد .
وقال أبو يوسف - رضوان الله عليهم - أجمعين : يحنث علم أو لم يعلم لأنه أضاف اليمين إلى محلها فانعقدت ثم شرط البر فات منه وفوات شرط البر يوجب الحنث كما لو كان عالما بموته أو كان حيا فمات قبل أن يقتله .
وفي الاستحسان لا يحنث لعلمنا أنه لم يرد التعميم في كل ما يدب على الأرض وقد وقع يمينه على فعل الركوب فيتناول ما يركب من الدواب في غالب البلدان وهو الخيل والبغال والحمير وقد تأيد ذلك بقوله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } ( النحل : 8 ) وإنما ذكر الركوب في هذه الأنواع الثلاثة فأما في الأنعام ذكر منفعة الأكل بقوله : { والأنعام خلقها لكم } ( النحل : 5 ) وبأن كان يركب الفيل والبعير في بعض الأوقات فذلك لا يدل على أن اليمين يتناوله ألا ترى أن البقر والجاموس يركب في بعض المواضع ثم لا يفهم أحد من قول القائل فلان ركب دابة البقر إلا أن ينوي جميع ذلك فيكون على ما نوي لأنه نوي حقيقة كلامه وفيه تشديد عليه وإن عني الخيل وحده لم يدين في الحكم لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام وإن قال لا أركب وعنى الخيل وحدها لم يدين في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى لأن في لفظه فعل الركوب والخيل ليس بمذكور ونية التخصيص تصح في الملفوظ دون ما لا لفظ له .
وإن حلف لا يركب فرسا فركب برذونا لم يحنث وكذلك إن حلف لا يركب برذونا فركب فرسا لم يحنث لأن البرذون فرس العجم والفرس اسم العربي فهو كما لو حلف لا يكلم عربيا فكلم عجميا أو على عكس هذا لم يحنث .
وإن حلف لا يركب شيئا من الخيل فركب فرسا أو برذونا حنث لأن اسم الخيل يجمع الكل قال الله تعالى : { ومن رباط الخيل } ( الأنفال : 60 ) الآية وقال A الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ولهذا يستحق الغازي السهم بالبرذون والفرس جميعا وإن حلف لا يركب دابة فحمل عليها مكرها لم يحنث لأنه عقد يمينه على فعله في الركوب وهو ما ركبها بل حمل عليها مكرها .
ألا ترى أن الحمل يتحقق فيما يستحيل نسبة الفعل إليه كالجمادات وإن ركب دابة عريانا أو بسرج أو إكاف حنث لأنه ركبها والركوب بهذه الأوصاف معتاد .
وإن حلف لا يركب دابة لفلان فركب دابة لعبده ولا دين عليه لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله تعالى - إلا أن ينويها .
وفي قول محمد - C تعالى - هو حانث لأنه عقد يمينه على دابة هي مملوكة لفلان فإن اللام دليل على الملك وكسب العبد مملوك لمولاه فيكون حانثا به وكونها في يد عبده ككونها في يد أجيره وهما يقولان عقد يمينه على دابة هي منسوبة إلى فلان وهذه منسوبة إلى العبد حقيقة من حيث أنه اكتسبها وعرفا من حيث أنه يقال دابة عبد فلان وشرعا فإن النبي - A - قال : ( من باع عبدا وله مال فقد أضاف المال إلى العبد ) فلا يحنث به إلا أن ينويه وهو نظير ما تقدم في قوله لا أدخل دارا لفلان أن المعتبر هو النسبة بالسكنى دون الملك فهذا مثله ثم على قول أبي حنيفة - C تعالى - إن كان على العبد دين يحيط بكسبه وبرقبته لم يحنث وإن نواها لأن من أصله أن المولى لا يملك كسب عبده المديون بخلاف ما إذا لم يكن عليه دين فإن هناك إذا نواها يحنث لأنه نوى إضافة الملك وهو مملوك له .
وعند أبي يوسف - C تعالى - سواء كان عليه دين أو لم يكن عليه دين فإن نواها يحنث لأن عنده استغراق كسب العبد بالدين لا يمنع ملك المولى .
وعند محمد يحنث على كل حال لأن المعتبر عنده إضافة الملك واستغراق كسب العبد بالدين يمنع ملك المولى وإن ركب دابة لمكاتب فلان لم يحنث وكذلك الدار والثوب لأنه إن اعتبر إضافة الملك فكسب المكاتب غير مملوك ما بقى مكاتبا .
وإن اعتبر إضافة النسبة فهي منسوبة إلى المكاتب دون المولى وإن حلف لا يركب مركبا ولا نية له فركب سفينة أو محملا أو دابة حنث لأنه ذكر المركب هنا وكل هذا مركب والمركب ما يركب ومن حيث العرف تسمى السفينة مركبا وكذلك شرعا قال الله تعالى : { يا بني اركب معنا } ( هود : 42 ) وقال : { أركبوا فيها } ( هود : 41 ) وإن حلف لا يركب بهذا السرج فزاد فيه شيئا أو نقص منه حنث لأنه ذلك السرج الذي عينه وقد ركب به والنقصان والزيادة في شيء لا يبدل أصله ولو بدل السرج نفسه وترك اللبد والصفة لم يحنث لأن اسم السرج للحنا أصل واللبد والصفة وصف فيه والمعتبر هو الأصل دون الوصف وهذا لأن الذي يدعوه إلى اليمين ضيق السرج وسعته وذلك يتبدل الحنا دون اللبد والصفة .
وإذا حلف بالله ماله مال وله دين على مفلس أو على ملى وليس له غيره لم يحنث لأن الدين ليس بمال حقيقة فالمال ما يتمول وتمول ما في الذمة لا يتحقق والمال ما يتوصل به إلى قضاء الحوائج وما في الذمة باعتبار عينه غير صالح لذلك بل باعتبار ما له وهو بالقبض والمقبوض عين وكذلك إن كان رجل قد غصبه مالا فاستهلكه وأقر به أو جحده وهو قائم بعينه لم يحنث أما إذا استهلكه فقد صار دينا في ذمته .
وأما إذا كان قائما بعينه إذا كان جاحدا له فهو تاو في حق الحالف .
ألا ترى أنه لا يلزمه الزكاة باعتباره ولا يحرم عليه الصدقة باعتباره والتأوى لا يمكن تموله فلا يعد ذلك مالا له ولو كانت له وديعة عند إنسان حنث لأن الوديعة عين ماله ويد مودعه كيده .
ألا ترى أنه يتمكن من استردادها متى شاء وأنه تنفذ تصرفاته فيها مطلقا .
ولم يذكر المغصوب إذا كان قائما بعينه والغاصب مقر به : .
قيل هنا يحنث لأنه متمكن من استردادها بقوة السلطان لما كان الغاصب مقرا به وتصرفه فيه ينفذ فهو كالوديعة .
وقيل : لا يحنث لأن الغاصب إذا كان قاهرا فالظاهر أنه لا يتمكن من الاسترداد عنه .
وإن كان مقرا وفي العرف إذا صودر رجل يقال له قد افتقر ولم يبق له مال وإن كان من صادره مقرا .
وفي باب الأيمان العرف معتبر وإن كانت عنده فضة أو ذهب قليل أو كثير حنث لأن النقد مال على كل حال ألا ترى أن زكاة المال تجب في النقود باعتبار العين إلا أن اعتبار النصاب هناك لإثبات صفة الغني للمالك بها أما هنا اسم المال يتناول القليل والكثير وكذلك مال التجارة والسائمة كان ذلك مالا حقيقة وشرعا حتى تجب الزكاة فيها .
وإن نوى الفضة والذهب خاصة لم يدين في القضاء لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام وإن كان له عروض أو حيوان غير السائمة لم يحنث .
وفي القياس يحنث لأن ذلك مال ألا ترى أن الوصية تتناول ذلك كله .
ولكنه استحسن فقال ليس ذلك بمال شرعا وعرفا حتى لا تجب الزكاة فيها ولا يعد صاحبها متمولا بها والأيمان مبنية على العرف والعادة وإن لم يكن له مال وكان له عبد له مال لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله تعالى .
ويحنث في قول محمد - C تعالى - وهذا ومسألة الدابة سواء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب