في المقيم خلف المسافر إذا قام إلى إتمام صلاته لم تلزمه القراءة فيما يتم رواية واحدة لأن فرض القراءة في الأوليين وقراءة الإمام فيهما تكون قراءة له فأما في حكم السهو ففي الكتاب جعله كالمسبوق فقال يتابع الإمام في سجود السهو وإذا سها فيما يتم فعليه سجود السهو أيضا لأنه في الإتمام غير مقتد وكيف يكون مقتديا فيما ليس على إمامه والإمام لو أتم صلاته أربعا كان متنفلا في الأخريين ولو جعلناه مقتديا فيهما كان كاقتداء المفترض بالمتنفل .
وذكر " الكرخي " C تعالى في مختصره أنه كاللاحق لا يتابع الإمام في سجود السهو وإذا سها فيما يتم لم يلزمه سجود السهو لأنه مدرك لأول الصلاة فكان في حكم المقتدى فيما يؤديه بتلك التحريمة كاللاحق .
قال : وإن سجد اللاحق مع الإمام للسهو لم يجزه لأنه سجد قبل أوانه في حقه فعليه أن يعيد إذا فرغ من قضاء ما عليه ولكن لا تفسد صلاته لأنه ما زاد إلا سجدتين .
فإن قيل أليس أن المسبوق لو تابع الإمام في سجود السهو تبين أنه لم يكن على الإمام سهو فصلاة المسبوق فاسدة وما زاد إلا سجدتين ؟ .
قلنا فساد صلاته ليس للزيادة بل لأنه اقتدى في موضع كان عليه الإنفراد في ذلك الموضع ومثله غير موجود ها هنا فاللاحق مقتد في جميع ما يؤدي .
صفحة [ 230 ] فلهذا لم تفسد صلاته .
قال : ولو كان الإمام لم يقرأ في الأوليين ثم اقتدى به إنسان في الأخريين فقرأ الإمام فيهما ثم قام المسبوق إلى قضاء ما سبق به فعليه القراءة وإن ترك ذلك لم تجزئه صلاته لأن الإمام قضى في الأخريين ما فاته من القراءة في الأوليين والفائت إذا قضى التحق بمحله فكأنه قرأ في الأوليين ما فاته من القراءة فلهذا يجب على المسبوق القراءة أيضا بخلاف المقيم خلف المسافر فإن القراءة من الإمام في الأوليين كانت أداء والمقيم شريكه فيهما وكذلك إذا كان المسبوق قرأ خلف الإمام فيما صلى معه فعليه القراءة فيما يقضى لأن قراءته فيما هو مقتد فيه مكروهة غير معتد بها فلا يتأدى بها فرض القراءة في حقه .
قال : وإذا قام المسبوق إلى قضاء ما عليه بعد ما تشهد الإمام قبل أن يسلم فقضاه أجزأه لأن قيامه حصل بعد فراغ الإمام من أركان الصلاة ولكنه مسيء في ترك الإنتظار لسلام الإمام فإن أوان قيامه للقضاء ما بعد خروج الإمام من الصلاة فإن قام إليه وقضى قبل أن يقعد الإمام قدر التشهد لم يجزه لأن قيامه كان قبل أوانه فإن الإمام لم يفرغ من أركان الصلاة بعد لأن القعدة من أركانها .
ثم فسر هذه المسألة في نوادر " أبي سليمان " فقال : إن كان مسبوقا بركعة أو بركعتين فإن قرأ بعد فراغ الإمام من التشهد مقدار ما يتأدى به فرض القراءة جازت صلاته وإلا فلا لأن قيامه وقراءته غير معتد بهما ما لم يفرغ الإمام من التشهد ويجعل هو في الحكم كالقاعد معه لأن ذلك مستحق عليه فإنما تعتبر قراءته بعد فراغ الإمام من التشهد وإن كان مسبوقا بثلاث ركعات فإن لم يركع حتى فرغ الإمام من التشهد ثم ركع وقرأ في الركعتين بعد هذه جازت صلاته وإن كان ركع قبل فراغ الإمام من التشهد لم تجزه صلاته لأن القيام فرض في كل ركعة فلا يعتد بقيامه ما لم يفرغ الإمام من التشهد ففرض القراءة هو الركعتان فإذا فرغ الإمام من التشهد قبل أن يركع هو فقد وجد القيام في هذه الركعة والقراءة في الركعتين بعده فتجوز صلاته وإن كان ركع قبل فراغ الإمام من التشهد فلم يوجد منه قيام معتد به في هذه الركعة فلهذا فسدت صلاته وإن كان قام بعد ما تشهد الإمام وعليه سجود السهو فقرأ وركع فإنه يرفض ذلك ويخر فيسجد مع الإمام لأنه لم يستحكم انفراده بأداء ما دون الركعة فعليه أن يعود إلى متابعة الإمام ثم يقوم للقضاء ولا يعتد بما كان يصنع لأنه صار رافضا لها بالعود إلى المتابعة فإن لم يعد إلى المتابعة جازت صلاته ويسجد للسهو في آخر صلاته استحسانا .
قال : وإن كان ركع وسجد ثم عاد .
صفحة [ 231 ] الإمام إلى سجود السهو لم يعد إلى متابعته لأنه قد استحكم انفراده بأداء ركعة كاملة وإن عاد إلى متابعته فسدت صلاته لأنه اقتدى في موضع كان عليه الإنفراد في ذلك الموضع وهذه ثلاث فصول : .
أحدها : في السهو وقد بيناه .
والثاني : في الصلاتية إذا تذكر الإمام سجدة صلاتية بعد ما قام المسبوق إلى القضاء فإن لم يكن قيد الركعة بالسجدة عاد إلى متابعة الإمام فيها وسجد وإن لم يفعل فصلاته فاسدة وإن كان قيد ركعته بالسجدة فصلاته فاسدة عاد إلى المتابعة أو لم يعد لأن الصلاتية من أركان الصلاة ألا ترى أن الإمام لو لم يأت بها كانت صلاته فاسدة فكذلك إذا لم يتابعه المسبوق بها وبعد إكمال الركعة هو عاجز عن المتابعة .
والثالث : إذا تذكر الإمام سجدة التلاوة فإن كان المسبوق لم يقيد ركعته بالسجدة فعليه أن يعود إلى متابعة الإمام وإن لم يفعل فصلاته فاسدة لأن عود الإمام إلى سجدة التلاوة يرفع القعدة بدليل أنه لو لم يقعد بعدها لم تجز صلاته والقعدة من أركانها كالصلاتية وإن كان المسبوق قيد ركعته بالسجدة قبل أن يعود الإمام إلى سجدة التلاوة ثم عاد الإمام فإن تابعه المسبوق فصلاته فاسدة رواية واحدة .
وإن لم يتابعه ففيه روايتان : .
قال في الأصل صلاته فاسدة أيضا لأن عود الإمام إلى سجدة التلاوة ينقض القعدة وهو والصلاتية سواء .
وفي نوادر " أبي سليمان " لا تفسد صلاته لأنه لو ترك تلك القعدة جازت صلاته بخلاف الصلاتية .
وفقه هذا أن قعوده كان معتدا به وإنما انتقض في حقه بالعود إلى سجدة التلاوة وذلك بعد ما استحكم انفراد المسبوق عنه فلا يتعدى حكمه ألا ترى أن إماما لو صلى بقوم ثم ارتد بطلت صلاته ولا تبطل صلاة القوم وكذلك لو صلى الظهر بقوم يوم الجمعة ثم راح إلى الجمعة فأدركها انقلب المؤدي في حقه تطوعا وبقى فرضا في حق القوم .
قال : وإذا اقتدى أحد المسبوقين بالآخر فيما يقضيان فسدت صلاة المؤتم لأنه اقتدى في موضع كان عليه الإنفراد ولأنه كان مقتديا بالإمام الأول في بعض صلاته والآخر ليس بخليفة الأول وكان هذا أداء صلاة بإمامين وذلك لا يجوز لما بينا وكذلك المقيمان خلف المسافر إذا قاما إلى إتمام صلاتهما فاقتدى أحدهما بالآخر فصلاة المقتدى فاسدة لما بينا .
قال : وإذا اقتدى مصلى التطوع بمصلى الظهر في القعدة الأخيرة فعليه قضاء أربع ركعات وكذلك لو اقتدى به في أول الصلاة ثم قطعها لأنه صار بالإقتداء ملتزما صلاة الإمام وصلاة الإمام أربع ركعات .
قال : وإذا افتتح الظهر وهو ينوى أن يصليها ستا ثم بدا له فسلم على الأربع تمت صلاته .
صفحة [ 232 ] وليس عليه شيء لأنه أساء فيما نوى ثم ندم والندم توبة ومجرد النية لا يوجب شيئا ما لم يشرع وإنما حصل شروعه في الظهر والظهر لا يكون أكثر من أربع ركعات وقد أداها .
وكذلك لو افتتحها المسافر ينوى أن يصليها أربعا ثم بدا له فصلى ركعتين فصلاته تامة لأن الظهر في حق المسافر ركعتان كالفجر في حق المقيم فنية الزيادة على ذلك لغو وكذلك لو نوى أن يقطعها بكلام أو غيره فتلك النية ساقطة ما لم يعمل بها لقوله E إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسهم ما لم يتكلموا أو يعملوا .
قال : وإذا لم يقرأ في ركعة من التطوع أو في ركعة من الفجر فسدت صلاته لأن فرض القراءة في الركعتين والقراءة في الركعة الواحدة وإن طالت لا تنوب عن القراءة في الركعتين ولا يمكنه أن يصلي بعد الركعة ركعتين لأن الفجر لا يكون ثلاث ركعات فلهذا تعين جهة الفساد في صلاته .
قال : وإذا توهم مصلى الظهر أنه قد أتمها فسلم ثم علم أنه صلى ركعتين وهو على مكانه فإنه يتمها ثم يسجد للسهو لأنه سلامه كان سهوا فلم يصر به خارجا من الصلاة وهذا بخلاف ما إذا ظن أنه مسافر أو أنه يصلى الجمعة فسلم على رأس الركعتين فصلاته فاسدة لأنه علم بالقدر الذي أدى فسلامه سلام عمد وذلك قاطع لصلاته وظنه ليس بشيء فأما إذا كان عنده أن هذه هي القعدة الأخيرة فسلامه سلام سهو فلم تفسد به صلاته .
قال : وإذا لم يسلم ولكنه نوى القطع لصلاته والدخول في صلاة أخرى تطوعا وهو ساه وقد كبر ثم ذكر ذلك فإنه يمضى على التطوع ثم يعيد الظهر لأن تكبيره بنية التطوع قطع لما كان فيه وشروع في التطوع فيتم ما شرع فيه ثم يعيد ما كان قطعه قبل إتمامه .
قال : وإذا سها الإمام في صلاة الخوف سجد للسهو وتابعه فيهما الطائفة الثانية فأما الطائفة الأولى فإنما يسجدون إذا فرغوا من الإتمام لأن الطائفة الثانية بمنزلة المسبوقين لم يدركوا مع الإمام أول الصلاة والطائفة الأولى بمنزلة اللاحقين قد أدركوا مع الإمام أول الصلاة .
قال : رجل افتتح الصلاة فقرأ ثم شك في تكبيرة الإفتتاح وأعاد التكبير والقراءة ثم علم أنه كان كبر فعليه سجود السهو لأن زاد على التكبيرة والقراءة ساهيا وكذلك إن كان ركع قبل أن يشك بنى على ذلك الركوع وليس تكبير الثاني يقطع الصلاة لأنه نوى عندها إيجاد الموجود ونية الإيجاد فيما هو موجود لغو بقى مجرد التكبير وهو ليس يقطع الصلاة .
وإن كان في الظهر فتوهم أنه في العصر وصلى في ذلك ركعة أو ركعتين فلا سهو عليه لأنه ما عين شيئا من أفعال الصلاة وتعين النية كأصلها شرط .
صفحة [ 233 ] افتتاح الصلاة لا شرط البقاء فإن تفكر في ذلك تفكرا شغله عن ركن فعليه سجود السهو وقد بين