( قال ) ( رضي الله تعالى عنه وإذا ولدت المكاتبة من مولاها خيرت فإن شاءت أبطلت الكتابة وكانت أم ولد له وإن شاءت مضت وأخذت العقر ) لأنه تلقاها جهتا حرية أحدهما عاجل ببدل والآخر آجل بغير بدل فتختار أيهما شاءت ونسب ولدها ثابت من المولى بالدعوة وهو حر لأن المولى مالك للإعتاق في ولدها .
وإن اختارت المضي على الكتابة أخذت العقر من مولاها لإقراره بوطئها ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة وإن ماتت هي وتركت ما لا يؤدي مكاتبتها منه وما بقي ميراث لابنها وإن لم تترك مالا فلا سعاية على هذا الولد لأنه حر وإنما السعاية على ولد هو تبع لها في الكتابة حتى إذا كانت ولدت ولدا آخر فنفاه المولى أو لم يدعه فإن نسبه لا يثبت منه لأنها مكاتبة لا يحل للمولى وطؤها فلا يثبت النسب منه إلا بالدعوة .
وإذا ماتت سعى هذا الولد فيما بقي عليها فإن مات المولى بعد ذلك عتق الولد وبطلت عنه السعاية لأنه بمنزلة أم الولد كأمه فيعتق بموت المولى فإن ادعى المولى حبل مكاتبته فضرب إنسان بطنها بعد ذلك بيوم فألقت جنينا ميتا فإن في الولد غرة لأبيه لأنه عتق بدعوته كما لو ادعاه بعد الانفصال وبدل الجنين الحر الغرة وكان ميراثا لأبيه لأن الأم مكاتبة بعد فلا ترث شيئا ولكنها تأخذ العقر من المولى إذا اختارت المضي على المكاتبة .
وإذا ولدت المكاتبة من المولى ومضت على الكتابة ثم ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن يدعي لأنها محرمة عليه باعتبار بقاء الكتابة فلا يلزمه نسب ولدها إلا بالدعوة فإن كان الولد بنتا فولدت هذه الابنة بنتا ثم أعتق المولى الابنة السفلى عتقت هي وحدها لأنها داخلة في كتابة الجدة ومملوكة للمولى فتعتق بإعتاقه إياها .
وإن أعتق الابنة الأولى عتقت هي والابنة السفلى في قول أبي حنيفة وعلى قول أبي يوسف ومحمد - رضوان الله عليهم أجمعين - لا تعتق السفلى ولكنها تكون مع الجدة على حالها لأن السفلى تبع للجدة في الكتابة بمنزلة ولد آخر لها .
ولو كان لها ولدان فأعتق المولى أحدهما لم يعتق الآخر . والدليل على هذا أن الجدة لو ماتت كان على العليا والسفلى السعاية فيما عليها من بدل الكتابة .
وإذا أدت السعاية إحداهما لم ترجع على الأخرى بشيء وإن الجدة في حال حياتها أحق بكسبها لتستعين به على مكاتبتها وهذا لأن العليا تبع ولا تبع للتبع فعرفنا أنهما في الحكم بمنزلة الولدين من الجدة وأبو حنيفة - C تعالى - يقول : مع هذا السفلي جزء من العليا كما أن العليا جزء من الجدة ثم لو أعتق المولى الجدة عتقت العليا فكذلك إذا أعتق العليا عتقت السفلى والسفلى تبع للجدة كما قالا ولكن بواسطة العليا ولا تتحقق هذه الواسطة إلا بعد جعل السفلى تبعا للعليا ولو أعتق العليا قبل انفصال السفلى منها عتقت السفلى بلا شك فكذلك بعد الانفصال لأن معنى التبعية بالانفصال لا ينقطع لبقاء عقد الكتابة .
وإذا ولدت المكاتبة من مولاها ثم أقر المولى أنها أمة لفلان لم يصدق وإن صدقته في ذلك لأن حق أمية الولد قد ثبت لها واستحق المولى ولاءها فلا يصدقان على إبطاله .
فإن قال المدعي بعتك بألف درهم ولم تنقد الثمن وقال المولى زوجتني والأمة معروفة للمدعي فعلى المولى المهر يستوفيه المدعي قصاصا من الثمن لأنهما يتصادقان على وجوبه عليه وإن اختلفا في سببه وليس عليه قيمة في الأم ولا في الولد لأن تعذر استردادها كان بإقرار المدعي ببيعها منه ألا ترى أنه لو أنكر ذلك تمكن من استردادها لكونها معروفة أنها له وإن لم تكن معروفة أنها للمدعى ضمن له القيمة لأن تعذر استردادها لم يكن بإقراره بالبيع ولكن كان بالاستيلاد الموجود من المستولد . ألا ترى أنه وإن أنكر البيع لم يتمكن من استردادها وقد أقر المستولد أنها ملك المقر له احتبست عنده فيضمن قيمتها له بعد أن يحلف بالله ما اشتريتها منه بما يدعي من الثمن لأنه لو أقر بالشراء لزمه الثمن فإذا أنكر يحلف على ذلك والله أعلم