( قال ) ( Bه عبد بين اثنين دبره أحدهما فعلى قول أبي حنيفة - C تعالى - يتدبر نصيبه خاصة ) لأن التدبير يحتمل التجزي عنده ثم إن كان المدبر موسرا فللآخر خمس خيارات إن شاء دبر نصيبه لقيام ملكه في نصيبه وإذا فعل ذلك صار مدبرا بينهما وإن شاء أعتق نصيبه لقيام ملكه في نصيبه أيضا وإن شاء استسعى لأن نصيبه صار كالمحتبس عند المدبر حيث تعذر عليه التصرف في نصيبه بالبيع وغيره وإن شاء ضمن صاحبه لأنه أفسد عليه نصيبه وهو موسر كما لو أعتقه وإن شاء تركه على حاله لأن الملك للمدبر باق في نصيبه فيتمكن الشريك من استدامة الملك في نصيبه أيضا بخلاف ما بعد عتق أحد الشريكين وإن كان المدبر معسرا فليس للساكت حق التضمين وله الخيار بين الأشياء الأربعة كما قلنا فإن أعتق الساكت نصيبه وهو موسر فللمدبر الخيار إن شاء ضمنه نصف قيمته مدبرا وإن شاء استسعى الغلام في ذلك وإن شاء أعتق لأنه بعد التدبير كان متمكنا من استدامة الملك في نصيبه وقد أفسد عليه صاحبه ذلك بإعتاق نصيبه فله أن يضمنه إن كان موسرا ويرجع هو بما ضمن على الغلام وأي ذلك اختار فالولاء بينهما لأنه بالتدبير السابق استحق ولاء نصيبه على وجه لا يحتمل الإبطال فهو وإن ضمن شريكه بعد ذلك لم يتحول الملك في نصيبه إلى الشريك لأن المدبر لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ورجوع الضامن على الغلام باعتبار أنه يقوم مقام من ضمنه لا باعتبار أنه يصير مالكا ولهذا كان الولاء بينهما وإن لم يعتقه الثاني ولكن ضمن المدبر قيمة نصيبه صار الغلام كله للمدبر لأن نصيب الشريك غير مدبر فيملكه بالضمان .
ويكون حاله كحال من دبر نصف عبده فهو مملوك له نصفه مدبر ونصفه غير مدبر وإن لم يضمنه ولكن استسعاه فأدى إليه السعاية عتق نصيبه حكما بأداء السعاية فيكون المدبر بالخيار إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى في قيمة نصيبه وليس له أن يضمن شريكه بخلاف ما لو أعتقه لأن الاستسعاء كان بسبب التدبير الموجود منه فهذا عتق حصل بسبب رضى المدبر به فلهذا لا يضمنه بهذا السبب وإذا أعتقه ابتداء فلم يكن ذلك العتق بسبب التدبير الموجود في المدبر فله أن يضمنه إن شاء وهذا قول أبي حنيفة - C تعالى .
وأما عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - إذا دبره أحدهما كان مدبرا كله ويضمن نصف قيمته لشريكه موسرا كان أو معسرا لأن التدبير عندهما لا يتجزى فيصير المدبر متملكا نصيب شريكه .
وروى المعلي عن أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - أن المدبر إذا كان معسرا فالمدبر يسعى في نصف قيمته سعاية ملك لا سعاية ضمان وفي هذا أشار إلى الفرق بين التدبير والاستيلاد كما روينا في نظير هذا . عن أبي يوسف - C تعالى - أن السعاية على أم الولد سعاية ضمان لأنه لا يلزمها السعاية في ديون مولاها .
وأما السعاية على المدبر سعاية ملك على معنى أن كسبه مملوك للمولى فيكون مصروفا إلى دينه . ألا ترى أن عليه السعاية في دين مولاه بعد الموت وليس ذلك على أم الولد .
قال ابن أبي ليلى إذ دبر أحدهما كان للآخر بيع حصته منه لأنه لما ملك الآخر استدامة الملك في نصيبه غير مدبر عرفنا أن التدبير لم يؤثر في نصيبه فكان له أن يبيعه ولكنا نقول بالتدبير يجب حق العتق في بعضه في الحال وذلك مانع من بيعه كحقيقة العتق .
وقال ابن أبي ليلى أيضا إذا دبر أحدهما ثم أعتق الآخر فالتدبير باطل والعتق جائز وهو بناء على أصله أن العتق لا يتجزأ فيبطل به تدبير المدبر فيضمن المعتق للمدبر إن كان موسرا ولكنا نقول المدبر استحق ولاء نصيبه على وجه لا يحتمل الإبطال فلا يبطل ذلك بإعتاق الآخر .
( قال ) ( أمة بين رجلين قالا جميعا لها أنت حرة بعد موتنا لم تصر مدبرة ) لأن عتق نصيب كل واحد منهما ما تعلق بمطلق موته بل تعلق بموتهما فكان هذا بمنزلة ما لو قال كل واحد منهما أنت حر بعد موتي وموت فلان فلا يكون مدبرا ولكن إذا مات أحدهما صار نصيب الآخر مدبرا لأنه يتعلق عتق نصيبه بمطلق موته الآن ونصيب الذي مات صار ميراثا لورثته لأن شرط عتقه لم يتم بموته ثم الورثة بالخيار إن كان الشريك موسرا بين الأشياء الخمسة على قول أبي حنيفة - C تعالى - بمنزلة ما لو أنشأ تدبير نصيبه في الحال .
( فإن قيل ) : كيف يكون ضامنا وإنما تدبر نصيبه بسبب كان ساعده عليه الميت وورثته في ذلك خلفاؤه .
( قلنا ) : نعم الورثة خلفاؤه فيما كان ثابتا في حقه والتدبير لم يكن ثابتا في نصيب واحد منهما قبل الموت وإنما يثبت في نصيب الحي بعد ما انتقل الملك في نصيب الميت إلى ورثته فلهذا كان لهم أن يضمنوه .
( قال ) ( مدبرة بين رجلين مات أحدهما عتق نصيبه منها وسعت للآخر في قيمة نصيبه ولا ضمان له في تركة الميت ) لأن العتق حصل بسبب التدبير الذي رضيا به إلا أن نصيبه بعد التدبير بقي مالا متقوما وقد احتبس عندها فتسعى له .
( قال ) ( فإن مات الآخر قبل أن تسعى له عتق نصيبه أيضا إن خرج من ثلثه وسقط عنه السعاية عند أبي حنيفة - C تعالى - ) لأن نصيبه كان ثابتا على ملكه ما لم تؤد السعاية فتعتق بموته من ثلثه وعندهما لا يسقط عنها السعاية لأن عندهما العتق لا يتجزأ فقد عتق كلها بموت الأول والسعاية دين عليها فلا يسقط ذلك بموت المولى .
( قال ) ( مدبرة بين رجلين ولدت ولدا فادعى أحدهما الولد ففي القياس لا يثبت نسبه منه ) لأن نصيب الشريك من الولد مدبر وبالتدبير يجب حق العتق فلا يملك الآخر إبطاله بالدعوة ولأنه تعذر إثبات الاستيلاد في نصيب الشريك لأن نصيبه مدبر لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك .
ولكنه استحسن فقال : يثبت نسبه منه لأن قيام ملكه في النصف كاف لصحة دعوته والولد محتاج إلى النسب ويكون عليه نصف العقر ونصف قيمته مدبرا بخلاف الأمة القنة فإن هناك المستولد يصير متملكا نصيب شريكه منها من وقت العلوق فيعلق الولد حر الأصل فلهذا لا يضمن قيمة الولد وهنا لا يصير متملكا نصيب شريكه منها لأنها مدبرة فيصير الولد مقصودا بالإتلاف فيضمن قيمة نصيب شريكه منه مدبرا وكذلك لو ادعاه وهي حبلى فولدت كان القول فيه كذلك لأن الجنين في البطن محل للعتق واستحقاق النسب بالدعوة فهو كالمنفصل فإن ولدته بعد ذلك ميتا فلا ضمان عليه فيه لأنه لم تعرف حياته وإتلاف صاحب الدعوة نصيب شريكه فلا يكون ضامنا .
وإن ضرب إنسان بطنها فألقت جنينا ميتا بعد الدعوة لأقل من ستة أشهر فعلى الجاني نصف عشر قيمته في قول أبي حنيفة - C تعالى - إن كان غلاما وعشر قيمتها إن كان جارية لأبي الولد لأن النسب يثبت منه بالدعوة فلم يعتق نصيب الشريك منه وأرش الجنين المملوك هذا المقدار وعلى أب الولد نصف عشر قيمتها إن كانت جارية لشريكه وإن كان غلاما فربع عشر قيمته لأن حصة نصيبه من الأرش هذا وباعتبار سلامة الأرش لأب الولد يجب عليه الضمان إذ لا دليل على حياته إلا ذلك فيتقدر الضمان بقدره لهذا وعليه نصف العقر لإقراره بوطئها والمدبرة على حالها في خدمتها لهما فإن ولدت ولدا فادعاه أب الولد أيضا فهو ابنه لما قلنا وعليه نصف قيمته مدبرا لإتلافه نصيب الشريك فيه مقصودا بالدعوة وعليه نصف العقر أيضا من قبل الوطء الثاني لأن نصيب الشريك منها باق على ملكه فوطؤه في ذلك القدر حصل في غير ملكه وولاء الولد بينهما لأن الولد انفصل مدبرا بينهما فاستحق كل واحد منهما ولاء نصيبه حتى أنه إن جنى جناية كانت على عاقلتهما باعتبار الولاء الثابت لهما إذ لا منافاة بين النسب والولاء .
ولو ولدت آخر بعد ذلك فادعاه الشريك الآخر كان ابنه لقيام الملك له في نصفه وحاجته إلى النسب فإن نسب الولد الثاني لا يثبت من المدعي الأول قبل الدعوة لأنها ما صارت فراشا له ووطؤها حرام عليه لأجل الشركة فلهذا يثبت نسبه من الآخر وكان ضامنا لنصف العقر ونصف قيمته مدبرا وجوابه في ضمان نصف العقر قولهم جميعا .
فأما في ضمان نصف القيمة فهو قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - لأن نصيب المدعي الأول من الولد بمنزلة نصيبه من الأم أم الولد ولا قيمة لرق أم الولد عند أبي حنيفة - C - فلهذا لا يضمن الشريك بالدعوة له شيئا من قيمة الولد عنده ثم الجارية صارت أم ولد بينهما لأن كل واحد منهما استولدها فصح استيلادها في نصيبه منها فإذا مات أحدهما عتقت ولا سعاية عليها للحي في قول أبي حنيفة - C تعالى - وفي قولهما تسعى له في نصف قيمتها وقد تقدم بيان هذا .
( قال ) ( مدبرة بين اثنين ولدت ولدا فادعاه أحدهما ثم مات الآخر عتق نصيبه منها من ثلثه بالتدبير وعتق نصيب أب الولد من غير سعاية في قول أبي حنيفة - C تعالى - ) لأن نصيبه صار أم ولد ولا سعاية على أم الولد عنده وإن مات أب الولد عتق نصيبه من جميع المال بالاستيلاد وسعت للآخر في نصف قيمتها مدبرة لأن نصيب الآخر مدبر وليس بأم الولد والمدبر يلزمه السعاية . وبهذه المسألة يتبين أن الاستيلاد يحتمل التجزي عند أبي حنيفة - C .
( قال ) ( مدبرة بين رجلين جاءت بولد فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه ادعاه وأنكراه فالغلام حر ) لأنهما تصادقا على أنه حر والحق لهما لا يعدوهما ولا سعاية عليه لأن كل واحد منهما يتبرأ من سعايته ويزعم أنه حر الأصل والجارية بينهما تخدمهما على حالها لأنها كانت مدبرة بينهما وبقيت كذلك بعد إقرارهما فإن مات أحدهما عتق نصيبه من ثلث ماله بالتدبير وسعت في نصيب الآخر لأن الاستيلاد لم يثبت بشهادة الذي مات في نصيب الحي فإنه كان منكرا لذلك وهذا بخلاف ما إذا كانت أمه غير مدبرة فإن بعد موت أحدهما لا تسعى للآخر لأن الآخر يتبرأ من سعايتها ويزعم أنها أم ولد للشريك الميت قد عتقت بموته وحقه في الضمان قبله فلهذا لا يستسعيها هناك .
( قال ) ( جارية بين رجلين شهد أحدهما على صاحبه أنه دبرها وأنكر الآخر ذلك فقد دخلها بشهادته شيء حتى لا تباع ولا توهب ولا تمهر ) لأن شهادة الشاهد في حقه يجعل كأنه حق ولو كان التدبير من أحدهما معلوما لم يمكن بيعها بعد ذلك فكذلك إذا شهد به أحدهما وهو وشهادته عليه بالعتق سواء في هذا الحكم فإن مات الشاهد فهي بين ورثته وبين المشهود عليه كما كانت لأن نصيب الشاهد ليس بمدبر على قول أبي حنيفة - C تعالى - باتفاقهما فيخلفه ورثته فيه بعد موته فإن مات المشهود عليه عتقت وسعت في جميع قيمتها لأن الشاهد مقر بعتق نصيب المشهود عليه عند موته فيفسد رقها بزعمه ثم ورثة المشهود عليه يقولون الشاهد كاذب وقد تعذر استدامة الملك فيها عليها .
( قلنا ) : له أن يستسعيها في قيمة نصيبها والشاهد يقول عتق نصيب شريكي بموته ولي حق استسعائها في نصيبي فلهذا سعت في جميع قيمتها بينهما وإن شهد كل واحد منهما على صاحبه بالتدبير فهي بينهما كالمدبرة لاعتبار زعم كل واحد منهما في حقه وأيهما مات سعت في جميع قيمتها لورثته وللحي لما بينا أن كل واحد منهما يدعي السعاية ويزعم أن نصيب شريكه عتق بموته أو بإقرار شريكه .
( قال ) ( وإذا عتق أحد الشريكين العبد ثم دبره الآخر فتدبيره صحيح في قول أبي حنيفة - C تعالى - ) لأن نصيبه باق على ملكه وتدبيره يكون إبراء للمعتق عن الضمان واختيارا للسعاية فيسعى له الغلام في نصف قيمته مدبرا لأن قدر نقصان التدبير حصل بمباشرته واكتسابه سبب استحقاق الولاء فلهذا يسعى له في نصف قيمته مدبرا .
( قال ) ( عبد بين ثلاثة نفر دبر أحدهم نصيبه ثم أعتق الآخر نصف نصيبه وهو غني فقد أبرأ المدبر عن الضمان ) لأنه لو أعتق جميع نصيبه كان مبريا له عن الضمان فكذلك إذا أعتق البعض إذ ليس له حق التضمين في بعض نصيبه دون البعض ثم يسعى له العبد فيما بقي من نصيبه لأن نصيبه بمنزلة عبد كامل ومن أعتق بعض عبده فله أن يستسعيه فيما بقي عند أبي حنيفة - C تعالى - قال فيضمنه المدبر إن شاء ثلث قيمته مدبرا وإن شاء استسعى الغلام فيه لأنه تعذر عليه استدامة الملك في نصيبه بإعتاق المعتق بعض نصيبه فهو كما لو تعذر عليه استدامة الملك فيه بإعتاق المعتق جميع نصيبه وأما الثالث فله أن يضمن المدبر إن كان موسرا وليس له أن يضمن الثاني لأن المدبر بالتدبير السابق قد اكتسب سبب الضمان للثالث على نفسه وصار نصيبه بحيث لا يحتمل الانتقال إلا إليه بالضمان والسبب الموجود منه لا يحتمل الإبطال لأنه يثبت به استحقاق العتق والولاء فلا يبطل ذلك الحكم بإعتاق الثاني فلهذا لا يكون له أن يضمن الثاني ولكن يضمن المدبر ويرجع به المدبر على العبد فيستسعيه في ذلك كما يستسعيه في نصيب نفسه لأنه تملك على الثالث نصيبه بالضمان .
( قال ) ( ولو لم يعتق الثاني حتى ضمن الثالث المدبر نصيبه ثم أعتقه الثاني وهو موسر كان للمدبر أن يضمنه ثلثي قيمته ثلث مدبر وثلث غير مدبر ) لأنه بالضمان يملك نصيب الثالث غير مدبر ثم صنع المعتق في الإعتاق وجد بعد ذلك فله أن يضمنه باعتبار هذا الصنع قيمة جميع نصيبه كل ثلث بصفته بخلاف ما سبق فإن صنع المعتق هناك وجد قبل أن يتملك المدبر نصيب شريكه بالضمان فلهذا لا يكون له أن يضمنه قيمة نصيب الثالث باعتبار ذلك الصنع ثم يرجع المعتق على العبد بما ضمنه للمدبر وذلك ثلثا قيمته وثلث الولاء للمعتق بقدر نصيبه الذي أعتق وثلثا الولاء للمدبر .
أما مقدار نصيبه وهو الثلث فلا إشكال فيه لأنه استحق ولاءه بالتدبير وأما نصيب الثالث فلأنه كان لا يحتمل الانتقال إلا إليه وبعد النقل إليه لم ينتقل إلى المعتق وإن ضمنه . ألا ترى أنه لم يكن للثالث حق تضمين المعتق ولو كان يجوز نقل هذا النصيب إليه بحال لكان له أن يضمنه وإذا ظهر أنه غير محتمل للانتقال إليه فإنما عتق على ملك المدبر فلهذا كان له ولاء الثلثين .
ألا ترى أنه لو كان بين اثنين فدبر أحدهما ثلث نصيبه وأعتق الآخر نصيبه كله وهو موسر كان للمدبر أن يضمن المعتق قيمة نصيبه وهو نصف قيمة العبد ثلثه مدبر وثلثاه غير مدبر ويرجع به المعتق على العبد والولاء بينهما نصفان لأن حصة المدبر دخلها عتق حين دبر بعضه فلا ينتقل شيء من نصيبه إلى المعتق بالضمان فكذلك ما سبق .
وإذا قال إن ملكت شيئا من هذا العبد فهو حر بعد موتي ثم ملكه مع آخر صار نصيبه منه مدبرا لأن المتعلق بالشرط عند وجود الشرط كالمنجز ولم يكن لشريكه أن يضمنه في قول أبي حنيفة - C تعالى - والتدبير في هذا وتنجيز العتق سواء وهذا فرع ما تقدم من اختلافهم في رجلين اشتريا عبدا وهو قريب أحدهما كان أبو بكر الرازي يقول : هذا غلط فإن الملك هنا شرط العتق لا علته ومباشرة أحد الشريكين للشرط لا يسقط حقه في الضمان كما في مسألة ضرب السوط فمعاونته على تحصيل الشرط أو رضاه به كيف يكون مسقطا ولكنا نقول ما ذكره في الكتاب صحيح وهذا شرط في معنى السبب لأنه مصحح للتعليق فإن التعليق في غير الملك لا يصح إلا مضافا إلى الملك . ألا ترى أنه لو علق عتق هذا المملوك أو تدبيره بشرط آخر كان باطلا وإذا كان مصححا لما هو السبب كان في معنى المتمم للسبب فمعاونته إياه عليه يكون مسقطا حقه في الضمان بخلاف ضرب السوط .
( فإن قيل ) : كان ينبغي أن يقال إذا قال لعبد الغير إذا ملكتك فأنت حر ثم اشتراه بنية الكفارة أن يجوز عن الكفارة كما لو اشترى قريبه وبالإتفاق لا يجوز .
( قلنا ) : هذا الشرط مصحح لليمين ولكنه غير موجب للعتق بل الموجب للعتق هو اليمين ولا بد من أن تقترن نية الكفارة بالسبب الموجب للعتق فأما الرضا بما يصحح اليمين كالرضا باليمين في إسقاط حقه في التضمين وأشار في الكتاب إلى علة أخرى فقال لأنهما يملكانه جميعا معناه أن وجوب الضمان يعتمد الصنع وصنعه اتصل بالمملوك قبل ملك الشريك لأن صنعه الشراء والملك حكم الشراء والحكم يعقب السبب فلا يكون له أن يضمنه بصنع سبق ملكه كمن قطع يد عبد إنسان ثم باعه مولاه فسرى إلى النفس عند المشتري ليس للمشتري أن يضمن القاطع شيئا لهذا المعنى وهذا الطريق يستقيم هنا وفي مسألة شراء القريب أيضا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب