( قال ) رضي الله تعالى عنه ( وإذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تترك ولدها عند الزوج فالخلع جائز والشرط باطل ) لأن الأم إنما تكون أحق بالولد لحق الولد فإن كون الولد عندها أنفع له ولهذا لو تزوجت أو كانت أمة والولد حر لم تكن أحق بالحضانة لأنها مشغولة بخدمة زوجها أو مولاها فلا منفعة للولد في كونه عندها وإذا ثبت أن هذا من حق الولد فليس لها أن تبطله بالشرط .
( قال ) ( وإذا أرادت المرأة أن تخرج بولدها من مصر إلى مصر فإن كان النكاح بينهما قائما فليس لها أن تخرج إلا بإذنه مع الولد وبغير الولد فإن وقعت الفرقة بينهما وانقضت عدتها فإن كان أصل النكاح في المصر الذي هي فيه فليس لها أن تخرج بولدها إلى مصر آخر ) لما فيه من الإضرار بالزوج بقطع ولده عنه إلا أن يكون بين المصرين قرب بحيث لو خرج الزوج لمطالعة الولد أمكنه الرجوع إلى منزلة قبل الليل فحينئذ هذا بمنزلة محال مختلفة في مصر ولها أن تتحول من محلة إلى محلة .
وإن كان تزوجها في ذلك المصر الذي يريد الرجوع إليه ونقلها إلى هذا المصر فإن كانت من أهل هذا المصر فلها أن تخرج بولدها إليه لأن الإنسان إنما يتزوج المرأة في مصر ليقيم معها فيه وإنما ساعدته على الخروج لأجل النكاح فإذا ارتفع كان لها أن تعود إلى مصرها لأن في المقام في الغربة نوع ذل ولها أن تخرج بولدها لأنها بأصل النكاح استحقت المقام بولدها في ذلك المصر فإنما تستوفي ما استحقت لا أن تقصد الإضرار بالزوج وإن لم تكن من أهل ذلك المصر الذي تزوجها فيه فإن أرادت أن تخرج بولدها إلى مصرها لم يكن لها ذلك لأن أصل العقد ما كان في مصرها واختيارها الغربة لم يكن بسبب النكاح فلا يكون لها أن ترجع بولدها إلى مصرها ولكن يقال لها اتركي الولد واذهبي حيث شئت .
وكذلك إن أرادت الخروج إلى مصر آخر لأنها في ذلك المصر غريبة كما هنا فلا تقصد بالخروج إليه دفع وحشة الغربة إنما تقصد قطع الولد عن أبيه .
وإن أرادت أن تخرج به إلى المصر الذي كان تزوجها فيه فليس لها ذلك أيضا لأنها غريبة في ذلك المصر كما هنا .
وفي الجامع الصغير يقول انظر إلى عقدة النكاح أين وقع .
وهذه إشارة إلى أن لها أن تخرج بالولد إلى موضع العقد كما لو كان تزوجها في مصرها والأصح أنه ليس لها ذلك لأنها تقصد الإضرار بالزوج لا دفع الوحشة عن نفسها بالخروج إلى ذلك الموضع ولأن الزوج ما أخرجها إلى دار الغربة بخلاف ما إذا تزوجها في مصرها وإن كان أصل النكاح في رستاق له قرى متفرقة فأرادت أن تخرج بولدها من قرية إلى قرية فلها ذلك إن كانت القرى قريبة بعضها من بعض على الوجه الذي بينا لأنه ليس فيه قطع الولد عن أبيه وإن كانت بعيدة فليس لها ذلك إلا أن تعود إلى قريتها وقد كان أصل النكاح فيها وكذلك إن أرادت أن تعود من القرية إلى المصر .
وإن أرادت أن تخرج بولدها من مصر جامع إلى قرية قريبة منه فليس لها ذلك إلا أن يكون النكاح وقع في تلك القرية فتخرج إليها لأنها بأصل العقد استحقت المقام في قريتها بولدها وإن لم يكن أصل النكاح فيها فإنها تمنع من الخروج بولدها لأن في أخلاق أهل الرستاق بعض الجفاء قال A ( أهل الكفور من أهل القبور ) ففي خروجها بولدها إلى القرية من المصر إضرار بالولد لأنه يتخلق بأخلاقهم وهي ممنوعة من الإضرار بالولد وليس لها أن تخرج بولدها إلى دار الحرب وإن كان النكاح وقع هناك لما فيه من الإضرار بالولد فإنه يتخلق بأخلاق أهل الشرك ولا يأمن على نفسه هناك فإن دار الحرب دار نهبة وغارة وكذلك إن كانت هي من أهل الحرب بعد أن يكون زوجها مسلما أو ذميا لأنها صارت ذمية تبعا لزوجها فتمنع من الرجوع إلى دار الحرب .
( قال ) ( وليس للمرأة وإن كانت أحق بولدها أن تشتري له وتبيع ) لأن الثابت لها حق الحضانة فأما ولاية التصرف للأب أو لمن يقوم مقامه بعده فإن كانت هي وصية أبيه فلها أن تتصرف بسبب الوصاية لا بسبب الأمومة .
( قال ) ( وكل فرقة وقعت بين الزوجين فالأم أحق بالولد ما لم تتزوج ) وقد بينا تمام هذا في النكاح إلا أن ترتد فحينئذ إن لحقت بدار الحرب فهي ممنوعة من أن تخرج بولدها ولا حق لها في الحضانة وإن كانت في دار الإسلام فإنها تحبس وتجبر على الإسلام فلا يكون لها حق الحضانة إلا أن تتوب فإن تابت فهي أحق بالولد .
( قال ) ( وإذا احتلم الغلام فلا سبيل لأبيه عليه إن كان قد عقل وكان مأمونا عليه ) لأن صار من أهل أن يلي على غيره فلا يولى عليه إلا أن يكون مخوفا عليه فحينئذ يضمه الأب إلى نفسه لدفع الفتنة ولا نفقة له على أبيه إلا أن يتطوع وقد بينا تمام فصول النفقة في النكاح والله أعلم بالصواب