( قال ) وهذه المسألة مختلف فيها بيننا وبين الشيعة على فصلين : .
( أحدهما ) : أنه إذا طلقها في حالة الحيض أو في طهر قد جامعها فيه يقع الطلاق عند جمهور الفقهاء وعندهم لا يقع .
( والثاني ) : أنه إذا طلقها ثلاثا جملة يقع ثلاثا عندنا والزيدية من الشيعة يقولون تقع واحدة والإمامية يقولون لا يقع شيء ويزعمون أنه قول علي كرم الله وجهه وهو افتراء منهم على على - رضي الله تعالى عنه - فقد ذكر بعد هذا في كتاب الطلاق عن علي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما أن الثلاث جملة تقع بإيقاع الزوج .
والمشهور من قول علي - رضي الله تعالى عنه - كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه وشبهتهم فيه أن الزوج مأمور شرعا بإيقاع الطلاق للسنة والمأمور من جهة الزوج بإيقاع الطلاق للسنة وهو الوكيل إذا أوقع لغير السنة لا يقع فكذلك المأمور شرعا بل أولى لأن أمر الشرع ألزم ولأن نفوذ تصرفه بالإذن شرعا والمنهي عنه غير مأذون فيه فلا يكون نافذا كطلاق الصبي والمعتوه وحجتنا في ذلك حرفان : .
( أحدهما ) : أن النهي دليل ظاهر على تحقق المنهي عنه لأن النهي عما لا يتحقق لا يكون فإن موجب النهي الإنتهاء على وجه يكون المنهي فيه مختارا حتى يستحق الثواب إذا انتهى ويستوجب العقاب إذا أقدم وما لم يكن المنهي عنه متحققا في نفسه لا يتصور كونه مختارا في الانتهاء وقد قررنا هذا في النهي عن صوم يوم العيد .
( والثاني ) : أن النهي إذا كان لمعنى في غير المنهي عنه لا يعدم المنهي عنه ولا يمنع نفوذه شرعا كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة والنهي عن البيع عند النداء يوم الجمعة وهنا النهي لمعنى في غير الطلاق من تطويل العدة واشتباه أمر العدة عليها أو سد باب التلافي عند الندم فلا يمنع النفاذ واستكثر من الشواهد في الكتاب وكل ذلك يرجع إلى هذين الحرفين وهذا بخلاف الوكيل فإن نفوذ تصرفه بأمر الموكل فإذا خالف المأمور به لا ينفذ وهنا تصرف الزوج بحكم ملكه وهو بعقد النكاح صار مالكا للتطليقات الثلاث والملك علة تامة لنفوذ التصرف ممن هو أهل للتصرف وإن لم يكن مأمورا ولا مأذونا فيه وهذا بخلاف الصبي والمعتوه لأن الأهلية لإيقاع الطلاق غير متحققة فيهما ألا ترى أنه لا يصح منهما التعليق بالشرط ولا الإضافة إلى ما بعد البلوغ ولا تمليك الأمر منهما وكل ذلك صحيح من الرجل في حيض المرأة وبهذا ونظائره استشهد في الكتاب والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب