( قال ) Bه ويجبر الرجل الموسر على نفقة أبيه وأمه إذا كانا محتاجين لقوله تعالى : { ولا تقل لهما أف } نهى عن التأفيف لمعنى الأذى ومعنى الأذى في منع النفقة عند حاجتهما أكثر ولهذا يلزمه نفقتهما وإن كانا قادرين على الكسب لأن معنى الأذى في الكد والتعب أكثر منه في التأفيف وقال - A - : ( إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وأن ولده لمن كسبه فكلوا مما كسب أولادكم ) وإذا كان الأولاد ذكورا وأناثا موسرين فنفقة الأبوين عليهم بالسوية في أظهر الروايتين .
وروى الحسن عن أبي حنفية - C تعالى - أن النفقة بني الذكور والأناث للذكر مثل حظ الانثيين على قياس الميراث وعلى قياس نفقة ذوي الأرحام ووجه الرواية الأخرى أن استحقاق الأبوين النفقة باعتبار التأويل وحق الملك لهما في مال الولد كما قال - A - أنت ومالك لأبيك وفي هذا الذكور والأناث سواء ولهذا يثبت لهما هذا الاستحقاق مع اختلاف الملة وإن انعدم التوارث بسبب اختلاف الملة .
( قال ) وإن كان الولد معسرا وهما معسران فليس عليه نفقتهما لأنهما لما استويا في الحال لم يكن أحدهما بإيجاب نفقته على صاحبه بأولى من الآخر إلا أنه روى عن أبي يوسف - C تعالى - قال إذا كان الأب زمنا وكسب الابن لا يفضل عن نفقته فعليه أن يضم الأب إلى نفسه لأنه لو لم يفعل ضاع الأب ولو فعل ذلك لا يخشى الهلاك على الولد والإنسان لا يهلك على نصف بطنه .
( قال ) وكذلك الجد أب الأب والجدة أم الأم وأم الأب لأنهم من الوالدين وحالهم في استحقاق النفقة كحال الأبوين ألا ترى أن التأويل في مال النافلة يثبت للجد عند عدم الأب كما يثبت للأب .
( قال ) ويجبر الرجل على نفقة أولاده الصغار لقوله D : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } .
والنفقة بعد الفطام بمنزلة مؤنة الرضاع قبل ذلك ولأن الولد جزء من الأب فتكون نفقته عليه كنفقته على نفسه ثم في ظاهر الرواية لا يشارك الأب في النفقة أحد وقد روي عن أبي حنفية C تعالى أن النفقة على الأب والأم أثلاثا بحسب ميراثهما من الولد فأما في ظاهر الرواية كما لا يشارك الأب في مؤنة الرضاع أحد فكذلك في النفقة وهذا إذا كان الأب موسرا فإن كان معسرا والأم موسرة أمرت بأن تنفق من مالها على الولد ويكون ذلك دينا على الأب إذا أيسر وكذلك الأب إذا كان معسرا وله أخ موسر فإن الأخ وهو عم الولد يعطي نفقة الولد ويكون ذلك دينا على الأب إذا كان معسرا وله أخ موسر فإن الأخ وهو عم الولد يعطي نفقة الولد ويكون ذلك دينا على الأب له إذا أيسر لأن استحقاق النفقة على الأب ولكن الإنفاق لا يحتمل التأخير فيقام مال الغير مقام ماله في أداء مقدار الحاجة منه على أن يكون ذلك دينا عليه إذا أيسر .
والذي قلنا في الصغار من الأولاد كذلك في الكبار إذا كن إناثا لأن النساء عاجزات عن الكسب واستحقاق النفقة لعجز المنفق عليه عن كسبه وإن كانوا ذكورا بالغين لم يجبر الأب على الانفاق عليهم لقدرتهم على الكسب إلا من كان منهم زمنا أو أعمى أو مقعدا أو أشل اليدين لا ينتفع بهما أو مفلوجا أو معتوها فحينئذ تجب النفقة على الوالد لعجز المنفق عليه عن الكسب وهذا إذا لم يكن للولد مال فإذا كان للولد مال فنفقته في ماله لأنه موسر غير محتاج واستحقاق النفقة على الغني للمعسر باعتبار الحاجة إذ ليس أحد الموسرين بإيجاب نفقته على صاحبه بأولى من الآخر بخلاف نفقة الزوجة فإن استحقاق ذلك باعتبار العقد لتفريغها نفسها له فتستحق موسرة كانت أو معسرة فإما الاستحقاق هنا باعتبار الحاجة فلا يثبت عند عدم الحاجة .
( قال ) فإن كان مال الولد غائبا أمر الأب بأن ينفق عليه من ماله على أن يرجع في مال الولد إذا حضر ماله لكنه إن أشهد فله أن يرجع في الحكم وإن أنفق بغير إشهاد لكن على نية الرجوع فله أن يرجع فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم لليس له ذلك لأن الظاهر أنه يقصد التبرع بمثل هذا والقاضي يتبع الظاهر فأما فيما بينه وبين الله تعالى فله أن يرجع لأن الله تعالى عالم بما في ضميره .
( قال ) وكذلك يجبر على نفقة كل ذي رحم محرم منه الصغار والنساء وأهل الزمانة من الرجال إذا كانوا ذوي حاجة عندنا وقال الشافعي - C تعالى - لا تجب النفقة على غير الوالدين والمولودين وقال ابن أبي ليلى - C تعالى - تجب النفقة على كل وارث محرما كان أو غير محرم واستدل بظاهر قوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } ولكنا نقول قد بينا أن في قراءة ابن مسعود - Bه - وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك والشافعي - C تعالى - يبني على أصله فإن عنده استحقاق الصلة باعتبار الولاد دون القرابة حتى لا يعتق أحد على أحد إلا الوالدين والمولودين عنده وجعل قرابة الأخوة في ذلك كقرابة بني الأعمام فكذلك في حق استحقاق النفقة وفيما بين الأباء والأولاد الاستحقاق بعلة الجزئية دون القرابة وحمل قوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } على نفى المضارة دون النفقة وذلك مروى عن ابن عباس - Bه - ولكنا نستدل بقول عمر وزيد Bهما فإنهما قالا وعلى الوارث مثل ذلك من النفقة ثم نفي المضارة لا يختص به الوارث بل يجب ذلك على غير الوارث كما يجب على الوارث على أن الكناية في قوله ذلك تكون عن الأبعد وإذا أريد به الأقرب يقال هذا فلما قال ذلك عرفنا أنه منصرف إلى قوله { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } والمعنى فيه أن القرابة القريبة يفترض وصلها ويحرم قطعها قال - A - ( ثلاث معلقات بالعرش النعمة والأمانة والرحم تقول النعمة كفرت ولم أشكر وتقول الأمانة خونت ولم أرد ويقول الرحم قطعت ولم أوصل ) وقد جعل الله تعالى قطيعة الرحم من الملاعن بقوله تعالى : { أولئك الذين لعنهم الله } ومنع النفقة مع يسار المنفق يسار المنفق وصدق حاجة المنفق عليه يؤدي إلى قطيعة الرحم ولهذا اختص به ذو الرحم المحرم لأن القرابة إذا بعدت لا يفرض وصلها ولهذا لا تثبت المحرمية بها وكذلك المرأة الموسرة تجبر على ما يجبر عليه الرجل من نفقة الأقارب لأن هذا الاستحقاق بطريق الصلة فيستوي فيه الرجال والنساء كالعتق عند الدخول في الملك .
( قال ) ولا يجبر المعسر على نفقة أحد إلا على نفقة الزوجة والولد الصغير أما استحقاق نفقة الزوجة باعتبار العقد وأما الأولاد الصغار فلأنهم اجزاؤه فكما لا تسقط عنه نفقة نفسه لعسرته فكذلك نفقة أولاده والأصل فيه قوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } فأما نفقة الأقارب استحقاقها بطريق الصلة فتكون على الموسرين دون المعسرين كالزكاة .
وعلى هذا قال أبو يوسف - C تعالى - من لم يكن له فضل على حاجته مقدار ما تجب فيه الزكاة لا تلزمه نفقة الأقارب إلا أنه يروي هشام عن محمد - رحمهما الله تعالى - قال إذا كان كسبه كل يوم درهما ويكفيه لنفقته ونفقة عياله أربعة دوانق يؤمر بصرف الفضل إلى أقاربه لأن الاستحقاق باعتبار الحاجة فيعتبر في جانب المؤدي لتيسير الأداء وميسر الأداء موجود إذا كان كسبه يفضل عن نفقته .
( قال ) وإذا امتنع الأب من الإنفاق على أولاده الصغار يحبس في ذلك بخلاف سائر الديون فإن الوالد غير محبوس فيه لوجهين أحدهما أن النفقة لحاجة الوقت فهو بالمنع بكون قاصدا إلى إتلافه والأب يستوجب العقوبة عند قصده إلى إتلاف ولده كما لو عدى عليه بالسيف كان له أن يقتله دفعا له بخلاف سائر الديون لا تسقط بتأخير الأداء والنفقة لا تصير دينا بل تسقط بمضي الوقت فيستوجب الحبس إذا امتنع من الأداء وهو نظير ما قلنا أن من جار في القسم يوجع عقوبة وإذا امتنع من إيفاء حق آخر لا يحبس لأن ذلك الحق لا يسقط بتأخير الأداء وما جار فيه من الزمان لا يصير دينا فيوجع عقوبة ليمتنع من الجور .
( قال ) ومن كان له مسكن أو خادم ليس له غيره وهو محتاج تحل له الصدقة فعلى الموسر من ذي الرحم المحرم نفقته وقال الخصاف في كتابه بعد ما روى هذا عن محمد - C تعالى - وقال غيره ليس عليه نفقته ولكن يقال له بع مسكنك وخادمك وأنفق على نفسك لأنه يمكنه أن يكتفي بمنزل يكرى فأما في ظاهر الرواية المنزل والخادم من أصول حوائجه فإنه لا بد له من ذلك فلا ينعدم بملكها حاجته .
( قال ) ولا يقضي بالنفقة في مال أحد ممن ذكرنا إذا كان رب المال غائبا أو مفقودا ما خلا الوالدين والزوجة فإني أقضى لهم من مال الغائب والحاصل أن ما كان مختلفا فيه فلا يتقوى إلا بقضاء القاضي وليس للقاضي أن يوجد القضاء على الغائب فأما ما كان متفقا عليه فهو ثابت بنفسه ولصاحب الحق أن يمد يده فيأخذ ذلك من غير قضاء القاضي وللقاضي أن يعينه على ذلك إذا كان صاحب المال حاضرا أو غائبا والسبب معلوما للقاضي ألا ترى أن النبي - A - قال لهند - Bها - خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف وهو كان غائبا وقال في كتاب المفقود وإن استوثق منه بكفيل فحسن لجواز أن يكون أخذ النفقة أو بعث الغائب بنفقته فيقصد الأخذ ثانيا .
والقاضي مأمور بالنظر لكل من عجز عن النظر لنفسه فإذا كان الغائب عاجزا عن النظر لنفسه نظر القاضي له بأخذ الكفيل إن شاء وإن شاء ضمنهم ذلك ولم يأخذ منهم كفيلا فهو مستقيم أيضا لأنه ليس هنا خصم يطلب من القاضي أخذ الكفيل وإنما يجب ذلك على القاضي عند طلب الخصم .
( قال ) فإن كان له عند هؤلاء مال فأنفقه على نفسه أجزته ولم أضمنه لأنه ظفر بجنس حقه فله أن يأخذ بقدر حقه وإن كان عند غيرهم فأعطاهم بغير أمر القاضي حتى أنفقوا كان ضامنا له لأنه مأمور بالحفظ ودفعه إلى غيره لينفق ليس من الحفظ فيصير به مخالفا ضامنا وهو نظير ما لو أراد المودع أن يقضي بالوديعة دين المودع ليس له ذلك ويصير ضامنا أن فعله وأن كان صاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه كان له أن يأخذه .
( قال ) وإن باع أحد منهم متاع الغائب للنفقة أبطل بيعه ما خلا الأب المحتاج فإني أجيز بيعه على ولده الغائب فيما سوى العقار استحسانا لما ينفقه على نفسه ولا يجوز في العقار إلا أن يكون الولد صغيرا وهذا قول أبي حنيفة - C تعالى - في كتاب المفقود .
( قال ) وكذلك قياس قوله في المفقود وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - لا يجوز بيع الأب أيضا على ابنه الكبير الغائب في العقار كما لا يجوز بيع غيره والقياس ما قالا لأن ولاية الأب قد زالت ببلوغ الصبي عن عقل فيكون هو في بيع أمواله كغيره يدل عليه أن النفقة لا تكون أوجب من سائر الديون وليس للأب بيع شيء من متاع ولده في دين له عليه .
ولا يقضي القاضي بذلك أيضا لما فيه من القضاء على الغائب فكذلك في النفقة واستحقاق الأم النفقة كاستحقاق الأب ثم الأم لا تبيع عروض الولد في نفقتها فكذلك الأب .
واستحسن أبو حنيفة - C تعالى - فقال ولاية الأب وإن زالت بالبلوغ ولكن بقي أثرها ولهذا صح منه الاستيلاد في جارية الابن فلبقاء أثر ولايته كان له أن يبيع العروض لأن بيع العروض من الحفظ فإن العروض يخشى عليها من الهلاك وحفظ الثمن أيسر وولاية الحفظ تثبت لمن يثبت له ولاية التصرف كالوصي في حق الوارث الكبير الغائب له ولاية الحفظ وبيع العروض فكذلك للأب ذلك .
وبعد البيع الثمن من جنس حقه فله أن يأخذ منه مقدار النفقة فأما بيع العقار ليس من الحفظ لأنه محصن بنفسه فلا يملك ذلك إلا بمطلق الولاية وهو عند صغر الولد أو جنونه وإذا باع عند ذلك أخذ من الثمن نفقته لأنه من جنس حقه وبخلاف الأم وسائر الأقارب لأنه لم تكن لهم ولاية التصرف في حالة الصغر ليبقي أثر تلك الولاية بعد البلوغ وكذلك ليس لهمم ولاية حفظ المال فلهاذ لا يجوز منهم بيع العروض .
( قال ) ولا يجبر المسلم على نفقة الكفار من قرابته ولا الكفار على نفقة المسلمة من قرابتهم لأن هذا الاستحقاق بعلة ولاية الوراثة شرعا وبسبب اختلاف الدين ينعدم التوارث إلا الوالدين والولد والزوجة أما استحقاق الزوجة للنفقة بسبب العقد وذلك متحقق مع اختلاف الدين أما في حق الوالدين والولد القياس أن لا يثبت استحقاق النفقة مع اختلاف الدين لأن استحقاقها بطريق الصلة كنفقة الأفارب ولكنه استحسن فقال يجب على الولد المسلم نفقة أبويه الذميين لقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وليس من المصاحبة بالمعروف أن يتقلب في نعم الله ويدعهما يموتان جوعا والنوافل والأجداد والجدات من قبل الأب والأم بمنزلة الأبوين في ذلك استحقاقهم باعتبار الولاد بمنزلة استحقاق الأبوين .
( قال ) وإذا مات الأب وللولد الصغير أم وجد أب الأب فنفقته عليهما على قدر ميراثهما أثلاثا بخلاف الأب في ظاهر الرواية فإنه لا يشاركه في النفقة أحد لحقيقة الجزئية بينه وبين الولد وذلك لا يوجد في حق الجد فإن اتصال النافلة بواسطة الأب كاتصال الأخ فكما أن في الأخ والأم النفقة عليهما بحسب الميراث إذا كانا موسرين فكذلك في الجد والأم النفقة عليهما بحسب الميراث .
( قال ) وإذا كان للولد خال موسر وابن عم موسر فالنفقة على الخال دون ابن العم وإن كان الميراث لابن العم لأن النفقة على ذي الرحم المحرم وابن العم ليس بمحرم فلا نفقة عليه والخال محرم فتكون النفقة عليه إذا كان موسرا .
( قال ) وإذا كان الرجل زمنا معسرا وله ابن معسر صغير أو كبير زمن وللرجل ثلاثة أخوة متفرقين أهل يسار فنفقة الرجل تكون على أخيه لأب وأم وعلى أخيه لأم أسداسا بحسب ميراثهما منه وأما نفقة الأولاد فعلى الأخ لأب وأم خاصة لأن له ميراث الولد عند عدم الأب خاصة فإنه عم لأب وأم فلا يرث معه العم لأب ولا العم لأم والحاصل أن من يكون محتاجا يجعل في حكم المعدوم فتكون النفقة بعده على من يكون وارثا بحسب ميراثه وإذا كان الولد بنتا كانت نفقة الأب والبنت على الأخ لأب وأم خاصة أما نفقة البنت فلما بينا وأما نفقة الأب فلأن الوارث هنا هو الأخ لأب وأم خاصة لأن الأخ لأب وأم يرث مع البنت والأخ لأم لا يرث مع البنت فلا حاجة إلى أن تجعل البنت كالمعدومة ولكن تعتبر صفة الوراثة مع بقائها بخلاف الابن فإنه لا يرث معه أحد من الأخوة فلا بد أن يجعل كالمعدوم وإذا جعل كذلك فميراث الأب بين الأخ الأب وأم والأخ لأم أسداسا فالنفقة عليهما بحسب ذلك .
( قال ) وإن كان مكان الأخوة أخوات متفرقات فإن كان الولد ذكرا نفقة الأب على أخوانه أخماسا لأن أحدا من الأخوات لا يرث مع الابن فلا بد من أن يجعل الابن كالمعدوم وبعد ذلك الميراث بينهن أخماسا ثلاثة أخماسه للأخت لأب وأم وخمسه للأخت لأب وخمسه للأخت لأم بطريق الفرض والرد فالنفقة عليهم بحسب ذلك ونفقة الولد على الأخت من الأب والأم خاصة في قول علمائنا لأن ميراثه إذا مات عند عدم الوالد للعمة لأب وأم خاصة دون العمة لأب أو لأم أما في قول من يروث العمات المتفرقات كما يورث الإخوات وهو قول أهل التنزيل فنفقة الولد عليهن أيضا أخماسا بحسب الميراث ومن قال بقول عبدالله بن مسعود Bه في الميراث قال نفقة الأب تكون على الأخت لأب السدس من ذلك والباقي أرباع على الأخت لأب وأم ثلاثة أرباعه وعلى الأخت لأم ربعه بحسب الميراث فإنه لا يرى الرد على الأخت لأب مع الأخت لأب وأم فإن كان الولد بنتا فنفقة الأب على الأخت لأب وأم خاصة لأنها وارثة مع البنات فإن الأخوات مع البنات عصبة فلا تجعل البنت كالمعدوم هنا ولكن لو مات الأب كان نصف ميراثه للبنت والباقي للأخت لأب وأم فكذلك نفقته على الأخت لأب وأم وكذلك نفقة البنت في قولهم جميعا إلا في قول أهل التنزيل فإنهم يجعلو الميراث بين العمات أخماسا فنفقة البنت عليهن أخماسا أيضا وأما عندنا ميراث البنت عند عدم الأب كله للعمة لأب وأم فالنفقة عليها أيضا ثم أشار إلى الأصل الذي قلنا أنه ينظر إلى وارث الأب فإن كان يحرز الميراث كله وهو معسر جعلته كالميت ثم نظرت إلى من يرثه فجعلت النفقة عليهم على قدر ميراثهم فإن كان الذي يرثه لا يحرز الميراث كله جعلت النفقة على من يرث معه .
( قال ) امرأة معسرة ولها ولد موسر وأم موسرة فنفقتها على الولد دون الأم وكذلك الأب نفقته على ابنه دون أبيه للتأويل الثابت له في مال ولده بقوله A أنت ومالك لأبيك ولا يوجد ذلك في حق الوالد ولا في حق الأم وكما لا يشارك الوالد في النفقة على الولد أحد فكذلك لا يشارك الولد في النفقة على الوالدين أحد من أم ولا أب ولا جد .
( قال ) ويجبر أهل الذمة فيما بينهم على النفقة كما يجبر أهل الإسلام وإن اختلفت مللهم في الكفر لأنهم أهل ملة واحدة يتوارثون مع اختلاف النحل فيثبت حكم استحقاق النفقة فيما بينهم أيضا ولا يجبر الموسر على نفقة المعسر من قرابته إذا كان رجلا صحيحا وإن كان لا يقدر على الكسب لأن الصحيح الذي لا زمانة به لا يعجز عن كسب القوت عادة وبناء الحكم على العادة الظاهرة دون النادر إلا في الوالدين خاصة وفي الجد أب الأب إذا مات أب الولد فإنه يجبر الولد على نفقته وإن كان صحيحا لدفع الأذى الذي يلحقه للكد والتعب على ما بينا ( قال ) ولا يجبر المملوك والمكاتب على نفقة أحد من قرابته لأن كسب المملوك لمولاه والمكاتب ليس له في كسبه ملك في الحقيقة بل هو دائر بينه وبين مولاه فلا يلزمه نفقة أحد من قرابته إلا ولده المولود في الكتابة من أمته فإنه داخل في كتابته وكسبه له لتكون نفقته عليه .
( قال ) ولا يجبر المسلم ولا الذمي على النفقة لوالديه وولده من أهل الحرب وأن كانوا مستأمنين في دار الإسلام لأن الاستحقاق بطريق الصلة ولا يثبت للحربي استحقاق الصلة على من هو أهل دار الإسلام ألا ترى أنهما لا يتوارثان وإن كانا على ملة واحدة من الكفر فكذلك استحقاق النفقة لبعضهم على البعض .
( قال ) ونفقة المتعوه على ابنه دون أبيه لتأويل الملك له في مال ابنه دون مال أبيه ألا ترى أنه لو كان صحيحا معسرا كانت نفقته على الابن دون الأب فكذلك إذا كان معتوها والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
قال C تعالى هذا آخر شرح كتاب النكاح بالمأثور من المعاني والآثار الصحاح أملاه المنتظر للفرج والفلاح مصليا على المبعوث بالحق بالسيوف والرماح وعلى آله وأصحابه أهل التقى والصلاح الذين مهدوا قواعد الحق وسلكوا طريق النجاح