( قال ) : Bه وإذا كان للعبد أو المدبر أو المكاتب امرأته حرة أو أمة قد بوئت معه بيتا فإنه يفرض عليه نفقتها بقدر ما يكفيها لأن سبب وجوب النفقة الزوجية وهي تحقق في حق المملوك كما تتحقق في حق الحر وهو تسليمها إلى الزوج في منزله والحكم ينبني على السبب ألا ترى أن المهر بالنكاح يجب على العبد كما يجب على الحر ثم ما يجب على العبد من الديون إذا ظهر في حق المولى تعلق بمالية رقبته حتى يباع فيه إلا أن يقضيه المولى ودين النفقة ظهر في حق المولى لأن سببه وهو النكاح كان برضاه فإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجز عن أدائه يباع فيه ثم إذا اجتمع عليه النفقة مرة أخرى يباع فيه أيضا وليس في شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد مرة إلا النفقة لأن النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث وأما المدبر لا يمكن بيعه في النفقة ولكن يؤمر فيه بالسعاية وكذلك المكاتب لا يمكن بيعه مع قيام عقد الكتابة وإنما يقضي بالنفقة في كسبه كما يقضى سائر ديونه في كسبه فإن كان للعبد أو المدبر ولد من امرأته لم يكن عليها نفقة الولد لأنها إن كانت أمة فالولد ملك لمولاها ونفقة المملوك على المالك دون الأب وإن كانت حرة فولدها يكون حرا ولا تجب نفقة الحر على المملوك بحال لأن كسب العبد والمدبر لمولاه ونفقة الولد الحر ليست على المولى وكذلك لا يكون في كسبهما وكذلك المكاتب لا يجب في كسبه نفقة ولد حر ولا نفقة ولد هو ممولك للغير وإن كانت امرأته مكاتبة معه لمولى واحد كاتبهما كتابة واحدة فنفقة الولد على الأم دون الأب لأن الولد تابع للأم في كتابتها .
ألا ترى أن كسب الولد يكون لها ولو جنى عليه كان أرش الجناية لها وإن مات الولد وترك مالا فذلك كله لها فكذلك نفقة الولد تكون عليها وهذا عليها بخلاف ما إذا وطئ المكاتب أمته فولدت فإن نفقة دلك الولد على المكاتب لأنه داخل في كتابته حتى كان كسبه له وأرش الجناية عليه له أيضا ليس للأم من ذلك شيء لأنها أمة ولو ان فلأم فالأم أمة له أيضا فلهذ كانت نفقته عليه ولأنه جزء منه فإذا تبعه في العقد كانت نفقته بمنزلة نفقته بمنزلة نفقة نفسه .
( قال ) : ولو تزوج العبد أو المدبر أو المكاتب بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر لأن وجوب النفقة والمهر يكون بعد صحة العقد ونكاحهم بغير إذن المولى غير صحيح وإن عتق واحد منهم جاز نكاحه حين يعتق لسقوط حق المولى ويجب عليه المهر والنفقة في المستقبل والمستسعى في بعض القيمة عند أبي حنيفة C تعالى كالمكاتب .
( قال ) : وإن كانت المدبرة أو الأمة أو أم الولد تحت حر أو عبد فلا نفقة عليهما ما لم يبوئها معه بيتا لانعدام التسليم قبل التبوئة ويستوي إن كان دخل بها أو لم يدخل بها لأن بالدخول إنما يوجد تسليم المعقود عليه ولا معتبر به في النفقة فإن تسليم المعقود عليه مقرر والنفقة ليست ببدل .
ألا ترى أن الرتقاء تستحق النفقة وقد انعدم منها تسليم المعقود عليه فعرفنا أن المعتبر في النفقة تفريغها نفسها لحق الزوج وذلك يكون بالتبوئة فإن بوأها معه بيتا فعليه النفقة وإن انتزعها منه واحتاج إلى خدمتها فلا نفقة على الزوج ما دامت عند مولاها وإن أعادها إليه وبوأها معه بيتا فعليه النفقة كالحرة إذا هربت من زوجها ثم عادت إلى بيته توضيحه أن الأمة محبوسة عند مولاها لحق المولى في خدمتها فكانت كالمحبوسة في الدين ولا نفقة للمحبوسة بالدين إذا كان الزوج ممنوعا منها فإذا قضت الدين وعادت إلى بيت الزوج كان لها النفقة وإن كان لها منه ولد فلا نفقة عليه للولد لأن ولد الأمة مملوكا لمولاها فنفقته تكون على مالكه وإن كانت المرأة مكاتبة وقد بوأها معه بيتا أو لم يبوئها منها فهو سواء ولها النفقة ولأن المكاتبة في يد نفسها كالحرة وليس لمولاها أن يستخدمها فكانت هي كالحرة في استحقاق النفقة على الزوج إذا لم تحبس نفسها عنه ظالمة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب