( قال ) : بلغنا عن رسول الله - A - أنه أحل المتعة ثلاثة أيام من الدهر في غزاة غزاها اشتد على الناس فيها العزوبة ثم نهى عنها وتفسير المتعة أن يقول لامرأته أتمتع بك كذا من المدة بكذا من البدل وهذا باطل عندنا جائز عند مالك بن أنس وهو الظاهر من قول ابن عباس - Bه - واستدل بقوله تعالى : { فما استمعتم به منهن فآتوهو أجورهن } ولأنا اتفقنا على أنه كان مباحا والحكم الثابت يبقى حتى يظهر نسخه ولكن قد ثبت نسخ هذه الإباحة بالآثار المشهورة .
فمن ذلك ما روى محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب - Bهم - أن منادي رسول الله - A - نادى يوم خيبر : ألا أن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن المتعة ومنه حديث الربيع بن سبرة - Bه - قال : أحل رسول الله - A - المتعة عام الفتح ثلاثة أيام فجئت مع عم إلى باب امرأة ومع كل واحد منا بردة وكان بردة عمي أحسن من بردتي فخرجت امرأة كأنها دمية عيطاء فجعلت تنظر إلى شبابي وإلى بردته وقالت : هلا بردة كبردة هذا أو شباب كهذا ثم آثرت شبابي على بردته فبت عندها فلما أصبحت إذا منادي رسول الله - A - ينادي ألا إن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن المتعة فانتهى عنها ثم الإباحة المطلقة لم تثبت في المتعة قط إنما ثبتت الإباحة مؤقتة بثلاثة أيام فلا يبقى ذلك بعد مضي الأيام الثلاثة حتى يحتاج إلى دليل النسخ وكان ابن مسعود - Bه - يقول : نسختها آية الطلاق والعدة والميراث وكان عمر - Bه - يقول لو كنت تقدمت في المتعة لرجمت .
وقال جابر بن يزيد - Bه - ما خرج ابن عباس - Bهما - من الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف والمتعة فثبت النسخ باتفاق الصحابة - Bهم - ولما سئلت عائشة - Bها - عن ذلك فقالت : بيني وبينكم كتاب الله تعالى وتلت قوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون } الآية وهذه ليست بزوجة له ولا ملك يمين له وبيان أنها ليست بزوجة ما قال في الكتاب أنه لا يرث أحدهما من صاحبه بالزوجية ولا يقع عليها الطلاق والظهار والإيلاء واستكثر من الشواهد لذلك في الكتاب والمراد بقوله فما استمتعتم به منهن الزوجات فإنه بناء على قوله إن تبتغوا بأموالكم محصنين والمحصن الناكح .
( قال ) : وإن قال تزوجتك شهرا فقالت : زوجت نفسي منك فهذا متعة وليس بنكاح عندنا وقال زفر - C تعالى - هو نكاح صحيح لأن التوقيت شرط فاسد فإن النكاح لا يحتمل التوقيت والشرط الفاسد لا يبطل النكاح بل يصح النكاح ويبطل الشرط كاشتراط الخمر وغيرها توضيحه أنه لو شرط أن يطلقها بعد شهر صح النكاح وبطل الشرط فكذا إذا تزوجها شهرا .
وحجتنا في ذلك ما روي عن عمر - Bه - أنه قال : لا أوتى برجل تزوج امرأة إلى أجل إلا رجمته ولو أدركته ميتا لرجمت قبره والمعنى فيه أن النكاح لا يحتمل التوقيت إنما التوقيت في المتعة فإذا وقتا فقد وجد منهما التنصيص على المتعة فلا ينعقد به النكاح وإن ذكر لفظ النكاح وهذا لأنه لا يخلو إما أن ينعقد العقد مؤبدا أو في مدة الأول باطل فإنهما لم يعقدا فيما وراء المدة المذكورة ولا يجوز الحكم بانعقاد العقد فيما وراء المدة المذكورة ولا يجوز الحكم بانعقاد الحكم في زمان لم يعقدا فيه العقد .
ألا ترى أنهما لو أضافا النكاح إلى ما بعد شهر لم ينعقد في الحال لأنهما لم يعقداه في الحال فكذلك هنا ولا يجوز أن ينعقد في المدة لأن النكاح لا يحتمل ذلك وهذا يبين أن التوقيت ليس بمنزلة الشرط ولكن ينعدم بالتوقيت أصل العقد في الزمان الذي لم يعقدا فيه وهذا بخلاف ما إذا شرط أن يطلقها بعد شهر لأن الطلاق قاطع للنكاح فاشتراط القاطع بعد شهر لينقطع به دليل على أنهما عقدا العقد مؤبدا .
ألا ترى أنه لو صح الشرط هناك لا يبطل النكاح بعد مضى شهر وهنا لو صح التوقيت لم يكن بينهما بعد مضي الوقت كما في الإجارة .
وقال الحسن بن زياد - C تعالى - إن ذكرا من الوقت ما يعلم أنهما لا يعيشان أكثر من ذلك كمائة سنة أو أكثر يكون النكاح صحيحا لأن في هذا تأكيد معنى التأبيد فإن النكاح يعقد للعمر بخلاف ما إذا ذكرا مدة قد يعيشان أكثر من تلك المدة وعندنا الكل سواء لأن التأبيد من شرط النكاح فالتوقيت يبطله طالت المدة أو قصرت والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب