: المفرد بالعمرة إذا جامع قبل أن يطوف أكثر الأشواط فسدت عمرته وعليه دم وإن جامع بعد ما طاف أكثر الأشواط لا تفسد عمرته لأن ركن العمرة هو الطواف فيتأكد إحرامه بأداء أكثر الأشواط كما يتأكد إحرام الحج بالوقوف ولكن عليه دم عندنا وعلى قول " الشافعي " - C تعالى - في الوجهين جميعا تفسد عمرته وعليه بدنة لأن الجماع محظور كل واحد من النسكين فكما أن في الحج تجب البدنة بالجماع فكذلك بالعمرة وعندنا لا مدخل للبدنة في العمرة بخلاف الحج على ما بينا في طواف الحج ففي الحقيقة إنما ينبني هذا على الخلاف المعروف بيننا وبينهم في العمرة عندنا العمرة سنة وعلى قوله فريضة كفريضة الحج واحتج بقوله تعالى { " وأتموا الحج والعمرة لله " } فقد قرن بينهما في الأمر بالإتمام فدل على فرضيتهما وفي " حديث " ابن ثابت " أن النبي - A - قال : العمرة فريضة الحج " وقال صبي بن معبد : فوجدت الحج والعمرة واجبين على و " قال - A للخثعمية حجي عن أبيك واعتمري " وحيقية الأمر للوجوب .
ولنا " حديث " أم سلمة " - Bها - أن النبي - A - قال : الحج جهاد والعمرة تطوع " " وسأل رجل رسول الله - A - عن العمرة أواجبة هي فقال : لا وإن تعتمر خير لك " ولأن العمرة لا تتوقف بوقت معلوم في السنة وإنما باين النفل الفرض بهذا فإن الفرض يتوقت بوقت والنفل لا يتوقت ولأنه يتأدى بنية غيره فإن عنده المحرم بالحج قبل أشهر الحج يكون محرما بالعمرة وبالإجماع فائت الحج يتحلل بأعمال العمرة . والفرض إنما باين النفل بهذا فإن النفل يتأدى بنية الفرض والفرض الذي هو غير معين لا يتأدى بنية النفل فأما الآية فقد قرئت بالنصب وبالرفع والعمرة لله فالقراءة بالرفع ابتداء خبر العمرة لله والنوافل لله تعالى كالفرائض ثم هذا أمر صفحة [ 59 ] بالإتمام بعد الشروع ولا خلاف فيه وما عرفنا ابتداء فرضية الحج بهذه الآية بل عرفناه بقوله تعالى { " ولله على الناس حج البيت " } وبهذا تبين أن المقصود زيارة البيت وهذا المقصود حاصل بفرضية نسك واحد فلا تثبت صفة الفرضية في عدد منه ولهذا لا تتكرر فرضية الحج ومعنى قوله فريضة أي مقدرة بأعمال كالحج فإن الفرض هو التقدير وبه نقول أنها مقدرة فأكثر ما في الباب أن الآثار قد اشتبهت فيه ولكن صفة الفرضية مع اشتباه الأدلة لا تثبت فإذا ثبت عندنا أن أصله ليس بفرض بل هو تبع للحج لا يكون وجوب البدنة بالجماع في الحج دليلا على وجوبها في العمرة وعنده لما كان فرضا وجب بالجماع فيه ما يجب في الحج