امرأة كان أيام حيضها عشرة وأيام طهرها عشرين ثم استمر بها الدم يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وأربعمائة ثم جنت وبقيت كذلك مدة طويلة ثم أفاقت والدم مستمر كذلك فجاء اليوم وهو يوم الخميس السابع والعشرين من ذي القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة إلى فقيه تستفتيه أنها حائض اليوم أم طاهر فإن كانت حائضا فهذا أول حيضها أو آخره وإن كانت طاهرا فكذلك فالسبيل لذلك الفقيه أن ينظر من تاريخ الاستمرار إلى يوم السؤال فيأخذ السنين الكوامل والشهور الكوامل والأيام التي لم تبلغ شهرا فيجعل السنين شهورا والشهور أياما ثم يطرح من الجملة العدد .
صفحة [ 192 ] الناقص من الشهور فنقول من تاريخ الاستمرار إلى وقت السؤال ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة عشر يوما فاجعل السنين شهورا بأن تضرب ثلاثة في اثني عشر فيكون ستة وثلاثين وتضم إليه ستة أشهر فيكون اثنين وأربعين يضرب ذلك في ثلاثين فيكون ألفا ومائتين وستين يضم إليه ثلاثة عشر يوما فيكون ألفا ومائتين وثلاثة وسبعين إلا أن في الأشهر كوامل ونواقص فاجعل النصف كوامل والنصف نواقص واطرح بعدد نصف الشهور من الجملة وذلك أحد وعشرون يوما يبقى ألف ومائتان واثنان وخمسون ثم انظر إلى ماله ثلث صحيح وعشر صحيح فاطرحه لأن دورها في كل ثلاثين عشرة حيض وعشرون طهر فألف وماتان وثلاثون تطرح من هذه الجملة يبقى اثنان وعشرون وليس له ثلث صحيح ولا عشر صحيح فعرفت أن عشرة من أول هذا الباقي حيضها واثني عشر طهرها فيقال لها قد بقي من مدة طهرك ثمانية فتصلي ثمانية إلا أنه يبقى فيه شبهة وهو أنه من الجائز أن عدد الكوامل من الشهور كان أقل وعدد النواقص كان أكثر فإن أردت إزالة هذه الشبهة فاحسبه بالأسابيع لأن كل أسبوع سبعة أيام من غير زيادة فإن وافق العدد بالأسابيع ما كان معك علمت أن النواقص والكوامل كانا سواء فإن فضل يوم علمت أن النواقص كان أكثر بشهر وإن انتقص يوم علمت أن الكوامل أكثر بشهر فانظر إلى ماله سبع صحيح فاطرحه من أصل الحساب ولألف ومائة وتسعين سبع صحيح يبقى اثنان وستون ولستة وخمسين سبع صحيح فاطرحه من الباقي بقي معك ستة فابتداء الاستمرار كان يوم الأحد ومنه إلى وقت السؤال خمسة أيام لأنها سألت يوم الخميس وقد فضل يوم فعلمت أن النواقص كان أكثر بشهر فاطرح من الباقي معك وذلك اثنان وعشرون واحدا بقي أحد وعشرون حيضها من ذلك عشرة وطهرها أحد عشر فيقال لها هذا يوم الحادي عشر من طهرك فصلي تسعة أيام تمام طهرك ثم اتركي عشرة وصلي عشرين وما كان من هذا الجنس تخرجه على هذا الوجه والله سبحانه وتعالى أعلم .
فصل امرأة جاءت إلى فقيه فأخبرته عن طهر خمسة عشر يوما ولا تحفظ شيئا سوى ذلك فهذا لا يكفيها لنصب العادة ولا الاستئناف لتوهم الاستحاضة قبلها أو بعدها فيقال لها تذكري فإن لم تتذكر شيئا فحكمها حكم الضالة على ما يأتي بيانه في بابه فإن أخبرته عن طهر صحيح ودم صحيح ولا تحفظ شيئا آخر فهذا أيضا لا يكفيها لنصب العادة لتوهم .
صفحة [ 193 ] الاستحاضة قبلها أو بعدها .
فإن قالت : اعلم أني لم أكن مستحاضة : فعلى قول " أبي يوسف " C تعالى يكفيها لنصب العادة لأنه يرى انتقال العادة بالمرة الواحدة .
وعلى قول " أبي حنيفة " و " محمد " رحمهما الله تعالى : لا يكفيها لنصب العادة لأن عندهما لا تنتقل العادة بالمرة الواحدة .
فإن أخبرت عن دمين صحيحين وطهرين متفقين وعلمت أنها لم تكن مستحاضة قبلهما ولا بعدهما : فهذا يكفيها لنصب العادة ولا يكفيها للاستئناف لأن العادة تنتقل برؤية المخالف مرتين ولكن لا يكفيها للاستئناف لتوهم الطهر الطويل قبلهما أو بعدهما .
فإن أخبرت عن دمين صحيحين مختلفين في العدد وعن طهرين صحيحين مختلفين في العدد : فعلى قول من يقول بأقل المرتين هذا يكفيها لنصب العادة ولكن لا يكفيها للاستئناف لتوهم الطهر الطويل .
وعلى قول من يقول بأوسط الأعداد هذا لا يكفيها لنصب العادة .
فإن أخبرت عن ثلاثة أطهار ودماء مختلفة فإن لم تعلم أنها هل كانت مستحاضة قبلها أو بعدها فهذا لا يكفيها لنصب العادة على قول من يقول بأوسط الأعداد لأن الخالص من هذه الثلاثة دمان وطهران وإن علمت أنها لم تكن متسحاضة قبلها ولا بعدها فهذا يكفيها لنصب العادة بالبناء على أوسط الأعداد ولا يكفيها للاستئناف لتوهم الطهر الطويل وعلى هذا القياس يخرج ما كان من هذا الوجه والله أعلم