قال Bه اعلم بأن الاستمرار نوعان : متصل ومنقطع .
فالمتصل : أن يستمر الدم بالمرأة في جميع الاوقات وحكم هذا ظاهر لأنها إن كانت متبدأة فحيضها من أول ما رأت عشرة وطهرها عشرون إلى أن تموت أو تطهر وإن كانت صاحبة عادة فأيام عادتها في الحيض .
صفحة [ 168 ] تكون حيضا لها وأيام عادتها في الطهر تكون مستحاضة فيها .
فأما الاستمرار المنقطع وهو مقصود هذا الباب أن نقول : مبتدأة رأت يوما دما ويوما طهرا واستمر بها كذلك أشهرا . فعلى قول " أبي يوسف " C تعالى الجواب في جنس هذه المسائل ظاهر لأنه يرى ختم الحيض بالطهر وبدايته بالطهر فحيضها عشرة من أول ما رأت وطهرها عشرون وهو والاستمرار المتصل سواء .
فأما على قول " محمد " C تعالى فحيضها من أول ما رأت تسعة وطهرها أحد وعشرون لأن اليوم العاشر كان طهرا وهو لا يرى ختم الحيض بالطهر ويحتاج على قوله إلى معرفة ختم العشرة وإلى معرفة ختم الشهر ليتبين به حكم بداية الحيض في الشهر الثاني وفي معرفته طريقان : .
أحدها : أن الأوتار من أيامها حيض والشفوع طهر واليوم العاشر من الشفوع فعرفنا أنه كان طهرا وكذلك اليوم الثلاثين ختم الشهر من الشفوع فكان طهرا وتستقبلها في الشهر الثاني مثل ما كان في الشهر الأول .
والثاني : طريق الحساب وعليه تخرج المسائل لأنه أقرب إلى الفهم فنقول : السبيل أن يأخذ يوما دما ويوما طهرا وذلك اثنان فيضربه فيما يوافق العشرة وذلك خمسة واثنان في خمسة يكون عشرة وآخر المضروب طهر ومعرفة ختم الشهر أن يأخذ دما وطهرا وذلك اثنان يضربه فيما يوافق الشهر وذلك خمسة عشر فيكون ثلاثين وآخر المضروب طهر ويستقبلها في الشهر الثاني مثل ما كان في الشهر الأول فكان دورها في كل شهر تسعة حيضا واحدا وعشرين طهرا .
فإن رأت يومين دما ويوما طهرا واستمر كذلك : فالعشرة من أوله حيض لأن ختم العشرة بالدم .
وإذا أردت معرفة ذلك فالسبيل أن تأخذ دما وطهرا وذلك ثلاثة فتضربه فيما يقارب العشرة لأنك لا تجد الموافق وذلك ثلاثة وثلاثة في ثلاثة تسعة وآخر المضروب طهر ثم بعده يوم دم فعرفت أن ختم العشرة كان بالدم .
ومعرفة ختم الشهر : أن تأخذ دما وطهرا وذلك ثلاثة فتضربه فيما يوافق الشهر وذلك عشرة فيكون ثلاثين وآخر المضروب طهر ثم استقبلها في الشهر الثاني مثل ذلك فيكون دورها في كل شهر عشرة حيضا وعشرين طهرا وكذلك إن رأت يوما دما ويومين طهرا فهو على هذا التخريج .
فإن رأت يومين دما ويومين طهرا واستمر كذلك فحيضها من أول ما رأت عشرة لأن ختم العشرة بالدم ومعرفة ذلك أن تأخذ دما وطهرا وذلك أربعة فتضربه فيما يوافق العشرة وذلك اثنان فيكون ثمانية وآخر المضروب طهر ثم بعده يومان دم تمام العشرة فعرفنا أن ختم العشرة كان بالدم إلى أن ينظر أن ختم .
صفحة [ 169 ] الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك أربعة فتضربه فيما يقارب الشهر وذلك سبعة فيكون ثمانية وعشرين وآخر المضروب طهر ثم بعده يومان دم تمام الشهر واستقبلها في الشهر الثاني يومان طهر ويومان دم فهذه التسة تكون حيضا لها في الشهر الثاني لأن ختم العشرة في الشهر الثاني بيومين طهر ولا يختم الحيض بالطهر إلى أن ينظر إن ختم الشهر الثاني بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك أربعة فيضربه فيما يوافق الشهرين وذلك خمسة عشر فيكون ستين وآخر المضروب طهر ثم استقبلها في الشهر الثالث يومان دم فاستقام أمرها فكان دورها كل شهرين في الشهر الأول عشرة حيض ثم اثنان وعشرون طهر ثم ستة حيض ثم اثنان وعشرون طهر .
فإن رأت ثلاثة دما ويومين طهرا واستمر كذلك فحيضها من أول ما رأت ثمانية لأن ختم العشرة بالطهر إلى أن ينظر إن ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك خمسة فيضربه فيما يوافق الشهر وذلك ستة فيكون ثلاثين وآخر المضروب طهر فكان دورها في كل شهر ثمانية حيضا واثنين وعشرين طهرا .
وكذلك إن قلبت وقلت رأت يومين دما وثلاثة طهرا فهو على هذا التخريج إلا أن حيضها من أول كل شهر سبعة .
فإن رأت ثلاثة دما وثلاثة طهرا واستمر كذلك فحيضها من أول ما رأت تسعة إلى أن ينظر إن ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك ستة فيضربه فيما يوافق الشهر وذلك خمسة فيكون ثلاثين وآخر المضروب طهر فاستقام أمرها وكان دورها في كل شهر الحيض تسعة والطهر واحد وعشرون .
فإن رأت أربعة دما وثلاثة طهرا واستمر كذلك : فحيضها من أول ما رأت عشرة لأن ختم العشرة بالدم إلى أن ينظر إلى ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب الشهر وذلك أربعة فيكون ثمانية وعشرين وآخر المضروب طهر ثم بعده دم أربعة يومان تمام الشهر الأول ويومان من أول الشهر الثاني فيكون حيضا وفي الشهر الثاني حيضها تسعة لأن اليوم العاشر كان طهرا إلى أن ينظر أن ختم الشهرين بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب الشهرين وذلك تسعة فيكون ثلاثة وستين وآخر المضروب طهر فقد مضى من أيام حيضها في الشهر الثالث ثلاثة كان طهرا وبداءة الحيض بالطهر لا يكون ثم بعده أربعة دم وثلاثة طهر فما وجدت في الشهر الثالث من أيام الحيض إلا أربعة فذلك حيضها إلى أن ينظر أن ختم الشهر الثالث بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب تسعين يوما .
صفحة [ 170 ] وذلك ثلاثة عشر فيكون أحدا وتسعين وآخر المضروب طهر فقد مضى من الشهر الرابع يوم لم تر فيه ثم بعده أربعة دم وثلاثة طهر ويومان تمام العشرة دم فوجدت تسعة أيام في الشهر الرابع فذلك حيضها إلى أن ينظر أن ختم الشهر الرابع بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب مائة وعشرين يوما وذلك سبعة عشر فيكون مائة وتسعة عشر وآخر المضروب طهر ثم بعده يوم دم تمام الشهر الرابع وفي الشهر الخامس ثلاثة دم وثلاثة طهر وأربعة دم فهذه العشرة حيضها إلى أن ينظر أن ختم الشهر الخامس بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب مائة وخمسين يوما وذلك أحد وعشرون فيكون مائة وسبعة وأربعين وآخر المضروب طهر ثم بعده أربعة دم ثلاثة من ذلك تمام الشهر الخامس تصلي فيه ثم في الشهر السادس رأت يوما دما وثلاثة طهرا وأربعة دما فهذه الثمانية تكون حيضا لها لأن ختم العشرة في الشهر السادس كان بالطهر إلى أن ينظر إن ختم الشهر السادس بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يقارب مائة وثمانين وذلك ستة وعشرون فيكون مائة واثنين وثمانين وآخر المضروب طهر فقد مضى من الشهر السابع يومان من أيام حيضها لم تر فيه ثم بعده أربعة دم وثلاثة طهر وأربعة دم فختم العشرة في الشهر السابع كان بالدم فيكون حيضها ثمانية أيام بعد يومين مضت من الشهر السابع إلى أن ينظر أن ختم الشهر السابع بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك سبعة فيضربه فيما يوافق سبعة أشهر وذلك ثلاثون فتكون مائتين وعشرة وآخر المضروب طهر فاستقام وكان دورها في كل سبعة أشهر حيضها وطهرها في كل شهر ما ذكرنا لأنه استقبلها في الشهر الثامن مثل ما كان في الشهر الأول أربعة دم وثلاثة طهر .
وكذلك إن قلبت فقلت : رأت ثلاثة دما وأربعة طهرا فهو في التخريج مثل ما سبق واستقام دورها في كل سبعة أشهر إلا أنه ربما يزداد وينقص في هذه المدة بعض أيام حيضها ويتبين ذلك إذا خرجت فإن رأت أربعة دما وأربعة طهرا واستمر كذلك أشهرا فحيضها من أول ما رأت عشرة لأن ختمها بالدم والدم غالب على الطهر فيها إلى أن ينظر أن ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك ثمانية ويضربه فيما يقارب الشهر وذلك أربعة فيكون اثنين وثلاثين وآخر المضروب طهر فقد مضى من أيام حيضها في الشهر الثاني يومان لم تر فيهما ثم استقبلها أربعة دم وأربعة طهر فحيضها في هذا الشهر أربعة لأنها لم تجد في العشرة إلا هذا إلى أن ينظر أن ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا .
صفحة [ 171 ] وذلك ثمانية فيضربه فيما يقارب الشهرين وذلك ثمانية فيكون أربعة وستين يوما وآخره طهر فقد مضى من الشهر الثالث أربعة أيام لم تر فيها ثم استقبلها دم أربعة فهذه الأربعة حيضها في الشهر الثالث لأن ختم العشرة بالطهر إلى أن ينظر أن ختم الشهر الثالث بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك ثمانية فيضربه فيما يقارب ثلاثة أشهر وذلك أحد عشر فيكون ثمانية وثمانين وآخره طهر ثم استقبلها أربعة دم يومان تمام الشهر الثالث تصلي فيهما . وفي الشهر الرابع وجدت عشرة يومان دم وأربعة طهر وأربعة دم فهذه العشرة حيضها إلى أن ينظر أن ختم الشهر الرابع بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك ثمانية فيضربه فيما يوافق أربعة أشهر وذلك خمسة عشر فيكون مائة وعشرين يوما وآخره طهر فاستقام أمرها واستقبلها في الشهر الخامس أربعة دم كما كان في الشهر الأول فيكون دورها في كل أربعة أشهر في الشهر الأول عشرة حيض وفي الشهر الثاني أربعة بعد يومين مضيا حيض وفي الشهر الثالث أربعة حيض بعد أربعة مضت منه وفي الشهر الرابع عشرة حيض .
فإن رأت خمسة دما وأربعة طهرا واستمر كذلك : فحيضها في الشهر الأول عشرة لأن ختم العشرة بالدم إلى أن ينظر أن ختمه بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك تسعة فيضربه فيما يقارب الشهر وذلك ثلاثة فيكون سبعة وعشرين وآخره طهر ثم بعده دم خمسة ثلاثة منها تمام الشهر وتصلي فيها ثم يومان من أول الشهر الثاني رأت فيهما وبعدهما طهر أربعة ودم خمسة فالعشرة من أول الشهر الثاني حيض إلى أن ينظر أن ختمه بماذا يكون فيضرب تسعة فيما يقارب الشهر وذلك سبعة فيكون ثلاثة وستين وآخره طهر فقد مضى من الشهر الثالث ثلاثة لم تر فيها ثم استقبلها دم خمسة فهذا حيضها في الشهر الثالث لأن ختم العشرة بالطهر إلى أن ينظر أن ختم الشهر الثالث بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك تسعة فيضربه فيما يوافق ثلاثة أشهر وذلك عشرة فيكون تسعين وآخره طهر فاستقام أمرها . لأنه استقبلها في الشهر الرابع مثل ما كان في الشهر الأول فعلمنا أن دورها في كل ثلاثة أشهر كما بينا .
وكذلك إن قلبت فقلت : رأت أربعة دما وخمسة طهرا فهو في التخريج كما بينا .
فإذا رأت خمسة دما وخمسة طهرا واستمر كذلك فحيضها خمسة من أول ما رأت لأن ختم العشرة بالطهر إلى أن ينظر أن ختم الشهر بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك عشرة ويضربه فيما يوافق الشهر وذلك ثلاثة فيكون ثلاثين وآخره طهر فاستقام أمرها في كل شهر الحيض خمسة والطهر خمسة وعشرون .
فإن رأت خمسة دما وستة طهرا .
صفحة [ 172 ] واستمر كذلك فحيضها من أول ما رأت خمسة لأن ختم العشرة بالطهر وتصير هذه الخمسة عادة لها بالمرة الواحدة لأنها مبتدأة إلى أن ينظر أن ختم الشهر الثاني بماذا يكون فيأخذ دما وطهرا وذلك أحد عشر ويضربه فيما يقارب الشهر وذلك ثلاثة فيكون ثلاثة وثلاثين وآخر المضروب طهر فقد مضى في الشهر الثاني من أيام عادتها ثلاثة وبقي يومان ويومان لا يكون حيضا ومن أصل " أبي حنيفة " C تعالى أن العادة لا تنتقل بالمرة الواحدة .
وتخرج هذه المسألة على قولهما دون قول " أبي يوسف " C تعالى كما بينا في أول الكتاب .
فأما على قول من لا يرى البدل وهو قول " أبي حنيفة " C تعالى فإنها لا تترك الصلاة في شيء من الشهر الثاني إلى أن ينظر أنها هل ترى في الشهر الثالث من أيام عادتها فتأخذ دما وطهرا وذلك أحد عشر فتضربه فيما يقارب الشهرين وذلك ستة فيكون ستة وستين وآخره طهر فقد مضى من أيام عادتها في الشهر الثالث لم تر فيه شيئا وصاحبة العادة إن لم تر مرتين على الولاء يستأنف لها في موضع الرؤية لأن العادة لا تنتقل برؤية المخالف مرتين تنتقل بعدم الرؤية في أيامها مرتين وإذا استأنف في موضع الرؤية كان حيضها خمسة واستقام أمرها على أن يكون دورها في كل ستة وستين يوما الحيض خمسة والطهر أحد وستون يوما .
وأما على قول من يرى البدل وهو قول " محمد " C تعالى فإنه يقول : يبدل لها خمسة بعد ثلاثة مضت من الشهر الثاني لوجود شرط الإبدال لأنه يبقى بعده طهر تام وهو ثمانية وعشرون على ما نثبته في بابه فيترك هذه الخمسة إلى أن ينظر أن ختم الشهرين بماذا يكون فيأخذ أحد عشر ويضربه فيما يقارب الشهرين وذلك ستة فيكون ستة وستين فلم تر مرتين على الولاء فيستأنف لها من موضع الرؤية واستقام دورها في كل ستة وستين تدع خمسة وتصلي ثمانية وعشرين . ثم تدع خمسة بحساب البدل ثم تصلي ثمانية وعشرين وهذا دأبها .
وإن استمر بها الدم بعد شهور استمرارا متصلا فكان " محمد بن إبراهيم الميداني " C تعالى يقول : حيضها في أيام الاستمرار خمسة وطهرها بقية الشهر خمسة وعشرون لأنها كانت تصلي في ثمانية وعشرين لأجل الضرورة لا لأنه كان طهرا صحيحا يصلح لنصب العادة فإذا ارتفعت الضرورة باتصال الاستمرار عادت إلى ما هو الأصل وهو أن يكون باقي الشهر بعد أيام عادتها في الحيض طهرا لها وذلك خمسة وعشرون .
وكان " أبو عثمان " يقول : حيضها عشرة في زمان الاستمرار وطهرها عشرون لأن الطهر لما فسد فسد الدم أيضا وإنما كنا لا نجعل العشرة حيضا لأن ختمها بالطهر وقد .
صفحة [ 173 ] زال ذلك المعنى فحيضها عشرة وطهرها عشرون كما لو ابتليت بالاستمرار ابتداء .
( يتبع . . . )