( تابع . . . 1 ) : صفحة [ 211 ] إعلم أن المستخرج من المعادن أنواع ثلاثة منها جامد يذوب .
ولنا ما روي عن " عبدالله بن عمر بن العاص " - رحمهما الله تعالى - أن بني سامر قوم من جرهم كانت لهم نحل عسالة فكانوا يؤدون إلى رسول الله A من كل عشر قرب قربة وكان يحمي لهم واديهم فلما كان في زمن " عمر بن الخطاب " - Bه - استعمل عليهم " سفيان بن عبدالله الثقفي " فأبوا أن يعطوه شيئا فكتب في ذلك إلى " عمر " فكتب إليه " عمر " أن النحل ذباب غيث يسوقه الله تعالى إلى من شاء فإن أدوا إليك ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله A فاحم لهم واديهم وإلا فحل بينهم وبين الناس فدفعوا إليه العشر .
و " عن " أبي سلمة " عن " أبي هريرة " أن النبي A كتب إلى أهل " اليمن " أن في العسل العشر " والمعنى فيه أن النحل تأكل من نوار الشجر وثمارها كما قال الله تعالى : { " ثم كلي من كل الثمرات " } فما يكون منها من العسل متولد من الثمار وفي الثمار إذا كانت في أرض عشرية العشر فكذلك فيما يتولد منها ولهذا لو كانت في أرض خراجية لم يكن فيها شيء فإنه ليس في ثمار الأشجار النابتة في أرض الخراج شيء وبهذا فارق دود القز فإنه يأكل الورق وليس في الأوراق عشر فكذلك ما يتولد منها .
قال : ولا شيء في القير والنفط والملح لأنها فوارة كالماء وأما ما حولها من الأرض فقد قال بعض مشايخنا لا شيء فيها من الخراج وإن كانت هذه العيون في أرض الخراج لأنها غير صالحة للزراعة فكانت كالأرض السبخة وما لا يبلغها الماء وكان " أبو بكر الرازي " - Bه - يقول لا شيء في موضع القير وأما حريمه مما أعده صاحبه لإلقاء ما يحصل له فيه يمسح فيوجب فيه الخراج لأنه في الأصل صالح للزراعة إنما عطله صاحبه لحاجته فلا يسقط الخراج عنه .
قال : ولا شيء في الطرفاء والقصب الفارسي لأنه لا يستنبت في الجنان بماء ولا يقصد به استغلال الأراضي عادة بل لا يبقي على الأرض فإنه مفسد لها والعشر إنما يجب فيما يقصد به استغلال الأراضي عادة .
قال : ولا يسقط فيه الخمس عن الركاز والمعدن وإن كان واجده معسرا أو فقيرا " لقوله A : وفي الركاز الخمس " ولأنه .
صفحة [ 217 ] ليس يجب على الواحد ولكن الخمس صار حقا لمصارف الخمس حين وقع هذا في يد المسلمين من يد أهل الحرب فلا يختلف باختلاف حال من يظهره .
قال : وإذا تقبل الرجل من السلطان معدنا ثم استأجر فيه أجراء واستخرجوا منه مالا قال يخمس وما بقي فهو للمتقبل لأن عمل أجرائه كعمله بنفسه ولأن عملهم صار مسلما إليه حكما بدليل وجوب الأجرة لهم عليه وإن كانوا عملوا فيه بغير أمره فالأربعة الأخماس لهم دونه لأنهم وجدوا المال والأربعة الأخماس للواجد والتقبل من السلطان لم يكن صحيحا لأن المقصود منه ما هو عين والتقبل في مثله لا يصح كمن تقبل أجمة فاصطاد فيها السمك غيره كان للذي اصطاده وكذلك من تقبل بعض المقانص من السلطان فاصطاد فيها غيره كان الصيد لمن أخذه ولا يصح ذلك التقبل منه فهذا مثله والله أعلم