( قال C ) امرأة حامل تريد أن تهب مهرها لزوجها على أنها أن ماتت في نفاسها كان الزوج بريأ من المهر وأن سلمت عاد المهر على زوجها فإنه ينبغيب لها أن تشتري من الزوج ثوبا لم تره بأن كان في منديل فتشتريه بجميع مهرها أو نصفه فإن ماتت في نفاسها برئ الزوج وأن سلمت من علتها ردت الثوب بخيار الرؤية وعاد المهر على زوجها وهذا يستقيم إذا بقي الثوب على حاله لأن الرد بخيار الرؤية غير موقت وبه ينفسخ العقد من الأصل فيعود المهر عليه كما كان ولكن الثوب قد يتعيب عندها أو يهلك فيتعذر رده فالسبيل أن تشتري الثوب وتشهد على ذلك من غير أن تقبضه من الزوج حتى لا يتعذر عليها الرد إذا سلمت بوجه من الوجوه رجل أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم وأخبره أنه أن فعل اشتراها الآمر منه بألف ومائة فخاف المأمور أن اشتراها أن لا يرغب الآمر في شرائها قال يشتري الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام فيها ويقبضها ثم يأتيه الآمر فنقول له قد أخذتها منك بألف ومائة فيقول المأمور هي لك بذلك ولا بد له أن يقبضها على أصل محمد C فأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا حاجة إلى هذا لشرط لجواز التصرف في العقار قبل القبض عندهما والمشتري بشرط الخيار يتمكن من التصرف في المشتري بالإتفاق وإني اختلفوا أنه هل يملكه مع شرط الخيار أم لا فإنما قال الأمر يبدأ ليتمكن من التصرف في المشتري فيقول أخذت منك بألف ومائة لأن المأمور له لو بدأ قال بعتها منك ؟ ؟ .
ربما لا يرغب الأمر في شرائها ويسقط خيار المأمور بذلك فكان الاحتياط في أن يبدأ الأمر حتى إذا قال المأمور هي لك بذلك تم البيع بينهما وإن لم يرغب الأمر في شرائها يمكن المأمور من ردها بشرط الخيار فيندفع الضرر عنه بذلك رجل حلف يعتق كل مملوك يملكه إلى ثلاثين ستة وعليه كفارة ظهار فأراد أن يعتق ويجوز عن طهاره قال يقول الرجل أعتق عبدك عني على ألف درهم فإذا فعل ذلك عتق لأن الملك هنا وأن كان يثبت للأمر فإنما يثبت ذلك في حكم تصحيح العتق عنه لأنه ثابت بطريق الإضمار والمقصود بالإضمار تصحيح الكلام ففيما يرجع إلى تصحيح الكلام يظهر حكم المضمر ولا يظهر فيما وراء ذلك فلا يصير شرط الحنث في اليمين الأول موجودا بهذا اللفظ فيقع العتق عن الظهار كما أوجبه بالكلام الثاني وهذه المسألة تصير رواية في فصل وهو من قال لعبد الغير ملكتك فأنت حر ثم قال أن ملكتك فأنت حر عن ظهاري ثم اشتراه لا بجزئه عن الظهار لأن عتقه عند دخوله في ملكه صار مستحقا بالكلام الأول على وجه لا يملك أبطاله ولا يملك أبداله بغيره فعند دخوله في ملكه إنما يعتق بالكلام الأول ولم يقترن به نية الظهار ألا ترى أنه تكلف في هذا الفصل فقال يقول الرجل اعتق عبدك عني على كذا ولو كان هو يمكنه اعتاقه عن ظهاره لقال أنه يقول لهذا المملوك أن ملكتك فأنت حر عن ظهاري ثم يشتريه فلما لم يذكر هكذا عرفنا أن الصحيح في تلك المسألة أن يعتق عند دخوله في ملكه بالايجاب الأول خاصة امرأة طلقها زوجها ولها عليه دين بغير بينة فحلف ما لها عليه حق فأرادت أن تأخذ منه وأنكرت أن تكون عدتها قد انقضت تريد بذلك أن تأخذه بغير علمه فكذلك أن تمكنت من الآخذ بهذا الطريق وهذا لأن هذا الزوج وأن كان يعطيها بطريق نفقة العدة فهي إنما تستوفي بحساب دينها ولها حق استيفاء مال الزوج بحساب دينها على أي وجه كان منه فإن حلفها القاضي على انقضاء عدتها فحلفت تعنى به شيئا غير ذلك وسعها وقد بينا أنها متى كان مظلومة تعتبر نيتها فإذا حلفت ما انقضت عدتى تعني به عدة عمرها وسعها ذلك ولو أن رجلا أراد أن يدفع مالا مضاربة إلى رجل وأراد أن يكون المضارب ضامنا له فالحيلة في ذلك أن يقرضه رب المال المال إلا درهما ثم يشاركه بذلك الدرهم فيما أقرضه على أن يعملا فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما على كذا وهذا صحيح لأن المستقرض بالقبض يصير ضامنا للمستقرض متملكا ثم الشركة بينهما مع التفاوت في رأس المال صحيح فالربح بينهما على الشرط على ما قال علي Bه الربح على ما اشترطا والوضيعة على المال ويستوي أن عملا جميعا أو عمل به أحدهما فربح فإن الربح يكون بينهما على هذا الشرط وإن شاء أقرض المال كله للمضارب ثم يدفعه المستقرض إلى المقرض مضاربة بالنصف ثم يدفعه المقرض إلى المستقرض بضاعة فيجوز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأن دفعه إلى صاحب المال بضاعة كدفعه إلى أجنبي آخر وفي قول محمد C الربح كله للعامل هنا لأن العامل صاحب المال وهو في عمله في ملكه لا يصلح أن يكون نائبا عن غيره وقد تقدم بيان هذه المسألة في كتاب المضاربة فهذه الحيلة على أصل أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله خاصة فالمال كله صار مضمونا عليه بالقبض على جهة القرض ثم هو العامل في المال والربح على شرط المضاربة فأما عند محمد رحمه لله الحيلة هي الأولى قال وسألت أبا يوسف C عن الرجل يشتري دارا بألف درهم فخاف أن يأخذها جارها بالشفعة فاشتراها بالفي درهم من صاحبها ثم أعطاه بألف دينار أو ألف درهم قال هو جائز لأن هذه مصادقة بالثمن قبل القبض وذلك جائز لحديث ابن عمر Bه قال ألا يا رسول الله أعلي بأس أني أبيع الإبل بالبقيع وربما أبيعها بالدارهم وأخذ مكانها دنانير فقال عليه السلام لا بأس إذا افترقتما وليس بينكما عمل فإن حلفه القاضي ما دلست ولا دلست فحلف كان صادقا لأن هذه عبارة عن الغرور والخيانة ولم يفعل شيئا من ذلك وأن أحب أن لا يكون عليه يمين اشتراها كذلك لولده الصغير فلا يكون عليه يمين في ذلك لأن الاستحلاف لرجاء النكول أو الإقرار وهو لو أقر بذلك لم يصح إقراره في حق الصغير فإن لم يكن له ولد صغير فالسبيل أن بأمر بعض أصدقائه أن يشتريها له كذلك ويشهد على الوكالة ويجعله جائز الأمر في ذلك فإن اشتراها لم يكن بين الشفيع والمشتري في ذلك خصومة في قول محمد C وفي قول أبي يوسف ما دامت في يده فهو خصم للشفيع ألا أن يشهد على تسليمها للأمر ثم يودعها الأمر منه أو يعيرها رجل أحب أن يشتري دارا بعشرين ألف درهم فإن أخذها الشفيع أخذها بعشرين ألف ولو استحق الدار لم يرجع على البائع إلا بعشرة آلاف قال يشتريها .
بعشرين ألف درهم وينقده تسعة آلاف وتسعين درهما ودينارا فإنما بقي من الثمن فإن رغب فيها الشفيع أخذها بعشرين ألف وإن استحقت يرجع على البائع بما دفع إليه لأنها لما استحقت بطل عقد الصرف لوجود الافتراق قبل قبض أحد البدلين ولا يرجع إلا بما أدى وقبل الاستحقاق الصرف صحيح فلا يأخذ الشفيع الدار إلا بعشرين ألف ولو أعطاه بالباقي مكان الدينار ثوبا أو متاعا رجع عند الاستحقاق بعشرين ألف لأن استحقاق الدار لا يبطل البيع في الثوب والمتاع فيكون قابضا منه عشرين ألفا فيلزمه رد ذلك عند استحقاق الدار فأما عقد الصرف يبطل باستحقاق الدار فلا يلزمه إلا رد المقبوض فلو لم يستحق ووجد بالدار عيبا ردها بعشرين ألف في جميع ذلك لأنه بالرد بالعيب لا يتبين أن الثمن لم يكن واجبا قبل القبض وقد بينا في كتاب الشفعة وجوه الحيل لإبطال الشفعة أو لتقليل رغبة الشفيع في الأخذ وذلك لا بأس به قبل وجوب الشفعة عند أبي يوسف C وعند محمد C هو مكروه أشد الكراهة لأن الشفعة مشروعة لدفع الضرر عن الشفيع فالذي يحتال لاسقاطها بمنزلة القاصد إلى الإضرار بالغير وذلك مكروه وأبو يوسف C يقول أنه يمتنع من التزام هذا الحق مخافة أن لا يمكنه الخروج منه إذا التزمه وذلك لا يكون مكروها كمن امتنع من جميع المال كيف يلزمه نفقة الإقارب والحج فهذا دفع الضرر عن نفسه لا الاضرار بالغير لأن في الحجر عليه عن التصرف أو تملك الدار عليه بغير رضاه اضرار به وهو إنما قصد دفع هذا الضرر وعلى هذا الخلاف الحيلة لمنع وجوب الزكاة واستدل أبو يوسف C على ذلك في الأمالي قال أرأيت لو كان لرجل مائتا درهم فلما كان قبل الحول بيوم تصدق بدرهم منها كان هذا مكروها وإنما تصدق بالدرهم حتى يتم الحول وليس في ملكه نصاب فلا يلزمه الزكاة ولا أحد يقول بأن هذا يكون مكروها أو يكون هو فيه آثما قال وإذا اشترى الرجل دارا لغيره وكتب في الصك ونقد فلان فلانا الثمن كله من مال فلان الأمر فللبائع أن لا يرضي بهذا لما فيه من الضرر عليه فربما يجيء الأمر فيقول قد أخذت مالي وأقررت بذلك حين أشهدت على الصك ولم آمر فلانا بالشراء لي فيسترد ماله ولا يقدر هو على المشتري ليطالبه بثمن الدار وإن لم يكتب هذا ففيه نوع ضرر على الأمر وهو أن يأخذ المشتري الأمر بالمال ويقول نقدت الثمن من مالي فالحيلة أن يكتب وقد نقد فلان فلانا الثمن ولا يكتب من مال من هو فإذا ختم الشهود كانت شهادتهم على البيع وقبض الثمن فقط ثم يقر المشتري بعد ذلك أن ما نقده من الثمن إنما هو من مال الآمر فيكون إقراره حجة عليه للآمر فيندفع الضرر عنهما والله أعلم بالصواب