( قال Bه ) اعلم بأن الحمل من جملة الورثة إذا علم بأنه كان موجودا في البطن عند موت المورث وانفصل حيا وإنما يعلم وجوده في البطن إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ مات المورث لأن أدنى مدة الحمل ستة أشهر وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فلا ميراث له إذا كان النكاح قائما بين الزوجين وإن كانت معتدة فحينئذ إذا جاءت به لأقل من سنتين منذ وقعت الفرقة بموت أو طلاق فهو من جملة الورثة وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ مات المورث فإنما يرث إذا انفصل حيا وطريق معرفة ذلك أن يستهل صارخا أو يسمع منه عطاس أو يتحرك بعض أعضائه بعد الانفصال فإن خرج بعضه فتحرك قلنا أن خرج أكثره فتحرك عضو من أعضائه دليل على أنه حي وإن خرج أقله فكذلك لا يكون دليل كونه حيا وإنما شرطنا وجوده في البطن عند موت المورث لأن الوراثة خلاف والمعدوم لا يتصور أن يكون خلفا عن أحد فأدنى درجات الخلافة الوجود ( فإن قيل ) الخلافة لا تتحقق الا باعتبار صفة الخلافة لان الميت لا يكون خلفا عن الميت وأنتم لا تعتبرون ذلك بل تقولون وإن كان نطفة في الرحم عند موت المورث فإنه يكون من جملة الورثة ولا حياة في النطفة قلنا نعم تلك النطقة في الرحم ما لم تفسد فهي معدة للحياة ولأن يكون منها شخص حي فيعطي لها حكم الحياة باعتبار المآل كما يعطى للبيض حكم الصيد في وجوب الجزاء على المحرم إذا كسره وإن لم يكن فيه معنى الصيدية ولهذا قلنا بأن اعتاق ما في البطن صحيح والوصية له صحيحة وإن كاننت نطفة في الرحم باعتبار الحال ولكن يعتبر المآل بكذلك هنا يعتبر المآل فكذلك يكون من جملة الورثة ولما جعلنا الجنين في البطن كالمنفصل في منفعة المالكية بالإرث اعتبارا لمآله فكذلك النطفة تجعل كالنفس الحية باعتبار المآل ثم الأصل أن العلوق يستند إلى أقرب الأوقات إلا في موضع الضرورة لأن المتيقن به ذلك وفي حال قيام النكاح لا ضرورة فاستندنا إلى أقرب الأوقات وذلك ستة أشهر فأما بعد ارتفاع النكاح بنا حاجة إلى إسناد العلوق إلى أقرب الأوقات لإثبات النسب وإذا أسندنا إلى ذلك الوقت فقد حكمنا بأنه كان موجودا في البطن عند موت المورث وعلى هذا الأصل لو قال لأمة لها زوج أنت حرة فجاءت بولد لستة أشهر أو أقل فإن ولاء الولد لمولى الأم لأنه كان موجودا عند اعتاق الأم فصار مقصودا بالعتق وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فولاؤه لموالي الأب لأنه لو لم يكن موجودا عند اعتاق الأم بتيقن فيكون هو في حكم الولاء تبعا ولو كان الزوج طلقها تطليقتين ثم أعتقها مولاها فجاءت بولد لأقل من سنتين ومن وقت الطلاق فإن الولد يكون مولى لموالي الأم لأنا حكمنا بكونه وقت الإعتاق حين أثبتنا نسبه من الزوج فيصير الولد مقصودا بالعتق وإنما شرطنا في التوريث انفصال الولد حيا لأن حاله عند موت المورث لا يمكن معرفته حقيقة ولكن إذا انفصل حيا كان ذلك دليلا للحياة يومئذ وتحركه في البطن غير معتبر لكون تحرك البطن محتملا قد يكون من الريح وقد يكون من الولد أما إذا انفصل واستهل فهو دليل حياته وروي عن رسول الله A قال إذا استهل الصبي ورث وصلى عليه وذلك روي عن علي Bه والعطاس دليل حياته بمنزلة الاستهلال وتحرك بعض الأعضاء كذلك وإذا كان الخارج بعضه فنقول إن كان الخارج هو الأكثر فحكم الأكثر حكم الكل وكأنه خرج كله ثم خرج بعض أعضائه وإن كان الخارج أقله فكأنه لم يخرج منه شيء بعد إذ الأقل تبع للأكثر بدليل حكم النفاس ثم اختلفت الروايات في مقدار ما يوقف للحمل من الميراث فروى ابن المبارك عن أبي حنيفة انه يوقف للحمل نصيب أربع بنين وروى هشام عن أبي يوسف أنه يوقف للحمل ميراث ابنين وهو قول محمد وذكر الخصاف عن أبي يوسف أنه يوقف له ميراث ابن واحد وهذا هو الأصح وعليه الفتوى وفي رواية ابن المبارك لا اعتبار بما يتوهم لأن قسمة الميراث لا تكون إلا باعتبار المتيقن ولم ينقل عن المتقدمين أن امرأة ولدت أكثر من أربع بنين وفي رواية هشام قال ولادة المرأة أربع بنين في بطن واحد اندر ما يكون فلا ينبني الحكم عليه وإنما ينبني على ما يكون في العادة وهو ولادة اثنين في بطن واحد وفي رواية الخصاف فإن النادر لا يعارض الظاهر والعام الغالب أن المرأة لا تلد في بطن واحد إلا ولدا واحدا فعلى ذلك ينبني الحكم ما لم يعلم خلافه إذا عرفنا هذا فنقول رجل مات وترك ابنا وأم ولد حامل فعلى رواية ابن المبارك إنما يدفع إلى الابن خمس المال ويجعل كان الحمل أربع بنين وعلى رواية هشام يدفع إلى الابن ثلث المال ويجعل كأن الحمل اثنان وعلى رواية الخصاف يدفع إلى الابن نصف المال ويجعل كان الحمل ابن واحد ثم سائر الورثة مع الحمل لا يخلو حالهم أما أن يكون الوارث مع الحمل ممن لا .
تتغير فريضته بالحمل أو ممن تتغير فريضته بالحمل ولا يخلو إما أن يكون ممن يسقط في بعض الأحوال أو ممن لا يسقط فإن كان ممن لا تتغير فريضته بالحمل فإنه يعطى فريضته حتى إذا ترك امرأة حاملا وجدة فللجد السدس لأنها لا تتغير فريضتها بهذا الحمل وكذلك إذا ترك امرأة حاملا فإنه تعطى المرأة الثمن لأنها لا تتغير فريضتها بهذا الحمل ولو ترك امرأة حاملا وأخا أو عما يعطي الأخ والعم شيئا لأن من الجائز أن يكون الحمل ابنا فيسقط معه الأخ والعم ولا يعطي من يرث مع الحمل إلا القدر المتيقن به لأن التوريث في موضع الشك لا يجوز فإذا كان ممن تتغير فريضته بالحمل فالمتيقن له أقل النصيبين فلا يعطى إلا ذلك وإذا كان ممن يسقط بحال فاصل الاستحقاق له مشكوك فلهذا لا يعطي شيئا ثم إن كان الأقل كنصيب سائر الورثة أن يجعل الحمل ذكرا يجعل ذكرا وإن كان الأقل كنصيب سائر الورثة أن يجعل الحمل اثني يجعل اثني فإنما يوقف للحمل أوفر النصيبين ولا يعطي سائر الورثة إلا الأقل احتياطا بيان ذلك في امرأة ماتت وتركت زوجا وأما وهي حامل من أبيها فإن الحمل يجعل انثى على الروايات كلها لأنا لو جعلنا الحمل ذكرا كان للزوج النصف كاملا ثلاثة من ستة وللأم الثلث سهمان والباقي وهو سهم للأخ وإذا جعلنا الحمل انثى فعلى رواية ابن المبارك الحمل بمنزلة أربع أخوات وعلى رواية هشام الحمل بمنزلة أختين فيكون لهما الثلثان وتعول المسألة بسهمين للزوج ثلاثة وللأم السدس وللأختين أربعة ولا شك أن ثلاثة من ثمانية دون ثلاثة من ستة وكذلك على رواية الخصاف لأنا إذا جعلنا الحمل انثى فالقسمة من ثمانية للزوج ثلاثة وللأم سهمان فإن الأخت الواحدة لا تحجب الأم من الثلث إلى السدس وللأخت ثلاثة فتكون القسمة من ثمانية فلهذا جعلنا الحمل انثى ويوقف لها ثلاثة من ثمانية فلهذا جعلنا الحما انثى ويوقف لها ثلاثة من ثمانية فإن ولدت ابنة فالموقوف يكون لها وتبين صحة القسمة وإن ولدت ابنا فقد بطلت القسمة الأولى وإن ولدت ابنتين انتقصت القسمة ويسترد من الأم أحد السهمين فيكون للأختين وإنما يقسم المال من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان والباقي وهو سهم للأخ بالعصوبة فإن ترك ابنا وامرأة حاملا فولدت الحامل ولدين أحدهما ذكر والآخر أنثى واستهل أحدهما ولم يستهل الآخر أو لا يدري أيهما استهل بأن كان ليلا أو لكثرة الزحمة لم يعلم من استهل منهما والتخريج في هذه المسألة أن نقول هنا حالتان فإن كان الذي استهل منهما الابن فإنما ترك الرجل ابنين وامرأة فتكون القسمة من ستة عشر للمرأة سهمان ولكن ابن سبعة ثم مات أحد الإخوة الاثنين عن أخ وأم فللأم الثلث والباقي للأخ وقسمة سبعة أثلاثا لا يستقيم فتضرب ستة عشر في ثلاثة فيكون ثمانية وأربعين للأم ستة بالميراث من الزوج ولكل ابن أحد وعشرون ثم لها سبعة من ابنها فيكون لها ثلاث عشر وللابن خمسة وثلاثون وإن كان الذي استهل الابنة فإنما مات الرجل عن ابن وابنة وامرأة فتكون القسمة من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة وللابنة سبعة ثم ماتت الابنة عن أم وأخ وقسمة سبعة بينهما أثلاثا لا تستقيم فنضرب أربعة وعشرين في ثلاثة فتكون اثنين وسبعين للمرأة تسعة وللابنة أحد وعشرون وللابن اثنان وأربعون ثم قد ورثت الأم من الابنة سبعة فيكون لها في الحاصل ستة عشر وللابن ستة وخمسون إلا أن بين ستة عشر وستة وخمسين موافقة بالنصف فيقتصر على الثمن من كل واحد منهما وثمن ستة عشر اثنان وثمن ستة وخمسين سبعة فذلك تسعة فتكون القسمة بينهما في هذه الحالة على تسعة وفي الحالة الأولى للأم ثلاثة عشر وللابن خمسة وثلاثون ولا موافقة بينهما في شيء إلا أن بين تسعة وبين ثمانية وأربعين وهو جملة السهام في الحالة الأولى موافقة بالثلث فيقتصر على الثلث من أحدهما ويضرب في جميع الآخر وذلك أما ستة عشر في تسعة أو ثلاثة في ثمانية وأربعين فيكون ذلك مائة وأربعة وأربعين ثم ضعف ذلك لأن الحالة حالتان فيكون مائتين وثمانية وثمانين منه تصح القسمة كان للأم سهمان من تسعة ضربناها في ستة عشر فيكون اثنين وثلاثين ثم أضعفنا فيكون أربعة وستين فهو نصيب الأم وكان للابن سبعة ضربنا ذلك في ستة عشر فتكون مائة واثني عشر ثم أضعفنا ذلك فيكون أربعة وعشرين فهو نصيب الابن فاستقام التخريج ومتى انفصل الحمل ميتا لا يرث إذا انفصل بنفسه فأما إذا انفصل بسبب فهو من جملة الورثة وبيانه إذا ضرب إنسان بطنها فألقت جنينا ميتا فهذا الجنين من جملة الورثة لأن الشرع أوجب على الضارب الغرم ووجوب الضمان بالجناية على الحي دون الميت فإذا حكمنا بحياته كان له الميراث وبعد عنه نصيبه كما يورث عنه يدل نفسه وهو الغرة والله أعلم بالصواب .
فصل في ميراث المفقود .
( قال Bه ) وإنما ألحقنا هذا الفصل بما سبق لاستواء حالهما فالمفقود متردد الحال بين الحاية والموت كالجنين في البطن ثم الأصل فيه أن المفقود يجعل حيا في ماله ميتا في مال غيره حتى لا يورث عنه ماله ولا يقسم بين ورثته ما لم يعلم موته ولا يعطى له ميراث أحد من قرابته إذا مات قبل أن يتبين حاله ولكن يوقف نصيب المفقود كما يوقف نصيب الحمل لأنه حياته كانت معلومة وما علم ثبوته فالأصل بقاؤه إلا أن الحكم بحياته باعتبار استصحاب الحال فهو حجة في إبقاء ما كان على ما كان وليس بحجة في إثبات ما لم يكن ثابتا لأن ثبوته لانعدام الدليل المزيل لا لوجود الدليل المنفي فنقول في مال نفسه يجعل حيا لإبقاء ما كان على ما كان وفي مال غيره لا تثبت حياته لأن الحاجة إلى استحقاق الميراث لدفع استصحاب الحال لا يكفر لذلك ثم اختلفت الروايات أنه متى يحكم بموته فعلى ظاهر الرواية قال إذا لم يبق أحد من أقرانه وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة إذا مضى من مولده مائة وعشرون سنة وفي رواية أخرى مائة سنة وقد بينا هذا في كتاب المفقود ثم إذا وقف نصيبه من ميراث غيره فإن ظهر حيا أخذ ذلك وإن لم يظهر حاله حتى حكم بموته لم يستحق شيئا مما وقف له بمنزلة الحمل إذا انفصل حيا استحق الميراث وإن انفصل ميتا لم يستحق شيئا فإذا مضت مدة يعلم أنه لا يعيش إلى تلك المدة فإنه يحكم بموته ويقسم ميراثه بين ورثته وإنما يعتبر من ورثته من يكون باقيا في هذه الحالة ولا يرثه أحد ممن مات قبل هذا شيئا لأنه إنما يحكم بموته في هذه الحالة وشرط التوريث بقاء الوارث حيا بعد موت المورث فلهذا لا يرثه إلا من كان باقيا من ورثته حين حكم بموته والله أعلم بالصواب