( قال ) الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة : أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي - C - ( وإذا مات الرجل وترك ابنا لا وارث له غيره وترك مالا فأقر الابن لرجل أنه أخوه لأبيه فإنه لا يصدق على النسب حتى لا يثبت نسبه من الميت ) إلا في رواية عن أبي يوسف قال : إذا كان الابن واحدا يثبت النسب بإقراره بابن آخر لأنه قائم أبيه فإقراره كإقرار الأب والأصل فيه ما روى ( أن عبدالله بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص - Bهما - لما تنازعا بين يدي رسول - A - في ولد وليدة زمعة قال عبدالله ولد أبي ولد على فراش أبي قال سعد ابن أخي عهد إلي فيه أخي فقال عليه السلام . هو لك يا عبدالله الولد للفراش وللعاهر الحجر ) فقد أثبت النسب من زمعة بإقرار عبدالله لأنه كان هذا الوارث دون أخيه سودة فقد كانت مسلمة عند موت الأب وزمعة قتل كافرا وعبد كان على دينه يومئذ فكان هو الوارث خاصة .
وجه ظاهر الرواية : أنه يحمل هذا النسب على غيره بإقراره وإقراره لا يكون حجة على الغير وبيانه : أن الأخوة لا تثبت بينهما إلا بواسطة الأب فما لم يثبت نسبه من أبيه لا يكون أخا له فعرفنا أنه يحمل نسبه على أبيه وإنما يقوم هو مقام الأب فيما يخلفه فيه من المال وفي النسب لا يخلفه فلا يكون قائما مقامه في الإقرار ولا حجة في حديث عبد بن زمعة لأن قوله عليه السلام : ( هو لك ) قضاء بالملك لعبد في ذلك الولد فإنه كان ولد أمة أبيه وقوله ( الولد للفراش ) لتحقيق نفي النسب من عتبة بن أبي قاص فقد كان عاهرا لا فراش له على أنه روى أن تلك الوليدة كانت أم ولد لزمعة وليست ولد أم الولد بسبب من غيره دعوة .
وفي بعض الروايات قال : عند أبي ولد على فراش أبي أقربه أبي فإنما أقامه مقام أبيه في إظهار إقراره بقوله ثم ثبوت النسب كان بإقرار معه لا بإقرار عبد ثم نقول المقر له يشارك المقر في الميراث فيأخذ منه نصف ما ورث من الأب لأن في كلامه إقرارا بشيئين بالنسب وبالشركة في الميراث والنسب إنما يقر به على غيره فلم يصح والشركة في الميراث إنما يقر بها على نفسه لأنه صار أحق بجميع الميراث فصح إقراره بذلك ولا يبعد أن يثبت له الشركة في الميراث .
وإن لم يثبت النسب كما لو قال لعبده وهو معروف النسب من غيره هذا ابني فإنه يعتق عليه وءن لم يثبت نسبه منه فإن دفع النصف إليه ثم أقر بابن آخر لأبيه وكذبه الأول فيه وكذبه الآخر في الأول .
فإن كان دفع النصف إلى الأول بقضاء القاضي أخذ الآخر نصف ما بقي في يده لأنه بالكلام الثاني أقر أن حقه وحق الثاني في الشركة سواء وإقراره حجة في حقه فيدفع إليه نصف ما بقي في يده ولا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول لأنه إنما دفع ذلك بقضاء القاضي فلا يصير ضامنا شيئا من ذلك المدفوع لأحد ويجعل ما أخذه الأول زيادة على حقه كالتاوي فيكون ضرر ذلك عليهما جميعا وإن كان دفعه إلى الأول بدون قضاء القاضي أخذ الآخر ثلثي ما بقي في يده وهو ثلث جميع المال لإقرار حق كل واحد منهم في ثلث المال وأنه دفع إلى الأول قدر السدس زيادة على حقه وإنما دفعه بعد قضاء فيكون ذلك محسوبا من نصيبه فيدفع إلى الآخر مما بقي في يده كمال حقه وهو ثلث جميع المال أو ما دفع إلى الأول زيادة على حقه كالقائم في يده حكما ويجعل كأن الباقي في يده ثلثا التركة فيدفع إلى الثاني نصف ذلك وهو ثلث جميع التركة .
والدليل على صحة الفرق بين الدفع بقضاء وغير قضاء أن الوصي إذا قضى دين بعض الغرماء من التركة بقضاء القاضي لم يكن ضامنا لسائر الغرماء شيئا ولو دفع بغير قضاء القاضي كان ضامنا حصة سائر الغرماء .
وكذلك لو كان الوارث هو الذي قضى بعض الغرماء دينهم وعلى هذا في جناية المدبر إذا دفع المولى القيمة ثم جنى جناية أخرى يفصل الدفع بقضاء وبغير قضاء في قول أبي حنيفة - C - على ما بينا في الديات وهما يستويان هناك بين الدفع بقضاء وبغير قضاء والفرق لهم بحرف وهو أنه متى دفع إلى الأول وليس هناك حق واجب بغيره لم يكن ضامنا سواء دفع بقضاء أو بغير قضاء لأنه فعل بنفسه عين ما يأمر القاضي به لو رفع الأمر إليه ومتى كان حق الثاني ثابتا عند الدفع إلى الأول يفصل بين الدفع بقضاء وبغير قضاء .
وبيانه : فيما قال في كتاب العتق في المرض : رجل زوج أمته واستوفى صداقها ثم أعتقها في صحته ثم مات ولم يدخل الزوج بها فيضرب الوارث في التركة ثم اختارت هي نفسها حتى صار الصداق دينا على المولى وهو مستغرق للتركة فإن تصرف الوارث في التركة لم ينفذ تصرفه لأن في الفصل الأول الدين لم يكن واجبا حين تصرف .
وفي الفصل الثاني واجبا حين تصرف وقد سبق نظائره في كتاب الرهن فها هنا قد تبين بإقراره أن حق الثاني كان ثابتا حين دفع إلى الأول ففصل بين الدفع بقضاء وبغير قضاء وفي مسألة الجناية لم يتبين أن حق الثاني كان ثابتا حين دفع القيمة إلى الأول فلا يغرم الثاني شيئا سواء دفع بقضاء أو بغير قضاء .
وإن كان المقر دفع النصف إلى الأول بقضاء قاض ودفع الربع إلى الثاني بغير قضاء قاض ثم أقر بابن آخر وأنكر الأولان وأنكرهما الثالث أيضا فإن الثالث يأخذ منه ثلثي ما بقي في يده وهو سدس جميع الميراث لأنه لا يغرم له شيئا دفعه إلى الأول فإنه دفع ذلك بقضاء القاضي فيجعل ذلك كالتاوى يبقى نصف التركة في يده وقد أقر أن حقه وحق الثالث والثاني في هذا النصف سواء لكل واحد منهم ثلثه وهو سدس جميع الميراث لأنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول فإنه دفع ذلك بقضاء القاضي في المال وقد دفع إلى الثاني زيادة على حقه بغير قضاء القاضي فيكون ذلك محسوبا عليه من نصيبه فيدفع إلى الثالث كمال حقه وهو سدس جميع المال ثلثي ما بقى في يده وثلث المدفوع إلى الثاني لما كان محسوبا عليه جعل كالقائم في يده فكان الباقي في يده ثلثي النصف فيدفع إلى الثالث نصف ذلك وهو سدس جميع المال . ( ولو كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء القاضي ودفع الثلث إلى الثاني بقضاء القاضي ثم أقر بالثالث فصدقه فيه الأول وكذبه الثاني وكذبا جميعا للثاني فإن الثالث يأخذ منه نصف ما بقي في يد الابن المعروف فيضمه إلى ما في يد المقر به الأول فيقتسمانه نصفين ) .
قال في بعض النسخ وهذا قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - وأما على قول محمد : فيأخذ منه ثلث ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يدي الأول فيقتسمانه نصفين وزعم كل واحد منهما أن تخريجه على قياس قول أبي حنيفة وذكر الخصاف طريقا آخر لتخريج جنس هذه المسائل وزعم أنه هو الصحيح على أصل أبي حنيفة - C .
وأجاب في هذه المسألة : أن الثالث يأخذ منه خمسي ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يدي المقر به الأول فيقتسمانه نصفين وهذه المسألة تنبنى على ما بينا في كتاب الإقرار .
( رجل مات وترك ابنين فأقر أحدهما بابنين آخرين للميت وصدقه الآخر فإن المتفق عليه يأخذ من المقر ربع ما في يده في قول أبي يوسف - C - فيضمه إلى ما في يد المصدق فيقتسمانه نصفين وما بقى في يد المقر بينه وبين المجحود نصفان ) وجه البناء عليه : أن المقر به الأول ها هنا بمنزلة التصديق لأنه لما أقر له في وقت لم يكن له بشيء صار كالابن المعروف والثالث بمنزلة المتفق عليه لأن المعروف قد أقر به وصدقه الأول به .
ثم بيان تخريج أبي يوسف أن المقر قد أقر بأن الثالث مساو له في تركة الميت فإنه دافع أربعة والتركة بينهم أرباعا إلا أنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الثاني لأنه دفعه بقضاء القاضي ولا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول وإن دفعه بغير قضاء قاض لأن الأول مصدق به فيسلم له نصيبه في المدفوع الأول من جهته فيبقى ما بقي في يد المقر له وقد أقر أن حقهما فيه على السواء فيأخذ منه نصف ما بقي في يده لهذا ثم يضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين لأنهما تصادقا أن حقهما في التركة سواء .
وجه تخريج محمد - C - أن المقر يقول للثالث : أنا قد أقررت بأن حقي في سهم وحقك في سهم وحق الباقي في سهم إلا أن السهم الذي فيه حقك نصفه في يدي ونصفه في يد الأول وذلك يصل إليك من جهته لأنه أقر بك ولا غرم على شيء مما دفعته إلى الثاني لأني دفعته بقضاء القاضي فبقى ما في يدي وحقك فيه في نصف سهم وحقي في سهم فيضرب كل واحد منهما بجميع حقه فيكون ما في يده بينهما أثلاثا .
لهذا وجه تخريج الخصاف أن المقر يقول للثالث : أنا قد أقررت بأنك رابع أربعة ولا غرم لك علي في شيء مما دفعته إلى الأول لأن حقك في ذلك النصف يصل إليك من جهته يبقى حقك في سهم من أربعة من النصف الذي هو في يدك والباقي وهو ثلاثة بينى وبين الثاني نصفين لكل واحد منهما سهم ونصف وما دفعت إليه زيادة على حقه إنما دفعته بقضاء القاضي فلا يكون مضمونا علي فأنا أضرب فيما في يدي بحقى وهو سهم ونصف وأنت تضرب بحقك وهو سهم فانكسر بالأنصاف فتضعفه فيكون للثالث سهمين وللمقر ثلاثة فصار ما في يده على خمسة فلهذا يأخذ منه خمسي ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين .
ولو كان المقر به الأول وأنكر الثاني والثالث وأقر الثاني بالثالث وأنكرا جميعا الأول فإن الثالث يأخذ مما في يد المعروف سدس جميع المال وهو جميع ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يد الثاني فيقتسمانه نصفين لأنه أقر أن المال بينهم أرباعا وأن حق الأول كان في ربع المال وقد دفع إليه النصف بغير قضاء القاضي فالربع الذي دفعه إليه زيادة على حقه يكون من نصيبه خاصة أو يجعل ذلك كالقائم في يده فكان في يده ثلاثة أرباع المال فيلزمه أن يدفع إلى الثاني والثالث كمال حقهما وهو نصف المال وقد دفع إلى الثاني ثلث المال فيدفع إلى الثالث السدس حتى يجتمع في يدهما نصف المال فيقتسمانه نصفين لتصادقهما ويصير كل واحد منهما مستوفيا كمال حقه بزعمه .
ولو لم يصدق كل واحد منهما بالثالث والمسألة بحالها فإنه يدفع إلى الثالث ما بقي في يده وهو سدس المال ويغرم له أيضا ثلث سدس جميع المال لأنه أقر أن لمال بينهما أرباعا إلا أنه دفع إلى الثاني ثلث المال بقضاء القاضي فلا يغرم شيئا من ذلك للثالث وقد دفع إلى الأول النصف بغير قضاء القاضي فيكون ضامنا للثالث ما دفعه إلى الأول زيادة على حقه ويجعل ذلك كالقائم في يده ثلثا التركة فعليه أن يدفع إلى الثالث ثلث الثلثين وثلث الثلثين سدس وثلث سدس والباقي في يده السدس فيدفع إليه ذلك ويغرم له ثلث سدس من ماله حتى يصير هو متسوفيا كمال حقه بزعمه .
ولو أن رجلا مات وترك ابنين وألفي درهم فأخذ كل واحد منهما الفا ثم أقر أحدهما بأخ من أبيه وأنكره صاحبه فإنه يأخذ من المقر نصف ما في يده لأنه أقر أن حقهما في التركة سواء وإقراره حجة فيما في يده وإن لم يكن حجة فيما في يد أخيه فيدفع إليه نصف ما في يد أخيه فإن أعطاه ذلك ثم أقر بأخ آخر من أبيه وصدقه فيه الأخ المعروف وأنكره المقر به الأول فإن كان الابن المعروف دفع نصف ما في يده إلى الأول بقضاء القاضي أخذ منه المقر به الثاني خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الآخر المعروف فيقتسمانه نصفين .
فإن كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء قاض أخذ منه المقر به الثاني خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الآخر المعروف فيقتسمانه نصفين في قول أبي يوسف وقال محمد - C - إن كان دفع النصف إلى الأول بقضاء القاضي أخذ الباقي منه ثلث ما في يده وإن كان دفعه بغير قضاء أخذ منه خمس جميع ما كان في يده فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف فيقتسمانه نصفين وهذا بناء على مسألة الإقرار التي بيناها .
وجه تخريج أبي يوسف : أن المقر لو أقر بهما جميعا وصدقه المعروف في أحدهما لكان المتفق عليه يأخذ منه ربع ما في يده في قول أبي يوسف - C - لأنه يقول له : أنا قد أقررت بأن حقك في ربع التركة ونصف التركة في يد أخي وهو مقر بنصيبك فإنما يبقى حقك فيما في يدي في الربع وهو سهم من أربعة وما بقي وهو ثلاثة بيني وبين المجحود نصفان فإذا أقررت به أولا ودفعت إليه نصف ما في يدي فما دفعته زيادة على حقه لا يكون مضموما علي لأني دفعته بقضاء القاضي فيبقى حقك فيما في يدي في سهم وحقي في سهم ونصف فلهذا يعطيه خمس ما في يده وإن كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء القاضي فما دفعه زيادة على حقه يكون محسوبا عليه ويجعل القائم في يده فيدفع إلى الثاني جميع حقه إذ لو أقر بهما معا وذلك ربع النصف ثمن جميع المال فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف فيقتسمانه نصفين لأنهما تصادقا أن حقهما في التركة سواء .
وجه تخريج محمد - C - أنه لو أقر بهما معا لكان المتفق عليه يأخذ من المقر خمس ما في يده لأنه يقول حقك في سهم وحقي في سهم وحق المجحود في سهم إلا أن السهم الذي هو حقك نصفه في يدي ونصفه في يد شريكي وهو مقر لك بذلك وإنما تضرب فيما في يدي بنصف سهم وأنا بسهم والمجحود بسهم فلهذا يأخذ خمس ما في يده .
فإذا أقر بالمجحود أولا ودفع إليه نصف ما في يده بقضاء القاضي لم يكن ذلك مضمونا فإنما يضرب هو فيما بقي في يده بسهم والمتفق عليه بنصف سهم فلهذا يأخذ ثلث ما في يده وإن كان الدفع بغير قضاء القاضي فما دفعه زيادة على حقه محسوب عليه فيدفع إلى المتفق عليه جميع ما كان يدفع أن لو أقر بهما معا وذلك خمس نصف المال فيضمه إلى ما في يد المعروف فيقتسمانه نصفين .
ولو تصادق المقر بهما فيما بينهما أخذ الثاني من الابن المعروف الذي أقر به خاصة لأنه يحتاج إلى قسمة ما يأخذ مع الآخرين أيضا فيما بينهم ثم يأخذ منه ثلث ما في يده لأنه أقر له بثلث التركة نصف في يده ونصف في يد أخيه وهو يقر له بذلك فلا يأخذ منه إلا ما أقر له به مما في يده وذلك الثالث بمنزلة ابن للميت أقر بابنته فإنها تأخذ منه ثلث ما في يده فإذا أخذ كل ضمه إلى ما في يد الأول والمعروف للذي أقر بهما لأنهم تصادقا أن حقهم في التركة سواء فما يصل إليهم يقسم بينهم أثلاثا باعتبار تصادقهم وإنما يتوى بأخذ الابن الآخر زيادة على حقه ويكون عليهم بالحصة وما يبقى يبقى لهم بالحصة كما هو الحكم في المال المشترك .
ولو أن رجلا مات وترك ثلاثة أخوة له من أبيه وأمه فاقتسموا المال بينهم أثلاثا ثم أقر أحدهم بأخ للميت من أبيه وأمه فدفع إليه نصف ما في يده ثم أقر بأخ آخر وصدقه فيه أحد أخوته المعروفين وتكاذب المقر بهما فيما بينهما فإذا كان دفع نصف ما في يده إلى الأول بقضاء قاض أخذ منه الآخر خمس ما بقى في يده فضمه إلى الذي أقر به خاصة فاقتسماه نصفين .
وإن كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء قاض دفع إلى الثاني ربع ثلث جميع المال يضمه إلى ما في يد الذي أقر به فاقتسماه نصفين في قول أبي يوسف .
وقال محمد إن كان دفع إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما في يديه وإن كان دفعه بغير قضاء قاض أخذ منه الآخر خمس ما بقي في يده فضمه إلى الذي أقر به خاصة فاقتسماه نصفين وإن كان دفع النصف إلى الأول بغير قضاء قاض دفع إلى الثاني ربع ثلث جميع المال فضمه إلى ما في يده الذي أقر به فاقتسماه نصفين في قول أبي يوسف .
وقال محمد - C - إن كان دفع إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما في يديه .
وإن كان دفعه بغير قضاء قاض دفع إلى الثاني خمس جميع المال فضمه إلى ما في يد الذي أقر به فاقتسماه نصفين وجه تخريج أبي يوسف أن المقر زعم أن حق الثاني في خمس المال إلا أن أحد أخوته المعروفين كذبه وصار هو مع ما أخذ كالمعدوم وإنما نعتبر القسمة بين الباقيين فمن حجته أن يقول للثاني : إنما أقررت بأن لك ربع ما في أيدينا والذي في يد المصدق بك يصل إليك من جهته يبقي حقك فيما في يدي في سهم من أربعة وذلك ربع ثلث المال والباقي وهو ثلاثة بيني وبين المقر له الأول نصفان إلا أني دفعت إلى الأول زيادة على حقه بقضاء القاضي فلا يكون محسوبا علي وإنما يبقي ما في يده فأنت تضرب بسهم وأنا بسهم ونصف فانكسر بالأنصاف فأضعفه فيكون لي ثلاثة ولك سهمان فلهذا يأخذ منه خمسي ما في يده .
وإن كان دفعه بغير قضاء فما دفع إليه زيادة على حقه هو محسوب على الدافع فيدفع إلى الثاني جميع ما أقر له به وذلك ربع ثلث جميع المال ثم يضم ذلك إلى ما في يد المصدق به فيقتسمانه نصفين لتصادقهما على أن حقهما في التركة سواء .
ووجه تخريج محمد : أن المقر يقول للمقر له حقك في سهم ولكن نصف ذلك السهم في يدي ونصفه في يد المصدق لك وهو يصل إليك من جهته فأنت تضرب فيما في يدي بنصف سهم وأنا بسهم والمقر له الأول بسهم فيكون الثلث الذي في يدي بيننا أخماسا لك منه الخمس .
فإن كان دفع إلى الأول زياد على حقه بقضاء القاضي لم يكن ذلك محسوبا عليه وإنما يبقى ما في يده يضرب فيه الثاني بسهم والمقر بسهمين فلهذا يأخذ ثلث ما بقي في يده .
وإن كان دفعه بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليه فيدفع إلى الثاني كمال حقه مما في يده وهو خمس جميع المال فيضمه إلى ما في يد المصدق به فيقتسمانه نصفين لتصادقهما على أن حقهما سواء وإنما خرجا هذه المسألة على أن الذي كذب بهما مع ما أخذ صار في حكم المعدوم وهذا لأنه إنما أخذ بنسبة المعروف فلا يكون ذلك مضمونا على أحد سواء كان أخذه بقضاء قاض أم لا .
ولو كان المقر به الآخر أقر به الأخوة المعروفون جميعا فإن كان المقر بهما دفع النصف إلى الأول بقضاء قاض دفع إلى الثاني ثلث ما بقي في يده وإن كان دفعه إليه بغير قضاء قاض دفع إليه خمس ثلث جميع المال فضمه إلى ما في يد الأخوين المعروفين فافتسموها أثلاثا لأن المقر يقول للثاني : حقك في خمس جميع المال والذي في يد أخوي لك بيني وبين الأول لي سهمان وله كذلك .
فإن دفعك بغير قضاء فما دفعه زيادة على حقه محسوب عليه فيدفع إلى الثاني كمال حقه مما في يده وهو خمس ثلث جميع المال فيضمه إلى ما في يد الأخوين المعروفين لأنهم تصادقوا على أن حقهم سواء فيقتسمون ذلك أثلاثا .
ولم يذكر قول محمد إلا في بعض النسخ فإنه قال على مذهبه التخريج بطريق السهام فالمقر له يقول للثاني حقك في سهم وحقي في سهم وحق الأول في سهم إلا أن السهم الذي حقك ثلثه في يدي وثلثاه في يد كل واحد من الآخرين وهما مقران بك فإنما تضرب فيما في يدي بثلث سهم وأنا بسهم والأول بسهم فإذا جعلت كل ثلث سهما كانت القسمة أسباعا للثاني سبع ما في يده فإذا كان دفع إلى الأول بقضاء لم يغرم شيئا من ذلك فالمقر يضرب فيما في يده بثلاثة والثاني بسهم فيقسم ما في يده بينهما أرباعا وإن كان دفعه بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليه فيأخذ الثاني منه مقدار حقه مما في يده وهو ثلث جميع المال فيضمه إلى ما في يد المعروفين فيقتسمونه بينهم أثلاثا .
ولو أن رجلا مات وترك ابنا وابنة فأقرت الابنة بأخ لها وأنكره أخوها فإنه يأخذ ثلثي ما في يد الابنة لأنها أقرت أن حقه ضعف حقها فإنها زعمت أن الميت خلف ابنين وابنة وأن المال بينهم على خمسة لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم إلا أن الابن المعروف أخذ زيادة على حقه بنسبه المعروف فلا يكون شيء من ذلك مضمونا عليهما ولكن يجعل ذلك كالتاوى فيقسم ما في يده بينهما على مقدار حقهما أثلاثا فإن أعطته ذلك ثم أقرت بأخت من أبيها وصدقها فيها الابن المعروف المقر به الأول وصدقت هي به أيضا فإنها تأخذ من الابن المعروف ربع ما في يده فتضمه إلى ما وفي يد الابنة والمقر به الأول فيقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين لأن الابن المعروف يزعم أن الميت خلف ابنا وابنتين وأن المال بينهم أرباعا حق هذه في ربع المال وبعض المال في يد الابنة والمقر له وحقها في ذلك يصل إليها لإقرارهما به فإنما يأخذ مما في يد الابن مقدار حقه مما في يده وذلك ربع ما في يده فيضمه إلى ما في يد الابنة والمقر به الأول فيقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين لتصادقهم فيما بينهم .
ولو كانت المقر بها كذبت بالأول أخذت من الابنة المعروفة ثلاثة أثمان ما بقى في يدها إن كانت أعطت الأول بقضاء قاض وإن كانت أعطته بغير قضاء أخذت هذه الأخيرة منها سدس ثلث جميع المال فضمته إلى ما في يد الابن المعروف فيقتسمانه أثلاثا في قول أبي يوسف وقال محمد - رحمهما الله - إذا أعطت الأول بقضاء قاض أخذت الثانية ربع ما في يدها فضمته إلى ما في يد الآخر فيقتسمانه على ثلاثة .
وجه تخريج أبي يوسف : أن الابنة زعمت أن حق الثانية في سدس المال لأنها تقول الميت ترك ابنين وابنتين فتكون القسمة من ستة لكل ابن سهمان ولكل ابنة سهم فإنما حق الثانية في سهم من ستة من كل جزء من المال ونصيبها في يد الابن المعروف يسلم لها من جهته يبقي حقها في سهم مما في يدها وما بقي وهو خمسة بينها وبين المقر به الأول أثلاثا للمقر به الأول ثلاثة وثلث وللمقرة سهم وثلثان فما دفعت إلى الأول زيادة على حقه إنما دفعت بقضاء قاض ولا يغرم شيئا من ذلك ولكن الثانية تضرب فيما بقي في يدها بسهم وهي بسهم وثلثين .
فإذا جعلت كل ثلث سهما يصير حق المقرة خمسة وحق الثانية ثلاثة فلهذا أخذت منها ثلاثة أثمان ما بقي في يدها وإن كان الدفع بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليها وإنما تأخذ الثانية كمال حقها مما في يدها وذلك سدس ثلث جميع المال فضمت ذلك إلى ما في يد الابن المعروف وقاسمته أثلاثا لتصادقهما فيما بينهما .
ووجه تخريج محمد - C - أن المقرة زعمت أن حق الثانية في سهم ولكن ثلثا ذلك السهم في يد الابن المعروف وهو مقر بها فإنما تضرب هي فيما في يد المقرة بثلث سهم والمقرة بسهم والمقر به الأول بسهمين فإذا جعلت كل ثلث سهما كان ذلك عشرة أسهم لها عشر ما في يدها وهو الثلث فإن دفعت إلى الأول زيادة على حقه بقضاء قاض لم يكن ذلك محسوبا عليها فلهذا أخذت ربع ما في يدها وإن كان الدفع بغير قضاء كان ذلك محسوبا عليها فتأخذ الثانية كمال حقها مما في يدها وذلك عشر ثلث جميع المال .
وإذا ترك الرجل ابنين ومالا فاقتسماه نصفين ثم إن أحدهما أقر بأخوين له من أبيه معا فصدقه أحدهما في أحدهما وتكاذب المقر بهما فيما بينهما فالذي أقرا به جميعا يأخذ من يد المقر بالأخوين ربع ما في يده فيضمه إلى ما في يد الذي أقر به خاصة فيقتسمانه نصفين في قول أبي يوسف .
وقال محمد : يأخذ منه خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد المقر خاصة فيقتسمانه نصفين وما بقي في يد الابن المقر بهما اقتسمه هو والابن الذي أنكره أخوه نصفين .
وأبو يوسف - C - يقول : ولو صدقه فيهما لكان يأخذ كل واحد منهما ربع ما في يد المقر بهما فكذلك إذا صدقه في أحدهما يأخذ المتفق عليه ربع ما في يد المقر اعتبارا لحال تصديقه به خاصة بحال تصديقه بهما لأن تكذيبه بالآخر لا يغير نصيبه فيما في يده ومحمد يعتبر السهام فيقول : في زعم المقر أن حق المتفق عليه في سهم ولكن نصف ذلك السهم في يد المصدق وهو يصل إليه من جهته فإنما يضرب المتفق عليه فيما في يد المقر بنصف سهم والمقر بسهم فلهذا يأخذ خمس ما في يده وهذه المسألة أصل هذه المسائل وكان من حقه أن يقدمها .
ولكنه قد ذكر هذه المسألة في كتاب الإقرار فلهذا بدأ بالتفريعات عليه ها هنا ثم أعاد المسألة أيضا لتكون أوضح في البيان فإن تصادق المقر بهما فيما بينهما بدأ المتفق عليه بالذي أقر به خاصة لتصادقهما فيما بينهم ثم يأخذ منه ثلث ما في يده لأنه يزعم أن الميت ترك ثلاث بنين وأن حقه في ثلث ما في يده وثلث ما في يد أخيه وإنما يأخذ منه مقدار ما أقر له به مما في يده فيضمه إلى ما في يد المقر بالأخوين فيقتسمونه لأنهم تصادقوا أن حقهم في التركة سواء .
وإذا ترك الرجل ابنا وامرأة فاقتسما المال ثم أقرت المرأة بابنين للمرأة معا وصدقها الابن في أحدهما وتكاذب المقر بهما فيما في يدهما فإن الابن الذي أقر به الابن المعروف يأخذ مما في يد المرأة وهو سبعة أجزاء من أربعة وعشرين جزءا فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف فيقاسمه نصفين .
ورجع محمد - C - عليه عن هذا وقال : لا نأخذ مما في يد المرأة شيئا وفي بعض النسخ ذكر رجوع أبي يوسف مكان رجوع محمد وقال : ما في يد المرأة بينهما وبين الابن المجحود على عشرة أسهم له سبعة ولها ثلاثة وفي بعض النسخ قال : ذلك بينهما على ثمانية لها سهم وللمجحود سبعة .
فوجه ظاهر الرواية : أن الذي أقر به الابن المعروف يأخذ مما في يد المرأة سبعة من أربعة وعشرين للمرأة ثلاثة ولكل ابن سبعة فهى تزعم أن حق كل واحد من المقر بهما في سبعة أسهم من أربعة وعشرين من التركة والذي في يدها جزء من التركة فيدفع إلى الذي أقر به الابن المعروف مقدار حقه مما في يدها وذلك سبعة من أربعة وعشرين فيضمه إلى ما في يد الابن المعروف فيقاسمه نصفين لتصادقهما على أن حقهما سواء .
ووجه رجوعهما عن هذا القول أن حق المرأة في ثمن المال سواء . كان للميت ابن أو ثلاث بنين وليس في يدها إلا مقدار نصيبها وهو الثمن فهي إنما أقرت للمتفق عليه بأن نصيبه في يد الابن المعروف وذلك يصل إليه من جهته فلا يأخذ شيئا مما في يدها .
( ألا ترى ) أن الابن المعروف لو صدقها فيهما لم يأخذ واحد منهما شيئا مما في يدهما فكذلك إذا صدقهما في أحدهما ولكن المعاملة له مع الابن المعروف فيقاسمه فيما في يده نصفين وتبقى معاملة المجحود مع المرأة في بعض النسخ بني الجواب على زعمها وهي زعمت أن حق المجحود في سبعة من أربعة وعشرين وحقها في ثلث فيضرب كل واحد منهما فيما في يدها بحقه فلهذا كانت القسمة على عشرة .
وفي بعض النسخ بنى على زعم الابن المجحود وفي زعمه أن الميت خلف ابنين وامرأة وأن القسمة من ستة عشر لها سهمان ولكل ابن سبعة فيضرب هو بسبعة وهي بسهمين فكانت القسمة بينهما على تسعة وفي بعض النسخ قال : الابن المعروف لما كذب المجحود صار هو مع ما في يده في حق المجحود كالمعدوم فيجعل كأن جميع التركة ما في يد المرأة وهي الوارثة مع المجحود فتكون القسمة بينهما على ثمانية لها الثمن وللمجحود سبعة أثمانه .
ولو تصادق المقر بهما فيما بينهما أخذ الابن المتفق عليه من الابن المعروف سبعة أسهم من ستة عشر سهما مما في يده وإنما بدأ به لحاجته إلى مقاسمة ما يأخذ مع المقر به الآخر ثم في زعم الابن الآخر المعروف أن الميت خلف ابنين وامرأة وأن القسمة على ستة عشر للمتفق عليه سبعة أسهم من ستة عشر سهما من جميع التركة والذي في بعض التركة فيعطيه نصيبه من ذلك وهو سبعة أسهم من ستة عشر ثم يجمع إلى ما في يد المرأة فيقسم بين المقر بهما والمرأة على سبعة من ستة عشر ثم يجمع إلى ما في يد المرأة فيقسم بين المقر بهما والمرأة على سبعة عشر سهما لأنهم تصادقوا أن الميت خلف امرأة وثلاث بنين وأن القسمة من أربعة وعشرين لها ثلاثة ولكل ابن سبعة فيقسم ما وصل إليهم باعتبار زعمهم تضرب فيه المرأة وكل واحد من المقر بهما بسبعة فتكون القسمة بينهم على سبعة عشر سهما .
وإذا ترك الرجل ثلاثة بنين فاقتسموا المال ثم أقر أحدهم بثلاثة أخوة معا وصدقه أحد أخوته في ابنين منهما وصدقه الآخر في واحد من هذين وتكاذب الثلاثة فيما بينهم فإنما يسمى كل واحد منهم ليكون أوضح في البيان فالذي أقر به بالثلاثة نسميه الأكبر والذي صدقه في الاثنين نسميه الأوسط والذي صدقه في واحد نسميه الأصغر ثم نسمي الذي أقروا به جميعا متفقا عليه والذي أقر به اثنان مختلفا فيه والذي أقر به الأكبر خاصة نسميه مجحودا .
ثم نقول المتفق عليه يأخذ من الأكبر سدس ما في يده ومن الأوسط خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأصغر ويقاسمه نصفين لأن الأكبر زعم أن الميت ترك ستة بنين وأن حق المتفق عليه في سدس كل جزء من التركة والذي في يده جزء من التركة فأخذ المتفق عليه منه سدس ما في يده لهذا والأوسط زعم أن الميت ترك خمسة بنين وأن حق المتفق عليه في خمس التركة وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ثم يضم ذلك كله إلى ما في يد الأصغر فيقتسمانه نصفين لتصادقهما أن حقهما في التركة سواء ثم يأخذ المختلف فيه من الأكبر خمس ما في يده لأن الأصغر قد كذب به فهو مع ما في يده في حقه كالمعدوم فإنما تبقى المعاملة بين خمسة فالأكبر يزعم أن حقه في خمس التركة وأن التركة في حقه ما في يده وما في يد الأوسط والأوسط مصدق به فإنما يأخذ هو مما في يد الأكبر خمس ما في يده لهذا ثم يضم ذلك إلى ما في يد الأوسط فيقاسمه نصفين وما بقى في يد الأكبر بينه وبين المجحود نصفين لأنهما تصادقا فيما بينهما فقد انكسر الحساب بالأخماس والأسداس فالسبيل أن يضرب خمسة في ستة فتكون ثلاثين ثم تضعف ذلك للحاجة إلى المقاسمة بالأنصاف فمنه تخرج المسألة .
وإن كان الأصغر إنما أقر بالذي أنكره الأوسط والمسألة بحالها فإن اللذين أقر بهما الأوسط يأخذان من الأكبر خمس ما في يده لأن الأصغر يكذب بهما فيجعل هو كالمعدوم في حقهما وإنما يبقى المعتبر في حقهما الأكبر والأوسط مع ما في يدهما ففي زعم الأكبر أن حق كل واحد منهما في الخمس وأن مالهما في يد الأوسط وأصل إليهما من جهته فإنما يأخذان مما في يد الأكبر ما أقر لهما به وذلك خمسا ما في يده فيضمانه إلى ما في يد الأوسط ويقتسمانه أثلاثا لتصادقهم فيما بينهم ويأخذ الابن الذي أقر له الثالث ثلث ما في يد الأكبر لأن الأكبر زعم أن حقه في سهم وحقي في سهم إلا أن السهم الذي هو حقه نصفه في يدي ونصفه في يد الأصغر فإن الأوسط في حقه كالمعدوم لأنه مكذب به فإنما يضرب هو فيما في يده بنصف سهم والأكبر بسهم فلهذا يأخذ ثلث ما في يده فيضمه إلى ما في يد الثالث ويقاسمه نصفين لتصادقهما فيما بينهما .
فإن قيل : كيف يستقيم مقاسمة الأولين مع الأوسط أثلاثا وهما مكذبان فيما بينهما .
قلنا : نعم ولكن الأوسط مقر بهما والذي في يد كل واحد منهما مثل ما في يد صاحبه وإنما حاجتهما إلى المقاسمة مع الأوسط وذلك لا يختلف بتكاذبهما فيما بينهما وبتصادقهما فإن كان الثلاثة المقر بهم صدق بعضهم ببعض والذي أقر به الثالث هو أحد الابنين اللذين أقر بهما الأوسط فإن المتفق عليه ها هنا يبدأ بالأصغر لحاجته إلى مقاسمة صاحبه بتصديقه بهما فيأخذ من الأصغر ربع ما في يده لأن الأصغر يزعم أن الميت ترك أربعة بنين وأن حق المتفق عليه في ربع ما في يد الآخرين وذلك يصل إليه من جهتهما فلهذا يأخذ منه ربع ما في يده ويأخذ الأوسط خمس ما في يده لأن الأوسط يزعم أن الميت خلف ابنين لأن حقه في خمس كل جزء وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ويأخذ المختلف فيه من الأوسط في حقه لأن له ربع ما في يده وربع ما في يد الأكبر والأكبر مصدق به فلهذا يأخذ ربع ما في يده ثم يجمعان ذلك كله إلى ما في يد الابن المعروف وهو الأكبر فيقتسمون ذلك مع المجحود على أربعة أسهم بينهم بالسوية لتصادقهم أن حقهم في التركة سواء .
ولو كان الذي أقر به الثالث يأخذ منه ثلث ما في يده لأن الثالث وهو الأصغر مقر له بثلث ما في يده فإن الأوسط في حقه كالمعدوم لأنه مكذب له .
وإذا صار هو كالمعدوم ففي زعمه أن الابن للميت هو الأكبر وهذا الذي هو أقر به فلهذا يأخذ منه ثلث ما في يده ويأخذ اللذان أقر بهما الأوسط نصف ما في يد الأوسط لأن الأصغر في حقهما كالمعدوم فإنه مكذب بهما يبقي البنون أربعة في زعم الأوسط هو والأكبر وعلى هذا فلكل من واحد من هذين ربع التركة باعتبار زعمه وفي يده جزء من التركة .
فإذا أخذ كل واحد منهما ربع ما في يده بزعمه عرفنا أنهما أخذا مما في يده النصف ثم يجمعون ذلك كله إلى ما في يد الأكبر فيقتسمونه على أربعة أسهم لتصادقهم فيما بينهم .
( ولو أن رجلا ترك ابنين وامرأة فاقتسموا ماله ثم أقر الابنان جميعا بامرأة للميت وكذبتهما المرأة فإنها تأخذ من الابنين سهما من خمسة عشر ) لأنهما أقرا أن الميت ترك ابنين وامرأتين فتكون القسمة من ستة عشر لكل امرأة سهم ولكل ابن سبعة وما أخذته المعروفة زيادة على حقها فإنما أخذت ذلك المعروف ولا يغرم الابنان شيئا من ذلك ولكن يقسم ما في يدهما بينهما وبين المقر لهذا هي تضرب بسهم وكل واحد منهما بسبعة فلهذا أخذت منهما سهما من خمسة عشر بينهم .
( ولو لم يترك إلا ابنين فاقتسما المال ثم أقر أحد الابنين بامرأة وأنكرها الآخر أخذت تسعى في ما في يده ) لأنه يزعم أن الميت خلف امرأة وابنين وأن لها سهمين من ستة عشر ولكل ابن سبعة فهي تضرب فيما في يده بسهمين وهو بسبعة فلهذا أخذت تسعى ما في يده فإن وقع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى وصدقه فيها أخوه وتكاذبت المرأتان فيما بينهما فإنهما يأخذان مما في يد المقر بهما جزءا من أربعة عشر جزءا وثمن جزء مما في يده فيجمع ذلك إلى ما في يد الابن الآخر ويقاسمه على تسعة أسهم لها سهمان وله سبعة في قول أبي يوسف وقال محمد - C - عليهما أخذ منه جزءا من خمسة عشر جزءا مما في يده فيضمه إلى ما في يد الابن الآخر ويقاسمه أتساعا .
فأما تخريج قول أبي يوسف وهو أن في زعم المقر أن حق الثانية في نصف ثمن ما في يديه وذلك سهم من ستة عشر جزءا وحق الأول في مثل ذلك إلا أن ما دفع إلى الأول زيادة على حقها كان بقضاء القاضي ولا يكون مضمونا عليه فإذا أخذت الثانية سهما من ستة عشر يبقى هناك خمسة عشر بين المقر وبين الأولى للمقر سبعة وللأولى سهم فظهر أن حق الأول كان في ثمن خمسة عشر سهما وسبعة أثمان فإن ثمن ثمانية واحد وثمن سبعة سبعة أثمان فإذا رفعت من خمسة عشر سهما وسبعة أثمان يبقى عشر وثمن هذا حق المقر فيضرب فيما بقي في يده بثلاثة عشر وثمن والثانية بسهم واحد فيصير ما بقي في يده بينهما على أربعة عشر جزءا وثمن جزء وقد انكسر بالأثمان فالسبيل أن يضرب أربعة عشر وثمنا في ثمانية فيكون ذلك مائة وثلاثة عشر كان حق الثانية في سهم ضربته في ثمانية فذلك ثمانية فهو لها .
فإذا أخذت ذلك ضمت إلى ما في يد الابن الآخر وتقاسمه على تسعة أسهم لأن الابن الآخر يزعم أن الميت خلف ابنين وامرأة فيكون لها سهمان من ستة عشر ولكل ابن سبعة فلهذا يقسم ما في يده على تسعة أسهم لها سهمان وله سبعة .
وأما على قول محمد - C - يأخذ منه جزءا من خمسة عشر جزءا مما في يده فيضمه إلى ما في يد الآخر فيقاسمه أتساعا لأنه لو أقر مما في يد شريكي وهو يقربك فإنما تضرب فيما في يدي بنصف سهم وأنا بسبعة فانكسر بالأنصاف فيضعفه فيصير حقها سهما وحق المقر أربعة عشر فلهذا أخذت منه جزءا من خمسة عشر جزءا فضمت إلى ما في يد الابن فيقاسمه أتساعا .
ولو كان دفع إلى الأول نصيبه بغير قضاء أخذت الأخرى منه نصف ثمن نصيبه لأنه قد أقر أن حقها في نصف ثمن المال وفي يده جزء من المال وما دفع إلى الأخرى زيادة على حقه إنما دفع بغير قضاء فيكون محسوبا عليه ويجعل كالقائم في يده فيعطي الثانية كمال حقها مما في يده وذلك نصف الثمن فيضمه إلى الآخر ويقاسمه أتساعا لما بينا .
ولو تصادقت المرأتان فيما بينهما أخذت المرأة المجمع عليها من الابن الذي أقر بها وحدها ثمن ما في يده لأنه أقر أن حقها في ثمن المال وفي يده جزء من المال فيدفع ثمن ذلك إليها بحكم إقراره ثم يضمه إلى ما في يد المقر بهما ويقسم ذلك بينه وبين المرأتين على تسعة أسهم للمرأتين سهمان وللابن سبعة لأنهم اتفقوا فيما بينهم على أن الميت خلف ابنين وامرأتين والقسمة من ستة عشر للمرأتين سهمان ولكل ابن سبعة فيجعل ما في أيديهم مقسوما بينهم على هذا للابن سبعة ولكل امرأة سهم .
ولو أن رجلا هلك وترك أخوين فأقر أحدهما بامرأة للميت وأنكرها الآخر أخذت من الذي أقر بها خمس ما في يديه لأن في زعمه أن قسمة التركة من ثمانية للمرأة الربع سهمان ولكل أخ ثلاثة فزعمه معتبر في حقه فهو يضرب فيما في يديه بثلاثة والمرأة بسهمين فلهذا أخذت منه خمس ما في يديه .
فإذا دفع إليها ثم أقر بأخ لهما وللميت وصدقه أخوه فيه وأنكر المقر به المرأة .
فإن كان دفع للمرأة نصيبها بقضاء قاض أخذ منه الأخ خمسي ما بقي في يده فيجمعه إلى ما في يد الأخ ومقاسمة نصف في قول أبي يوسف بأخذ ثلث ما في يده .
وجه قول أبي يوسف : أن المقر يزعم أن حق الباقي في ربع المال لأنه يقول : الميت خلف امرأة وثلاثة إخوة فيكون للمرأة الربع ولكل أخ مثل ذلك وهو يقول للمقر له أما لو أقررت بك وبالمرأة مع