( قال - C - ) ( وإذا قال الرجل في مرضه لجارية لا مال له غيرها هذه أم ولدي ثم مات فإن صدقه الورثة فهي حرة لا سبيل عليها وإن كذبوه سعت في ثلث قيمتها ) فالحاصل أن هذه المقالة من المولي إما أن يكون معها ولد أو لا يكون معها ولد وإما أن تكون ولدت الولد في ملكه أو اشتراها في صحته أو مرضه وإما أن يصدقه الورثة في ذلك أو يكذبوه فإن صدقوه في ذلك فهي حرة مع ولدها ولا سعاية عليها لأن الثابت بتصادقهم في حقهم كالثابت بالبينة .
وإن كذبه الورثة في ذلك فإن كان معها ولد ولدته في ملكه فهي حرة مع ولدها سواء كان قال في صحته أو مرضه لأن ثبوت نسب الولد يكون شاهدا لها ويكون ذلك كإقامة البينة في إثبات حريتها وحرية الولد وإنما قلنا بقول المولى في حق النسب لأن ذلك من حوائجه وإن لم يكن معها ولد .
فإن كان قال : هذا القول في صحته فهي حرة من جميع المال لأنه يملك إعتاقها في صحته فلا تتمكن التهمة في إقراره بأمية الولد لها .
فإن قيل : هذا المعنى موجود فيما إذا أقر لها بالتدبير في صحته .
قلنا : نعم ولكن بسبب انتفاء التهمة يصير ما أقر به كأنه أنشأه ولو أسند الاستيلاد في صحته اعتبرت من جميع المال ولو أنشأ التدبير كان معتبرا من الثلث وهذا لأن التدبير مضاف إلى ما بعد الموت بخلاف الاستيلاد .
وإن كان قال في مرضه ولم يكن معها ولد فإنها تسعى في ثلثي قيمتها لأنه صار متهما في إقراره فإنه لو أعتقها في هذه الحالة كانت من ثلثه فلعله أخرج الكلام مخرج الإقرار لإبطال حق الورثة عنها فلهذا لا تصدق فيما زاد على الثلث وتسعى في ثلثي قيمتها .
وإن كان معها ولد قد اشتراهما فإن كان اشتراهما في صحته عتقا من جميع المال لأنه يسند إقراره لهما إلى وقت الشراء وقد كان ذلك منه بالصحة وإن كان اشتراهما في مرضه فإن الولد يسعى في ثلثي قيمته لأن دعوته دعوة التخديم فيكون بمنزلة الإعتاق وإنما عتق عليه من حين ملكه وذلك في مرضه فيسعى في ثلثي قيمته فيرث ذلك أقرب الناس من الميت بعد هذا الولد عند أبي حنيفة - C - لأن المستسعى عنده مكاتب فلا يرث شيئا .
وعندهما المستسعى حر فيرثه مع سائر الورثة .
وإذا كان وارثا عندهما لم يكن وصية وكان عليه السعاية في جميع القيمة وهي لا تسعى في شيء لأن ثبوت نسب الولد شاهد لها في حق أمية الولد فينزل ذلك منزلة إقامة الينة فلهذا لا يلزمها السعاية في شيء .
ولو قال في صحته : هذه أم ولدي أو مدبرتي ثم مات ولا مال له غيرها فإنها تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأنه خير نفسه بين الجانبين التدبير وأمية الولد وحكمهما مختلف فكان البيان إليه ما دام حيا وبموته فات البيان وليس أحدهما بأولى من الآخر فيثبت حكم كل واحد من الكلامين في نصفه فيعتق نصفها من جميع المال بإقراره بالاستيلاد في صحته والنصف الآخر منها إنما يعتق بالتدبير فيكون من الثلث وماله نصف رقبتها فيعتق ثلث ذلك النصف وتسعى في ثلثيه وذلك ثلث قيمتها في الحاصل .
ولو قال : هذه أم ولدي أو حرة أو مدبرة فهذا والأول سواء تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأن العتق في المرض معتبر من الثلث كالتدبير فكان قوله أو حرة أو مدبرة ككلام واحد لأن حكمهما واحد وإنما اعتبار الكلام بحكمه لا بصورته فلهذا كان هذا الفصل والأول في التخريج سواء .
ولو أن رجلا له جارية ولها ابنة ولابنتها ابنة وله عبد وجميع هؤلاء يولد مثلهم لمثله فقال في صحته : أحد هؤلاء ولدي ثم مات لم يثبت نسب أحدهم لأن المقر له بالنسب منهم مجهول والنسب في المجهول في حكم العين كالمتعلق بخطر البيان والنسب لا يحتمل التعليق بالشرط فلا يصح إيجابه في المجهول وإذا لم يثبت النسب به كما لو قال لمعروف النسب هذا ابنى ثم يعتق من الغلام ربعه ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته لأنه يعتق في الحال وهو أن يكون هو المقصود ويرث في ثلاثة أحوال وتسعى الجارية في ثلثي قيمتها لأنها تعتق في حالين لأنها إن كانت هي المقصودة فهي حرة .
وإن كان المقصود ولدها فهي حرة بالاستيلاد أيضا ولكن أحوال الإصابة كحالة واحدة في أصح الروايات يعتق ثلثها وتسعى في ثلثي قيمتها ويسعى كل واحد من الاثنين في نصف قيمتها لأن العليا منهما تعتق في ثلاثة أحوال بأن تكون هي المقصودة وابنتها أو أمها وأحوال الإصابة حالة واحدة فكأنها تعتق في حال دون حال وكذلك الصغرى إن كانت هي المقصودة أو أمها أو جدتها فهي حرة .
وإن كان المقصود هو الغلام فهي أمة فيعتق نصفها وإن كان هذا منه في مرضه اقتسموا الثلث على ذلك يضرب فيه الغلام بربع قيمته والجارية بثلث ذلك وواحد من الولدين بالنصف فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع ونصف وذلك اثنا عشر ونصف ثم الطريق في التخريج معلوم .
ولو قال في صحته لأمة له حامل أنت حرة أو ما في بطنك ثم مات قبل أن يبين فالابنة حرة لا سبيل عليها لأنا قلنا بحريتها فإن الأم إن كانت هي المقصودة فهي حرة ويعتق من الأم نصفها لأنها تعتق في حال دون حال فتسعى في نصف قيمتها .
وإن كان قال ذلك في مرضه وقيمة كل واحد منهما ثلثمائة درهم ولا مال له غيرهما سعت الأم في ثلاثة أرباع قيمتها والابنة في ربع قيمتها لأن النصيب من الابنة يعتق بطريق التبعية وفي حال لائمة لا يعتبر الخروج من الثلث في هذا الوصف لأنا لو اعتبرنا ذلك جعلناه مقصودا وفيما هو تبع فيه لا يكون مقصودا ولأن بطريق التبعية إنما يعتق حال كونه تخلق في البطن وهو ليس بمال متقوم عند ذلك فإذا ثبت أنه لا يجعل هذا النصف مالا للمولى يبقى مال المولى فيه ونصف الثلث من ذلك وذلك نصف رقبة بينهما نصفان لأن كل واحد منهما يضرب في الثلث بنصف رقبته من الولد النصف بطريق التبعية والربع من الثلث فلهذا كان عليه السعاية في ربع قيمته .
ولو أعتق من الأم ربعها فتسعى في ثلاثة أرباع قيمتها فإن ماتت الأم قبل موت السيد ثم مات السيد سعت الابنة في ثلثي قيمتها لأن الأم حين ماتت قبل موت السيد وقد خرجت من أن تكون مستحقة لشيء من هذه الحرية وإنما كان يستحق الولد بطريق التبعية سعيا بناء على استحقاقها فإذا بطل ذلك في حقها بقي الولد كله مالا للمولى وقد أعتقه في مرضه ولا مال له سواه فيعتق ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته . ولو قال المولى قبل الموت قد أوقعت العتق على الابنة سعت الابنة في ثلث قمتها وتكون بالأمانة لأن بتعين المولى خرجت الأم من أن تكون مستحقة لشيء من الحرية فلا يكون شيء من الولد تبعا لها أيضا وكان مال المولى رقبتها وقد عتقت الابنة في مرضه فينفذ العتق من ثلثه وثلث ماله ثلثان فيه للابنة وإن لم يوقع ولكن الابنة ماتت قبل السيد سعت الأم في ثلثي قيمتها لأن الابنة بموتها خرجت من أن تكون محلا أو مزاحما للأم فيتعين العتق في الأم ولا مال له سواهما جعلتها السعاية في ثلثي قيمتها .
فإن قال المولى في مرضه وهما حيان قد أوقعت العتق على الأم عتقت الابنة كلها بغير سعاية لأن ببيانه تعين العتق فيها حين أوقع والابنة كانت في بطنها عند ذلك فتعتق كلها بطريق التبعية وعلى الأم أن تسعى في ثلثي قيمتها لأنه لا مال للمولى سوى رقبة الأم ولو لم يوقع العتق على واحد منهما حتى مات ثم ماتت الأم سعت الابنة في قول أبي حنيفة - C - في جميع ما كان على الأم من السعاية لأن المستسعى عندهما حر عليه دين من السعاية وهي ثلاثة أرباع قيمتها لأن نصف الولد الذي هو تبع الأم لا يعتق إلا بعتق الأم والأم لا تعتق إلا باداء السعاية وهي قبل الأداء بمنزلة المكاتبة وولد المكاتبة بعد موت الأم يسعى فيما عليه لأنه لا ينال العتق إلا بذلك وعليه أن يسعى في ربع قيمته أيضا مع ثلاثة أرباع قيمة أمه لأن النصف الذي هو مقصود منه لا يعتق إلا بأداء السعاية .
وفي قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لا يسعى الولد في شيء مما كان على الأم لأن المستسعى عندهما حر عليه دين وليس على ولد الحرة السعاية في دين الأم بعد موتها ولكنها تسعى في خمسي قيمتها لأن نصفها عتق بغير وصية والوصية في النصف الباقي وقد ماتت الأم مستوفية ولوصيتها وهي نصف الثلث ويؤدي ما عليها من السعاية فإنما مال الميت نصف الولد يضرب فيه الولد بسهم والورثة بأربعة فيكون عليه السعاية في أربعة أخماس نصف قيمته وذلك خمسا جميع قيمته .
ولو لم تجب الأم ومات الولد سعت الأم في أربعة أخماس قيمتها لأن الولد مستوف لوصيته وقد توى ما عليه من السعاية فإنما تضرب الأم في رقبتها بنصف الثلث وذلك سهم والورثة بأربعة .
ولو أن رجلا قال لأمة : لا مال له غيرها في صحته أنت حرة الساعة أو إذا مت سعت في ثلثي قيمتها لأنه أدخل حرف أو بين كلامين مختلفين الحرية والتدبير وقد فات البيان لموته فإنما يثبت من كل واحد منهما نصفه فقد عتق نصفها بالحرية الثابتة في صحته فلا يكون ذلك معتبرا من الثلث والنصف الباقي يعتق بالتدير من الثلث فإنما يسلم لها ثلث ذلك النصف وعليها السعاية في ثلثي قيمتها .
ولو قال : أنت حرة الساعة أو إذا مرضت فإنها تعتق إذا مرض ولا يعتق منها في الصحة شيء فإذا مات من مرضه سعت في ثلثي قيمتها لأصل قد بيناه في الزيادات : أنه من ذكر وقتين وأضاف الحرية إلى أحدهما بحرف أو فإنما يقع في آخر الوقتين ومتى عتق بأحد فعلين فإنما يقع عند وجود أولهما فإذا جمع بين وقت وفعل لا يقع الطلاق والعتاق ما لم يوجد الفعل لأنه إذا وجد الفعل أولا جعل في حق الموجود كأن الآخر مثله .
وإن وجد الوقت أولا يجعل في حق الموجود كأن الآخر مثله فهنا إما أن يقول هو منصف العتق إلى أخر الوقتين فإن زمان المرض وقت كزمان الصحة فلا يقع إلا في زمان المرض أو جمع بين وقت وفعل بقوله وإذا مرضت فإنما يقع عند وجود المرض وعتق المرض يكون معتبرا من الثلث بخلاف قوله : إذا مت فإن ذلك تدبير لا تعليق بمنزلة قوله في الصحة أنت حرة أو مدبرة والتدبير واقع في الحال بعتق البيان ولهذا يمنع به البيع .
قال - Bه - ( طعن أبو حازم في هذه المسألة وقال : في المسألة الأولى أيضا : ينبغي أن لا يعتق منها في الصحة ) لأن قوله وإذا مت تعليق بالشرط في الظاهر والحقيقة جميعا ولا يترك شيء من العتق إلا بعد الموت بخلاف قوله : أنت حرة أو مدبرة فإن ذلك ليس بتعليق واللفظ معتبر في التعليق .
( ألا ترى ) أنه لو قال أنت مدبرة إن دخلت الدار كان ذلك باطلا وما كان إلا باعتبار لفظة التعليق في أحد الفصلين دون الآخر .
ولو قال : إن شئت فأنت طالق غدا تعتبر المشيئة في الحال وما كان إلا باعتبار لفظه فكذلك ها هنا ولكنا نقول : ما ذكره محمد - C - أصح لأن قوله وإذا مت وإن كان تعليقا في الصورة فقد غلب عليه معنى التدبير .
( ألا ترى ) أنه يمنع له البيع في الحال وبعد ما غلب على صورة اللفظ معنى يسقط اعتبار تلك الصورة كما لو قال لامرأته أنت طالق إن شئت فإنه يكون هذا تفويضا حتى يقتصر على المجلس ولا يكون يمينا وإن وجدت صورة الشرط لأنه غلب عليه معنى آخر فهذا كذلك بخلاف قوله : إن مت فأنت حرة إن دخلت الدار لأن هناك علق بالموت عتقا معلقا بالدخول وذلك باطل حتى لو قال : ههنا أنت حرة الساعة وإذا مت في سفري هذا فإنه لا يعتق شيء من هذا إلا بعد موته لأنه لم يغلب على صورة الشرط معنى التدبير فإنه لا يمتنع البيع بذلك الكلام فيبقى التعليق معتبرا .
وكذلك لو قال أنت حرة الساعة أو إذا مت من مرضي هذا فإذا مات من هذا المرض عتقت من ثلثه بتا .
ولو قال لعبدين له في صحته أنتما حران أو أحدكما مدبر وقيمتها سواء ثم مات ولا مال له غيرهما فإنه يعتق من كل واحد منهما نصفه بغير وصية ويكون لكل واحد منهما سدس قيمته من وصيته ويسعى في ثلث قيمته لأنه خير نفسه بين حرية وتدبير فكان الخيار إليه وقد انقطع خياره بموته فيثبت نصف كل واحد منهما وذلك حرية رقبة واحدة وتدبير نصف رقبة وليس أحدهما بأولى من الآخر فتشيع الحرية فيهما ويعتق كل واحد منهما نصفه وكذلك تدبير نصف رقبة يشيع فيهما إلا أن العتق بالتدبير يكون من الثلث وماله رقبة واحدة فيسلم لهما بالتدبير ثلث رقبة لكل واحد منهما السدس ويسعى كل واحد منهما في ثلث قيمته .
وكذلك لو قال أنتما حران أو مدبران لأنه لا يسلم لهما بالتدبير ثلث رقبة بل ما أوجب لهما من التدبير أو أكثر .
ولو قال في صحته : أنتما حران أو أحد كما حر ثم مات ولا مال له غيرهما سعى كل واحد منهما في نصف قيمته لأن خير نفسه بين تدبير رقبتين وحرية رقبة فإنما يثبت بعد موته نصف كل واحد منهما فيعتق نصف رقبته بالعتق الثابت بينهما لكل واحد منهما الربع ويكون مال الميت رقبة ونصفا فإنما يعتق بالتدبير نصف رقبة بينهما نصفان ففي الحاصل يعتق كل واحد منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته وكذلك لو قال أحد كما حر أو مدبر فإن الثابت بعد موته حرية نصف رقبة وتدبير نصف رقبة ويتبع كل واحد منهما فيهما فيعتق من كل واحد منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته .
ولو قال لعبد ومدبر في صحته وقيمتها سواء ولا مال له غيرهما أحدكما حر ثم مات سعى العبد في نصف قيمته والمدبر في سدس قيمته ولأنه أوجب عتق رقبة لأحدهما فبموته وتشييع فيهما فيعتق من كل واحد منهما نصفه ثم ما بقي من المدبر يعتق من ثلث ماله وماله رقبة واحدة فإنما يسلم له بالتدبير ثلث رقبة ويلزمه السعاية في سدس قيمته وإنما يعتق من العبد نصف رقبته ويسعى في نصف قيمته .
فإن مات العبد بعد موت السيد قبل أن يؤدي شيئا سعى المدبر في ثلث قيمته لأن نصف العبد قد توى بموته وخرج من أن يكون محسوبا من مال المولى فإنما ماله نصف رقبة المدبر فيعتق بالسدس ثلث ذلك النصف مع النصف الذي عتق منه بالعتق الثابت فيلزمه السعاية في ثلث قيمته .
ولو مات المدبر وبقي العبد سعى في نصف قيمته على حاله لأنه لاحظ للعبد من الوصية فموته في حقه وبقاؤه سواء ولو كان هذا القول في المرض من المولى ولم يمت واحد منهما ومات السيد كان للعبد ثلث الثلث وللمدبر ثلثا الثلث لأن العتق في المرض وصية فالعبد يوصى له بنصف رقبته والعبد يوصى له بجميع رقبته ولا تزاد وصيته بالعتق في المرض فكان الثلث بينهما أثلاثا .
فإن قيل : لما لم يكن للمدبر في العتق في المرض نصيب ينبغى أن يسلم ذلك كله للقن فيكون هو موصى له بجميع رقبته .
قلنا : إنه لا تظهر فائدة اعتبار العتق في حق المدبر بعد موته فأما في حال حياته فهو مفيد فلا بد من اعتبار مزاحمته مع القن في العتق الثابت فلهذا جعلنا العتق موصى له بنصف رقبته .
فإن مات المدبر بعد موت السيد قبل أن يؤدي شيئا سعى العبد في ستة أسباع قيمته لأن المدبر مات مستوفيا لوصيته ويؤدي ما عليه من السعاية فإنما بقي من مال المولى رقبة العبد يضرب فيه العبد بحقه وهو سهم والورثة بستة مقدار حقهم .
ولو كان العبد مات سعى المدبر في ثلاثة أرباع قيمته لأن العبد مات مستوفيا لوصيته وإنما مال الميت رقبة المدبر خاصة فيضرب فيه المدبر بحقه سهمين والورثة بستة فيسلم له الربع ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته .
ولو قال لعبد ومدبر في صحته أو مرضه أحد كما حر أو مدبر ثم مات عتق بالتدبير والآخر رقيق لأنه خير نفسه بين كلامين فهو صادق في أحدهما .
فإن كان أحدهما مدبرا فيكون كلامه إخبارا لا إيجابا كما لو قال أحدهما حر أو عبد وجمع بين حر وعبد وقال : هذا الكلام أن صيغة كلامه إخبار في الوجوه كلها وإنما جعلناه إيجابا وبالضرورة يصحح الخبر فإذا كان المخبر به سابقا فلا حاجة بنا إلى أن نجعل كلامه إيجابا بل يكون إخبارا عن مال المدبر كما هو صيغة كلامه .
ولو قال لمدبرين له وعبد في صحته أحدكم حر وقيمة كل واحد ثلثمائة ثم مات ولا مال له غيرهم سعى العبد في ثلثي قيمته وكل واحد من المدبرين يعتق من ثلث ماله وماله رقبتان فلهم الثلث من ذلك وهو ثلثان فيه يعتق من كل واحد منهما ثلثه العتق الثابت في ثلثه بالتدبير ويسعى في ثلثي قيمته فإن مات أحد المدبرين قبل أن يؤدي شيئا سعى العبد في ثلثي قيمته على حاله والمدبر في خمسي قيمته لأن المدبر .
وإن كان مستوفيا لوصيته توى ما عليه من السعاية ولا حظ للعبد في الوصية فهو يسعى في ثلثي قيمته على حاله ومال الميت ثلثا رقبة كل واحد من الباقين فيضرب المدبر الباقي في ذلك بسهم والورثة بأربعة فيكون بينهم على خمسة وإنما يسلم للمدبر خمس الباقي وقيمة الباقي أربعمائة فخمسه ثمانون فقد سلم للمدبر بالعتق الثابت الثلث وذلك مائة وبالتدبير ثمانون وإنما بقي عليه السعاية في مائة وعشرين ومائة وعشرون من ثلثمائة خمساه .
ولو مات العبد أيضا سعى العبد في أربعة أخماس ثلثي قيمته لأنه لم يبق من مال الميت إلا ثلثا رقبته فهو يضرب في ذلك بسهم والورثة بأربعة فلهذا سعى في أربعة أخماس ثلثي قيمته . ولو قال المولى ذلك في مرضه ثم مات كان الثلث بينهم أسباعا لأن القن أصابه من هذا الإيجاب ثلث رقبة فهو موصى له بثلث رقبة ولا يزاد حقهما بالإيجاب الذي كان في المرض فإذا جعلنا كل ثلث رقبة سهما يكون لكل واحد منهما ثلثه وللقن سهم وإذا صار الثلث على سبعة فالثلثان أربعة عشر والمال كله أحد وعشرون كل رقبة سبعة ويسلم للقن سهم وهو السبع من رقبته ويسعى في ستة أسباع قيمته ويسعى في خمسة أسباع قيمته .
فإذا مات العبد قبل أن يؤدي شيئا سعى كل واحد من المدبرين في سبعة أعشار قيمته لأن العبد مات مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه من السعاية فإن مال الميت رقبة المدبرين وهما يضربان في ذلك بستة والورثة بأربعة عشر فيكون ذلك عشرين كل رقبة عشرة يسلم لكل واحد منهما ثلاثة ويسعى في سبعة .
ولو كان الميت أحد المدبرين يسعى المدبر الباقي في ثلثي قيمته والقن في ثمانية أتساع قيمته لأن الباقي من مال الميت رقبتهما يضرب فيه القن بسهم والمدبر بثلاثة والورثة بأربعة عشر فيكون ثمانية عشر لكل رقبة تسعة يسلم للمدبر ثلاثة وذلك ثلث رقبته والقن سهم وذلك تسع رقبته ويسعى في ثمانية أتساع قيمته .
وإن مات العبد أيضا سعى المدبر الباقي في أربعة عشر جزءا من سبعة عشر جزءا من رقبته لأن الباقي في الحاصل من مال الميت رقبته خاصة فيضرب الورثة بحقهم وذلك أربعة عشر والمدبر بحقه ثلاثة فتكون رقبته على سبعة عشر وقد مات كل من الآخرين مستوفيا لوصيته إذا ضممت ذلك القدر إلى ما يسلم للباقي استقام الثلث والثلثان .
وإذا كان للرجل خمسة أعبد قيمة كل واحد منهم أربعمائة فقال في مرضه أحدكم حر فمات أحدهم قبل موت السيد ثم مات السيد وقع العتق على الأربعة الباقين لأن الذي مات خرج من أن يكون مزاحما للباقين في الحرية المتهمة بين الأربعة الباقين بعد موت المولى لكل واحد منهم ربعه ويسعى كل واحد منهم في ثلاثة أرباع قيمته .
فإن مات أحدهم قبل أن يؤدي شيئا لم ينتقص من حق الباقين شيء لأن الذي مات مستوف لوصيته وتوى ما عليه من السعاية إلا أنه قد بقي ثلاثة فإن بوصية كل واحد منهم إذا جمعتها كان دون الثلث من مال الميت فلهذا لا ينتقص حقهم بما توى من السعاية على الميت .
وإن مات أحد الباقين أيضا يسعى الباقيان كل واحد منهما في أربعة أخماس قيمته لأن الميتين قد استوفيا وصيتهما وتوى ما عليهما من السعاية وإنما مال الميت رقبة الباقين وهما يضربان بحقهما كل واحد منهما بسهم والورثة بحقهم وذلك ثمانية فإن الثلث بينهم على أربعة فتكون السهام عشرة كل رقبة خمسة فلهذا يسعى كل واحد منهما في أربعة أخماس قيمته .
وإذا قال الرجل في مرضه لأمة : إن كان أول ولد تلدينه غلاما فهو حر وإن كان أول ولد تلدينه جارية فأنت حرة فولدت غلاما وجارية لا تدري أيهما أول ثم مات من مرضه ولا مال له غيرهم وقيمة كل واحد منهم ثلثمائة فالابنة رقيق ويعتق الغلام نصفه من الثلث ونصفه بعتق الأم لأنا تيقنا برق الابنة كمال الشرط ثم الغلام يعتق على كل حال لأنها إن ولدت الغلام أولا فالغلام حر وإن ولدت الجارية أولا فالغلام حر أيضا تبعا للأم فلهذا يعتق كله والجارية تعتق في حال دون حال لأنها إن ولدت الغلام أولا فهي أمة وإن ولدت الجارية أولا فهي حرة فيعتق نصفها .
طعن عيسى في هذا الجواب وقال : ينبغي أن لا يعتق شيء من الأم لأنه وقع الشك في شرط عتقها فإن شرط عتقها ولادة الجارية أولا وهذا مشكوك فيه وما لم يقع الشرط لا يترك شيء من الجزء .
( ألا ترى ) أنه لو قال : إن لم أدخل الدار اليوم فعبده حر فمضى اليوم ومات المولى ولا يدري أدخل أو لم يدخل لم يعتق العبد للشك فيما هو شرط وإن كان الظاهر أنه لم يدخل .
ولكنا نقول : ما ذكره في الكتاب صحيح فإن شرط عتقها ولادة الجارية وقد وجد ذلك ولكن كون ولادة الغلام سابقا مانع وهذا المانع مشكوك فيه فإنما هذا اعتبار الأحوال في المانع لا في الشرط فإن ولادة الجارية صارت وما لم يكن موجودا أو أعلم وجوده كان أولا ما لم يعلم تقدم غيره عليه فإذا كانت هذه المقالة في مرضه يسعى الغلام في نصف سدس قيمته وتسعى الأم في ثلاثة أسداس ونصف سدس قيمتها لأن نصف رقبة الغلام لا يعد مالا للمولى فإن العتق فيه تبع الأم فإنما مال الميت رقبتان ونصف ثم الغلام بنصف رقبة .
وكذلك الأم تضرب بنصف رقبتها فإن وصية كل واحد منهما هذا المقدار فكان الثلث بينهما على سهمين والثلثان أربعة فتكون جملته ستة والمال رقبتان ونصف فقد انكسر بالأنصاف فاضعفه فيكون خمسة ثم ستة على خمسة لا يستقيم فتضرب ستة في خمسة فتكون ثلاثين فصارت كل رقبة على اثني عشر ونصف الرقبة ستة فأما العبد فقد عتق منه نصفه تبعا للأم ويسلم له في النصف الباقي خمسة لأنه كان حقه في سهم وقد ضربناه في خمسة فإنما يبقى عليه السعاية في سهم بالاثني عشر وذلك نصف سدس قيمته والأم صارت رقبتها على اثني عشر شهم لها من خمسة وذلك سدسان ونصف سدس فعليها السعاية في ثلاثة أسداس ونصف سدس فإن مات الغلام قبل أن يؤدي شيئا سعت الأم في ثلاثة أخماس قيمتها لأن الغلام مات مستوفيا لوصيته وتوى ما عليه من السعاية فإنما مال الميت رقبة الأم والابنة يضرب الورثة في ذلك بأربعة والأم بسهم فيكون أخماسا ولكن إذا قسمت خمسة على رقبتين كان كل رقبة سهمين ونصفا فاضعف فيكون كل رقبة على خمسة فإنما يسلم للأم من رقبتين سهمان من خمسة وتسعى في ثلاثة أخماس قيمتها .
ولو ماتت الأم وبقى الغلام سعى الغلام في قول أبي حنيفة - C - في جميع ما كان على أمه وعليه بمنزلة العبد ما لم يؤد جميع ذلك لأن المستسعى عنده بمنزلة المكاتب فالنصف الذي هو تبع الأم من الغلام لا يعتق إلا بعتق الأم فهو محتاج إلى أداء سعاية الأم ليستند العتق في ذلك النصف فلهذا في جميع ما على أمه كولد المكاتب بعد موت الأم وعلى قولهما ليس عليه أن يسعى فيما على أمه لأن المستسعى عندهما حر عليه دين وليس على ولد الحرة سعاية في دين أمه ولكن عليه أن يسعى في خمسي نصف قيمة نفسه لأن الأم ماتت مستوفية لوصيتها ويعاد ما عليها من السعاية وإنما مال الميت نصف رقبة الغلام مع رقبة الابنة يضرب الورثة في ذلك بأربعة والغلام بسهم فيكون خمسة وقسمه رقبة ونصف على خمسة لا تستقيم فالسبيل أن يضعف رقبة ونصفا فيكون ثلاثة ثم تضرب ذلك في خمسة فتكون خمسة عشر للابنة من ذلك عشرة ونصف رقبة الغلام خمسة يسلم له من ذلك ثلاثة لأنه كان حقه في سهم ضربناه في ثلاثة فإنما يجب عليه السعاية في خمسي نصف رقبته .
وإذا كان لرجل ثلاثة أعبد قيمة كل واحد منهم في ثلثمائة فقال في مرضه : أحدكم حر على مائة درهم وقبلوا ذلك جميعا ثم مات السيد قبل البيان ولا مال له غيرهم فإنه يعتق ثلث كل واحد منهم بثلث المائة لأن العتق بعوض يصح إيجابه في المجهول كالعتق بغير عوض فإن الإيجاب في المجهول كالمعلق بالشرط والعتق بعوض يحتمل التعليق بالشرط كالعتق بغير عوض ولما قبلوا جميعا فقد وجد القبول ممن يتناوله الإيجاب فيعتق أحدهم وكان للمولى الخيار في البيان وقد انقطع خياره بموته فيشيع العتق فيهم جميعا ويكون على كل واحد منهم ثلث المائة بحصة ما يسلم له من العتق لأن المال ها هنا تبع العتق وثبوت التبع يثبت المتبوع ثم إنما حصلت الوصية لهم بقدر المائتين وذلك دون الثلث فيسلم لكل واحد منهما مقدار ثلث المائتين ويسعى كل واحد منهما في ثلثي قيمته فهو دية مع ثلث المائة هي عوض .
ولو لم يكن إلا عبدان قيمة أحدهما مائة درهم وقيمة الآخر ثلثمائة فقال في مرضه : أحدكما حر على مائة درهم فقبلا ثم مات السيد فإنه يعتق من كل واحد منهما نصف بنصف المائة لما بينا والغلام الذي قيمته مائة يسعى في نصف قيمته ولا وصيه له ويسعى الآخر في نصف قيمته أيضا مع الخمسين فله من قيمته مائة درهم وصية لأنه سلم له نصف رقبته بخمسين وقيمة نصف رقبته مائة وخمسون فعرفنا أنه أوصى له بمائة وهذا لأنه إن كان هو المراد بالإيجاب ففي هذا الإيجاب وصية له بمائة درهم وإن كان المراد صاحبه فلا وصية في هذا الإيجاب لأحد فباعتبار الأحوال ثبتت الوصية بقدر المائة ويكون ذلك كله للأرفع فإنه لا وصية للأوكس .
ولو كان له ثلاثة أعبد قيمة كل واحد منهم ثلثمائة فقال في صحته أحدكم حر على مائة درهم والأخران حران بغير شيء فقبلوا ذلك فهم أحرار لأنه أوجب الحرية لأحدهم بعوض في قبولهم فقبلوا قول من يتناوله الإيجاب ونزول العتق بعوض باعتبار القبول وقد وجد وأعتق الآخرين بغير شيء فقد تيقنا بحريتهم ولا خيار للمولى في الإيقاع لأن إيقاع العتق المتهم بالبيان إنما يصح ممن يملك الإيجاب وبعدما عتقوا لا يملك المولى إيجاب الدين فيهم ابتداء فلا خيار له في الإيقاع ولا شيء عليهم لأن الذي يرث المال منهم مجهول والقضاء بالمال على المجهول غير ممكن .
( ألا ترى ) أنه ثلاثة نفر لو قالوا لرجل لك على أحدنا ألف درهم لم يجب على أحدهم شيء وهذا بخلاف ما سبق فإن هناك للمولى حق البيان في العتق فيكون المال عليهم وههنا ليس للمولى في العتق حق البيان فيبقي مقصودا بالوجوب ولا يمكن إيجابه على المجهول مقصودا .
ولو قال في صحته : هذه أم ولدي أو مدبرتي ثم مات ولا مال له غيرها فإنها تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأنه خير نفسه بين الجانبين التدبير وأمية الولد وحكمهما مختلف فكان البيان إليه ما دام حيا وبموته فات البيان وليس أحدهما بأولى من الآخر فيثبت حكم كل واحد من الكلامين في نصفه فيعتق نصفها من جميع المال بإقراره بالاستيلاد في صحته والنصف الآخر منها إنما يعتق بالتدبير فيكون من الثلث وماله نصف رقبتها فيعتق ثلث ذلك النصف وتسعى في ثلثيه وذلك ثلث قيمتها في الحاصل .
ولو قال في صحته : هذه أم ولدي أو مدبرتي ثم مات ولا مال له غيرها فإنها تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأنه خير نفسه بين الجانبين التدبير وأمية الولد وحكمهما مختلف فكان البيان إليه ما دام حيا وبموته فات البيان وليس أحدهما بأولى من الآخر فيثبت حكم كل واحد من الكلامين في نصفه فيعتق نصفها من جميع المال بإقراره بالاستيلاد في صحته والنصف الآخر منها إنما يعتق بالتدبير فيكون من الثلث وماله نصف رقبتها فيعتق ثلث ذلك النصف وتسعى في ثلثيه وذلك ثلث قيمتها في الحاصل .
ولو قال : هذه أم ولدي أو حرة أو مدبرة فهذا والأول سواء تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأن العتق في المرض معتبر من الثلث كالتدبير فكان قوله أو حرة أو مدبرة ككلام واحد لأن حكمهما واحد وإنما اعتبار الكلام بحكمه لا بصورته فلهذا كان هذا الفصل والأول في التخريج سواء .
ولو قال في صحته : هذه أم ولدي أو مدبرتي ثم مات ولا مال له غيرها فإنها تعتق وتسعى في ثلث قيمتها لأنه خير نفسه بين الجانبين التدبير وأمية الولد وحكمهما مختلف فكان البيان إليه ما دام حيا وبموته فات البيان وليس أحدهما بأولى من الآخر فيثبت حكم كل واحد من الكلامين في نصفه فيعتق نصفها من جميع المال بإقراره بالاستيلاد في صحته والنصف الآخر منها إنما يعتق بالتدبير فيكون من الثلث وماله نصف رقبتها فيعتق ثلث ذلك النصف وتسعى في ثلثيه وذلك ثلث قيمتها في الحاصل .
ولو قال أحدكم حر على مائة درهم والآخر على مائتي درهم والثالث على ثلثمائة فقبلوا جميعا فهم أحرار لأن كل واحد منهم حر . قيل مطلقا فقد قبل ما يتناوله من الأيجاب فيعتقون جميعا وعلى كل واحد منهم مائة درهم لأنه لا يجب من المال على كل واحد منهم إلا المتيقن به والمتعين في حق كل واحد منهم مقدار المائة فقط وهو بمنزلة ثلاثة نفر أقروا أن لرجل على أحدهم مائة وعلى الآخر مائتين وعلى الثالث ثلثمائة فليس له أن يأخذ من كل واحد منهم إلا مائة .
فلو قال لعبدين له في مرضه قيمة كل واحد منهما ثلثمائة أحد كما حر بمائة درهم والآخر بمائتي درهم فقبلا ذلك ثم مات السيد سعى كل واحد منهما في ثلثي قيمته لأنه أوصى لهما بنصف قيمته ولا يمكن تنفيذ وصيته إلا في مقدار الثلث فيسلم لكل واحد منهما ثلث قيمته بالوصية ويسعى في ثلثي قيمته .
ولو أن رجلا قال لعبده : إن أديت ألي ألفا فأنت حر وإن أديت إلي ألفين فأنت حر فكل واحد من الكلامين صحيح لأن تعليق العتق بالشرط صحيح من المولى ما لم يترك العتق مرة كان أو مرات كما لو قال لعبده : إن دخلت الدار فأنت حر أو إن كلمت فلانا فأنت حر فأي الشرطين وجد عتق العبد فها هنا إن أدى الألفين عتق بالكلام الثاني لوجود الشرط فإن وجد المولى إحدى الألفين ستوقية عتق العبد بالألف بالخيار خاصة وليس له على العبد بدل الستوقة لأن الستوقة ليس من جنس الدراهم فتبين أن العبد إنما أدى إلى المولى ألف درهم وأنه أنما أعتق بالكلام الأول لوجود الشرط وهو أداء الألف ستوقة للمولى إن كانت من كسب العبد ولا دين عليه .
وإن كانت الستوقة دينا على العبد ردها على الغرماء لأنهم أحق بكسبه من مولاه وكذلك لو وجد في الألفين درهما ستوقا أو وجدها تنقص من وزن ألفي درهم شيئا لأنه تبين أن بأدائه تم الشرط الأول ولم يتم الشرط الثاني فإنما يعتق بالكلام الأول .
وإن وجد الألف زيوفا أو نبهرجة واستحقت فعلى العبد بدلها لأنه إنما عتق بالكلام الثاني ها هنا فإن الزيف من جنس الدراهم والمستحق كذلك فيكون العبد مؤديا الألفين ثم المال المقبوض باعتبار هذا الشرط في حكم العرض فإذا وجده زيوفا استبدله به فإذا استحقت رجع بمثله بمنزلة بدل الكتابة .
فإن قيل : القبض في المستحق ينتقص من الأصل بالاستحقاق وكذلك في الزيوف بالرد ولهذا بطل الصرف والسلم عند أبي حنيفة - C - إذا وجد الكسر زيوفا فرده فكان ينبغي أن يعتق بالكلام الأول لأن قبض المولى إنما تم في الألف درهم .
قلنا نعم بالرد ينتقض القبض ولكن لا يتبين أن القبض لم يكن قائما فينتقض بانتقاض القبض ما يحتمل النقض ومالا يحتمله والعتق الواقع لا يحتمله النقص فبالرد والاستحقاق لا يتبين من نزول العتق ما لم يكن باعتبار أداء الألفين وكذلك لو كان هذا في المرض ثم مات السيد فوجد الورثة الأمر على ما وصفت لك إلا أن السيد إن كان حابى الغلام من قيمته شيئا وكان هذا الغلام أقل من قيمته كان الفضل له من الثلث .
وقد بينا أصل هذه المسألة في كتاب العتاق أن القدر المؤدى من المال في حكم العوض استحسانا ولهذا يجبر المولى على القبول إذا حابى العبد فلا يعتبر معنى الوصية في قدر المؤدي لوجود العوض وفيما زاد على ذلك تعتبر الوصية فيكون ذلك من ثلث ماله .
وكذلك لو قال لعبده إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإن أديت إلي مائة دينار فأنت حر فأداهما جميعا فإنه يعتق بهما لوجود الشرطين جميعا والعتق يصير مضافا إلى العلة ثبوتا فكان يستقيم إضافة الحكم إلى علتين إلى كل واحد منهما بكماله فكذلك يصح إضافته إلى شرطين فإن وجد الألف ستوقة أو نبهرجة أو ناقصة أو استحقت فعلى ما وصفنا في الألفين يعنى أن في الستوق يكون العتق واقعا بأداء المائة الدينار خاصة وفي الزيوف والمستحق يكون العتق واقعا بادائهما فيستبدل بالزيوف المستحق والله أعلم بالصواب