( قال - C - ) ( كان لرجل مائة درهم عين ومائة درهم على آخر دين فأوصى لرجل بثلث ماله فإنه يأخذ ثلث العين ) لأنه سمى له ثلث المال ومطلق اسم المال يتناول العين دون الدين .
( ألا ترى ) أن من حلف لا مال له وله ديون على الناس لم يحنث ثم ما خرج من الدين بعد ذلك أخذ منه ثلثه حتى خرج الدين كله لأنه يعين الخارج مالا له فيلتحق بما كان عينا في الابتداء ولا يقال لما لم يثبت حقه في الدين قبل أن يخرج فكيف يثبت حقه فيه إذا خرج فإن مثل هذا غير ممتنع .
( ألا ترى ) أن الموصى له بثلث المال لا يثبت حقه في القصاص فإذا انقلب مالا ثبت حقه فيه وهذا لأن الموصى له بثلث المال شريك الوارث في التركة إلا أن الملك في الدين يثبت بالإرث ولا يثبت بالوصية كالملك في القصاص .
وإذا تعين الدين والموصى له شريك الوارث في مال الميت وهذا المتعين مال الميت جعلناه مشتركا بينهما حتى يكون السالم للموصى له قدر الثلث من مال الميت وكذلك لو كان أوصى له بثلث المائة العين وثلث الدين وفي الحقيقة مسائل هذا الباب نظير مسائل الباب المتقدم في الفرق بين الوصية بالمال المرسل والوصية بالمال العين إلا أن هناك التفريع على نقصان المال بالهلاك والاستحقاق وها هنا التفريع على نقصان زيادة المال بخروج الدين .
والمعنى جامع للفصلين فنقول : إذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث المائة العين اقتسما ثلث المائة العين نصفين لأن حقهما قبل خروج الدين سواء فكل واحد منهما لو انفرد استحق ثلث المائة العين فإذا اجتمعا قسم ثلث العين بينهما نصفين فإن خرج من الدين خمسون درهما ضمت إلى العين وكان ثلث جميع ذلك بينهما على خمسة لأن حق الموصى له بثلث العين في ثلاثة وثلاثين وثلث وحق الموصى له بثلث المال في خمسين ثلث ما بقي من المال فيجعل تفاوت ما بين الأقل والأكثر بينهما فإنما يضرب الموصى له بالثلث ثلاثة والموصى له بثلث العين بسهمين فيكون العين الثلث بينهما على خمسة والثلثان عشرة ثم صاحب ثلث العين حقه مقدم فيأخذ خمس الثلث وذلك عشرون درهما وذلك كله من العين ويقسم الباقي بين صاحب ثلث المال والورثة على ثلاثة عشر سهما لأن الموصى له بثلث المال شريك الوارث في التركة .
( قال ) ( ولو كان أوصى بثلث العين لرجل وبثلث العين والدين لآخر ولم يخرج من الدين شيء اقتسما ثلث العين فكان لصاحبي الوصية ثلث ذلك خمسون درهما بينهما أثلاثا في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - الثلث لصاحبي الوصية في العين والثلثان للآخر ) لأنه لما تعين من الدين خمسون فقد ظهر جميع ما هو محل حق صاحب الوصية بثلث العين والدين على ما بينا أن حقه في الحال المحل المضاف إليه وصيته مقدم على حق الوارث فيضرب هو في الثلث بجميع وصيته وذلك ستة وستون وثلثان والآخر إنما يضرب بثلث العين فيكون الثلث بينهما أثلاثا لهذا بخلاف الأول .
فإن الموصى له بثلث المال شريك الوارث وإنما يضرب هو بثلث ما تعين من المال فذلك خمسون درهما وأما على قول أبي حنيفة - C - فالثلث بينهما في هذه المسألة على خمسة أيضا لأن حق صاحب الثلث في العين والدين وإن كان ستة وستين وثلثين إلا أنه لا يضرب في الثلث بأكثر من خمسين لأن الثلث المتعين من المال هذا المقدار ووصيته فما زاد على الثلث تبطل ضربا واستحقاقا عند أبي حنيفة فإنما يضرب هو بثلاثة أسهم والآخر بسهمين فكان الثلث بينهما مقسوما على خمسة .
ولو كان الدين مائتي درهم فأوصى لرجل بثلث العين ولآخر بثلث الدين فثلث العين للموصى له بثلث العين خاصة لأن وصية كل واحد منهما مضافة إلى محل عين وإنه إنما يستحق وصيته من ذلك المحل خاصة فلهذا لا يزاحم الموصى له بثلث الدين صاحب العين في شيء من العين فإن خرج من العين خمسون درهما ضممته إلى المائة وأخذ صاحب الوصية من ذلك الثلث واقتسماه على خمسة أسهم لأن صاحب ثلث الدين يضرب في الثلثين بجميع ما تعين من الدين فإن حقه فيه مقدم على حق الوارث فهو يضرب بخمسين وثلث وصاحب العين بثلاثة وثلاثين وثلث وكانت القسمة على خمسة فما أصاب صاحب وصية العين وهو عشرون درهما كان له في العين وما أصاب الآخر وهو ثلاثون درهما كان له في الخارج والدين .
( قال ) ( ولو كان أوصى بثلث ماله لرجل وبثلث الدين لآخر وقد خرج من الدين خمسون درهما اقتسم صاحب الوصية الثلث نصفين ) لأن العين من المال مائة وخمسون فإنما يضرب صاحبا ثلث المال بخمسين .
وكذلك صاحب ثلث الدين يضرب بما تعين من الدين وذلك خمسون فكان الثلث بينهما نصفين ولكن يصير الموصى له بثلث الدين وذلك خمسة وعشرون درهما يأخذ من الخارج من الدين ثم ما بقي منه مع المائة العين يقسم بين الموصى له بثلث المال وبين الوارث أخماسا لأن الموصى له بثلث المال شريك الوارث .
ولو كان أوصى بثلث العين والدين لرجل وبثلث الدين لآخر ثم خرج من الدين خمسون درهما ضمت إلى العين وكان ثلث ذلك بين صاحبي الوصية على ثمانية أسهم ثلاثة لصاحب الوصية في الدين في الخارج منه وخمسة منها للآخر سهمان في العين وثلاثة أسهم في الخارج من الدين في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأن المتعين من الدين حقهما فيه على السواء وذلك خمسون درهما فصاحب ثلث الدين إنما يضرب في الثلث بخمسين وصاحب ثلث العين والدين إنما يضرب بثلاثة وثمانين وثلث العين قدر الخارج من الدين فيجعل كل ستة عشر وثلثين سهما فيكون حق صاحب ثلث الدين في ثلاثة أسهم وحق الآخر في خمسة فيقسم الثلث بينهما على ثمانية وما أصاب صاحب الدين يأخذ جميعه من الخارج من الدين وما أصاب الآخر يأخذ خمسة من العين وثلاثة أخماسه من الدين على مقدار وصيته في المحلين .
وأما في قياس قول أبي حنيفة فالثلث بينهما أثلاثا ثلاثة لصاحب ثلث العين والدين وثلاثة لصاحب ثلث الدين وهذا بناء على أصلين له : .
أحدهما : اعتبار القسمة بطريق المنازعة عند اجتماع الحقين في محل هو عين .
والآخر : بطلان الوصية فما زاد على الثلث عند عدم الإجازة ضربا واستحقاقا فيقول : منازعتهما في الخارج من الدين سواء فيكون بينهما نصفين ولصاحب ثلث العين والدين من العين ثلاثة فيكون جميع حقه ثمانية وخمسين وثلثا إلا أن ذلك فوق ثلث المتعين من المال فتطرح الزيادة على الثلث من حقه وذلك ثمانية وثلث فإنما يضرب هو في الثلث بخمسين درهما وصاحب ثلث العين بخمسة وعشرين فيكون الثلث بينهما أثلاثا ثلث ذلك وذلك ستة عشر وثلثان للموصى له بثلث الدين كله في الخارج من الدين وثلثا ذلك للموصى له بثلث العين والدين ثلاثة أسباعه من الخارج من الدين وأربعة أسباعه من المال العين لأن وصيته في المالين كانت بهذا المقدار خمسة وعشرين من الدين وثلاثة وثلاثين وثلث من العين وما طرحنا من أحد المحلين لا يكون خاصة بل يكون منهما بالحصة فلهذا استوفى ما أصابه من المحلين بحسب حقه فيهما .
ولو أوصى لرجل آخر معهما بثلث العين ولم يخرج من الدين شيء كان ثلث العين بين الموصى له بثلث العين وبين الموصى له بثلث العين والدين نصفين لاستواء حقهما في العين .
فإن خرج من الدين خمسون درهما كان ثلث جميع ذلك بين أصحاب الوصايا على عشرة ثلاثة منها لصاحب ثلث الدين وسهمان لصاحب ثلث العين وخمسة للثالث في قول أبي يوسف ومحمد لأن صاحب ثلث الدين يضرب بخمسين وصاحب ثلث العين يضرب بثلاثة وثلاثين وثلث وصاحب ثلث العين والدين يضرب بثلاثة وثمانين وثلث فإذا جعل كل ستة عشر وثلثين سهما يصير حق صاحب ثلث العين سهمين وحق صاحب ثلث الدين ثلاثة وحق الآخر خمسة فيكون الثلث بينهم على عشرة ويستوفى كل واحد منهم ما أصابه في محل حقه .
فأما قياس قول أبي حنيفة - C - فالثلث بينهم على ثلاثة عشر سهما لصاحب ثلث العين والدين ستة ولصاحب ثلث العين أربعة ولصاحب ثلث الدين ثلاثة لأن على أصله الخارج من الدين مقسوم بين الدين لهم وصية في الدين نصفين لكل واحد منهما خمسة وعشرون فصاحب ثلث العين إنما يضرب بثلاثة وثلث وصاحب ثلث الدين يضرب بخمسة وعشرين وحق صاحب ثلث العين والدين في ثمانية وخمسين وثلث إلا أنه لا يضرب بما زاد على الخمسين لما بينا .
فإذا جعلنا كل ثمانية وثلث سهما نصف الخمسين ستة أسهم وخمسة وعشرون وثلاثة وثلاثون وثلث أربعة فتكون جملة السهام ثلاثة كله في الخارج من الدين ولصاحب ثلث العين أربعة كله في العين والثالث ستة في العين والدين جميعا على مقدار حقه منهما أسباعا كما بينا .
فإن قيل : لماذا اعتبر أبو حنيفة - C - القسمة بطريق المنازعة في الخارج من الدين وفي العين اعتبر القسمة بطريق العول وفي كل واحد من الموضعين إنما أوصى بالثلث .
قلنا : نعم ولكن وصيتهما في الخارج من الدين ضعيفة من حيث أنه لا يتمكن تنفيذها إلا باعتبار مال آخر وهو ما لم يخرج من الدين وفي الوصية الضعيفة عند القسمة باعتبار المنازعة كما في الوصية التي جاوزت الثلث فأما وصية كل واحد منهما في العين فوصيته قوية لأن تنفيذها يمكن من غير اعتبار مال آخر فاعتبر العول فيه لهذا .
ولو لم يكن هذا أوصى لأحدهم بثلث العين والدين ولكنه أوصى له بثلث ماله مرسلا فقبل أن يخرج شيء من الدين ثبت العين بين صاحب ثلث المال وثلث العين أن يخرج شيء من الدين ثلث العين بين صاحب ثلث المال وثلث العين نصفين لاستواء حقهما في العين ولا شيء لصاحب ثلث الدين منه لأنه لم يتعين شيء من محل حقه فإن خرج شيء من الدين خمسون درهما فالثلث بينهم على ثمانية سهمان منها لصاحب وصية العين وثلاثة لصاحب ثلث المال في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأن صاحب ثلث العين يضرب في الثلث بثلاثة وثلاثين وصاحب ثلث الدين يضرب بجميع ما خرج من الدين العين ثم يقسم بين الورثة والموصى له بثلث العين وبربع الدين والمؤدي على ستمائة وستة وتسعين سهما لأنه يحتسب بسهام صاحب الربع ها هنا وذلك خمسة عشر فيكون ثلث المال مائتين وثمانية وستين والثلثان ضعف ذلك خمسمائة وستة وثلاثون ثم تطرح سهام من لم يؤد من الثلث وذلك مائة وثمانية يبقى من الثلث مائة وستون إذا ضممته إلى ثلثي المال يصير ستمائة وستة وتسعين لصاحب الثلث منها أربعون كلها من المائة العين وللمؤدي مائة وخمسة كله مما أدى ولصاحب الربع خمسة عشر كله من المؤدي أيضا والباقي للورثة .
ولو خرجت المائة الأخرى قسم المال كله على ثمانمائة وأربعين لأنه يحتسب بسهام حق صاحب الخمس أيضا فقد تعين محل حقه فيكون سهام الثلث على مائتين وثمانين والثلثان ضعف ذلك خمسمائة وستون فتكون الجملة ثمانمائة وأربعين لصاحب ثلث العين أربعون ولصاحب الربع خمسة عشر وللأكبر مائة وخمسة ولصاحب الخمس اثنا عشر وللأصغر مائة وثمانية يستوفى كل واحد منهم حقه في محله والباقي للورثة .
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - إذا لم يخرج من الدين شيء فالمائة العين بين الورثة والموصى له بثلث العين على ثلثمائة سهم لصاحب ثلث العين منها عشرون والباقي للورثة وهذا تطويل غير محتاج إليه فإنه يستقيم من جزء من عشرين جزءا من ثلثمائة وهو خمسة عشر .
وبيان ذلك : أن القسمة عندهما بطريق العول وقد انكسرت المائة بالأثلاث والأرباع والأخماس فصارت كل مائة على ستين سهما إلا أنه لا يحتسب بسهام حق صاحب الربع والخمس ما لم يتعين محل حقهما فإنما يضرب كل واحد من الغريمين في الثلث بستين وصاحب ثلث العين بعشرين فتكون الثلاثمائة أربعين سهما والثلثان مائتين وثمانين ثم تطرح سهام حق الغريمين يبقي حق صاحب ثلث العين في عشرين وحق الورثة في مائتين وثمانين فتكون القسمة على ثلثمائة وعلى ما قلنا من الاختصار لما بين أنه لا يحتسب بنصيب صاحب الربع والخمس فإنما يصير كل غريم في الثلث بمائة درهم وصاحب ثلث العين بثلاثة وثلاثين وثلث .
فإذا جعلت الأقل سهما كان سهام الثلث سبعة والثلثان أربعة عشر ثم يطرح سهام الغريمين يبقى حق ثلث العين في سهم وحق الورثة في أربعة عشر فتكون القسمة بينهم على خمسة عشر فإن خرجت المائة التي أوصى بربعها ضمت إلى المائة العين ثم كانت القسمة على أربعمائة سهم وخمسة وعشرين سهما لأنه تعين محل حق صاحب الربع والقسمة بينهما بطريق العول فكان حق الأكثر في ستين وحق صاحب الربع في خمسة عشر فيكون خمسة وسبعين وحق الأصغر في ستين وذلك مائة وخمسة وستون وثلثان وحق صاحب ثلث العين في عشرين فيكون ذلك مائة وخمسة وخمسين هذا ثلث المال والثلثان ثلثمائة وعشرة إلا أن يطرح نصيب من عليه الدين وذلك ستون يبقى من الثلث خمسة وتسعون فإذا ضممته إلى ثلثمائة وعشرة يكون أربعمائة وخمسة فتقسم العين بينهم على ذلك وعلى ما قلنا من الاختصار صاحب الربع يضرب بخمسة وعشرين وكل غريم يضر بمائة وصاحب ثلث العين بثلاثة وثلاثين . وثلث فيجعل كل مائة على اثني عشر للكسر بالأثلاث والأرباع فصاحب ثلث العين يضرب بأربعة وكل واحد من الغريمين باثنى عشر وصاحب الربع بثلاثة فيكون الثلث بينهم على أحد وثلاثين والثلثان اثنان وستون ثم يطرح نصيب المديون يبقى من الثلث تسعة عشر فإذا ضممته إلى اثنين وستين يكون أحدا وثمانين فتقسم العين بينهم على هذا لصاحب الربع ثلاثة ولصاحب الثلث أربعة والغريم المؤدي اثنا عشر والباقي للورثة وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثاله .
فإن خرجت المائة الأخرى اقتسموا جميع المال على خمسمائة سهم . وسهم وهو على الطريق المطول لأنه يحتسب حق صاحب الربع والخمس ها هنا فقد تعين محل حقهما فيضرب كل واحد من الغريمين بستين وصاحب الخمس باثني عشر وصاحب الربع بخمسة عشر وصاحب ثلث العين بعشرين فتكون جملة سهام الوصايا مائة وسبعة وستين فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك وذلك ثلثمائة وأربعة وثلاثون فإذا ضممت إليه الثلث فيكون خمسمائة سهم وسهم فتقسم المال بينهم على ذلك عشرون لصاحب الثلث وخمسة عشر لصاحب الربع واثنا عشر لصاحب الخمس ولكل غريم ستون يأخذ كل واحد منهم ذلك من محل حقه والباقي للورثة .
ولو كان أوصى لكل واحد من الغريمين بما عليه ولرجل بثلث ماله ولآخر بربع المائتين الدين قسمت المائة العين بين الورثة والموصى له بثلث المال في قياس قول أبي حنيفة على خمسمائة وسبعين سهما للموصى له بالثلث من ذلك تسعون سهما وما بقي فللورثة لأنه اجتمع في كل مائة من الدين ثلاثة وصايا وصية بجميعها وبثلثها وبربعها والقسمة عنده على طريق المنازعة وقد صار كل مائة على أربعة وعشرين سهما في الحاصل لحاجتنا إلى حساب له ثلث وربع وينقسم نصف سدسه نصفين ثم قلنا ما على الأكثر وهو ستة عشر يسلم له بلا منازعة ويفاوت ما بين الثلث والربع وذلك سهم لا منازعة فيه لصاحب الربع فيكون بين الآخرين نصفين وقد استوت منازعتهم في الربع وهو ستة فيكون بينهم أثلاثا فحصل لكل غريم مما عليه تسعة عشر سهما وللموصى له بالربع مما على كل واحد منهما سهمان وللموصى بالثلث مما على كل واحد منهما ثلاثة وله من المائة ربع الثلث ثمانية أسهم فجملة حقه أحد عشر سهما إلا أنه لا يحتسب بنصف صاحب الربع لأنه لم يتعين شيء من محل حقه فإنما يضرب كل غريم بتسعة عشر سهما والموصى له بالثلث بأربعة عشر سهما فجملة هذه السهام اثنان وخمسون فهو ثلث المال والثلثان مائة وأربعة إلا أنه يطرح نصيب الغريمين وذلك ثمانية وثلاثون يبقي حق الورثة في مائة وأربعة وحق الموصى له بالثلث في أربعة عشر فيقسم المائة العين بينهم على مائة وثمانية عشر سهما أربعة عشر لصاحب ثلث العين والباقي للورثة .
وفي الكتاب قد خرجه من خمسة أمثال ما ذكرنا وهو تطويل غير محتاج إليه وكأنه بناه على ما سبق من جعل كأنه مائة على ستين سهما ولكن لا حاجة إلى ذلك ها هنا لانعدام الوصية بالخمس .
فإن قيل : هذا الجواب لا يستقيم فإنكم قلتم لا يحتسب بسهام حق صاحب الثلث في الدين ولم يتعين محل حقه أيضا فينبغي أن لا يحتسب بنصيبه من الدين وإنما يحتسبه بنصيبه من المائة العين فقط .
قلنا : قد بينا أن الموصى له بثلث المال شريك الورثة وقد وجب الاحتساب بسهام حق الغريمين وحق الورثة في ذلك الدين لدفع الضرر عن الورثة فمن ضرورة الاحتساب بحقهم الاحتساب بحق صاحب الثلث أيضا ولا ضرورة في حق الموصى له بربع الدين فلهذا كانت القسمة على ما بينا فإن خرجت إحدى المائتين ضمت إلى العين ثم قسمت بين الورثة وصاحب الثلث وصاحب الربع والمؤدي على سبعمائة وخمسة عشر وهو يخرج مستقيما من خمس ذلك على ما بينا أنه يحتسب في القسمة ها هنا بسهام صاحب الربع في المؤدي وذلك سهمان وحق المؤدي في تسعة عشر فيكون ذلك أحدا وعشرين وحق الغريم الآخر في تسعة عشر فيكون ذلك أربعين وحق الموصى له بالثلث في أربعة عشر فيكون أربعة وخمسين هو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك مائة وثمانية إلا أنه يطرح نصيب من لم يؤد من الثلث وذلك تسعة عشر يبقي خمسة وثلاثون إذا ضممته إلى مائة وثمانية يكون ذلك مائة وثلاثة وأربعين فيقسم ما تعين بينهم على هذا لصاحب الربع سهمان وللمؤدي تسعة عشر ولصاحب الثلث أربعة عشر والباقي للورثة .
وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثال ما ذكرنا فإن خرجت المائة الأخرى فهو على قياس ما بينا يعتبر سهام صاحب الربع في المائة الأخرى أيضا يكون الثلث ستة وخمسين ولثلث المائة اثنا عشر فيكون جملة المال على مائة وثمانية وستين لصاحب الربع أربعة عشر والباقي للورثة .
وفي الكتاب خرجه من خمسة أمثال ما ذكرنا فجعل القسمة من ثمانمائة والعين سهما وعلى قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - إذا لم يخرج من العين شيء اقتسم الورثة والموصى له بثلث المائة العين على سبعة أسهم لأنه لا يحتسب بوصية صاحب الربع إذا لم يتعين شيء من محل حقه ولكن كل غريم يضرب في الثلث ثمانية وصاحب ثلث المال يضرب بثلث المال وذلك مائة أيضا فيكون الثلث بينهم أثلاثا وإذا صار الثلث على ثلاثة فالثلثان ستة ثم يطرح نصيب الغريمين ويبقي حق الموصى له بالثلث في سهم وحق الورثة في ستة فيقسم المائة العين بينهما أسباعا فإن خرجت إحدى المائتين ضمت إلى العين وقسم بينهم على مائة وخمسة لأنه وجب اعتبار وصية صاحب الربع في المائة التي خرجت وقد انكسر كل مائة بالأثلاث والأرباع ويجعل كل مائة على اثنى عشر فإنما يضرب كل غريم باثنى عشر والموصى له بالثلث كذلك والموصى له بالربع بثلاثة فيكون الثلث بينهم على تسعة وثلاثين والثلثان ثمانية وسبعون إلا أنه يطرح نصيب الذي لم يؤد وذلك اثنا عشر يبقى من الثلث سبعة وعشرون إذا ضممت ذلك إلى ثمانية وسبعين يصير ذلك كله مائة وخمسة فلهذا كانت قسمة العين بينهم على هذا .
فإن خرجت المائة الباقية قسم جميع المال بينهم على اثنين وأربعين سهما لأن الموصى له بالربع إنما يضرب بربع المائتين وذلك خمسون وكل غريم يضرب بمائة والموصى له بثلث المال يضرب بمائة أيضا فإذا جعلت كل خمسين سهما تصير سهام الوصايا سبعة أسهم فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك فتكون الجملة إحدى وعشرين للموصى له بالربع سهم إلا أن هذا السهم نصفه بما أدى كل غريم فلذلك ضعف الحساب فجعل القسم من اثنين وأربعين للموصى له بالربع سهمان ولكل غريم أربعة ويأخذ ذلك من محل حقه ثم يقسم ما بقي بين الورثة وصاحب الثلث على ثمانية أسهم لأن حق الورثة في ثمانية وعشرين وحق صاحب الثلث في أربعة فإن جعلت كل أربعة أسهم سهما يكون حق الورثة سبعة أسهم وحق صاحب الثلث سهما فلهذا قال : القسمة بينهم على ثمانية .
( قال ) ( وإذا كان للرجل مائة درهم عينا ومائتان على رجلين دينا كل واحد منهما مائة فأوصى لرجل بثلث ماله ولكل واحد من صاحبي الدين بما على صاحبه فلصاحب الثلث ثلث العين وللورثة ثلثاها ) لأنه لا يحتسب بوصية الغريمين ها هنا فإن محل حق كل واحد منهما في ذمة الآخر فما لم يتعين شيء منه بالأداء لا يحتسب بوصتيه فيه كما لو كانت الوصية لأجنبي آخر فتبقى المائة العين مقسومة بين الورثة والموصى له بثلث المال أثلاثا فإن خرجت إحدى المائتين ضمت إلى العين وقسمنا على قول أبي حنيفة على سبعة وثلاثين سهما بين الورثة ولصاحب الثلث والموصى له بالمائة التي لم تخرج لأنه لما تعين إحدى المائتين وجب الاحتساب بوصية الموصى له بها في هذه المائة ومن ضرورته الاحتساب بوصية الموصى له بالمائة الأخرى أيضا لأن الذي لم يوجد لا يتمكن من استيفاء نصيبه وقد بقي عليه فوق حقه فلا بد من أن يجعل مستوفيا حقه مما عليه .
إذا عرفنا هذا فنقول : كل مائة من الدين صار على ستة أسهم للموصى له بالثلث سهم منها بطريق المنازعة وخمسة لمن أوصى له بها وللموصى له بالثلث من المائة العين سهمان فيكون جملة سهام الوصايا أربعة عشر هو الثلث والثلثان ثمانية وعشرون فتكون الجملة على اثنين وأربعين سهما إلا أنه يطرح نصيب الذي لم يؤد وهو خمسة أسهم فيبقى تسعة وثلاثون سهما فتقسم العين للموصى له المؤدي من ذلك خمسة أسهم يأخذه عوضا عما يسلم لصاحبه من حقه وإنما يأخذ ذلك من المائة التي أداها والباقي من المال بين الورثة والموصى له بالثلث على ثمانية لأن حق الورثة في ثمانية وعشرين وحق الموصى له بالثلث في أربعة فإذا جعلت كل أربعة سهما تكون القسمة بينهم على ثمانية وإن لم يخرج من الدين غير خمسين درهما من إحدى المائتين ضممت الخمسين إلى المائة العين ثم اقتسمتها الورثة وصاحب الثلث أثلاثا لأنه لا يحتسب ها هنا بشيء من وصية صاحبي الدين فقد بقي على كل واحد منهما مقدار حقه وزيادة فلا يسلم لواحد منهما شيء من العين وإنما كان لوصيتهما لضرورة تعين شيء لحق أحدهما ولم يوجد ذلك ها هنا فإذا ثبت أنه لا يحتسب بوصيتهما والموصى له بثلث المال شريك للوارث فيقسم ما تعين بينهم أثلاثا إلى أن يؤدي أحدهما مما عليه مقدار الزيادة على نصيبه من المائة فإذا لم يبق عليه إلا بقدر نصيبه وصار هو مستوفيا لنصيبه جعل هذا وما لو أدى جميع المائة سواء فحينئذ تكون القسمة على سبعة وثلاثين سهما كما بينا .
وقول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - في هذا كقول أبي حنيفة - C - إلا في فصل وهو أنه إذا خرج الدين على أحدهما فحينئذ يقسم ما تعين عندهما على ثمانية أسهم للمؤدي سهم من ذلك لأن كل غريم يضرب بمائة درهم وصاحب الثلث كذلك فيكون الثلث بينهم على ثلاثة والثلثان ستة إلا أنه يطرح السهم الذي هو نصيب من لم يؤد وتقسم العين بين من بقي منهم على ثمانية أسهم للمؤدي سهم من ذلك يأخذه مما أدى على سبيل العرض عما له في ذمة صاحبه إن كان أدى جميع المائة وإن بقي عليه شيء من ذلك يقاص ذلك الذي بقي عليه إذا لم يكن ذلك فوق حقه ثم يقسم ما بقي بين صاحبي الثلث والورثة على مقدار حقهما أسباعا لصاحب الثلث سبعة وللورثة ستة أسباعه والله أعلم بالصواب