( قال - C - ) ( وإذا قال الرجل في مرضه ثلثي لفلان أو سدسي لفلان ثم مات قبل أن يقبض فهو في القياس باطل ) لأنه مجهول غير معروف وحكمهما مختلف وهذا التعليل لأنه لم يبين أن مراده الهبة في حياته أو الوصية بعد موته وحكمهما مختلف وقيل معناه : أن مطلق هذا اللفظ يتناول الهبة والموهوب مجهول غير مقبوض وذلك دون هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وقيل معناه أن حقيقة هذا اللفظ يتناول اللفظ نفسه لأنه قال ثلثي . وسدسي ونفسه لا تحتمل الإيجاب للغير ولا يمكن حمله على ماله لأنه مجهول فإنه لا يدري أله مال أم لا وأي مقدار ماله ومن أي جنس ماله .
ولكنه استحسن فجعل ذلك وصية من جميع تركته كما سمي لأن حقيقته تسقط اعتباره بدليل العرف كمن حلف لا يشتري بنفسجا ينصرف إلى الدين دون الورق بدليل العرف والعرف الظاهر أنهم لا يريدون بإطلاق هذا اللفظ في المرض إيجاب الوصية في ثلث المال فكأنه أوصى له بثلث ماله ومعنى قوله بثلثي أي بالثلث الذي جعل لي الشرع حق التصرف فيه بالوصية . بعد موتي على ( ما قاله رسول الله - A - أن الله تعالى تصدق عليكم الحديث ) .
وإذا قال في وصيته سدس داري لفلان فإن ذلك جائز وليس هذا بإقرار لأنه أضاف ما جعله لفلان إلى نفسه أولا فيه تبين أن المراد إيجابه له لا الإخبار أنه كان له وبذكر هذا اللفظ في حالة الوصية يستدل على أن مراده الوصية دون الهبة والشيوع لا يمنع صحة الهبة لأن القسمة تتمة القبض وأصل القبض ليس بشرط في معنى الوصية فكذلك القسمة بخلاف الهبة .
ولو قال له السدس في داري فهذا إقرار لأن اللام لثبات الملك فقد أخبر بملكه في سدس منكر وجعل داره ظرفا لذلك السدس فلا يصير هو بإضافة الظرف إلى نفسه بمضيف ملك السدس إلى نفسه حتى يكون ذلك تمليكا منه ابتداء فهو بمنزلة قوله ذرة في كفي لفلان أو نواة في كمي لفلان .
ولو قال له ألف درهم من مالي لم يكن هذا إقرارا وهو وصية إذا كان ذكر في وصيته بخلاف قوله له ألف درهم في مالي لأن حرف في للظرف وحرف من للتبعيض فإذا جعل الألف بعضا من ماله كان مضيفا الألف إلى نفسه ثم موجبا لفلان .
وإن قال عبدي هذا لفلان أو داري هذه لفلان فهذا مثل قوله سدس داري لفلان في القياس إن لم يقبضها في حياته فهو باطل بخلاف قوله سدس داري لفلان لأن حقيقة هذا اللفظ للتمليك في الحال ففي العبد والدار يمكن تحصيل مقصوده مع اعتبار حقيقة اللفظ لأن اللفظ فيها يصح وفي قوله سدس داري لا يمكن تحصيل مقصوده مع مراعاة حقيقة اللفظ فلهذا حملنا ذلك على الوصية ولو قال درهم من دراهمي لفلان فليس هذا بإقرار لأن من للتبعيض فقد جعل ما أوجبه لفلان من بعض ملكه .
وكذلك لو قال بيت من داري لفلان فليس هذا بإقرار بخلاف قوله بيت في داري .
ولو قال سدس داري لفلان ولم يقل بعد موتي ولم يقل ذلك في حال الوصية فهذه هبة لأنه لا يمكن حمل لفظه على الوصية من غير دليل وليس في لفظه ما يدل ولا في حاله ما يدل على ذلك فتكون هذه هبة غير مقسومة ولا مقبوضة .
ولو قال : أوصيت بأن يوهب لفلان سدس داري بعد موتي وصية أو يتصدق به عليه وصية أجزت ذلك .
وكذلك ولو قال سدس داري لفلان بعد موتي هبة أو صدقة جاز ذلك لأنه لما قال بعد موتي فقد صرح بالوصية فإنه أضاف التصرف إلى ما بعد الموت والتصرف المضاف إلى ما بعد الموت يكون وصية فيجب تنفيذها من الثلث والله أعلم بالصواب