قال : Bه رجل أهل بعمرة ثم صلى مع الإمام " بعرفة " الظهر ثم أهل بحجة ثم صلى العصر معه لم يجزه إلا أن يصلي الصلاتين معه جميعا وهو مهل بالحج في قول أبي حنيفة - " C تعالى - وذكر في اختلاف " زفر " ويعقوب " Bهما أن على قول " زفر " Bه يجزئه وهو قول " أبي حنيفة " - C تعالى - ففيه روايتان عن " أبي حنيفة " - C تعالى - وهكذا عن " أبي يوسف " و " محمد " رحمهما الله تعالى فيه روايتان وجه الرواية التي قال يجوز : أن التغير إنما حصل في العصر من حيث أنه معجل على وقته ولا تغير في الظهر لأنه مؤدى في وقته فإنما يشترط الإحرام بالحج فيما وقع فيه التغير ولأن الإحرام بالحج شرط الجمع بين الصلاتين وإنما يحصل الجمع بأداء العصر دون الظهر وجه الرواية الأخرى أن من شرط صحة العصر في هذا اليوم تقديم الظهر عليه على وجه الصحة بدليل أنه لو صلى الظهر ثم العصر وكان اليوم يوم غيم ثم تبين أنه صلى الظهر قبل الزوال والعصر بعد الزوال . لم يجزه العصر وكذلك لو صلى الظهر ثم جدد الوضوء ثم صلى العصر ثم تبين أنه صلى الظهر بغير وضوء لم يجزه العصر .
صفحة [ 130 ] فثبت أن من شرط صحة العصر تقديم الظهر عليه والإحرام بالحج شرط لأداء العصر فيشترط لأداء الظهر أيضا كالخطبة يوم الجمعة فإنه لما كان من شرط صحة الجمعة تقدم الخطبة والسلطان شرط لإقامة الجمعة كان شرطا لإقامة الخطبة أيضا . يوضحه : أن الجمع بين الصلاتين للحاجة إلى امتداد الوقوف وإنما يحتاج إلى ذلك المحرم بالحج فيشترط الإحرام بالحج لهذا الجمع ثم الجمع إنما يحصل بهما جميعا فيشترط الإحرام فيهما . ولو أن أمير الموسم جمع بمكة وهو مسافر جاز لأنه فوض إليه أمر المسلمين فلا يكون هو دون القاضي وصاحب الشرط في إقامة الجمعة " بمكة " ولو صلى بهم " بمنى " لم يجزهم لأنه مسافر أمر بإقامة المناسك وما أمر بإقامة الجمعة وحقيقة الفرق أن " مكة " " مصر " وأهلها يحتاجون إلى إقامة الجمعة فمن كان ذا سلطان فهو يملك إقامة الجمعة مسافرا كان أو مقيما وأما أهل " منى " فلا يحتاجون إلى إقامة الجمعة لأنه ليس عليهم ذلك فلا يكون لأمير الموسم أن يقيم الجمعة " بمنى " فإن كان أمير " مكة " أو أمير " الحجاز " أو الخليفة حج بنفسه ففي إقامة الجمعة له " بمنى " خلاف قد بيناه في كتاب الصلاة .
فإن صلى الظهر والعصر بعرفات ولم يخطب أجزأه لأن هذه خطبة وعظ وتذكير وتعليم لبعض ما يحتاج إليه في ذلك الوقت فتركه لا يمنع جواز الصلاة كالخطبة في صلاة العيد بخلاف الخطبة في الجمعة فإنه بمنزلة شطر الصلاة على ما قال " ابن عمر " Bه وإنما قصرت الجمعة لمكان الخطبة ثم ينبغي للإمام أن يخطب في الحج ثلاث خطب خطبة قبل يوم التروية بيوم يخطبها " بمكة " بعد الظهر وخطبة " بعرفات " بعد زوال الشمس يوم عرفة قبل صلاة الظهر وخطبة في اليوم الثاني من أيام النحر وهو يوم القر . كما " روي في حديث " عبدالله بن قرظ " أن النبي A قال : أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القر " يريد اليوم الثاني من أيام النحر سمي بهذا الاسم لأن الحاج يقرون فيه " بمنى " وهذه الخطبة بعد الظهر وقال " زفر " - C تعالى - يخطب ثلاث خطب خطبة يوم التروية وخطبة يوم عرفة وخطبة يوم النحر وما قلناه أحسن لأن في اليوم التروية هم يخرجون من " مكة " إلى " منى " فلا يتفرغون لسماع الخطبة فينبغي أن يخطب قبل التروية بيوم يعلمهم في هذه الخطبة الخروج من " مكة " إلى " منى " ثم من " منى " إلى " عرفات " ثم يخطب يوم عرفة يعلمهم في هذه الخطبة كيفية الوقوف " بعرفات " والإفاضة إلى " المزدلفة " والوقوف والرمي والذبح .
صفحة [ 131 ] والحلق والرجوع إلى " مكة " لطواف الزيارة والسعي ثم العود إلى " منى " ثم يخطب في اليوم الثاني من أيام النحر يعلمهم في هذه الخطبة بقية أعمال الحج فيكون للتعليم يوم وللعمل يوم فكان هذا أحسن مما ذهب إليه " زفر - " C تعالى - والله أعلم بالصواب