قال : Bه ولو أن رجلا صلى على جنازة وهو مريض قاعدا وصلى القوم معه قياما فإنه يجزئهم في قول " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى ولا يجزئ في قول " 5 " محمد " و " زفررحمهما الله تعالى لأن القيام فرض في حق من يقدر عليه في صلاة الجنازة كما هو فرض في سائر المكتوبات وقد بينا اقتداء القائم بالقاعد أنه على الإطلاق في سائر المكتوبات وكذلك اقتداء القائم بالقاعد في التطوعات كالقيام في شهر رمضان فإنه على الخلاف فكذلك في صلاة الجنازة إلا أن معنى قول " محمد " C تعالى ههنا لا يجزئ أنه لا يجزئ .
صفحة [ 126 ] القوم فأما الصلاة على الجنازة فتتأدى بأداء الإمام وحده لأن الجماعة ليست بشرط للصلاة على الجنازة والإمام الذي صلى قاعدا عليها كان مريضا فجازت صلاته والصلاة على الجنازة فرض على الكفاية تسقط بأداء الواحد إذا كان هو الولي وليس للقوم أن يعيدوا بعد ذلك . ولو أن جنازة تشاجر فيها قوم أيهم يصلي عليها فوثب رجل غريب فصلى عليها وصلى معه بعض القوم فصلاتهم تامة وإن أحب الأولياء أعادوا الصلاة لأن حق الصلاة على الجنازة للأولياء فلا يكون لغيرهم أن يبطل حقهم وهم بمنزلة ما لو صلى غير أهل المسجد المكتوبة بالجماعة في المسجد كان لأهل المسجد حق الإعادة بخلاف ما إذا صلى فيه أهل المسجد فإنه ليس لغيرهم حق الإعادة بعد ذلك فإن كان حين افتتح الرجل الغريب صلاة الجنازة اقتدى به بعض الأولياء فليس لمن بقي منهم حق الإعادة لأن الذي اقتدى به رضي بإمامته فكأنه قدمه ولكل واحد من الأولياء حق الصلاة على الجنازة كأنه ليس معه غيره لأن ولايته متكاملة فإذا سقط بأداء أحدهم لم يكن للباقين حق الإعادة .
وقد بينا في كتاب الصلاة جواز أداء الصلاة على الجنازة بالتيمم في المصر زاد ههنا فقال : .
وكذلك لو كان هو بنفسه الإمام وقد روى " الحسن " عن " أبي حنيفة " رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز للإمام أن يصلي على الجنازة بالتيمم في المصر . قال " عيسى " C تعالى : وهو الصحيح لأن التيمم إنما يجوز في حال عدم الماء فأما مع وجود الماء فلا يكون طهارة إلا عند الضرورة وهو خوف الفوت وهذا لم يوجد في حق الإمام الذي يكون حق الصلاة على الجنازة له لأن الناس ينتظرونه ولو لم يفعلوا كان له حق إعادة الصلاة عليها فلا يجزيه الأداء بالتيمم مع وجود الماء . وجه ظاهر الرواية حديث " ابن عباس " Bه إذا فجئتك جنازة وأنت على غير وضوء فتيمم وصل عليها ولأن الإمام قد يحتاج إلى ذلك كما يحتاج إليه القوم فإنه عند كثرة الزحام ربما يلحقه الحرج إذا ذهب إلى موضع الماء ليتوضأ أولا ينتظره الناس فيصلون عليها ويدفنون الميت قبل أن يفرغ هو من الطهارة ولو انتظره الناس ربما يلحقهم الحرج في ذلك فلدفع الحرج جوزنا له الأداء بالتيمم فإنما التيمم إنما جعل طهارة لدفع الحرج قال الله تعالى : { " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج " } المائدة : 6 الآية وفيه معنى آخر في حق القوم وهو أن الصلاة على الجنازة دعاء وليست بصلاة على الحقيقة فإنه ليس فيها أركان الصلاة من القيام والقراءة والركوع والسجود والطهارة شرط صلاة مطلقة فكان ينبغي أن تتأدى الصلاة .
صفحة [ 127 ] على الجنازة بغير طهارة بمنزلة الدعاء ولكن لكونها صلاة تسمية شرطنا فيها نوع طهارة وفي هذا المعنى لا فرق بين الإمام والقوم . وعلى هذا قال : لو كان جنبا في المصر تيمم وصلى عليها أيضا لأنها بمنزلة الدعاء وذلك صحيح من الجنب إلا أنه أمره بأن يتيمم لها كما تيمم رسول الله A لرد السلام وفي حديث معروف بيناه في الصلاة . فإن تيمم وصلى على الجنازة ثم أتي بجنازة أخرى فإن تمكن من أن يتوضأ فلم يفعل أعاد التيمم للصلاة على الجنازة ثانيا لأنه لما تمكن من استعمال الماء فقد انتهى تيممه الأول ولو لم يتمكن من ذلك وخاف إن اشتغل بالوضوء أن تفوته الصلاة على الجنازة ثانيا فعلى قول " أبي حنيفة و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى يصلي عليها بذلك التيمم وعلى قول محمد - " C تعالى - يعيد التيمم على كل حال لأن تيممه الأول كان لحاجته إلى احراز الصلاة على الجنازة الأولى وقد حصل مقصوده بالفراغ منها فانتهى حكم ذلك التيمم ثم حدثت له حاجة جديدة إلى إحراز الصلاة على الجنازة الثانية فيلزمه أن يتيمم لها لأن الثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة ويتجدد بتجددها وقاس بما لو تمكن من الوضوء بين الصلاتين وجه قولهما أن المعنى الذي لأجله جوزنا الصلاة على الجنازة الأولى بالتيمم قائم بعد وهو خوف الفوت فيبقى تيممه ببقاء المعنى بخلاف ما إذا تمكن من الطهارة بين الصلاتين . يوضحه أن التيمم بعد ما صح لا ينتقض إلا بالقدرة على استعمال الماء وهو لم يقدر على استعمال الماء بالفراغ من الصلاة على الجنازة الأولى إذا كان يخاف فوت الثانية بخلاف ما إذا تمكن من الطهارة بينهما وإذا ثبت أنه غير متمكن من استعمال الماء كان فرض استعمال الماء ساقطا عنه فيكون وجود الماء وعدمه في حقه سواء . وإن صلى على جنازة فكبر تكبيرة ثم جيء بأخرى فوضعت إلى جنبها فإن كبر الثانية ينوي الصلاة على الأولى أو عليهما أو لا نية له فهو في الصلاة على الأولى على حاله يتمها ثم يستقبل الصلاة على الجنازة الثانية لأنه نوى ما هو موجود وعند عدم النية يكون فعله ما هو مستحق عليه والمستحق عليه اتمام الصلاة على الأولى وإن كبر ينوي الصلاة على الجنازة الثانية فهو رافض للأولى شارع في الصلاة على الجنازة الثانية لأن الصلاة على كل جنازة فرض على حدة ومن كان في فريضة فكبر ينوي فريضة أخرى كان رافضا للأولى شارعا في الثانية فهذا مثله . ولو أن امرأة حائضا انقطع عنها الدم في مصر فتيممت فصلت على جنازة فإن كانت أيامها عشرا فذلك يجزئها لأنا تيقنا بخروجها من الحيض بمضي أيامها وإنما بقي عليها الاغتسال فقط فهي بمنزلة الجنب في ذلك وكذلك .
صفحة [ 128 ] إن كانت أيامها دون العشر وقد مضى عليها وقت صلاة كامل بعد ما انقطع عنها الدم لأنها صارت طاهرة حكما حتى وجبت الصلاة دينا في ذمتها ولهذا حل للزوج غشيانها وحكم بخروجها من العدة فأما إذا كانت أيامها دون العشر ولم يمض عليها وقت صلاة كامل فإنه لا تجزئها الصلاة على الجنازة بالتيمم لأنها لم تخرج من الحيض حقيقة ولا حكما ولهذا لا يحل للزوج أن يقربها ولا ينقطع حق الرجعة بنفس انقطاع الدم وإذا كانت حائضا حكما فليس للحائض أن تصلي على الجنازة إلا أن تكون في سفر وهي عادمة للماء فحينئذ لها أن تتيمم بعد انقطاع الدم وتصلي على الجنازة لأن التيمم في حقها بمنزلة الاغتسال في هذا المكان ولهذا يجوز لها أداء المكتوبة بالتيمم فكذلك الصلاة على الجنازة ثم هذا على أصل " محمد " - C تعالى - ظاهر فإنه يقول الرجعة تنقطع بنفس التيمم وعلى أصل " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى الرجعة وإن كان لا تنقطع بنفس التيمم ولكن التيمم طهارة بالنص في حكم الصلاة والصلاة على الجنازة دون سائر الصلوات فمن ضرورة كونه طهارة في حق سائر الصلوات أن يكون طهارة في الصلاة على الجنازة أيضا فإن غسل ميت وبقي منه عضو ولم يصبه الماء فكفن فإنه يخرج من الكفن فيغسل ذلك الموضع ثم يكفن لأن بقاء العضو الكامل في حكم الاغتسال كبقاء جميع البدن حتى لا تنقطع الرجعة إذا اغتسلت المرأة وبقي منها عضو فيكون هذا وما لو كفن قبل أن يغسل سواء وهناك يخرج من الكفن ويغسل لأنه في أيديهم على حاله بعد ما كفن فلا يسقط فرض غسله بخلاف ما بعد الدفن فإنه خرج من أيديهم حين أهالوا التراب عليه فيسقط فرض الغسل عنه وإن كان بقي موضع أصبع أو نحو ذلك فإنه لا يخرج من الكفن لأجل ذلك في قول " أبي حنيفة " و " أبي يوسف " رحمهما الله تعالى وفي قول " محمد - " C تعالى - يخرج فيغسل ذلك الموضع لأن بقاء اللمعة كبقاء جميع البدن في حكم الصلاة في اغتسال الحي فكذلك في غسل الميت وهذا لأن البدن في حكم الطهارة كشيء واحد فكما لا يتجزأ حكم الغسل في البدن وجوبا فكذلك لا يتجزأ سقوطا وما بقي شيء منه قل أو كثر كانوا مخاطبين بغسله وقيام الخطاب بغسله عذر لهم في الإخراج من الكفن فكان هذا وما لو علموا به من قبل التكفين سواء و " أبو حنيفة " و " أبو يوسف " رحمهما الله تعالى يقولان لا يتيقن بقيام فرض الغسل عليهم لأن ذلك القدر مما يسرع إليه الجفاف فلعله وصل إليه الماء ثم جف وقد اعتبرنا هذا المعنى في حكم الرجعة فقلنا بانقطاع الرجعة عند بقاء اللمعة لهذا فكذلك في .
صفحة [ 129 ] حكم الإخراج من الكفن لأن ذلك نوع بأس لا يجوز الإقدام عليه إلا عند تحقق الضرورة . يوضحه أن ذلك القليل يتأدى فرض الغسل فيه بدون استعمال ماء جديد بأن تحول البلة من موضع آخر إليه على ما " روي أن النبي A اغتسل ثم رأى لمعة على بدنه فغسلها بجمته أي أخذ البلة منها فغسل تلك اللمعة " فإذا ثبت أنه لا يجب عليهم استعمال ماء جديد في غسله كان هذا وما لو فرغوا من غسله سواء فلا يجوز إخراجه من الكفن بخلاف ما إذا بقي عضو أو أكثر منه . ولو خرج شيء من الميت بعد ما غسل فإنه يغسل ذلك عنه على سبيل إماطة الأذى ولا يعاد غسله لأن الميت لا يحدث ولا يجنب . ولو أن صبيا حمل في سفط على دابة فصلوا عليها وهو على الدابة لم تجزهم صلاتهم لأنهم أمروا بالصلاة على الجنازة وهم إنما صلوا على الدابة وهذا استحسان وفي القياس يجوز وهو نظير القياس والاستحسان فيما إذا كان المصلي على الدابة فإن في القياس يجوز لأن الصلاة على الميت دعاء ودعاء الراكب والنازل سواء وفي الاستحسان لا يجوز لأن الركن في الصلاة على الجنازة التكبيرات والقيام فكما لا تتأدى بدون التكبيرات لا تتأدى بدون القيام من غير عذر وإذا ثبت هذا فيما إذا كان المصلي على الدابة فكذلك إذا كان الميت على الدابة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب