قال C : وإذا كان المدبر بين رجلين فقتل أحد مولييه ورجلا خطأ بدئ بالرجل قبل المولى فعلى المولى الباقي نصف قيمته وفي مال المقتول نصف قيمته ثم يكون لولي القتيل ربع القيمة وللآخر ثلاثة أرباعها وهذا ظاهر عندهما وكذلك عند أبي حنيفة لأن مولى القتيل لا حق له فيما ضمن فإن جناية المدبر على مولاه خطأ هدر فكذلك النصف من القيمة يسلم لولي الأجنبي ولصاحبه في النصف الآخر فيضرب هو فيه بخمسة آلاف والآخر بخمسة آلاف فكان ذلك النصف بينهما نصفان وعلى المدبر أن يسعى في قيمته نصفها لورثة المقتول لأنه قاتل ولا وصية له ونصفها للمولى الحي لأنه لما عتق بسبب المقتول كان حق المولى الحي باستسعائه في نصف قيمته ولو كان قتل المولى عمدا والمسألة بحالها فعلى المولى الباقي وفي مال المقتول قيمته تامة لولي الخطأ لأن حق ولي لعمد في القود فلا مزاحمة له مع ولي الخطأ في القيمة ويسعى المدبر في قيمته بين الموليين لما قلنا ويقتل بالعمد فإن عفا أحد وليي العمد سعى المدبر للذي لم يعف في نصف قيمته لأنه حين انقلب نصيب الآخر مالا كان بمنزلة المكاتب والحر فإنما يجب له نصف القيمة عليه فيستسعيه في ذلك ولا مزاحمة له في ولي الخطأ في القيمة الأولى . قال : وإذا قتل المدبر رجلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ثم قتل أحد مولييه خطأ فعلى المولى الباقي نصف قيمته فيكون نصف ذلك النصف فولي القتيل والنصف الباقي من ذلك النصف بينه وبين الذي لم يعف من أصحاب العمد نصفين وفي مال القتيل ربع قيمة المدبر للذي لم يعف لأن نصيب الذي لم يعف انقلب مالا وذلك نصف القيمة على الموليين فلهذا كان في مال الميت ربع القيمة للذي لم يعف وقد وجب للمولى الحي نصف قيمته بالجنايتين إلا أنه لا حق للذي لم يعف في نصف ذلك النصف فيسلم لولي مولى القتيل حقهما في النصف سواء فكان بينهما نصفين ويسعى المدبر في قيمته تامة للحي ولورثة الميت لما قلنا . قال : وإذا قتل المدبر مولييه معا خطأ سعى في قيمتهما لورثتهما لرد الوصية ولا شيء لواحد منهما على صاحبه لأن جنايته على كل واحد منهما في نصفه هدر وفي نصف صاحبه موجب بنصف القيمة عليه ولكن نصف القيمة قصاص ولو غصب المدبر أحد مولييه فقتل عنده قتيلا خطأ ثم رده فقتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما فعليهما قيمة تامة لصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها وللذي لم يعف من ولي الدم ربعها وهذا على نحو ما بينا ثم يرجع المولى للذي لم يعف على الغاصب بثلاثة أرباع نصف قيمة المدبر وهو مقدار ما غرم هو لولي الخطأ لأنه إنما غرم ذلك بجناية كانت عند المدبر في حال كون الشريك غاصبا له ضامنا ثم يرد على صاحب الخطأ من ذلك من قيمة العبد لأن صاحب الخطأ استحق عليه نصف قيمته فارغا وإنما سلم له من جهته ثلاثة أرباع ذلك النصف وقد أخلف نصيبه عوضا فيرجع في العوض بما بقي من حقه وذلك من الجميع وهو ربع نصف القيمة ثم يرجع هو بذلك على الغاصب لأنه استحق من يده بجناية كانت عند الغاصب . قال : وإذا قطع رجل يد المدبر وقيمته ألف درهم فبرئ وزاد حتى صارت قيمته ألفين ثم فقأ عين آخر ثم انتقض البرء فمات منهما والمدبر بين اثنين فعفا أحدهما عن اليد وما حدث منها وعفى الآخر عن العين وما حدث منها فللذي عفا عن اليد على صاحب العين ستمائة وخمسون درهما على عاقلته إن كان خطأ وفي ماله إن كان عمدا وللذي عفا عن العين على صاحب اليد ثلاثمائة واثنا عشر ونصف في ماله إن كان عمدا وعلى عاقلته إن كان خطأ لأن القاطع قطع يده وقيمته ألف فكان عليه نصف قيمته خمسمائة ثم فقأ الآخر عينه وقيمته ألفان فكان عليه نصف قيمته ألف فلما مات منهما صار صاحب اليد ضامنا لمائة وخمسة وعشرين من قيمته مع الخمسمائة التي عليه لأنه لا معتبر بالزيادة في حقه فكان ألفا في فقء عينه وقيمته خمسمائة فصار به متلفا نصف ما بقي وإنما الباقي مائتان وخمسون وقد تلف بالجنايتين فنصفه وهو مائة وخمسة وعشرون تلف بفعل صاحبه فلهذا صار هو ضامنا ستمائة وخمسة وعشرين ونصف ذلك للعافي فيسقط ونصفه للذي لم يعف وهو ثلاثمائة واثنا عشر ونصف وأما العافي صار ضامنا بجنايته ألف وبسراية جنايته نصف ما بقي وذلك خمسمائة بين الموليين نصفين وقد سقط حق أحدهما بالعفو إذ للذي لم يعف منهما عليه نصيبه سبعمائة وخمسون وأم الولد في حكم الجناية بمنزلة المدبر على ما ذكرنا . قال : ولو قتلت أم الولد مولاها عمدا ولا ولد لها فعفا أحد ابني المولى عنها سعت للآخر في نصف قيمتها لأنها حرة حين انقلب نصيب الآخر مالا إلا أن أصل الجناية كان منها في حالة الرق فعليها نصف القيمة للآخر وكذلك عبد قتل رجلا عمدا فأعتقه المولى ثم عفا أحد وليي الدم وهذا لأن المولى بالإعتاق .
لا يصير ضامنا شيئا لأن حقهما كان في القصاص ولا يختلف ذلك بالرق والحرية . قال : وإذا كاتب الرجل أم ولده أو مدبره ثم قتلت مولاها خطأ سعت في قيمتها من قبل الجناية لأنها جنت وهي مكاتبة وجناية المكاتبة على مولاها كجنايتها على غيره لا موجب جنايتها في كسبها وهي أحق بكسبها ثم قد بطلت عنها الكتابة لأنها عتقت المولى فإن عتق أم الولد ليس بوصية فلا يمتنع بسبب القتل . قال : ( ألا ترى ) أنها لو استقرضت منه مالا ثم مات المولى بطلت عنها الكتابة ولزمها الدين وإنما استشهد بهذا السبب أنه وإن ألزمها القيمة بسبب الجناية فإن ذلك دين عليها كسائر الديون فلا يمتنع بطلان الكتابة عنها بسبب العتق . وأما المدبرة فعليها أن تسعى في قيمتها من قبل الجناية وتسعى في قيمة أخرى لرد الوصية فإن كانت مكاتبتها أقل من قيمتها سعت في مكاتبتها بمنزلة ما لو كانت مدبرته ثم مات وعليه دين يحيط بماله فإنها تسعى في الأقل من مكاتبتها ومن قيمتها لأن حق المولى في الأقل وإذا أسلمت أم ولد النصراني فاستسعاها في قيمتها فقتلته خطأ وهي تسعى فعليها قيمتها من قبل الجناية لأنها بمنزلة المكاتبة ويبطل عنها سراية الرق ولأنها عتقت بموت المولى فإن كان القتل عمدا فعليها القصاص وإن كان لها منه ولد صغير فلا شيء لولدها من ذلك لأن الولد مسلم مع أبيه والمسلم لا يرث الكافر ولهذا كان عليها القصاص لورثة الأب وإذا قتلت أم الولد مولاها عمدا وهي حبلى منه ولا ولد لها فلا قصاص عليها من قبل أن ما في بطنها من جملة ورثته ومن قبل أن الحبلى لا تقتل بالقصاص حتى تضع فإن ولدته حيا وجبت القيمة عليها لجميع الورثة لأن جزأ من القصاص صار ميراثا لولدها وإن ولدته ميتا كان عليها القصاص لورثة الأب لأن الذي ينفصل ميتا ليس من جملة الورثة فإن ضرب إنسان بطنها وألقته ميتا ففيه غرة لأن الجنين الذي في بطنها كان حرا والواجب في الجنين الغرة ولها ميراثها من تلك الغرة لأنها عتقت بموت المولى فهي وارثة حين وجبت الغرة بالضربة وتقتل هي بالمولى لأن الجنين انفصل ميتا فلا تكون من جملة الورثة سواء كان انفصاله بالضربة أو بغير الضربة وإيجاب الغرة لا يكون حكما بكون الجنين حيا في ذلك الوقت فإن وجوبها بسبب قطع السر ولهذا يستوي فيه الذكر والأنثى ثم نصيبها من الغرة ميراث لبني مولاها لأنهم عتقا ولا يحرمون الميراث لأنهم قتلوها بحق والله أعلم