قال C : وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما نصيبه بغير أمر صاحبه ثم جنى جناية ثم أدى يعتق فالمسألة تشتمل على حكمين : حكم الكتابة وحكم الجناية . أما بيان حكم الكتابة في هذا الجنس قد تقدم حكمه في كتاب العتاق والمكاتب وإنما نبين حكم الجناية فنقول : يقضي على المكاتب بالأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية لأن النصف منه مكاتب حين جنى والبعض معتبر بالكل وقد تأكد حكم الكتابة بالأداء والعتق بالجناية وجناية المكاتب تلزمه بعد العتقل الأقل من قيمته ومن أرش الجناية فكذلك في هذا النصف والذي لم يكاتب أن اختار تضمين الشريك واستسعاه في قيمة نصيبه وقبض هو ضامن للأول من نصف قيمة المكاتب ومن نصف أرش الجناية لأن الجناية في نصيبه كانت متعلقة بالرقبة وقد فاتت وأخلف بدلا وهو ما قبض من نصف القيمة فيلزمه دفع ذلك إلى ولي الجناية إلا أن يكون نصف الأرش أقل منه وكذلك إن أعتقه لأنه صار متلفا بالإعتاق إلا أنه لم يصر مختارا لأن الدفع كان متعذرا بما يفديه من العتق فكان ضامنا للأقل من نصف قيمته ومن نصف أرش الجناية وكذلك لو كاتبه بإذن الشريك فهذا والأول في حكم الجناية سواء وإنما يفترقان في حكم الضمان وإثبات حق الفسخ وذلك من حكم الكتابة دون الجناية ولو خوصم المكاتب في الجناية قبل أن يعتق وقضى القاضي عليه بالأقل من نصف قيمته ونصف الأرش ثم عجز عن المكاتبة فإنه يباع نصيب المكاتب منه فيما قضى به عليه لأنه صار دينا في ذمته بقضاء القاضي ويقال للآخر : ادفع نصيبك بنصف الجناية أو افده بنصف أرشها لأن الجناية في نصيبه متعلقة بالرقبة فإن القاضي لم يقض فيها بشيء فيخير المولى بين الدفع والفداء وإذا كاتب أحدهما نصيبه ثم اشترى المكاتب عبدا فجنى جناية ثم أدى المكاتبة فعتق فإنه يخير المكاتب والذي لم يكاتب فإن شاءا دفعا وإن شاءا أفدياه بالدية لأن العبد مشترك بين الذي لم يكاتب وبين المكاتب نصفين باعتبار ما يكاتب منه وقد تقرر ملك المكاتب في نصيبه بالعتق وجناية العبد المشترك توجب للموليين الخيار بين الدفع والفداء فإن كان هذا العبد الجاني ابن المكاتب وولد عنده من أمة له كان عليه أن يسعى في الأقل من نصف قيمته ومن أرش الجناية لأن النصف منه كان مكاتبا مع ابنه وقد عتق بأداء الأب فيلزمه في هذا النصف ما كان يلزم الأب لو جنى بنفسه وليس على الذي لم يكاتب شيء حتى يعتق أو يستسعى ثم يضمن الأقل من نصف قيمته ومن أرش الجناية لأن إن أعتق نصيبه فقد صار مستهلكا على وجه ثم يصير مختارا وإن استسعاه فقد استوفى بدل نصيبه وحق ولي الجناية في نصيبه كان مقدما على حقه ولو كان هذا الابن جنى على أبيه ثم أدى الأب فعتق فعلى الابن نصف قيمة نفسه فيسعى فيه للذي لم يكاتب ولا ضمان على المكاتب في ذلك بخلاف الأم فالمكاتب ضامن لنصف قيمتها للذي لم يكاتب لأنه صار متملكا نصيب الذي لم يكاتب منها حين صارت أم ولد له فيلزمه نصف قيمتها ولا سعاية على أم الولد بحال وهو لم يصر متملكا نصيب الذي لم يكاتب من الولد وإنما احتبس نصيبه عند الولد فللذي لم يكاتب الخيار بين أن يعتق نصيبه منه أو يستسعيه في قيمة نصيبه . وأما جنابة الابن على الأب فقد جنى حين جنى ونصفه مكاتب مع أبيه ونصفه رقيق والأب كذلك فما كان في الأب من حصة الذي لم يكاتب فهو في عنق الابن يأخذه المولى من الابن يعني النصف الذي هو مكاتب من الابن حيث جنى على نصيب الذي لم يكاتب وما كان من جناية نصيب الذي لم يكاتب من الابن على النصف الذي هو مكاتب يوجب على الذي لم يكاتب الأقل من نصف قيمته ومن ربع قيمة المكاتب فقد وجب لكل واحد منهم على صاحبه مثل ما لصاحبه عليه فيكون قصاصا ولا يكون لأحد على أحد شيء وإذا كانت أمة بين رجلين كاتب أحدهما حصته منها ثم ولدت ولدا ثم ازدادت خيرا أو انتقصت بعيب ثم أدت فعتقت فاختار الشريك تضمين المكاتب ضمنه نصف قيمتها يوم عتقت لأن ملكه إنما تلف بالعتق . ( ألا ترى ) أن قبل الأداء كان متمكنا من فسخ الكتابة واستيفاء حقه وإن لم يضف ما اكتسب قبل أن يعتق ونصف أرش ما جنى عليها ولو كان الضمان وجب بنفس الكتابة لم يكن له من ذلك شيء وللذي لم يكاتب أن يستسعى الابن في قيمة نصيبه لأنه لما عتق نصيب المكاتب من الابن فقد احتبس نصيب الشريك عند الولد فيستسعيه في قيمة نصيبه منها ولو كاتب أحدهما نصيبه منها ثم ولدت ولدا فكاتب الآخر نصيبه من الولد ثم جنى الولد على الأمة أو جنت عليه جناية لا تبلغ النفس ثم أديا فعتق والموليان موسران فللذي كاتب الولدان يضمن الذي كاتب الأم نصف قيمتها إن شاء استسعاها وإن .
شاء أعتقها لأنه أفسد نصيب الشريك منها بما صنع ولم يوجد من الشريك دلالة الرضاء في ذلك لأن كتابة الولد لا تكون رضى منه بكتابة الأم ولا ضمان عليه للذي كاتب الأم على شريكه في الولد لأن نصيب الذي كاتب الأم من الولد ما أفسد على شريكه نصيبه من الولد وجناية كل واحد منهما على صاحبه على ما وصفت لك في العبد وأبيه من حكم المقاصة لأن الجناية على نصف الولد الذي كاتبه المولى لا يبطل منها شيء بالكتابة فكان وجود ذلك كعدمه فلهذا كان قصاصا ولا شيء لواحد منهما على صاحبه . قال : وإذا كان العبد بين اثنين ففقأ عين أحدهما وقيمته ألف ثم أن الذي فقئت عينه كاتب نصيبه منه ثم جرحه جرحا آخر ثم أدى فعتق ثم مات المولى بالجنايتين فنقول في بيان حكم الجناية أن على الحي منهما أن يدفع نصف قيمة العبد إلى ورثة الميت بجنايته سواء استوفى الضمان من شركة شريكه أو استسعى العبد أو أعتقه لأن نصيبه جنى عليه جنايتين أحدهما قبل الكتابة والآخر بعده وحكمهما سواء في حقه وهو أنه صار مستهلكا لنصيبه على وجه لم يصر مختارا فيلزمه نصف قيمته وعلى العبد أن يسعى في الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية لورثة الميت لأن النصف الذي هو نصيب المجني عليه جنى جنايتين إحداهما قبل الكتابة وهي هدر والأخرى بعدها وهي توجب موجبها على المكاتب بمنزلة جنايته على أجنبي آخر فلهذا كان عليه الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية لورثة الميت من قبل الجناية . قال : وإذا كان العبد بين رجلين فجنى على أحدهما ففقأ عينه أو قطع يده ثم أن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية ثم جنى عليه العبد أيضا جناية أخرى ثم أن الذي باع ربعه اشترى ذلك الربع ثم كاتبه المجني عليه على نصيبه منه ثم جنى عليه جناية أخرى ثم أدى فعتق ثم مات المولى من الجنايات فعلى المكاتب الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية لأن النصف الذي هو مكاتب منه جنى على مولاه ثلاث جنايات جنايتين قبل الكتابة وحكمهما سواء في أنه هدر وجناية بعد الكتابة وهي معتبرة ولهذا كان عليه الأقل من نصف قيمته ومن ربع الدية وعلى الذي لم يكاتب سدس وربع سدس دية صاحبه والأقل من نصف قيمة العبد ومن سدس وربع سدس الدية ولا يؤدي هذا النصف حتى يعتق أو يستسعى أو يضمن وقد بطل نصف سدس لأنه قد جرى في نصف نصيبه البيع والشراء ولم يجر في النصف الأخير فلا بد من اعتبار ذلك فنقول : أما نصف نصيبه الذي جرى فيه البيع والشراء فقد أتلف ربع النفس بثلاث جنايات جناية قبل البيع وقد صار المولى مختارا لذلك البيع وجناية بعد البيع وذلك هدر لأن جناية المملوك على المالك وجناية بعد الشراء وهي معتبرة فمن هذا الوجه يبطل ثلث الربع وهو نصف سدس الدية . وأما النصف الذي لم يجر فيه البيع والشراء جنى على ربع النفس أيضا ثلاث جنايات إحداهما قبل البيع وقد صار مختارا بذلك لأن بيع البعض باختيار الفداء كبيع الكل ويتبين بعد البيع وحكمهما سواء في حق التعلق بالرقبة فيتوزع هذا نصفان فلهذا قال : على الذي لم يكاتب سدس الدية وربع سدس الدية مقدار ما صار مختارا له ببيع نصف نصيبه ومثل ذلك متعلق بنصيبه وقد تعذر الدفع بكتابة شريكه على على وجه لم يصر مختارا فيلزمه الأقل من نصف قيمة العبد ومن سدس وربع سدس الدية ولكن هذا الاستهلاك إنما يتحقق إذا أعتق أو استسعى أو ضمن فلهذا لا يلزمه هذا النصف ما لم يوجد أحد هذه المعاني قال : وإذا كان العبد بين اثنين فقطع يد رجل ثم باعه أحدهما من صاحبه وهو يعلم ثم اشتراه منه فقطع يد آخر وفقأ عين الأول ثم ماتا من ذلك قيل لشريك المشتري : ادفع نصفك إلى أولياء القتيلين نصفين أو افده بعشرة آلاف لأن الجنايتين تعلقتا بنصيبه الذي كان له في الأصل ولم يوجد في ذلك النصف ما يكون دليل اختيار فيخير بين دفعه إليهما وبين أن يفدي كل واحد منهما بنصف الدية ويقال للبائع : ادفع ألفين وخمسمائة إلى ولي قتيل الأول لأن نصيبه جنى على القتيل الأول جنايتين إحداهما قبل البيع والأخرى بعد الشراء فيصير مختارا لما كان قبل البيع حين باعه وهو يعلم بجنايته فلهذا يلزمه أن يدفع إليه ألفين وخمسمائة ثم يخير بعد ذلك بين أن يدفع نصيبه إليهما أو يفديهما لولي القتيل الآخر بخمسة آلاف ولولي القتيل الأول ألفين وخمسمائة باعتبار جنايته عليهما بعد الشراء فإذا اختار الدفع كان هذا النصف مقسوما بينهما أثلاثا ثلاثة لولي قتيل الأول وثلثاه لولي قتيل الآخر على مقدار ما بقي من حق كل واحد منهما . قال : وإذا كان العبد بين رجلين فجرح رجلا جرحا خطأ فكاتبه أحد .
الشريكين وهو يعلم بذلك ثم جرحه أيضا ثم مات الرجل من ذلك كله فعلى الذي كاتب أولا ربع الدية لأن نصيبه من العبد حين جنى ثلاث جنايات على نصف النفس إحداها قبل الكتابة واثنان بعد الكتابة وحكمهما سواء فانقسم هذا النصف نصفين وذلك قد صار مختارا له بالكتابة فعليه ربع الدية ونصف ذلك يكون على المكاتب . وأما الذي كاتب آخر فنصيبه أيضا حين جنى ثلاث جنايات جنايتين قبل الكتابة وحكمهما سواء في حقه وجناية بعد الكتابة فيوزع أيضا هذا النصف نصفين نصفه على الذي كاتب آخرا فيلزمه الأقل من نصف القيمة ومن ربع الدية لأن بكتابة نصيبه صار مستهلكا لا مختارا فقد كان الدفع متعذرا قبل هذا بكتابة شريكه فلهذا لزمه الأقل من نصف القيمة ومن ربع الدية وعلى المكاتب الأقل من قيمته ومن نصف الدية لأن كل نصف منه جنى بعد الكتابة وموجب ذلك عليه وإنما تلف نصف النفس بالجنايات الموجودة منه بعد الكتابة فلهذا كان عليه الأقل من قيمته ومن نصف الدية وهذا كله قياس قول أبي حنيفة بناء على أن الكتابة تتجزأ والله أعلم