( قال - C - ) ( وإذا كان العبد المأذون في يده مال وعليه دين فقال هو مالي وقال مولاه بل هو مالي فالقول قول العبد ) لأن يده في كسبه معتبرة لحق الغرماء والمولى ممنوع من أخذ ما في يده لحقهم فيكون المال في يده ككونه في يد غرمائه لأن انفكاك الحجر عنه بالإذن بمنزلة انفكاك الحجر عنه بالعتق أو بالكتابة إلا أن يده قبل أن يلحقه الدين ما كانت لازمة وبلحوق الدين إياه صارت لازمة فالمنازعة بينه وبين المولى فيما في يده كالمنازعة بين المولى ومكاتبه فيما في يده .
وإن كان المال في يد المولى وفي يد العبد فهو بينهما نصفان لأن المولى من كسب عبده في هذه الحالة كأجنبي آخر وقد استويا في دعوى اليد والعين ظهرت في يديهما فكان بينهما نصفين .
فإن كان في يد المولى ويد العبد ويد أجنبي فادعاه كل واحد منهم فهو بينهم أثلاثا لأن يد العبد فيه كيد غريمه فتكون معارضة ليد المولى ويد الأجنبي في المزاحمة .
وإن كان العبد لا دين عليه فالمال بين المولى والأجنبي نصفان ولا شيء للعبد فيه لأن ما في يد العبد ويد مولاه واحد إذا لم يكن عليه دين فإن كسبه خالص ملك مولاه ويده فيه كيد مولاه وفي حق الأجنبي لأن الحق لا يعدوهما فهو بمنزلة ما لو تنازع اثنان في شيء وأحدهما ممسك له بيديه والآخر بيد واحدة فإنه يقضي بذلك نصفان هذا .
ولو كان ثوب في يد حر وعبد مأذون وكل واحد منهما يدعيه ومعظمه في يد أحدهما والآخر متعلق بطرفه فهو بينهما نصفان لأن الاستحقاق باعتبار اليد ويده على جزء من الثوب كيده على جميعه .
( ألا ترى ) أنه لو كان في يده طرف من الثوب وليس في يد الآخر منه شيء فتنازعا فيه كان ذو اليد أولى بجميعه سواء كان الطرف الذي في يده معظم الثوب أو شيئا يسيرا منه .
فإن كان أحدهما متزرا به أو مرتديا أو لابسا والآخر متعلقا به أو كانت دابة أحدهما راكب عليها والآخر متمسك باللجام فهي للراكب واللابس لأنه مستعمل للعين واليد بالاستعمال تثبت حقيقة دون التعلق به .
( ألا ترى ) أنه لا يتمكن من الركوب واللبس في العادة إلا صاحب اليد ويتمكن الخارج من التعلق به لأن الملبوس تبع للابس والمركوب تبع للراكب لأن قيامه به وكانت يده فيما هو تبع له من وجه أقوي من يد المتعلق به والضعيف لا يظهر في مقابلة القوى ولو لم يكن هذا راكبها وكان الآخر متعلقا بها لا يستحق الترجيح بتعلقه بها .
ولو كان هذا راكبها ولم يكن الآخر متعلقا بها كان الراكب أولى فإذا كان لأحدهما سبب يستحق به عند الانفراد وليس للآخر مثله كان هو أولى .
ولو أن حرا أو مأذونا أجر نفسه من رجل يبيع معه البز أو يخيط معه ثم اختلفا في ثوب في يد الأجير .
فإن كان في حانوت الذي استأجره فهو للمستأجر لأن الآخر مع ما في يده المستأجر فإن حانوت المستأجر ويده ثابتة عليه فما في الحانوت يكون في يده فالظاهر شاهد للمستأجر فإن الأجير لا ينقل أمتعته إلى حانوت المستأجر عادة خصوصا ما ليس من أداة عمله وإن كان في السكة أو في منزل الأجير فهو للأجير لأنه لا يد للمستأجر على هذا الموضع حقيقة ولا حكما ويد الأجير ثابتة على الثوب حقيقة وبعقد الإجارة لا يخرج من أن يكون له يد معتبرة في أمتعته والصغير والكبير في هذا سواء لأن كل واحد منهما له يد معتبرة دافعة لاستحقاق الغير .
ولو أن عبدا محجورا عليه أجره مولاه لرجل وكان مع العبد ثوب فقال المستأجر هو لي وقال مولاه هو لي كان للمستأجر سواء كان في السكة أو في السوق أو في حانوت المستأجر أو كانت المنازعة في دابة والعبد راكبها لأن مولاه حين آجره فقد حول يده فيه إلى المستأجر وصار المستأجر بمنزلة المالك في ثبوت يده وعلى ما معه لأنه صار أحق بالانتفاع به فيكون القول في جميع ما في يده قوله بخلاف الحر فإن المستأجر .
وإن صار أحق بمنافعه فقد بقيت له يد معتبرة في أمتعته لأنه مالك للأمتعة بعد الإجارة كما كان قبله والعبد المحجور عليه مملوك ليست له يد معتبرة فكان هو وما في يده لمولاه قبل الإجارة وقد حوله بالإجارة إلى يد المستأجر .
ولو كان على العبد قميص أو قباء فقال المستأجر هو لي وقال المولى هو لعبدي فالقول قول المولى لأن الظاهر يشهد له لأن الظاهر أن العبد لا ينقل إلى يد المستأجر عريانا .
( ألا ترى ) أنه لو باعه من إنسان دخل في البيع ما عليه من لباسه وإن لم يذكر باعتبار الظاهر والعادة ولا يدخل في البيع متاع آخر في يده إلا ما يذكر فلا ينظر إلى قول العبد في شيء من ذلك لأنه محجور عليه وليس للمحجور عليه قول ولا يد معتبرة فيما معه ولو كان العبد في منزل المولى وفي يده ثوب فقال المستأجر هو لي وقال المولى هو لي فهو للمولى لأن المنزل في يد المولى فما فيه يكون في يده أيضا لأنه ليس للعبد يد معتبرة في معارضة يد المولى والمستأجر إذا كانت يده لا تظهر في منزل المولى كان المتاع للمولى .
ولو كان العبد مأذونا له وعليه دين وهو في منزل المولى وفي يده ثوب فقال المولى هو لي وقال العبد هو لي فإن كان الثوب من تجارة العبد فهو له لأن ما يكون من تجارته فهو كسبه والحق في كسبه لغرمائه فيده فيه كيد الغريم .
وإن لم يكن من تجارته فهو للمولى لأنه في ملك المولى ويده ثابتة على ما في ملكه وحق الغرماء لا يثبت في شيء من ذلك ما لم يثبت كونه كسبا للعبد .
ولو كان العبد راكبا على دابة أو لابسا ثوبا فقال العبد هو لي وقال المولى هو لي فهو للعبد يقضي به دينه كان ذلك من تجارته أو لم يكن لأن الملبوس تبع للابس والمركوب تبع للراكب وحق الغرماء يتعلق بمالية رقبته فيكون متعلقا بما هو تبع له والله أعلم