( قال - C - ) : ( وإن غلب قوم من الخوارج المتأولين على أرض وجرى فيها حكمهم ثم أكرهوا رجلا على شيء مما وصفنا في إكراه اللصوص أو أكره قوم من المشركين رجلا على شيء مما ذكرنا في إكراه اللصوص فهذا في حق المكره فيما يسعه الإقدام عليها أو لا يسعه بمنزلة إكراه اللصوص ) لأن الإلجاء تحقق بخوف التلف على نفسه وذلك عند قدرة المكره على إيقاع ما هدده به سواء كان من اللصوص أو من المشركين أو من الخوارج فأما ما يضمن فيه اللصوص أو يلزمهم به القود في جميع ما ذكرنا فإنه لا يجب شيء من ذلك على أهل الحرب ولا على الخوارج المتأولين كما لو باشروا الإتلاف بأيديهم وهذا لأن أهل الحرب غير ملتزمين لأحكام الإسلام وإذا انضمت المنعة بالتأويل في حق الخوارج كانوا بمنزلة أهل الحرب في سقوط الضمان عنهم فيما أتلفوا من الدماء والأموال للحديث الذي جاء أن الفتنة وقعت وأصحاب رسول الله - A - كانوا متوافرين واتفقوا أنه لا قود في دم استحل بتأويل القرآن ولا حد في فرج استحل بتأويل القرآن ولا ضمان في مال استحل بتأويل القرآن إلا أن يوجد شيء بعينه فيرد إلى أهله وقد تقدم بيان هذا في السير .
ولو أن المتأولين الشاهدين علينا بالشرك المستحلين لما لنا اقتسموه وأخذوا جوارا من جوارينا فاقتسموهن فيما بينهم كما تقسم الغنيمة واستولدوهن ثم تابوا أو ظهر عليهم ردت الجواري إلى مواليهن لأنهم لم يتملكوهن إما لانعدام تمام الإحراز فتمامه بالإحراز بدار تخالف دار المستولى عليه أو لبقاء إحراز الملاك لبقاء الجواري في دار الإسلام ولا حد على الواطئ منهن ولا عقر لأن المستوفي بالوطء في حكم جزء هو عين وإتلاف الجزء معتبر بإتلاف الكل والأولاد أحرار بعين القيمة لأن الواطئ بمنزلة المغرور باعتبار تأويله والتأويل الفاسد عند انضمام المنعة بمنزلة التأويل الصحيح وولد المغرور حر ثابت النسب من المغرور إلا أن في غير هذا الموضع المغرور يضمن قيمة الأولاد لأنه منع حدوث الرق فيهم فنزل ذلك منزلة الإتلاف وهنا هو لا يضمن الولد بالإتلاف لصاحب الجارية فكذلك لا يغرم قيمته بسبب الغرور .
وكذلك أهل الحرب فيما أخذوا من المسلمين من مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة فولدت لهم ثم أسلموا أن هؤلاء لا يملكون بالإحراز فيكون حال المشركين فيهم كحال الخوارج في الجواري على ما بيناه والله أعلم