( قال C ) وإذا دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف وأمره أن يستدين على المال فهو جائز لأن الاستدانة شراء بالنسيئة قال الله تعالى : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } فقد وكله بالشراء بالنسيئة على أن يكون المشتري بينهما نصفين ولو وكله بالشراء بالنسيئة على أن يكون المشتري كله للموكل جاز فكذلك النصف فإن اشترى بالمضاربة غلاما ثم اشترى على المضاربة جارية بألف درهم دينا وقبضها ثم باعها بألف درهم فقبض المال ثم هلك ما قبض ولم يدفع ما باع وما كان عنده فإن المضارب يلحقه نصف ثمن الجارية ويكون على رب المال نصف ثمنها لأنه فيما استدان كان مشتريا نصفه لنفسه وصفه لرب المال على المضاربة فإن الشرط بينهما في المضاربة المناصفة ولا تكون المناصفة في الربح فإن المشتري بالنسيئة إلا بعد أن يكون المشتري بينهما نصفين وقد قررنا هذا في كتاب الشركة في شركة الوجوه فإذا ثبت إنه اشترى نصفها لنفسه كان عليه نصف ثمنها ونصف ثمنها كان على رب المال لأنه اشترى نصفها له بأمره ولو لم تهلك الجارية كانت بينهما نصفين يؤديان من ثمنها ما عليه من الثمن والباقي عليهما نصفان فإن لم يبع المضارب الجارية ولكنه أعتقها ولا فضل فيها على رأس المال فعتقه جائز في نصفها لأنه ملك نصفها بالشراء لنفسه فهي بمنزلة جارية بين رجلين أعتقها أحدهما وهذا بخلاف العبد المشترك بالمضاربة فإنه مملوك لرب المال إذا لم يكن فيه فضل على رأس المال فلا ينفذ عتق المضارب فيه ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة وأمره أن يستدين على المال على إن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما للمضارب ثلثاه ولرب المال ثلثه فاشترى المضارب بالألف جارية تساوي ألفين ثم اشترى على المضاربة غلاما بألف درهم يساوي ألفين فباعهما جميعا بأربعة آلاف فإن ثمن الجارية يستوفي منه رب المال رأس ماله وما بقي فهو ربح بينهما على ما اشترطا ثلثاه للمضارب وثلثه لرب المال وأما ثمن الغلام فيؤدي منه ثمنه والباقي بينهما نصفان لأن الأمر بالاستدانة كان مطلقا فالمشتري بالدين يكون مشتركا بينهما نصفين ومع المناصفة بينهما في المشتري لا يصح شرط التفاوت في الربح ( ألا ترى ) أن رجلين لو اشتركا بغير مال على أن يشتريا بالدين ويبيعها فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما أثلاثا فاشتريا وباعا وربحا كان الربح بينهما نصفين فاشتراطهما الثلثين والثلث في الربح يكون لغوا لأنه لو صح ذلك استحق أحدهما جزأ من ربح ما ضمنه صاحبه وذلك لا يجوز فكذلك المضارب إذا أمره رب المال أن يستدين على المضاربة وشرط الثلث والثلثين في الربح لا في أصل الاستدانة فإن كان أمره أن يستدين على المال على إن ما اشترى بالدين من شيء فلرب المال ثلثه وللمضارب ثلثاه على إن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان فاشترى المضارب بالمضاربة جارية تساوي ألفين واشترى على المضاربة جارية بألف دينا تساوي ألفين فباعهما بأربعة آلاف درهم فحصة جارية المضاربة يأخذ منه رب المال رأس ماله ألف درهم والباقي بينهما نصفان على ما اشترطا وثمن الجارية المشتراة بالدين بينهما أثلاثا على قدر ملكيهما لأنه إنما وكله بالاستدانة على أن يكون ثلث ما يستدين لرب المال وثلثاه للمضارب فيكون الثمن بينهما على قدر ذلك واشتراط المناصفة في الربح في هذا يكون باطلا لأن أحدهما يشترط لنفسه ربح ما قد ضمنه صاحبه وذلك باطل ولو دفع إليه الألف مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما كذلك أيضا فاشترى بالمضاربة جارية تساوي ألفين ثم اشترى على المضاربة جارية بألف دينار تساوي ألفين فباعهما بأربعة آلاف فأما حصة المضاربة فتكون بينهما على شرطهما بعدما يستوفي رب المال رأس ماله وحصة الجارية المشتراة بالدين بينهما لأن ضمانها عليهما نصفين لإطلاق الأمر بالاستدانة فاشتراط كون الربح بينهما أثلاثا بعد المساواة في الضمان يكون باطلا وكذلك لو كان أمره أن يستدين على رب المال لأن قوله استدن على المضاربة وقوله استدن على سواء في المعنى وما استدان سوء كان بقدر مال المضاربة أو أقل أو أكثر فهو بينهما نصفان فربحه ووضيعته بينهما نصفان حتى لو هلكت المشتراة بالدين كان ضمان ثمنها عليهما نصفين ولو كان أمره أن يستدين على نفسه كان ما اشتراه المضارب بالدين له خاصة دون رب المال لأنه في الاستدانة على نفسه يستغني عن أمر رب المال فكان وجود أمره فيه وعدمه سواء بخلاف ما إذا أمره أن يستدين على المال أو على رب المال لأنه في الاستدانة على رب المال أو على المال لا يستغني عن أمر رب المال فلا بد من اعتبار أمره في ذلك وأمره بالاستدانة على المال كأمره بالاستدانة على رب المال لأن ملك المال لرب المال والمال محل لقضاء الواجب لا للوجوب فيه .
فالواجب يكون على رب المال ثم أمره بالاستدانة عليه مطلقا يقتضي الشركة بينهما فيما يستدين ولا تكون هذه الشركة بطريق المضاربة لأن المضاربة لا تصح إلا برأس مال عين فكانت هذه الشركة في معنى شركة الوجوه فيكون المشتري مشتركا بينهما نصفين فلا يصح منهما شرط التفاوت في الربح مع مساوتهما في الملك في المشتري ولو كان أمره أن يستدين على المال أو على رب المال فاشترى بالمضاربة جارية ثم استقرض المضارب ألف درهم على المضاربة واشترى بها جارية فهو مشتر لنفسه خاصة والقرض عليه خاصة منهم من يقول إن الاستدانة هو الشراء بالنسيئة والاستقراض غيره فلا يدخل في مطلق الأمر بالاستدانة والأصح أن يقول الأمر بالاستقراض باطل ( ألا ترى ) إنه لو أمر رجلا أن يستقرض له ألفا من فلان فاستقرضها كما أمره كان الألف للمستقرض دون الآمر وهذا لأن القرض مضمون بالمثل في ذمة المستقرض وإذا كان البدل في ذمته كان المستقرض مملوكا له وهو غير محتاج في ذلك إلى أمر الآمر وما كان الأمر بالاستقراض إلا نظير الأمر بالتكدي وهو بطال وما يحصل للمتكدي يكون له دون الآمر إذا ثبت هذا فنقول ما استقرضه المضارب يكون مملوكا له فإذا اشترى به جارية فقد أضاف العقد إلى ملك نفسه فكان مشتريا الجارية لنفسه ولو دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالثلث وأمره أن يعمل في ذلك برأيه وأمره أن يستدين على المال فاشتري بألف ثيابا فأسلمها إلى صباغ يصبغها صفرا بمائة درهم ووصف له شيئا معروفا فصبغها ثم إن المضارب باع الثياب مرابحة بألفي درهم فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم ويؤدي المضارب أجر الصباغ مائة درهم وما بقي من الربح قسم على أحد عشر سهما أسهم من ذلك حصة المضاربة بينهما أثلاثا على الشرط وسهم حصة المائة التي بينهما نصفان لأنه لما أمره أن يعمل برأيه فقد ملك به خلط مال المضاربة بمال آخر والصبغ عين مال قائم في الثوب وهو في الصبغ مستدين بأمره فلا يصير مخالفا بخلط ما استدان بمال المضاربة ثم الثمن في بيع المرابحة يكون مقسوما على الثمن الأول وقد كان ثمن ثياب المضاربة ألف درهم وثمن الصبغ مائة درهم فيحصل من ثمن الباقي رأس مال المضاربة لرب المال ويعطي المائة ثمن الصبغ والباقي ربح فيكون مقسوما على أحد عشر سهما عشرة من ذلك حصة ربح مال المضاربة فيكون بينهما أثلاثا على الشرط وسهم من ذلك ربح ما استدان فيكون بينهما نصفين لاستواء ملكيهما فيما استدان ولو كان باع الثياب مساومة قسم الثمن على قيمة الثياب وعلى ما زاد الصبغ فيها لأن في بيع المساومة الثمن بمقابلة الملك والملك الذي تناوله البيع أصل الثياب والصبغ القائم فيها فيقسم الثمن جملة على قيمة الثياب غير مصبوغة وعلى ما زاد الصبغ فيها فما يخص قيمة الثياب فهو مال المضاربة يعطي منه رب المال رأس ماله ويقسم الباقي بينهما أثلاثا على الشرط وما أصاب قيمة الصبغ يعطي منه أجر الصباغ مائة درهم والباقي بينهما نصفان لأنه ربح حصة الاستدانة ولو اشترى المضارب بألف المضاربة ثيابا واستقرض على المال مائة درهم فاشترى بها زعفرانا فصبغ به الثياب ثم باعها مرابحة على مال المضاربة وعلى ما استقرض بألفي درهم فإنها تقسم على أحد عشر سهما عشرة أسهم منها مال المضاربة على شرطهما وسهم للمضارب خاصة لأن ما استقرض كان على نفسه خاصة وما اشترى به من الزعفران مملوك له إلا أنه لا يصير مخالفا إذا صبغ الثياب بها لأنه أمره أن يعمل في المال برأيه والثمن في بيع المرابحة مقسوم على الثمن الأول فيكون على أحد عشر سهما عشرة أسهم حصة مال المضاربة وسهم حصة الصبغ وهو للمضارب خاصة فيكون بدله له ولو باعها مساومة قسم الثمن على قيمة الثياب وعلى ما زاد الصبغ في الثياب فما أصاب قيمة الثياب كان على المضاربة وما أصاب قيمة الصبغ كان للمضارب وكان عليه أداء القرض لأن في بيع المساومة الثمن بمقابلة الملك فإنما يقسم على قدر الملك ولو كان اشترى الزعفران بمائة درهم نسيئة فصبغ الثياب به كان هذا والذي كان استأجر الصباغ بمائة ليصبغها سواء في جميع ما ذكرنا لأن شراء الزعفران بالنسيئة استدانة فينفذ على رب المال وعلى المستدين ويكون الصبغ مشتركا بينهما نصفين فهو ومسألة استئجار الصباغ لنصفها سواء ولو خرج المضارب بالمال إلى مصر فاشترى بها كلها ثيابا ثم استكرى عليها بغالا بمائة درهم فحمله إلى مصره فله أن يبيعها مرابحة على ألف ومائة لأن الكراء مما جرى الرسم به بين التجار بإلحاقه برأس المال وقد بينا في البيوع إن ما جرى العرف به بين .
التجار في إلحاقه برأس المال فله أن يلحقه به في بيع المرابحة وعلى هذا أجر السمسار فإن باعه مرابحة بألف درهم كانت حصة المضارب من ذلك من كل أحد عشر سهما عشرة أسهم بينهما على شرطهما وحصة الكراء سهم واحد بينهما نصفان لأن الثمن في بيع المرابحة مقسوم على رأس المال الأول وذلك ألف درهم التي غرمها في شراء الثياب والمائة التي غرمها في الكراء فإذا جعلت كل مائة سهما كان على أحد عشر سهما سهم من ذلك حصة الكراء وهو استدانة فيكون بينهما نصفين ولو باعها مساومة كان جميع الثمن في المضاربة على الشرط بينهما لأن الثمن في بيع المساومة بمقابلة الملك والملك الذي تناوله البيع الثياب دون منفعة الحمل من مصر إلى مصر وقد كان جميع الثياب على المضاربة فيكون الثمن كله في المضاربة على الشرط بينهما بخلاف ما تقدم من مسألة الصبغ لأن الصبغ عين مال قائم في الثوب يتناوله البيع ثم غرم الكراء على المضارب ورب المال نصفان لأن المضارب كان مستدينا فيها بأمر رب المال ففعله كفعلهما جميعا فلهذا كان غرم الكل عليهما نصفين ولو لم يكن استكرى به ولكنه استقرض مائة درهم فاستكرى بها بأعيانها دواب يحمل على كل دابة كذا وكذا ثوبا فله أن يبيعها مرابحة على ألف ومائة وهذا قول أبي حنيفة C وإن لم ينص عليه في الكتاب وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ببيع الثياب مرابحة على ألف درهم ولا يدخل في ذلك حصة الكراء وأصل المسألة فيما إذا اكترى دواب للثياب بمائة من مال نفسه لأن ما استقرض له خاصة ثم وجه قولهما إنه متطوع فيما أدى من مال نفسه في الكراء ولو تطوع إنسان آخر بحمل الثياب على دوابه لم يكن للمضارب أن يلحق ذلك برأس المال فكذلك إذا تطوع المضارب به وأبو حنيفة C يقول المضارب في حمل الثياب كالمالك لأنه محتاج إلى ذلك لتحصيل حصة الربح والمالك لو استكري دواب للثياب المشتراة بماله كان له أن يلحق ذلك برأس المال في بيع المرابحة فكذلك للمضارب أن يلحق الكراء برأس المال فيبيعها مرابحة على ألف ومائة فإن باعها بألفين كانت عشرة أسهم من أحد عشر سهما من ذلك حصة المضاربة على شرطهما وسهم واحد للمضارب خاصة وإن باعها مساومة كان الثمن كله مضاربة لأن الثمن بمقابلة الثياب هنا والثياب كلها مال المضاربة وضمان الكراء في مال المضاربة خاصة لأنه هو المستقرض فعليه ضمان ما استقرضه فإن قال المضارب لرب المال إنما استكريت الدواب لك تحمل ثيابك وقال رب المال إنما استكريت بمالك لنفسك ثم حملت ثياب عليها فالقول قول رب المال لأنه استكرى بالمائة التي استقرض بعينها وملك المائة للمضارب فإضافته العقد إلى مال نفسه دليل على إنه استكراها لنفسه ولو لم يأمره أن يعمل في المضاربة برأيه فاشترى بها كلها ثيابا تساوي ألف درهم ثم اشترى من عنده عصفرا بمائة درهم فصبغها فهو ضامن للثياب لأن ما اشترى من الصبغ له وقد خلط مال المضاربة به حين صبغ الثياب والمضارب بمطلق العقد لا يملك الخلط فيصير به غاصبا ضامنا وصاحب المال بالخيار إن شاء أخذ ثيابه وأعطاه ما زاد العصفر في ثيابه وإن شاء ضمنه ثيابه غير مصبوغة ألف درهم فأخذها منه فكانت الثياب للمضارب بمنزلة ما لو غصب ثوبا فصبغه فإن لم يختر شيئا من ذلك حتى باع المضارب المتاع بألفي درهم جاز بيعه لأن عقد المضاربة باق بينهما ببقاء المال وإن صار مخالفا ونفوذ بيع المضارب باعتبار الوكالة ووجوب الضمان عليه لا ينفي جواز بيعه بحكم الوكالة فيقسم الثمن على قيمة الثياب وما زاد الصبغ فيها فما أصاب زيادة الصبغ فهو للمضارب لأنه بدل ملكه وما أصاب الثياب فهو بينهما على شرطهما لأنه بدل مال المضاربة فإن هلك الثمن من المضارب بعدما قبضه فلا ضمان عليه فيه لأنه ببيع الثياب خرج من أن يكون مخالفا والاختلاط الذي في الثمن حكمي وبه لا يكون المضارب مخالفا ضامنا فإن كانت الثياب حين اشتراها المضارب تساوي ألفي درهم فصبغها بعصفر من عنده فإن شاء رب المال ضمنه ثلاثة أرباع قيمة الثياب وسلم الثياب للمضارب وإن شاء أخذ ثلاثة أرباع الثياب وأعطى المضارب ما زاد الصبغ في ثلاثة أرباعها لأنه في مقدار الربع عامل لنفسه بالصبغ فإن مقدار حصته من الربح مملوك له في الثياب وفي ثلاثة أرباعها هو مخالف لعمله في مال رب المال بالخلط من غير أمره فتكون ثلاثة أرباع الثياب في هذا الفصل نظير جميع الثياب في الفصل الأول في حكم الضمان والخيار فإن لم يختر شيئا حتى باعها المضارب جاز بيعه لبقاء عقد المضاربة بينهما بعد الصبغ وكان للمضارب حصة الصبغ من الثمن والباقي مضاربة .
بينهما على شرطهما ولو أن المضارب لم يصبغ الثياب ولكن قصرها بمائة درهم من عنده وذلك يزيد فيها أو ينقص منها فلا ضمان عليه في ذلك إن زادت أو نقصت لأنه لم يخلط بها شيئا من ماله وهو إنما يصير ضامنا بالخلط لا بعمل القصارة ( ألا ترى ) أنه لو كان في يده فضل من مال المضاربة كان له أن يقصر الثياب به ولا يكون مضمونا عليه إن زادت أو نقصت فكذلك إذا قصرها بمال نفسه بخلاف الصبغ فإنه عين مال قائم في الثوب فيصير بخلط مال المضاربة بماله ضامنا هناك فإن باعها بربح أو وضيعة فهو على المضاربة لأنه متبرع فيما غرم من مال نفسه في قصارتها قيل هذا على قولهما فأما عند أبي حنيفة فينبغي أن يكون الجواب في هذا كالجواب في مسألة الكراء لأن مؤنة القصارة جرى الرسم بإلحاقها برأس المال بمنزلة الكراء وكذلك لو اشترى بها ثيابا تساوي ألفا فصبغها أسود فهذا والقصارة سواء لأن السواد نقصان وليس بزيادة ولا ضمان على المضارب في ذلك لأنه لم يخلط مالا من عنده بالمضاربة ( ألا ترى ) أنه لا قيمة للسواد في الثياب ولا يضمن النقصان الذي دخل في الثياب لأنه بمطلق عقد المضاربة يملك أن يصبغ الثياب بالسواد ( ألا ترى ) أنه لو كان فضل في يده من مال المضاربة فصبغ الثياب بها سوادا لم يضمن وقيل هذا قول أبي حنيفة C فأما على قولهما فالسواد كالصفرة والحمرة وقد بينا ذلك في كتاب الغصب والأصح إن هذا في ثياب ينقص السواد من قيمتها فأما في ثياب يزيد السواد في قيمتها فهو بمنزلة ما لو صبغها أصفر أو أحمر ولو كان أمره أن يعمل في المغاربة برأيه فاشترى بها ثيابا ثم صبغها بعصفر من عنده فهو شريك في الثياب بما زاد العصفر فيها لأنه يملك الخلط عند تفويض الأمر في المضاربة إلى رأيه على العموم فلا ضمان عليه في ذلك وأصل الثياب على المضاربة والصبغ فيه ملك للمضارب خاصة وإذا دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالثلث وأمره أن يستدين على المال فاشترى بها وبثلاثة آلاف درهم جارية تساوي خمسة آلاف درهم فقبضها وباعها بخمسة آلاف درهم وقبض الدراهم فهلكت المضاربة الأولى والجارية وثمنها في يد المضارب فعلى المضارب تسعة آلاف أربعة آلاف لبائع الجارية لأنه قبضها وهلكت في يده وخمسة آلاف لمشتري الجارية لأن بهلاكها قبل التسليم انفسخ البيع فيها فعليه رد المقبوض من الثمن ثم يرجع على رب المال بخمسة آلاف وخمسمائة واحد وأربعين درهما وثلثي درهم وعلى المضارب في ماله بثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانية وخمسين وثلث لأن حين اشتراها اشتراها بأربعة آلاف فأنف منها مال المضاربة وثلاثة آلاف كانت دينا عليهما نصفين نصف ذلك على المضارب وهو ألف وخمسمائة ثم باع الجارية بخمسة آلاف درهم فيكون هو في قبض الثمن عاملا لنفسه في مقدار ألف وخمسمائة وحصتها من الربح وذلك في الحاصل ثلاثة أثمان خمسة آلاف مقداره ألف وثمانمائة وخمسة وسبعون وخمسة أثمان هذه الخمسة الآلاف كانت على المضاربة مقدار ذلك ثلاثة آلاف ومائة وخمسة وعشرون حصة ألف المضاربة من ذلك ألف ومائتان وخمسون فتبين أن الربح في مال المضاربة مائتان وخمسون للمضارب ثلث ذلك وثلثه ثلاثة وثمانون وثلث فإذا ضممت ذلك إلى ألف وثمانمائة وخمسة وسبعين يكون جملة ذلك ألفا وتسعمائة وثمانية وخمسين وثلثا فإذا ضممت إليه أيضا ألفا وخمسمائة يكون ذلك ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانية وخمسين وثلثا هذا حاصل ما على المضارب وما زاد على ذلك إلى تمام تسعة آلاف كله على رب المال وذلك خمسة آلاف وخمسمائة واحد وأربعون وثلثا درهم وإذا جمعت حاصل ما وجب عليه متفرقا بلغ هذا المقدار فإن هلكت الألف المضاربة أولا ثم هلكت الجارية والخمسة آلاف بعد ذلك معا والمسألة على حالها فإنه يؤدي تسعة آلاف درهم كما بينا ويرجع على رب المال بخمسة آلاف وستمائة وخمسة وعشرين درهما لأن الألف الأولى حين هلكت فقد لحق رب المال في المضاربة ألف درهم دين وصارت المضاربة لا ربح فيها فلم يبق على المضارب إلا حصته من الدين وربحها فأما حصة المضارب من الربح وذلك ثلاثة وثمانون وثلث كما بيناه في المسألة الأولى فيتحول غرم ذلك إلى رب المال مع ما عليه من خمسة آلاف وخمسمائة واحد وأربعين وثلثين فيكون جميع ما عليه خمسة آلاف وستمائة وخمسة وعشرين درهما والله أعلم