( قال C ) قال الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي C إملاء المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض وإنما سمي به لأن المضارب يستحق الربح بسعيه وعمله فهو شريكه في الربح ورأس مال الضرب في الأرض والتصرف وأهل المدينة يسمون هذا العقد مقارضة وذلك مروي عن عثمان Bه فإنه دفع إلى رجل مالا مقارضة وهو مشتق من القرض وهو القطع فصاحب المال قطع هذا القدر من المال عن تصرفه وجعل التصرف فيه إلى العامل بهذا العقد فسمي به وإنما اخترنا اللفظ الأول لأنه موافق لما في كتاب الله تعالى قال الله تعالى : { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } يعني السفر للتجارة . وجواز هذا العقد عرف بالسنة والإجماع فمن السنة ما روي أن العباس بن عبد المطلب Bه كان إذا دفع مالا مضاربة شرط على المضارب أن لا يسلك به بحرا وأن لا ينزل واديا ولا يشتري به ذات كبد رطب فإن فعل ذلك ضمن فبلغ رسول الله A ذلك فاستحسنه وكان حكيم بن حزام Bه إذا دفع مالا مضاربة شرط مثل هذا وروى أن عبدالله وعبيدالله ابنا عمر Bهم قدما العراق ونزلا على أبي موسى Bه فقال لو كان عندي فضل مال لاكرمتكما ولكن عندي مال من مال بيت المال فابتاعا به فإذا قدمتما المدينة فادفعاه إلى أمير المؤمنين Bه ولكما ربحه ففعلا ذلك فلما قدما على عمر Bه أخبراه بذلك فقال هذا مال المسلمين فربحه للمسلمين فسكت عبدالله وقال عبيدالله : لا سبيل لك إلى هذا فإن المال لو هلك كنت تضمننا قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اجعلهما بمنزلة المضاربين لهما نصف الربح وللمسلمين نصفه فاستصوبه عمر Bه وعن القاسم بن محمد قال : كان لنا مال في يد عائشة Bها وكانت تدفعه مضاربة فبارك الله لنا فيه لسعيها وكان عمر Bه يدفع مال اليتيم مضاربة على ما روي محمد C وبدا به الكتاب عن حميد بن عبدالله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر Bه أعطاه مال يتيم مضاربة وقال : لا أدري كيف كان الشرط بينهما فعمل به بالعراق وكان بالحجاز اليتيم كان يقاسم عمر Bه بالربح وفيه دليل جواز المضاربة بمال اليتيم وإن للإمام ولاية النظر في مال اليتامى وإن للمضارب والأب والوصي المسافرة بمال اليتيم في طريق آمن أو مخوف بعد أن كانت القوافل متصلة فقد كان عمر Bه أعطي زيد بن خليدة Bه مالا مضاربة فأسلمه إلى عتريس بن عرقوب في حيوان معلوم بأثمان معلومة إلى أجل معلوم فحل الأجل فاشتد عليه فأتى عتريس عبدالله بن مسعود Bه يستعين به عليه فذكر ذلك فقال له عبدالله Bه : خذ رأس مالك ولا تسلمه شيئا مما لنا في الحيوان وفيه دليل جواز المضاربة وفساد السلم وإنما اشتد على عتريس بن عرقوب لفساد العقد أيضا فلا يظن به المماطلة في قضاء ما هو مستحق عليه مع قوله A : ( خيركم أحسنكم قضاء ) وبعث رسول الله A والناس يتعاملون بالمضاربة بينهم فأقرهم على ذلك وندبهم أيضا إليه على ما قال صلوات الله وسلامه عليه من عال ثلاث بنات فهو أسير فأعينوه يا عباد الله ضاربوه داينوه ولأن بالناس حاجة إلى هذا العقد فصاحب المال قد لا يهتدي إلى التصرف المربح والمهتدي إلى التصرف قد لا يكون له مال والربح إنما يحصل بهما يعني المال والتصرف ففي جواز هذا العقد يحصل مقصودهما وجواز عقد الشركة بين اثنين بالمال دليل على جواز هذا العقد لأن من جانب كل واحد منهما هناك ما يحصل به الربح فينعقد بينهما شركة في الربح ولهذا لا يشترط التوقيت في هذا العقد ولكل واحد منهما أن ينفرد بفسخه لأن انعقاده بطريق الشركة دون الإجارة ولهذا العقد أحكام شتى من عقود مختلفة فإنه إذا أسلم رأس المال للمضارب فهو أمين فيه كالمودع وإذا تصرف فيه فهو وكيل في ذلك يرجع بما يلحقه من العهدة على رب المال كالوكيل فإذا حصل الربح كان شريكه في الربح وإذا فسد العقد كانت إجارة فاسدة حتى يكون للمضارب أجر مثل عمله وإذا خالف المضارب كان غاصبا ضامنا للمال ولكن المقصود بهذا العقد الشركة في الربح وكل شرط يؤدي إلى قطع الشركة في الربح بينهما مع حصوله فهو مبطل للعقد لأنه مفوت لموجب العقد ومن ذلك ما رواه عن إبراهيم C إنه كان يكره المضاربة بالنصف أو الثلث وزيادة عشرة دراهم قال : أرأيت إن لم يربح إلا تلك العشرة وهو إشارة إلى ما بينا من قطع الشركة في الربح مع حصوله بأن لم يربح إلا تلك العشرة وعن إبراهيم C في المضاربة والوديعة والدين سواء يتحاصون ذلك في .
مال الميت وبه نأخذ والمراد مضاربة أو وديعة غير معينة فالأمين بالتجهيل يصير ضامنا فهو والدين سواء فأما ما كان معينا معلوما فصاحبه أولى به لأن حق الغريم بموت المديون يتعلق بماله إلا بما كان أمانة في يده لغيره وعن إبراهيم C قال في الوصي يعطي مال اليتيم مضاربة وإن شاء أبضعه وإن شاء تجر إلى غير ذلك وكان خيرا لليتيم فعل لقوله تعالى : { قل إصلاح لهم خير } وقال الله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } والأحسن والأصلح في حقه أن يتجر بماله قال A : ( ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كيلا تأكلها الصدقة ) يعني النفقة فإن احتسب بالتصرف فيه أو وجد أمينا يحتسب ذلك والأنفع لليتيم أن يدفعه إليه بضاعة وإن لم يجز ذلك وربما لا يرغب في أن يتصرف فيه مجانا فلا بأس بأن يتصرف فيه على وجه المضاربة وهو أنفع لليتيم لما يحصل له من بعض الربح وبما لا يتفرغ الوصي لذلك فيحتاج إلى أن يدفعه مضاربة إلى غيره وإذا جاز منه هذا التصرف مع نفسه فمع غيره أولى وذكر عن علي Bه قال : ليس على من قاسم الربح ضمان وتفسيره أنه المواضعة على المال في المضاربة والشركة وهو مروي عن علي Bه قال : المواضعة على المال والربح على ما اشترطا عليه وبه أخذنا فقلنا رأس المال أمانة في يد المضارب لأنه قبضه بإذنه ليتصرف فيه له وعن علي Bه أنه كان يعطي مال اليتيم مضاربة ويقول : قال رسول الله A : ( رفع القلم عن ثلاثة عن الغلام حتى يحتلم وعن المجنون حتى يصح وعن النائم حتى يستيقظ ) وفيه دليل أن ولاية النظر في مال اليتيم للقاضي إذا لم يكن وصي لعجز اليتيم عن النظر لنفسه وإليه أشار علي Bه فيما استدل به من الحديث وعن الشعبي C أنه سئل عن رجل أخذ مالا مضاربة فأنفق في مضاربته خمسمائة ثم ربح قال : يتم رأس المال من الربح وبه أخذنا فقلنا للمضارب أن ينفق من مال المضاربة إذا سافر به لأن سفره لأجل العمل في مال المضاربة فيستوجب النفقة فيه كالمرأة تستوجب النفقة على زوجها إذا زفت إليه لأنها فرغت نفسها له فقلنا الربح لا يظهر ما لم يسلم جميع رأس المال لرب المال لأن الربح اسم للفضل فما لم يحصل ما هو الأصل لرب المال لا يظهر الفضل قال A : ( مثل المؤمن كمثل التاجر لا تخلص له نوافله ما لم تخلص له فرائضه فالتاجر لا يسلم له ربحه حتى يسلم له رأس ماله ) وعن الشعبي C أنه سئل عن رجل دفع إلى رجل أربعة آلاف درهم مضاربة فخرج بها إلى خراسان وأشهد عند خروجه أن هذا المال مال صاحب الأربعة الآلاف ليس لا حد فيها حق ثم أقبل فتوفي في الطريق فأشهد عند موته أيضا بذلك ثم إن رجلا جاء بصك فيه ألف مثقال مضاربة مع هذا الرجل له بها بينة وهي قبل الأربعة الآلاف بأحد وعشرين سنة فقال عامر C أشهد في حياته وعند موته أن المال لصاحب الأربعة الآلاف وبه نأخذ فإن حق الآخر صار دينا في ذمته بتجهيله عند موته وقد بينا أن حق الغريم يتعلق بشركة الميت لا بما في يده من الأمانة وإنما أفتى الشعبي C بهذا لإقراره بالعين لصاحب الأربعة الآلاف في حال صحته لا لإقراره عند موته فإقرار المريض بالدين أو العين لا يكون صحيحا في حق من ثبت دينه بالبينة لكونه متهما في ذلك وإقراره في الصحة بذلك مقبول لأنه غير متهم فيه وعن الحسن C أنه كان يكره المضاربة والشركة بالعروض وبه نأخذ وقد بيناه في كتاب الشركة وقال أبو حنيفة C : لا تكون المضاربة إلا بالدراهم والدنانير وهو قول أبي يوسف C وقال محمد C : أستحسن أن تكون المضاربة بالفلوس كما تكون بالدراهم والدنانير لأنها ثمن مثل الدراهم والدنانير والحاصل أن في المضاربة بالفلوس عن محمد C رواية واحدة إنها تجوز لأنها ما دامت رائجة فهي ثمن لا يتعين في العقد مقابلتها بجنسها وبخلاف جنسها عند محمد C فالعقد بها يكون سواء بثمن في الذمة لا بيعا فيكون الربح للمضارب على ضمان الثمن فهو والمضاربة بالدراهم سواء وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أن المضاربة بالفلوس جائزة لأنها ثمن لا يتعين عند المقابلة بخلاف جنسها وهكذا ذكره ابن سماعة عن أبي يوسف رحمهما الله وفي الأصل روى عنهما أن المضاربة بالفلوس لا تجوز لأنها إذا كسدت فهي كالعروض فهي ثمن من وجه مبيع من وجه وهي ثمن لبعض الأشياء في عادة التجار دون البعض فكانت كالمكيل والموزون فإنها ثمن دينا ومبيع عينها فلا تصح المضاربة بها وهذا الاستدلال مروي عن أبي يوسف C فإنه سئل عن المضاربة بالدراهم التجارية فقال : لو .
جوزت ذلك جاوزت المضاربة بالطعام بمكة يعني أن أهل مكة يتبايعوا بالطعام كما أن أهل بخارى يتبايعون بالبر بعينه قال الشيخ الإمام الأجل C وكان شيخنا الإمام C يقول الصحيح جواز المضاربة بها عندي لأنها من أعز النقود عندنا كالدنانير في سائر البلدان وظاهر ما ذكر هنا يدل على أن المضاربة بالتبر لا لا تجوز والدراهم والدنانير اسم للمضروب دون التبر وذكر في غير هذا الموضع أن التبر لا يتعين بالتعيين ولا يبطل العقد بهلاكه فذلك دليل جواز المضاربة به والحاصل أن ذلك يختلف باختلاف البلدان في الرواج ففي كل موضع يروج التبر رواج الأثمان وتجوز المضاربة به وفي كل موضع هو بمنزلة السلع لا تجوز المضاربة به كالمكيل والموزون وإذا دفع الرجل إلى رجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان أو قال ما كان في ذلك من ربح أو قال ما رزقك الله في ذلك من ربح أو ما ربحت في ذلك من شيء فهو كله سواء لأن الحكم يبني على ما هو المقصود ولا ينظر إلى اختلاف العبارة بعد اتحاد المقصود والمقصود بهذه الألفاظ اشتراط التناصف في الربح وكذلك لو شرط للمضارب عشر الربح والباقي لرب المال فهو جائز لأن المشروط للمضارب جزء شائع معلوم وهذا الشرط لا يؤدي إلى قطع الشركة بينهما في الربح مع حصوله فما من شيء يحصل من الربح قل أو كثر إلا وله عشر ويستوي إن كانت الألف المدفوعة جيدة أو زيوفا أو نبهرجة لأن الفضة تغلب على العشر في هذه الأنواع فهو في حكم الدراهم المضروبة من النقرة فيها ولو قال على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب من ذلك مائة درهم فهذه مضاربة فاسدة لأن هذا الشرط يوجب قطع الشركة بينهما في الربح مع حصوله فربما لا يربح إلا مقدار المائة فيأخذه من شرط له ويجيب الآخر وفي هذه الشرط عيب يمكن التحرز عنه أيضا وربما يربح أقل من مائة درهم فلا يسلم جميع المائة لمن شرط له مع حصول الربح فلهذا فسد العقد فإن عمل ذلك فربح مالا أو لم يربح شيئا فله أجر مثله فيما مل وليس له من الربح شيء لأن استحقاق الشركة في الربح بعقد المضاربة والعقد الفاسد لا يكون بنفسه للاستحقاق وإنما يستوجب أجر المثل لأنه عمل لرب المال وابتغى عن عمله عوضا فإذا لم يسلم له ذلك استحق أجر المثل كما في الإجارة الفاسدة ثم إن كان حصل الربح فله أجر مثله بالغا ما بلغ في قول محمد C وقال أبو يوسف C : لا يجاوز بأجر مثله ما سمي له وهو بناء على ما بينا في كتاب الشركة من اختلافهما في شركة الاحتطاب والاحتشاش وإن لم يحصل الربح فقد روي عن أبي يوسف C أنه قال : استحسن أن لا يكون للمضارب شيء لأن الفاسد من العقد معتبر بالصحيح في الحكم ولا طريق لمعرفة حكم العقد الفاسد إلا هذا وفي المضاربة الصحيحة إذا لم يربح لا يستحق شيئا فكذلك في المضاربة الفاسدة وجه ظاهر الرواية أنه لا يستحق بهذا العقد شيئا من الربح بحال وإنما يعتبر حصول الربح في حق من يستحق الربح ثم الفاسد إنما يعتبر بالجائز إذا كان انعقاد الفاسد مثل انعقاد الجائز كالبيع وهنا المضاربة الصحيحة تنعقد شركة لا إجارة والمضاربة الفاسدة تنعقد إجارة فإنما تعتبر بالإجارة الصحيحة في استحقاق الأجر عند إيفاء العمل ولو تلف المال في يده فله أجر مثله فيما عمل ولا ضمان عليه ذكر ابن سماعة عن محمد رحمهما الله أنه ضامن للمال فقيل المذكور في الكتاب قول أبي حنيفة C وهو بناء على اختلافهم في الأجير المشترك إذا تلف المال في يده من غير صنعه فإن هذا العقد انعقد إجارة وهو بمنزلة الأجير المشترك لأن له أن يأخذ المال بهذا الطريق من غير واحد والأجير المشترك لا يضمن عند أبي حنيفة C إذا هلك المال في يده من غير صنعه وعندهما هو ضامن إذا هلك في يده فما يمكن التحرز عنه فكذلك الحكم في كل مضاربة فاسدة ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فللمضارب ربح نصف المال أو قال ربح عشر المال أو قال ربح مائة درهم من رأس المال فهذه مضاربة جائزة لأن في هذا المعنى اشتراط جزء شائع من الربح للمضارب إذ لا فرق بين أن يشترط له عشر الربح وبين أن يشترط له ربح عشر المال ولا أجر للمضارب إذ لا فرق بين أن يشترط له عشر الربح وبين أن يشترط له ربح عشر المال ولا أجر للمضارب في عمله هنا إن لم يحصل الربح لأن عند صحة المضاربة هو شريك في الربح فإذا لم يحصل الربح لم يستحق شيئا لانعدام محل حقه لو قال على أن ما زرق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ربح هذه المائة بعينها أو ربح هذا .
الصنف بعينه من المال فهي مضاربة فاسدة لأن هذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في الربح مع حصوله فمن الجائز أن لا يربح فيما يشتري بتلك المئة والأصل فيه ما روي عن النبي A أنه سئل عن المزارعة بما سقت السواني والماذيانات فأفسدها وكان المعنى فيه أن ذلك الشرط يؤدي إلى قطع الشركة بينهما في الخارج مع حصوله فيتعدى ذلك الحكم إلى هذا الموضع بهذا المعنى فإن عمل فله أجر مثله لأنه أوفى العمل بحكم عقد فاسد وإذا دفع إليه ألف درهم فقال : خذ هذه الألف مضاربة بالثلث أو قال بالخمس أو قال بالثلثين فأخذها وعمل بها فهي مضاربة جائزة وما شرطه من ذلك فهو للمضارب وما بقي لرب المال لأن المضارب هو الذي يستحق الربح بالشرط فأما رب المال فإنما يستحق الربح باعتبار أنه بما ملكه فمطلق الشرط ينصرف إلى جانب من يحتاج إليه وعرف الناس يشهد بذلك والثابت بالعرف من التعيين كالثابت بالنص فكأنه قال الثلثان من الربح لك حتى إذا قال إنما عنيت أن الثلثين لي لم يصدق لأنه يدعي خلاف ما هو الظاهر المتعارف والقول في المنازعات قول من يشهد له الظاهر وحرف الباء دليل عليه لأنه إنما يصحب الأعواض فهو دليل على أن بالثلثين لم يستحق الربح عوضا وهو المضارب وأنه في المعنى يستحق الربح عوضا عن عمله فلهذا كان المنصوص عليه للمضارب وكذلك لو قال : خذها معاوضة بالنصف أو معاملة بالنصف لأن العبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ .
( ألا ترى ) أنه لا فرق بين أن يقول : بعتك هذا الثوب بألف أو المكيل بألف ولو قال خذها على أن ما رزق الله تعالى فيها من شيء فهو بيننا ولم تزد على هذا فهو مضاربة جائزة بالنصف لأن كلمة بين تنصيص على الاشتراك ومطلق الاشتراك يقتضي المساواة ( ألا ترى ) أن في الوصية والإقرار إذا قال ثلث ما لي بين فلان وفلان أو هذا المال بين فلان وفلان كان مناصفة بينهما فكذلك قوله الربح بيننا منزل منزلة اشتراط المناصفة في الربح والدليل على أن مطلق كلمة بين تقتضي المساواة قوله تعالى : { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } والمراد التسوية بدليل قوله تعالى : { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } ولو قال خذها فاعمل بها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفين ولم يقبل مضاربة فهي مضاربة جائزة لأنه خرج بمعنى المضاربة وإن لم ينص على لفظ المضاربة وما هو المقصود يحصل بالتصريح بالمعنى وليس لهذا العقد حكم يدل لفظ المضاربة خاصة على ذلك الحكم بخلاف لفظ المفاوضة في شركة المفاوضة على ما قررنا في كتاب الشركة وكذلك لو قال : اعمل بهذه الألف على أن لك نصف ربحها أو جزأ من عشرة أجزاء من ربحها فهو جائز لأن المضارب هو الذي يستحق الربح بالشرط وقد نص على شرط نصيبه من الربح وكذلك لو قال : خذ هذه الألف فاعمل بها بالنصف أو قال بالثلث فهي مضاربة جائزة استحسانا وفي القياس لا يجوز لانعدام التنصيص على من شرط له الثلث ولكن في الاستحقاق قال : إنما يراد بهذا في العرف اشتراط ذلك للمضارب وحرف الباء دليل عليه فكأنه صرح بذلك وللقياس وجه آخر وهو أنه لما لم ينص على المضاربة فيحتمل أن يكون مراده إيجاب الثلث له من أصل الألف بمقابلة عمله ويحتمل أن يكون المراد إيجاب الثلث له من الربح ولكنه استحسن فقال في عرف الناس المراد بهذا اللفظ اشتراط الثلث له من الربح فهو وما لو أتى بلفظ المضاربة سواء ( ألا ترى ) إنه لو قال في وصيته : أوصيت لك بثلثي بعد موتي جاز استحسانا وكان وصية له بثلث المال لاعتبار العرف فهذا مثله ولو دفع الألف إليه على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو كله للمضارب فقبض المال على هذه فربح أو وضع أو هلك المال قبل أن يعمل به فهو قرض عليه وهو ضامن فإنه لا يستحق جميع الربح ما لم يكن مالكا للمال وللتمليك طريقان الهبة والإقراض فعند التردد لا يثبت إلا أدنى الوجهين لأنه متيقن به وأدنى الوجهين القرض فلهذا جعل مقرضا المال منه ولو كان قال : على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو كله لرب المال فهذه بضاعة مع المضارب وليس له فيها ربح ولا أجر ولا ضمان عليه في المال إن هلك لأنه ما ابتغى عن عملي عوضا فيكون هو في العمل معينا لصاحب المال والمعين في التجارة مستصنع فيكون المال في يده أمانة ورب المال لم يعنه في شيء حين شرط جميع الربح لنفسه وهذا الأصل الذي قلنا لأن العبرة للمقصود في كل عقد دون اللفظ ولو قال : خذ هذه الألف مضاربة أو مقارضة ولم يذكر ربحا فهي مضاربة فاسدة لأن المضارب شريك في الربح والتنصيص على لفظ المضاربة يكون استرداد الجزء من ربح المضارب وذلك الجزء غير معلوم وجهالته تفضي إلى المنازعة بينهما ومثله إذا كان في صلب العقد يكون مفسدا للعقد فيكون الربح كله لرب المال وللمضارب أجر مثله ربح أو لم يربح ولو قال : على أن لرب المال ثلث الربح ولم يسم للمضارب شيئا فهذه مضاربة فاسدة في القياس لأنهما لم يبينا ما هو المحتاج إليه وهو نصيب المضارب من الربح وإنما ذكرا مالا يحتاج إليه وهو نصيب رب المال ولا حاجة به إلى ذلك فرب المال لا يستحق بالشرط وليس من ضرورة اشتراط الثلث لرب المال اشتراط ما بقي للمضارب فإن ذلك مفهوم والمفهوم لا يكون حجة للاستحقاق ومن الجائز أن يكون مراده اشتراط بعض الربح لعامل آخر يعمل معه وهذا بخلاف ما إذا بين نصيب المضارب خاصة لأنه ذكر هنا ما يحتاج إلى ذكره وهو بيان نصيب من يستحق بالشرط ووجه الاستحسان أن عقد المضاربة عقد شركة في الربح والأصل في المال المشترك إنه إذا بين نصيب أحدهما كان ذلك بيانا في حق الآخر إن له ما بقي قال الله تعالى : { وورثه أبواه فلأمه الثلث } معناه وللأب ما بقي وهنا لما دفع إليه المال مضاربة فذلك تنصيص على الشركة بينهما في الربح فإذا قال على أن لي ثلث الربح بصير كأنه قال ولك ما بقي كما لو قال على أن لك ثلث الربح يصير كأنه قال ولي ما بقي ولو صرح بذلك لكان العقد صحيحا على ما اشترطا فهذه مثله وهذا عمل بالمنصوص لا بالمفهوم ولو قال : على أن للمضارب ثلث الربح أو سدسه كانت المضاربة فاسدة لأنه لم ينص في نصيب المضارب على شيء معلوم ولكن ردده بين الثلث والسدس وبهذا اللفظ تمكن فيما .
يستحقه المضارب جهالة تفضي إلى المنازعة وكذلك لو قال : على أن لي نصف الربح أو ثلثه لأن معنى هذا الكلام ولك ما بقي النصف أو الثلث فيفسد العقد لجهالة تفضي إلى المنازعة فيما شرط للمضارب ولو شرط للمضارب ثلث الربح ولرب المال نصف الربح فالثلث للمضارب كما شرط إليه والباقي كله لرب المال لأن استحقاق المضارب بالشرط وما شرط له إلا الثلث ورب المال يستحق ما بقي لكونه بما ملكه وهذا موجود في المسكوت عنه فيكون له ولو قال : خذ هذه الألف لتشتري بها هرويا بالنصف أو قال : لتشتري بها رقيقا بالنصف فهذا فاسد لأنه استأجره ببعض ما يحصل بعمله وهو نصف المشتري وذلك فاسد ثم هذا استئجار بأجرة مجهولة وإنما جعلناه استئجارا لأنه أمره بالشراء خاصة والربح لا يحصل بالشراء وإنما يحصل به وبالبيع وهو بالأمر بالشراء لا يملك البيع عرفنا أن هذا العقد ليس شركة بينهما في الربح فبقي استئجارا على الشراب بأجرة مجهولة وهذا فاسد يعني به الإجارة فأما الوكالة بالشراء فجائزة وما اشترى بها يكون لرب المال وللمضارب أجر مثله فيما اشترى لأنه ابتغى في عمله عوضا وليس له أن يبيع ما اشترى إلا بأمر رب المال فإن باع بغير أمره فحكمه حكم بيع الفضولي لا يجوز إلا بإجازة المالك فإن تلف ما باع ولم يقدر على المشتري منه فالمضارب ضامن لقيمته حين باع لأنه بالبيع والتسليم غاصب والثمن الذي باع به المضارب ملكه بالضمان فينفذ بيعه من جهته فإن كان فيه فضل على القيمة التي غرم فينبغي له أن يتصدق به إلا على قول أبي يوسف C وأصله في المودع إذا تصرف في الوديعة وربح وإذا أجاز رب المال بيع المضارب فإن كان المبيع قائما بعينه نفذ بيعه لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء وكذلك إن كان لا يدري إنه قائم أم هالك لأن التمسك بالأصل المعلوم واجب حتى يعلم غيره وقد علمنا قيامه فجاز البيع باعتبار الأصل والثمن لرب المال لا يتصدق منه بشيء كما لو كان أمره بالبيع في الابتداء وإن علم هلاكه عند الإجازة فإجارته باطلة لأن الملك يثبت للمشتري بالعقد عند الإجارة فلا بد من قيام المعقود عليه على وجه يقبل ابتداء العقد حتى ينفذ العقد فيه بالإجارة فإذا بطلت الإجارة كان المضارب ضامنا للقيمة يوم باعه والثمن له يتصدق بالفضل إذا كان فيه ولو قال : خذ هذه الألف فابتع بها متاعا فما كان من فضل فلك النصف ولم يزد على هذه فهو فاسد في القياس أيضا لأن الابتتاع عبارة عن الشراء فهذا وقوله اشتريها بالنصف سواء وفي الاستحسان هذه مضاربة جائزة لأن لفظ الابتياع عام يقع على البيع والشراء جميعا وبقوله فما كان من فضل تبين أن مراده البيع والشراء جميعا لأن الفضل لا يحصل إلا بهما فيكون له أن يشتري ما بدا له ويبيعه وإنما شرط له نصف الربح فكانت مضاربة جائزة وكذلك لو قال : خذها بالنصف فهو جائز استحسانا وفي القياس هذه أفسد من قوله : اشتر بها هرويا بالنصف والفرق بينهما على وجه الاستحسان إن هنا لم ينص على شيء من العمل وإنما ذكر حرفا يدل على المعاوضة وهو حرف الباء وهو تنصيص على العوض له وإنما يستحق العوض باعتبار عمله وعمله الذي يستحق باعتباره عوضا مسمى هو البيع والشراء جميعا فكأنه نص عليهما وبهذه تبين أن مراده اشتراط نصف الربح له فأما هناك فنص على العمل الذي أوجب له العوض بمقابلته وهو الشراء فيكون استئجارا بأجرة مجهولة وكذلك لو قال : خذها على النصف لأن حرف على وحرف الباء مستعملان في مثل هذا المحل استعمالا واحدا ويكون دليلا على المعاوضة وكذلك لو قال : اعمل بهذه على النصف لأنه نص على العمل هنا وإنما ينصرف للعمل الذي يحصل به الربح وذلك الشراء والبيع جميعا ولو دفع إليه مضاربة على أن يعطي المضارب رب المال ما شاء من الربح أو على أن يعطي رب المال المضارب ما شاء من الربح أو على أن يعطى رب المال المضارب ما شاء من الربح فهذه مضاربة فاسدة لجهالة حصة المضارب من الربح في الفصلين فإن المشيئة المشروطة لأحدهما لا تكون لازمة في حق الآخر وله أن يرجع عن ذلك متى شاء وعند رجوعه تتمكن منهما المنازعة باعتبار جهالة نصيب المضارب وكذلك لو اشترط لأحدهما بعينه ما شاء من الربح وللآخر ما بقي فهذه مضاربة فاسدة لجهالة نصيب المضارب سواء كان صاحب الشرط أو صاحب ما بقي ولو اشترطا لرب المال من الربح مائة درهم والباقي للمضارب فهذه مضاربة فاسدة لأن هذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في الربح مع حصوله فربما لا يحصل إلا قدر المائة وكذلك لو اشترطا للمضارب نصف الربح إلا عشرة .
دراهم أو نصف الربح وزيادة عشرة دراهم فهذه فاسدة لأن هذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة ولأن هذه مخاطرة لا مضاربة فربما يكون الحاصل من الربح دون العشرة فيتعذر مراعاة الشرط عليهما مع حصول الربح ولو دفعها إليه مضاربة على مثل ما شرط فلان لفلان من الربح فإن كانا قد علما جميعا ما شرطه فلان لفلان فهو مضاربة لأنهما جعلا المشروط لفلان عيارا فإذا كان ذلك معلوما عندهما ضاربا به وإن لم يكن معلوما لهما أو لم يعلمه أحدهما فهي مضاربة فاسدة لأن حصة المضارب من الربح لا بد أن تكون معلومة لهما وبما ذكرا في العقد لم يصر ذلك معلوما لهما ففسد العقد لجهالة نصيب المضارب عندهما أو عند أحدهما وقت العقد وإذا دفع الرجل إلى رجل دراهم مضاربة ولا يدري واحد منهما ما وزنها فهي مضاربة جائزة لأن الإعلام بالإشارة إليه أبلغ من الإعلام بالتسمية ورأس المال أمانة في يد المضارب كالوديعة والدراهم تتعين في الأمانة وعند الشراء بها يعلم مقدارها بالوزن ويقبل قول المضارب فيه لكونه أمينا فجهالة المقدار عند العقد لا تفضي إلى المنازعة فإن اختلفا في مقدار رأس المال عند قسمة الربح فالقول قول المضارب مع يمينه لأنه هو القابض والقول في مقدار المقبوض قول القابض ذلك من شيء فللمضارب ثلثه ولرب المال ثلثه ولعبد المضارب ثلثه فهو جائز وثلثا الربح للمضارب لأن المشروط للعبد الذي دين عليه كالمشروط لمولاه فإن كسب العبد مملوك لمولاه فكان هذا بمنزلة اشتراط المضارب ثلثي الربح لنفسه فكذلك لو لم يشترط للعبد المضارب ولكنه شرط لعبد رب المال فقلنا : الربح لرب المال لأن المشروط لعبده كالمشروط له أو يجعل هذا في حقه كالمسكوت عنه ولو كان اشترط الثلث لعبد المضارب وعليه دين يحيط بكسبه فالثلثان من الربح لرب المال في قول أبي حنيفة C لأن من أصله أن استغراق كسب العبد بالدين يمنع ملك المولي في كسبه ويكون المولي من كسبه كأجنبي آخر فالمشروط للعبد في هذه الحالة كالمشروط لأجنبي آخر ولو شرط ثلث الربح لأجنبي كان ذلك لرب المال لأن الربح لا يستحق إلا بعمل أو مال وليس للمشروط له عمل ولا مال في هذا العقد فيلغو ما شرط له ويجعل ذلك كالمسكوت عنه فيكون لرب المال ولا تفسد المضاربة بين المضارب ورب المال وهذا لأن الشرط الفاسد ليس من صلب العقد وإنما صلب العقد بيان حصة المضارب من الربح بالشرط ولا فساد في ذلك وعقد المضاربة نظير عقد الشركة لا يفسد بالشرط الفاسد إذا لم يكن متمكنا في صلب العقد بخلاف ما إذا شرط للمضارب مائة درهم فالشرط الفاسد هناك فيما هو من صلب العقد ولكن ما نحن فيه نظير ما لو شرط أن تكون الوضيعة عليهما فإن هذا الشرط فاسد والوضيعة على المال ولا يفسد العقد لأنه ليس من صلب العقد وأما عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فثلثا الربح للمضارب لأن عندهما الولي يملك كسب عبده وإن كان مستغرقا بالدين فالمشروط لعبد المضارب كالمشروط للمضارب عندهما ولو كان اشترط ثلث الربح لامرأة المضارب أو لابنه أو لمكاتبه كان ذلك الشرط باطلا ولا يفسد به العقد لأنه ليس من صلب العقد والمضاربة جائزة وثلثا الربح المال لأنه ليس للمرأة والابن في هذا العقد مال ولا عمل فلا يستحق شيئا من الربح ولكن ما شرط له كالمسكوت عنه فيكون لرب المال وكذلك لو كان اشترط الثلث لامرأة رب المال أو ولده أو لأجنبي آخر ولو كان الثلث للمساكين أو للحج أو في الرقاب فهو كذلك لأن ما سمي له ثلث الربح ليس من جانبه رأس مال ولا عمل فالشرط له يلغو واشتراطه للمساكين تصدق بما لم يملكه بعد فكان باطلا ويجعل ذلك كالمسكوت عنه فيكون لرب المال لأنه لو فسد جميع المضاربة كان جميع لرب المال فكذلك إذا فسد بعض الشرط كان ذلك لرب المال وهذا لأن المضارب إنما يملك بالشرط أمينا كان أو ضمينا والبينة بينة رب المال لإثباته الزيادة ببينة وإذا كان لرجل عند رجل ألف درهم وديعة فأمره أن يعمل بها مضاربة بالنصف فهو جائز لأنه أضاف العقد إلى رأس مال هو عين وهو شرط صحة المضاربة ولا فرق في ذلك بين أن يكون في يد رب المال أو في يد المضارب لأنه لا بد من تسليمه إلى المضارب عقيب العقد ولم يذكر ما لو كانت الدراهم مغصوبة في يد ذي اليد فقال : اعمل بها مضاربة بالنصف وفي اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله قال عند أبي يوسف C هذا والوديعة سواء لأنه أضاف العقد إلى رأس مال عين وذلك منه رضاء بقبض المضارب وإسقاطه لحقه في الضمان فيلحق بالأمانة وعلى قول زفر C هذا لا يجوز لأن شرط صحة المضاربة أن .
يكون رأس المال أمانة في يد المضارب وهذا الشرط لا يحصل بنفس العقد لأن الغاصب لا يصلح قابضا من نفسه للمغصوب منه حتى ينسخ به حكم الغصب ولهذا لو وكل الغاصب ببيع المغصوب لا يبرأ عن الضمان حتى يبيعه ويسلمه فإذا لم يوجد الشرط هنا لا تصح المضاربة ولو كان لرجل على رجل ألف درهم دين فأمره أن يعمل بها مضاربة ويشتري بها ما بدا له من المتاع ثم يبيعه بالنصف فهذا فاسد لأن شرط صحة المضاربة كون رأس المال عينا ولم يوجد ذلك عند العقد ولا بعده فالمديون لا يكون قابضا للدين من نفسه لصاحبه وصاحب الدين لا يمكن أن يبرئه عن الضمان مع بقائه بدون القبض فإذا لم تصلح المضاربة فما اشتراه المديون فهو له لا شيء لرب المال منه في قول أبي حنيفة C ودين عليه بحاله وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ما اشترى فهو لرب المال والمضارب برئ من دينه وله على رب المال أجر مثله فيما عمل وهو بناء على مسألة كتاب البيوع إذا قال لمديونه اشتر بمالي عليك ثوبا هرويا وقد بينا هاثمة ثم عندهما المضاربة فاسدة فلهذا كان الربح كله لرب المال وللمضارب أجر مثله ولو قال رب المال لرجل آخر اقبض ما لي على فلان ثم اعمل به مضاربة بالنصف فهو جائز لأنه وكيل رب المال في قبض الدين منه فإذا قبضه كان المقبوض بمنزلة الوديعة في يده فتنعقد المضاربة بينهما برأس مال هو عين في يده وذكر في النوادر أن هذا يكره لأنه شرط لنفسه منفعة قبل عقد المضاربة ليس ذلك مما حصل به الربح وهو تقاضي الدين وقبضه فالكراهة لهذا والله أعلم