( قال - C - ) ( وإذا أقر المكاتب بدين عليه لحر أو لعبد من ثمن بيع أو قرض أو غصب فهذا لازم له ) لأن الإقرار من التجارة وعقد الكتابة يوجب انفكاك الحجر عنه مما هو من التجارة فإن عجز لم يبطل ذلك عنه لأن الثابت بإقراره كالثابت بالبينة عليه .
( ألا ترى ) أن العبد لو أقر بالدين ثم حجر عليه مولاه لم يبطل إقراره فالمكاتب أولى بذلك ولو أقر المكاتب لمولاه بدين جاز عليه لأنه بعقد الكتابة صار أحق بمكاسبه وصار المولى منه كالأجنبي وإقرار المكاتب بالحدود جائز كإقرار العبد بها وإن أقر بمهر من نكاح لم يلزم لأن النكاح ليس من التجارة ولا هو سبب اكتساب المال في حق الزوج إلا أن على قول أبي يوسف - C - إذا أقر بالدخول فإنه يلزمه وهو بمنزلة إقرار العبد التاجر به وقد بينا مذهب أبي يوسف - C - في ذلك .
وكذلك لو أقر أنه افتض إمرأة بإصبعه حرة أو أمة أو صبية فهذا يلزمه في قول أبي يوسف - C - لأن العبد التاجر لو أقر به كان مؤاخذا به في الحال عنده فكذلك المكاتب .
وفي قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - هذا بمنزلة الإقرار بالجناية وإقرار المكاتب بالجناية صحيح في حال قيام الكتابة لأن الإرش يجب فيه وكسبه حقه فإن عجز قبل أن يؤدي بطل في قول أبي حنيفة - C - وجاز في قول محمد - C - وإنما أراد بهذا إذا عجز بعد ما قضى القاضي عليه بالجناية قلنا إذا عجز قبل قضاء القاضي يبطل إقراره هكذا قال مشايخنا - رحمهم الله - وهو الذي اعتمده الحاكم - C - وجعل هذا بمنزلة إقراره بقتل رجل خطأ ولكن الأصح عنه أن هنا الجواب مطلق كما قال في الكتاب لأن جناية الخطأ تتعلق بنفسه وإنما يتحول إلى كسبه بالقضاء حتى لو عجز قبل القضاء لدفع به فأما جناية الإفتضاض بالإصبع فلا تتعلق بنفسه لأنه لا يدفع به بحال وإنما يتعلق بكسبه إبتداء فإن عجز قبل القضاء أو بعد القضاء كان مطالبا عند محمد - C .
وعلى قول محمد - C - لما كان سببه إقراره لم يطالب به بعد العجز بمنزلة إقراره بالجناية إذا اتصل به قضاء القاضي وإذا فضي عليه بأرش جناية الخطأ بعد ما أقر به فأدى بعضه ثم عجز بطل فيه ما بقي عند أبي حنيفة - C - لأنه لو طولب به إنما يطالب بإقراره وإقراره بالجناية ليس بحجة فيما هو حق المولى .
وعلى قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - وهو لازم له لأنه صار دينا بقضاء القاضي فالتحق بسائر الديون بخلاف ما إذا عجز قبل أن يقضي به عليه لأنه لم يصر دينا بعد فيجعل كأنه أقر به بعد العجز وهكذا كله عندنا خلافا لزفر - C .
وفي مسألة كتاب الديات ولو أقر أن العبد تاجر أو محجور عليه بدين أو عين وأراد مولاه أخذ من المقر في حال غيبة العبد لم يكن له ذلك لأن للعبد يدا في مكاسبه محجورا كان أو مأذونا حتى لا يتم كسبه لمولاه إلا بشرط الفراغ من دينه فأخذ المولى لذلك يتضمن القضاء على الغائب ببطلان حقه عنه وذلك لا يجوز عند غيبته .
ولو أقر الحر لعبده بوديعة فأقر العبد أنها لغيره فإن كان مأذونا جاز إقراره وإن كان محجورا عليه فإقراره بها لغيره باطل لأن الوديعة في يد المودع ولو كان في يد العبد مال فأقر به لغيره صح إن كان مأذونا ولم يصح إن كان محجورا عليه فكذلك هنا .
ولو أقر الحر لعبد بين رجلين بدين وقد أذن له أحدهما في التجارة دون الآخر جاز إقراره لأن حكم صحة الإقرار لا يختلف بكون المقر له مأذونا أو محجورا عليه فجاز وإن كان المقر به من كسب العبد فيكون بين الموليين نصفين لأن الكسب يملك بملك الرقبة ولا يختص الإذن بشيء من كسب العبد وإنما اختصاص الإذن يعلق دين العبد بنصيبه من الرقبة لأن الإذن لا يحتاج إليه لتعلق الدين بمالية الرقبة لا بصحة الإكتساب من العبد غير أنه إذا كان على العبد دين فلا يسلم من كسب العبد شيء للذي لم يأذنه ما لم يقض العبد دينه لما بينا أن سلامة الكسب للمولى متعلقة بفراغه عن حاجة العبد .
( ألا ترى ) أن المحجور عليه إذا وجب عليه دين بالاستهلاك فاكتسب كسبا كان ذلك الكسب مصروفا إلى دينه ولو أقر هذا العبد بدين لزمه في حصة الذي أذن له لأن إقرار المحجور عليه غير صحيح في حق مولاه ونصيب الذي لم يأذن له محجور عليه فاجعل نصيب كل واحد منهما في حكم الإقرار بمنزلة عبد على حدة وما في يده من كسب يقضي به دينه ويكون الباقي بين الموليين نصفين إلا أن يعلم أنه من غير التجارة مثل أن يكون من هبة أو صدقة أو نحو ذلك فيكون نصفه للذي لم يأذن له قبل قضاء الدين لأن إقراره لم يكن صحيحا في نصيب الذي لم يأذن له من الرقبة فكذلك في الكسب الذي لا يعتمد في حصوله على الإذن كالموهوب ونحوه بخلاف ما اكتسبه بطريق التجارة فإن سبب حصول ذلك الكسب تجارة والإقرار من التجارة والدين الواجب بسبب هو تجارة يظهر في الكسب الحاصل بطريق التجارة وإذا ظهر فيه لا يسلم شيء منه للذي لم يأذن له الإ بعد الفراغ من دينه كما لو كان الدين عليه بسبب معاين والله أعلم