( قال - C - ) ( ولو أن رجلا أقر بقتل رجل خطأ وقامت البينة به على آخر وادعى الولي ذلك كله كان له على المقر نصف الدية ولا شيء له على الآخر ) لأن المقر قد أقر له بدية كاملة حين زعم أنه تفرد بالقتل وقد صدقه في النصف حين زعما أنهما اشتركا في القتل وتصديقه في بعض ما أقر به صحيح فإن الشهود شهدوا له على الآخر بدية كاملة وهو قد ادعى عليه نصف الدية والشهادة بالأكثر مما ادعاه المدعي لا تكون مقبولة لمعنى وهو أنه صار مكذبا لشهوده في بعض ما شهدوا له وتكذيب المدعي شهوده يبطل شهادتهم وصار مكذبا للمقر أيضا في بعض ما أقر به ولكن تكذيب المقر له في البعض لا يمنعه من التصديق في البعض لو ادعى الولي ذلك كله على المقر كان عليه الدية في ماله لأنه قد صدقه في جميع ما أقر به ولكن ما ثبت بالإقرار لا تعقله العاقلة للحديث وهو قوله - A - ( لا نعقل صلحا ولا عمدا ولا عبدا ولا اعترافا ) وهذا لأن قول المقر حجة على نفسه خاصة دون عاقلته ولو ادعى ذلك كله على الذي قامت عليه البينة كانت الدية على عاقلته لأنه صار مكذبا للمقر فبطل إقراره وبقيت دعواه على الذي شهد له الشهود وقد ثبت عليه قتل الخطأ بالبينة فتكون الدية على عاقلته .
ولو أقر رجل أنه قتل فلانا عمدا وحده وأقر آخر بمثل ذلك وقال الولي قتلتماه جميعا كان له أن يقتلهما لأن كل واحد منهما صار مقرا له على نفسه بالقصاص وقد صدقه في ذلك ثم قد بينا أن الأسباب مطلوبة لأحكامها فبعد ما وجد التصادق في الحكم لا يعتبر التفاوت بين الإقرار والتصديق في السبب .
( ولو قال لأحدهما أنت قتلته كان له أن يقتله ) لأنه كذب الآخر في إقراره فبطل ذلك الإقرار ويبقى الإقرار الثاني وقد صدقه فيه ولو قال صدقتما فيه ولا يتصور تكرار القتل بهذه الصفة من شخصين على واحد فكان في تصديق الأكثر منهما أنه قتله وحده تكذيب الأصغر وكذلك في تصديقه الأصغر أنه قتله وحده تكذيب الأكبر فلهذا لا يقبل واحد منهما .
ولو أقر أحدهما أنه قتله عمدا وقامت البينة بمثل ذلك على آخر فادعى الولي أحدهما كان له أن يقتل المقر لأنه صدقه فيما أقر له به من القصاص ولا شيء له على الآخر لأنه ادعى عليه قتلا مشتركا والشهود شهدوا عليه بقتل انفرد هو به فكانت الشهادة أزيد من الدعوى ولأن التفاوت بين الدعوى والشهادة في السبب يمنع قبول الشهادة كما لو ادعى ألفا غصبا وشهد له بألف قرض بخلاف الإقرار والله أعلم بالصواب