( قال ) - C تعالى - ( وإذا أقر أن لفلان عليه دراهم ولم يسمها لزمه ثلاثة دراهم ) لأن إقراره حصل بصيغة الجمع وأدنى الجمع المتيقن دراهم ثلاثة والشافعي - C - قال أنه يلزمه درهمان بناء على أصله أن أدنى الجمع المثنى لأن في المثنى معنى الأجتماع ولكنا نقول لكلام العرب مبان ثلاثة الفرد ذو التثنية والجمع فذلك دليل على أن الجمع غير التثنية ومن حيث المعقول في المثنى يتعارض الإقرار من الجانبين فلا يترجح فيه أحد الجانبين وفي الثلاثة إنما يعارض فرض المثنى فيغلب فيه معنى الجمع على معنى المفرد ولم يرد في الكتاب على هذا وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف - رحمهما الله - إذا قال له علي دراهم مضاعفة لزمه ستة لأن أدنى الجمع ثلاثة وأدنى التضعيف مرة .
( ولو قال له علي دراهم إضعافا مضاعفة يلزمه ثمانية عشر درهما ) لأن إضعاف لفظه الجمع فيصير تسعة فبالمضاعفة مرة يصير ثمانية عشر .
وكذلك لو قال مضاعفة إضعافا لأن بالمضاعفة يصير ستة والإضعاف جمع .
وكذلك لو أقر فقال له علي عشرة دراهم وإضعافها مضاعفة يلزمه ثمانون درهما لأن قوله وإضعافها ثلاثون وهي غير العشرة بحرف العطف فصارت أربعين وبالمضاعفة تصير ثمانين .
( وإن قال له علي دراهم كثيرة لزمه عشرة في قول أبي حنيفة - C - ) لأن أكثر ما يتناول هذا اللفظ مقرونا بالعد عشرة فقال عشرة دراهم ثم قال بعده أحد عشر درهما وعندهما يلزمه مائتا درهم لأن الكثير من الدراهم ما يحصل به الغنى لصاحبه وهو النصاب الذي تجب فيه الزكاة وأبو حنيفة - C - يبني الجواب على اللفظ وهما على المعنى المقصود باللفظ .
وكذلك لو قال له علي دناينر كثيرة فعليه عشرة دنانير عند أبي حنيفة - C - وعندهما عشرون دينارا باعتبار نصاب الزكاة .
( ولو قال له علي كذا كذا درهما يلزمه أحد عشر درهما ) لأنه ذكر عددين مبهمين مركبين غير معطوفين وأدنى العددين المفسرين بهذه الصفة أحد عشر ولو قال كذا وكذا درهما يلزمه أحد وعشرون درهما لأنه ذكر عددين مبهمين أحدهما معطوف على الآخر وأدنى ذلك في المفسرين أحد وعشرون فكذلك المبهم يعبر به وعلى هذا الدنانير والكيل والوزن حتى إذا قال كذا وكذا محتوما من حنطة كان عليه أحد عشر محتوما .
ولو قال له علي كذا كذا درهما وكذا كذا دينارا لزمه من كل واحد منهما أحد عشر اعتبارا لحالة الجمع بحالة الإقرار بخلاف ما لو قال كذا كذا دينارا أو درهما يلزمه أحد عشر منهما بمنزلة ما لو فسره في الفصلين جميعا ولو قال أحد عشر دينارا أو درهما يلزمه من كل منهما النصف بخلاف ما إذا قال أحد عشر دينارا أو درهما فكذلك عند إبهام العددين .
( ولو قال له علي مال عظيم من الدراهم فعليه ما تجب فيه الزكاة في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - وهو مائتا درهم ) على قياس مذهبهما عند الوصف بالكثرة ولم يذكر قول أبي حنيفة - C - هنا .
وقيل : مذهبه في هذا الفصل كمذهبهما لأنه في الفصل الأول بنى على لفظ الدراهم وذلك غير موجود هنا والأصح أن قوله بني على حال المقر في الفقر والغنى فإن القليل عند الفقير عظيم وإضعاف ذلك عند الغني ليس بعظيم وكما أن المائتين مال عظيم في حكم الزكاة فالعشرة مال عظيم في قطع السرقة وتقدير المهر بها فيتعارض فيرجع إلى حال الرجل وعلى حاله يبنى فيما بينه .
وعلى قول الشافعي - C - البيان إلى المقر في ذلك فأي مقدار بين يؤخذ به لأن الإبهام حصل من جهته وهذا بعيد فإنه لو قال علي مال ثم بينه بشيء يقبل ذلك منه ولا يجوز الغاء قوله عظيم ولو قبلنا بيانه في القليل والكثير كناقد ألغينا تنصيصه على وصف العظيم وذلك لا يجوز .
( ولو قال علي مال فالقول في بيان مقداره قوله ) قال ( والدرهم مال ) وهذا إشارة إلى أن فيما دون الدرهم لا يقبل بيانه لأن ما دون الدرهم من الكسور لا يطلق اسم المال عليه عادة قال الحسن لعن الله الدانق ومن دنق الدانق .
( ولو قال له علي حنطة فالقول في ذلك ما قال ربع حنطة فما فوقه ) فإن الربع أدنى المقادير في الحنطة كالدرهم في الفصل الأول .
( ولو قال له علي عشرة دراهم ونيف قالقول في النيف ما قال درهم أو أقل منه أو أكثر ) لأن النيف عبارة عن زيادة يقال جبل منيف إذا كان مشرفا على الجبال ومنه سمي الأنف لزيادة خلقته في الوجه فكأنه قال عشرة وزيادة واسم الزيادة يتناول الدانق وما زاد فإذا كان بيانه مطابقا للفظه كان مقبولا منه وإن قال له علي بضعة وخمسون درهما فالبضعة ثلاثة دراهم فصاعدا ليس له أن ينقصه عن ثلاثةلأن البضع من ثلاثة إلى سبعة إلى سبعة على ما روي أنه لما نزل قوله تعالى { سيغلبون في بضع سنين } ( الروم : 3 ، 4 ) خاطر أبو بكر - Bه - قريشا على أن الروم تغلب فارس في ثلاث سنين وأخبر بذلك رسول الله - A - فقال - صلوات الله عليه - ( كم تعدون البضع فيكم قال من ثلاث إلى سبع فقال - A - زد في الخطر وأبعد في الأجل ) فهذا دليل على أن البضع ثلاثة .
( ولو قال له علي حق أوله قبلي شيء فالقول في بيان مقداره وجنسه قوله ) لأن ما صرح به في إقراره ينطلق على ما قل وكثر من المال ولو قال له علي عشرة دراهم ودانق فالدانق فضة لأنه عبارة عن سدس الدرهم والمعطوف من جنس المعطوف عليه . وكذلك لو قال له علي عشرة دراهم وقيراط فالقيراط من الفضة لأن المعطوف من جنس المعطوف عليه وقد بينا فيما سبق أن الدرهم أربعة عشر قيراطا .
( ولو قال له علي مائة ودرهم فعليه مائة درهم ودرهم عندنا ) وقال الشافعي - C - درهم واحد والقول في بيان المائة قوله .
وكذلك لو قال مائة ودينار أو مائة وقفيز حنطة فذكر شيئا من الكيل أو الوزن فهو كله على هذا الخلاف .
وإن قال مائة وعبد يلزمه العبد والقول في بيان المائة قوله .
وكذلك إن قال مائة وثوب في ظاهر الرواية وروى ابن سماعة عن أبي يوسف - رحمهما الله - في قوله مائة وثوب أن الكل من الثياب وكذلك في قوله مائة وشاة .
أما الشافعي - C - فقال أنه أبهم الإقرار بالمائة وقوله ودرهم ليس بتفسير له لأنه عطف عليه بحرف الواو والعطف لم يوضع للتفسير لغة فيلزمه ما أقر به مفسرا في الفصول كلها ويكون القول فيما أبهم قوله .
وكذلك له علي مائة ودرهمان بخلاف ما لو قال مائة وثلاثة دراهم لأنه عطف أحد العددين المبهمين على الآخر ثم فسره بالدراهم فينصرف التفسير إليهما جميعا لحاجة كل واحد منهما إلى التفسير .
وحجتنا في ذلك : قوله ( ودرهم ) بيان للمائة عادة ودلالة .
أما من حيث العادة فلأن الناس يحترزون عن تطويل العبارات فيأتون به للتنصيص على الدراهم عند ذكر كل عدد ويكتفون بذكره مرة وهذا شيء لا يمكن إنكاره .
( ألا ترى ) إنهم يقولون أحد وعشرون درهما فيكتفون بذكر الدرهم مرة ويجعلون ذلك تفسيرا للكل .
وأما من حيث الدلالة : فلأن المعطوف مع المعطوف عليه بمنزلة المضاف مع المضاف إليه إذ كل واحد منهما للتعريف ثم المضاف يجعل تعريفا للمضاف إليه إذا كان صالحا له فكذلك المعطوف يجعل تعريفا للمعطوف عليه إذا كان صالحا له والصلاحية موجودة في المكيلات والموزونات لأنها ثبت في الذمة مع جميع المعاملات حالا ومؤجلا ويجوز الأستقراض فيها ولعموم البلوى جعلنا العطف فيها تفسيرا بخلاف قوله وثوب وشاة لأن الثوب لا يثبت في الذمة دينا إلا مبيعا مسلما فيه والشاة لا يثبت دينا في الذمة أصلا يعني به ثبوتا لازما فلم يصلح قوله وثوب أن يكون تفسيرا للمائة لأن قوله على مائة عبارة عما يثبت في الذمة مطلقا ثبوتا صحيحا فلهذا كان البيان إليه وجه رواية أبي يوسف - C - أن الثياب والغنم تقسم قسمة واحدة بخلاف العبيد فإنها لا تقسم قسمة واحدة يتحقق في أعدادها المجالسة فيمكن أن يجعل المفسر منه تفسيرا للمبهم ومالا يقسم قسمة واحدة لا يتحقق في أعداده المجالسة يمكن أن يجعل المفسر تفسيرا للمبهم .
( ولو قال له علي مائة ومائة أثواب فالكل من الثياب بالإتفاق لما بينا ) أنه عطف العدد المبهم على عدد مبهم ثم فسر بما يصلح أن يكون تفسيرا للكل فيكون الكل من الثياب والقول في بيان جنسها قول المقر .
( ولو قال له علي مائتا مثقال فضة وذهبا فعليه من كل واحد منهما النصف ) لأنه أضاف العدد المذكور إلى الجنسين والمساواة في الإضافة تقتضي التوزع على سبيل التساوي إلا أن الواجب هنا من كل جنس مثقال بخلاف ما لو قال له علي مائتا درهم ودينار فهناك يلزمه مائة دينار تاما قيل ومائة درهم وزن سبعة لأنه نص على المثاقيل هنا فقال مائتا مثقال ثم فسر بالذهب والفضة فيكون من كل واحد منهما مائة مثقال وهناك أطلق اسم الدراهم والدنانير والدراهم عبارة عن وزن سبعة ثم القول قوله في الجودة والرداءة لأنه ليس في لفظه ما يعين أحد الوصفين وعلى هذا جميع ما يقر به من المكيلات والموزونات بأي سبب أقر به ولو قال له على كر من حنطة وشعير وسمسم فعليه من كل أحد الثلث لأن الكر عبارة عن أربعين قفيزا وقد فسره بالأجناس والثلاثة فيكون من كل جنس الثلث .
( ولو قال له على قفيز من حنطة وشعير الإربعا فإن الاستثناء جائز ) لأنه بعض ما يتناول كلامه وعليه ثلاثة أرباع قفيز من كل واحد النصف إعتبارا لإقراره ببعض القفيز بإقراره بالكل .
وكذلك لو قال له قبلي مثاقيل من مسك وزعفران وكذلك لو قال لفلان وفلان علي قفيز من حنطة وشعير فعليه لهما من كل واحد منهما نصف قفيز للتسوية بينهما في الإقرار والتسوية بين الجنسين في التفسير وإن قال استودعني ثلاثة أثواب زطي ويهودي كان القول قوله فإن شاء قال يهودي وزطيان فيقبل قوله مع يمينه لأن الثوب الواحد لا يتبعض فتعين أحد الثلاثة يهوديا والآخر زطيا بقي الثالث مترددا بين وصفين فإن بينه باليهودي فقد التزم الزيادة وإن بينه بالزطي فالقول قوله مع يمينه بمنزلة ما لو قال له علي ثوب زطي أو يهودي .
( ولو أقر أن الدين الذي له على فلان لفلان وكان المقر له على فلان مائة درهم في صك وعشرة دنانير في صك فقال المقر عنيت أحدهما وإدعاهما المقر له فهما جميعا للمقر له ) وأما صحة الإقرار بالدين فلأنه إخبار من الغائب عن واجب سابق وذلك يتحقق في الديون كما يتحقق في الأعيان بخلاف لتمليك إبتداء وتصحيح الإقرار ليس على وجه تصحيح التمليك فإن الإقرار بالخمر صحيح وتمليكها إبتداء لا يصح من المسلم ثم أدخل الألف واللام في قوله الدين الذي على فلان وذلك للجنس عند عدم المعهود فيتناول جنس ماله على فلان نصا فقوله بعد ذلك عينت أحدهما يكون رجوعا .
( ولو غاب المقر لم يكن للمقر له أن يتقاضى المال من الغريم وإن صدقة الغريم ) لأنه أقر له بذلك ولا يجبر على الدفع إليه لأنه أقر له بالملك لا بحق القبض وليس من ضرورة كون الدين ملكا للمقر له أن يكون حق القبض إليه فإن للوكيل بالبيع حق قبض الثمن وهو ملك للموكل ولهذا قال لو دفعه الغريم إليه برئ كما لو دفع المشتري الثمن إلى الموكل وفي الأصل علل في المسألة فقال لأن في هذا قضاء على الغائب وفي هذا التعليل نظر فإن القضاء على الغائب بالإقرار جائز ولكن مرده أن يقال أن في هذا إبطال حق القبض من غير حجة وكذلك لو أقر بنصف الدين الذي له على فلان لغيره جاز والمقر هو الذي يتقاضى فيعطي المقر له نصف الدين الذي له على فلان لغيره جاز والمقر هو الذي يتقاضى فيعطي المقر له نصف ما يستوفي لما بينا في الفصل الأول .
فإن ادعى المقر له الضمان على المقر وقال أديته بغير أمري فإن قال المقر له للمقر ذلك فالقول للمقر ولا ضمان عليه لأنه ليس من ضرورة صيرورة المال دينا عليه مباشرة لأدائه فلعله صار دينا عليه باستهلاك منه أو بأدائهما جميعا فالمقر له يدعي عليه بسبب الضمان وهو منكر فإن قال أديته بأمرك كان ضامنا لنصيبه بعد أن يحلف المقر له ما أذن له في ذلك لأنه أقر بالسبب الموجب للضمان عليه وادعى المسقط وهو الإذن .
( ولو كان لرجل على رجل كر شعير وكر تمر وكر حنطة فأقر أن نصف طعامه الذي على فلان لفلان فله نصف الحنطة خاصة ) لأن ذكر الطعام مطلقا يتناول الحنطة ودقيقها ولهذا لو حلف لا يشتري طعاما أو وكل وكيلا بشراء الطعام ينصرف إلى شراء الحنطة ودقيقها خاصة لأن ذكر الطعام مطلقا يتناول الحنطة ودقيقها فإن بائعها يسمى بائع الطعام وسوق الطعام الموضع الذي يباع فيه الحنطة ودقيقها ولهذا لو حلف لا يشتري طعاما أو وكل وكيل بشراء الطعام ينصرف إلى شراء الحنطة ودقيقها خاصة والإقرار من جنس التجارة فمطلق لفظ الطعام فيه يتناول الحنطة دون الشعير .
( ولو قال له عندي ألف درهم قرض ووديعة فهو ضامن لنصفها قرضا والنصف الآخر وديعة ) لأن قوله قرض ووديعة تفسير للألف فيتنصف بينهما إذ هما لا يجتمعان في محل واحد وكذلك لو قال مضاربة وقرض فإن وصل الكلام فقال مائة منها قرض وتسعمائة مضاربة فالقول قوله لأن ظاهر كلامه أنه ينزل على النصف من كل واحد منهما مع احتمال التفاوت وكان هذا بيانا معتبرا لظاهر لفظه بما هو محتمل ومثل هذا البيان يصح موصولا لا مفصولا وكذلك لو قال له قبلي كر من حنطة وشعير الحنطة محتوم والشعير تسعة وثلاثون محتوما قبل بيانه موصولا لما قلنا .
( ولو قال له عندي ألف درهم هبة أو وديعة فإنها وديعة ولا يكون هبة ) لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض وهو لم يقبضها وكانت وديعة ولو قال غصبتك شياها كثيرة فهو على أربعين شاة لما قلنا أن التنصيص على ما يستفاد به الغنى من هذا الجنس وأدناه أربعون شاة ولو قال غضبتك إبلا كثيرة فهو خمسة وعشرون لأن الكثير ما يحتمل الوجوب من جنسه فإما الخمسة وإن كانت نصاب الزكاة ولكنها قليلة من هذا الجنس ولقلتها لا تحتمل الوجوب من جنسها والكثير من هذا الجنس ما يحتمل الوجوب من جنسه وأدنى ذلك خمسة وعشرون .
وإذا قال حنطة كثيرة فهي خمسة أوسق في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - بناء على أصلهما أن النصاب الذي يجب فيه العشر خمسة أوسق والوسق ستون صاعا .
ولم يبين قول أبي حنيفة - C - فيه وقيل البيان فيه إلى المقر على قوله بعد أن يبين أكثر مما يتناوله اسم الحنطة إن لو أقر بها مطلقا لأنه لو أقر بالحنطة مطلقا وبينه بالربع كان مقبولا منه .
فإذا نص منه على صفة الكثرة لا بد من أن يبين أكثر من ذلك على وجه يحتمله هذا اللفظ لو أقر أن الوديعة التي عند فلان لفلان فهو جائز وليس للمقر له أن يأخذها من المستودع ولكن المقر يأخذها فيدفعها إليه على قياس ما بيناه في الدين وفي هذا بعض أشكال فإن قبض الوديعة إلى صاحبها ولكنه اعتبر إقراره وليس من ضرورة ملك العين له ثبوت حق القبض له لجواز أن يكون المقر مرتهنا فيه أو بائعا من المقر له وكان محبوسا عنده باليمين في يد المودع فلهذا كان حق القبض إلى المقر وإن دفعها المستودع إلى المقر له برئ على قياس ما بينا في الدين وهذا لأن وجوب الضمان عليه بالمحتمل لا يكون بل بحق ثابت للمقر في العين وذلك ليس بظاهر وإن كانت له عنده ودائع فقال عنيت بعضها لم يصدق لإدخاله الألف واللام في قوله الوديعة كما بينا في الدين .
فإن قال فلان ما استودعني المقر شيئا وقال المقر له استودعتها إياه بغير أمري فالمقر ضامن لها بعد أن يحلف المقر له ما أمره بذلك لأنه أقر بالإيداع هنا وهو فعل موجب للضمان عليه إلا أن يثبت الإذن ولم يثبت الإذن إذا حلف المقر له .
وإن أقر بالأمر وقال المستودع قد رددتها إلى المقر أو قال دفعتها إلى المقر له أو قال قد ضاعت فالقول في ذلك قوله مع يمينه لأنه أمين أخبر بما هو مسلط عليه ولكن الذي يلي خصومته في ذلك واستحلافه المقر إذا كان أودعه بإذن المقر له لأن حق الاسترداد إليه فتكون الخصومة له مع المودع في الاستحلاف وذكر في الأصل من هذا الجنس مسألة أخرى إذا قال له على ألف فالقول في بيانه قوله لأنه لم يفسره بشيء فالقول في تفسيره إليه سواء فسره بما يتفاوت من العدديات أو لا يتفاوت .
وذكر ابن رستم عن محمد - رحمهما الله - أنه إذا قال له على غير الألف فعليه ألفان .
ولو قال له علي غير درهم فعليه درهمان لأن الغير اسم لما يقابل الشيء فيوجب المغايرة فيه وفي الدراهم إنما ثبت ذلك بدرهم آخر وفي الألف بألف آخر وفيما دونه لا يتغير اللفظ الأول لأنه يقال ألف ومائة وتسعمائة فإنما يثبت المغايرة بألف آخر فيلزمه ألفان والله أعلم