قال - C تعالى - ( رجلان أقر أحدهما ببيت بعينه منها لرجل وأنكر صاحبه لم يجز إقراره في الحال إلا في رواية عن أبي يوسف - C - قال يجوز إقراره ويكون نصف البيت للمقر له ) لأن كل جزء من الدار مشترك بينهما فإقراره في نصف البيت لا في ملك نفسه فيكون صحيحا وشريكه وإن كان يتصور عند القسمة بتفرق ملكه ولكن هذا الضرر لا يلحقه بالإقرار إنما يلحقه بالقسمة مع إقرار المقر في ملكه وهو صحيح وإن أدى إلى الإضرار بالغير في الباقي كالراهن يقر بالرهون لإنسان فيعتقه المقر له والإقرار منه كسائر التصرفات وإعتاق أحد الشريكين العبد صحيح وإن كان يتضرر به شريكه فكذلك هنا .
وجه ظاهر الرواية : أنا صححنا الإقرار في الحال تضرر به الشريك لأنه يحتاج إلى قسمتين قسمة البيت مع المقر له وقسمة بقية الدار مع المقر فيتفرق عليه ملكه وهذا الضرر يلحقه من جهة المقر لان المطالبة بالقسمة بسبب الملك الثابت بالإقراره فما يتبنى عليه من الضرر ويضاف إلى السبب واقرار المقر ليس بحجة في الأمر بالغير ولكن النقر له لأن إقراره في النصف الذي هو مملوك له إنما يكون صحيحا لدفع الضرر عن شريكه وقد زال ذلك وفي النصف الآخر لم يكن صحيحا لعدم ملكه وقد زال ذلك ومن أقر بما لا يملك ثم ملكه يؤمر بتسليمه ويصير كالمجدد للإقرار بعد الملك .
وإن وقع البيت في نصيب الشريك فنصيب المقر يقسم بينه وبين المقر له ويضرب المقر له فيه بذرعان نصف الدار سوى البيت وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله .
وعند محمد - C - يضرب له بذرعان نصف البيت والمقر بذرعان نصف الدار سوى نصف البيت حتى إذا كانت الدار مائة ذراع والبيت عشرة أذرع فعند أبى حنيفة وأبى يوسف - رحمهما الله - المقر له يضرب بعشرة أذرع والمقر بخمسة وأربعين ذراعا فيكون بينهما على أحد عشر سهما للمقر له وتسعة للمقر وعند محمد - C - يضرب المقر له بخمسة أذرع والمقر بخمسة وأربعين ذراعا فيكون المقر له عشر نصيب المقر .
وجه قول محمد - C - أن إقراره في نصف البيت صادف نصيب الشريك ولم يملك ذلك حين وقع البيت بالقسمة في نصيب الشريك فلم يصح إقراره إلا بقدر ملكه وذلك نصف البيت ثم القسمة إذا وقع هذا النصف في نصيب الشريك فعوضه وقع في نصيب المقر والمقر به إذا أخلف عوضا يثبت حق المقر له في ذلك العوض فلهذا ضرب بنصيبه بذرعان نصف البيت والمقر بجميع حقه وهو ذرعان نصف الدار سوى البيت بخلاف ما إذا وقع البيت في نصيب المقر لأن إقراره في الكل قد صح باعتبار تعين ملكه بخلاف ما إذا وقع فيأخذه المقر له .
ووجه قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - أن القسمة في العقار فيها معنى المعاوضة ولهذا لا ينفرد به أحد الشريكين ولو اشتريا دارا واقتسماها لم يكن لأحدهما أن يبيع نصيبه مرابحة فالبيت وان وقع في نصيب الآخر فعوضه وقع في نصيب المقر وحكم الأصل فيما أنه لو وقع البيت في نصيبه أمر بتسليم كله إلي المقر له فكذلك إن وقع عوضه في نصيبه يثبت الحق المقر له في جميعه فلهذا ضرب بذرعان جميع البيت وهذا لان الإقرار الحاصل في غير الملك كما يصح بملكه يصح في عوضه الذي هو قائم مقامه ولأن في زعم المقر أن الشريك ظالم بجحوده حق المقر له في البيت فيجعل الشريك مع ما أخذ في حقهما فإن لم يكن لأن ضرر ظلمه لا يكون على أحد الشريكين دون الآخر فيبقى حق المقر له بزعم المقر في ذرعان البيت وحق المقر في ذرعان نصف الدار سوى البيت فيضرب كل واحد منهما بجميع ذلك .
وكذلك لو أقر أحد الشريكين في الدار بطريق لرجل أو بحائط معلوم أو أقر بذلك في البنيان والأرض فهو على ما ذكرنا في البيت وعلى هذا لو أوصى أحد الشريكين في الدار ببيت منها لانسان ثم مات فهو على ماذكرنا .
وإنما نص على قول محمد - C - في مسألة الوصية بعد هذا وجوابه في الوصية والإقرار واحد إلا في حرف واحد وهو ما إذا اقتسما فوقع البيت في نصيب الورثة للموصى له هنا نصف البيت بخلاف مسألة الإقرار فإن المقء له هناك أخذ جمييع البيت لأن وصية الموصي في نصف البيت صادفت ملكه وفي نصفه صادفت نصيب شريكه .
ومن أوصى بعين لا يملكها ثم ملكها لا تصح وصيته فيها فلهذا أمر الورثة بتسليم نصف البيت إلى الموصى له وفي الإقرار أقر بما لا يملك ثم ملكه يؤمر بتسليمه إلى المقر له جميع البيت وفيما سوى هذا مسألة الوصية والإقرار سواء فيما اتفقوا عليه وإذا كان حمام بين رجلين فأقر أحدهما أن البيت الأوسط منه لرجل لم يجز ذلك لما فيه من الإضرار بشريكه بأن كان لا يقسم في الحال فإذا انهدم الحمام يحتمل الفرصة فلو صححنا إقرار المقر تضرر به الشريك لأنه يحتاج إلى قسمين .
وإذا لم يجز الإقرار هنا فللمقر له أن يضمن نصف قيمة الميت لأن تصحيح الإقرار بالقسمة هنا غير ممكن فإن الحمام لا يقسم لأن الجبر على القسمة لتحصيل المنفعة لكل واحد منهما وفي قسمة الحمام تعطيل المنفعة .
فإذا لم يكن محتملا للقسمة بقي نصف الحمام في يد كل واحد منهما في زعم المقر أن البيت الأوسط للمقر احتبس نصفه في يده ونصفه في يد شريكه فيكون ضامنا لما احتبس منه في يده لان ملك الغير اذا احتبس منه في يده لأن ملك الغير إذا احتبس منه في يده وتعذر عليه رده لا يكون مجانا بل يكون مضمونا عليه بقيمه ولو أقر له بنصف الحمام أو ثلثه كان إقراره جائزا لأنه لا ضرر على شريكه في إقرار المقر بجزء شائع للمقر له لا في الحال ولا في المال .
ولو كان عدل زطى بين فأقر أحدهما بثوب منه بعينه لرجل كان نصبيه من ذلك للمقر له لأن كل ثوب مشترك بينهما فإقراره في نصيب الثوب الذي عينه صادف ملكه ولا ضرر فيه على شريكه فصح بخلاف الدار الواحدة لأن المراقف هناك متصلة بعضها ببعض ففي تصحيح الإقرار إضرار بالشريك وهنا بعض الثياب غير متصلة بالبعض وليس في تصحيح الإقرار إضرار بالشريك إذ لا فرق في حقه بين أن يكون شريكه في هذا الثوب المقر له والرقيق والحيوان قياس على الثياب في ذلك .
ولو كانت دار بين رجلين فأقر أحدهما ببيت بعينه لرجل وأنكر شريكه وأقر بيت لآخر وأنكر صاحبه ذلك فالدار تقسم بينهما نصفين وإن وقع البيت الذي أقر به في نصيبه يسلمه إلى المقر له وإن لم يقع في نصيبه قسم ما أصابه بينه وبين المقر له على البيت وعلى نصف ما بقي من الدار بعد البيت لما ذكرنا في الفصل الأول من قسمة نصيبه بينه وبين المقر له على الاختلاف الذي ذكرنا في إقرار أحدهما به .
ولو أن طريقا لقوم عليها باب منصوب أقر واحد منهم بطريق فيه لرجل لم يجر إقراره على شركائه ولم يكن للمقر له أن يمر فيه حتى يقتسموها لأن مروره في نصيب المقر لا يتحقق قبل القسمة فإن وقع موضع الطريق بالقسمة في نصيب المقر جاز ذلك عليه لأن الضرر قد اندفع عن شركائه وإن وقع في نصيب غيره كان للمقر له أن يقاسم المقر به نصيبه بحصة ذلك الطريق على ما بينا في البيت وقد تقدم بيان مسألة الطريق في كتاب الدعوى وأعادها هنا للفرق بينها وبين النهر اذا كان بين قوم وأقر أحدهم بشرب فيه لرجل لم يجر على شركائه لما قلنا .
فإن كانوا ثلاثة فأقر أحدهم أن عشر النهر لهذا الرجل دخل عليه في حصته فكانت بينه وبين المقر له على مقدار نصيبه وعلى عشرة ولو قال له عشر الطريق لم يكن للمقر له أن يمر فيه لأن الطريق لا يقسم بينهم وعند المرور في النهر يتحاصون فيه بقدر شربهم فيكون ذلك قسمة بينهم في الماء قال الله تعالى { ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } ( القمر : 28 ) قال الله تعالى { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } ( الشعراء : 155 ) فيمكن إدخال المقر مع المقر له في نصيبه من غير أن يكون فيه ضرر على شركائه .
وكذلك لو كانت عين أو ركى بين ثلاثة نفر أحدهم أقر أن عشرها لرجل دخل المقر في حصته فإن المقر له العشر ولي الثلث فحصته تكون مقسومة على ذلك يضرب المقر له فيه بسهم والمقر بثلاثة وثلث فإذا أردت تصحيح السهام فالقسمة بينهما على ثلاثة عشر سهما للمقر له ثلاثة وللمقر عشرة .
وإن قال له العشر ولم يزد على هذا فقسمة نصيبه بينهما على أربعة للمقر له سهم والمقر ثلاثة ولو أن سيفا بين رجلين فضة أقر أحدهما أن حليته لرجل لم يجز ذلك على شريكه وضمن المقر للمقر له نصف قيمة الحلية مصوغة من الذهب أو كانت لأن تصحيح الإقرار بالقسمة غير ممكن وفي زعم المقر أن الحلية للمقر له احتبس نصفها في يد كل واحد منهما فيكون هو ضامنا لما احتبس عنده من ملك المقر له وإنما ضمن قيمته من الذهب للتحرز عن الربا .
وكذلك أحد الشريكين في الدار إذا أمر بجذع في سقف منها لرجل ضمن نصف قيمة الجذع للمقر له لاحتباس هذا النصف في يده من ملك المقر له بزعمه .
وكذلك لو أقر بآجر في حائط منها أو بعود من قبة أو بلوح من باب بينه وبين آخر لأن تصحيح الإقرار في هذه المواضع بالقسمة غير ممكن فإن المقر به وإن وقع في نصيب المقر بيت منها لا يلزمه تسليمه لما في نزعه من الضرر .
ولو كانت دار لرجلين باع أحدهما نصف بيت منها بعينه لم يجز بيعه إلا في رواية عن أبي يوسف - C - يقول : إن بيعه صادف ملكه وتسليمه بالتخلية ممكن فكان بيعه صحيحا .
وجه ظاهر الرواية إنه لو جاز بيعه لنصف البيت لتضرر به شريكه لأنه يحتاج إلى قسمتين قسمة مع المشترى في البيت وقسمة مع الشريك في بقية الدار فيتضرر بتفرق ملكه والبيع إذا وقع على وجه يتضرر به البائع لم يجز فإذا وقع على وجه يتضرر به شريكه أولى .
رجل قال لآخر لك علي أو على مكاتبي فلان ألف درهم لم يلزمه شيء في الحال لأن المكاتب في حقه كالحر لا يملك الإقرار عليه بالدين فكأنه قال لك علي أو على فلان الحر الف درهم وفي هذا لا يلزمه شيء لأن حرف أو في موضع الإثبات عمله في إثبات حد المذكورين فلا يكون ملتزما للمال بهذا الإقرار حين جعله مترددا بينه وبين غيره فإن عتق المكاتب فقد ازداد بعدا من مولاه فيكون الإقرار باطلا وإن عجز ورد في الرق ولا دين عليه فالإقرار جائز كما لو جدده في الحال لأن الحق في رقبته خلص له ولو استأنف الإقرار فقال لك علي أو على عبدى هذا ألف درهم ولا دين على العبد يصح إقراره وتخير بين أن يلزمه لنفسه أو عبده لأن كلامه الآن صار التزاما بيقين فإن الدين لا يجب على العبد بل يكون شاغلا مالية رقبته وذلك خالص حق المولى بمنزلة ذمته نفسه ولأنه أقر على عبده صح الإقرار ولو أقر علي نفسه صح أيضا فإذا جعل إقرار مترددا بينهما كان صحيحا وبه فارق حال قيام الكتابة فإنه لو أقر على مكاتبه خاصة لم يكن الإقرار صحيحا إلا أن يعجز ولا دين عليه فحينئذ يصح الإقرار فكذلك إذا جعله مترددا بينه وبين نفسه ولو أقر على عبده التاجر بدين والعبد يجحده وعليه دين يحيط بقيمته فإقراره باطل لأن ماليته وكسبه حق غرمائه فلا يملك المولى إبطال حقهم ولا إثبات مزاحم لهم بقوله كالمرهون لما صار حقا للمرتهن لا يملك الراهن إبطال حقه وإثبات مزاحم له بإقرار المولى على عبده باعتبار ماليته دون ذمته فإنه في حق الذمة مبقي على اسس الحرية فإن بيع العبد لغرمائه في دينهم لم يلزمه الدين الذي أقر به المولى وكذلك إن عتق لأنه ازداد بعدا عن مولاه لهذه الأسباب ولو أقر أن لفلان ألف درهم عليه أو على فلان ألف درهم ثم مات فلان والمقر وارثه وترك مالا فالإقرار يلزمه إرثا كان عليه وإرثا كان في مال الميت لأنه لو جدد الإقرار في هذه الحال كان ملتزما إياه لأن موجب الإقرار بالدين يوجه المطالبة بقضائه من ماله وقد صار هو المطالب بقضاء هذا الدين من ماله عينا لأنه إن كان مراده الإقرار على نفسه فعليه قضاؤه وإن كان مراده الإقرار على مورثه فعليه قضاؤه من تركته المورث حق الوارث فلهذا حكم بصحة إقراره وجعل البينة على المقر في ذلك .
وإذا أقر أن لفلان علي ألف درهم ثم مات فلان والمقر وارثه فالدين في تركة الميت بمنزلة مالو وجد الإقرار بعد موته لان الإقرار في حق المقر خبر ملزم غير محتمل للفسخ وأن جهة الصدق منفية فيه في حق المقر وفسخه في تعين جهة الكذب فيه وبعد ما تعينت جهة الصدق فيه لا يتصور تعيين جهة الكذب فيه فلهذا جعلناه كمجدد الإقرار في هذه الفصول بعد ما خلص الحق له .
فإن كان على الميت دين في صحته أو في مرضه فدينه واجب في تركته من هذا لأن صحة إقرار الوراث باعتبار التركة وذلك حين يخلص حقاله وما دام على الميت دين أقر به في صحته أو في مرضه لا حق للوراث في تركته فتجعل هذه الحال كحال حياة المورث لو قال له علي ألف درهم لا بل على فلان لزم المقر المال لأنه التزمها بإقراره ثم أراد الرجوع عنه وإلزام غيره بقوله لا بل على فلان لأن كلمة لا بل للاستدراك بالرجوع عن الأول وإقامة الثانى مقام الأول وليس له ولاية الرجوع ولا ولاية إلزام المقر به غيره فيلغى آخر كلامه ويبقي المال عليه باعتبار أول كلامه لأنه يخالف ما سبق فإن حرف أو للتشكيك فلا يكون مع ذكره ملتزما للمال بإقراره .
( دار بين رجلين أقر أحدهما أنها بينهما وبين فلان وأقر الآخر أنها بينه وبين هذا المقر له وبين آخر أرباعا فإنا نسمي الذي أقر له متفقا عليه والذي أقر له أحدهما محجورا والذي أقر لهما مقرا وشريكه مكذبا ) فنقول : على قول أبي يوسف - C - يأتى المتفق عليه إلى المقر فيأخذ منه ربع ما في يده ويضمه إلى ما في يد المكذب فيقسمانه بينهما نصفين وما بقي في يد المقر يكون بينه وبين المجحود نصفين فيحتاج إلى حساب ينقسم نصفين ثم ربع نصفه ينقسم نصفين وأقل ذلك ستة عشر فيجعل سهام الدار ستة عشر في يد كل واحد منهما ثمانية ثم يأخذ المتفق عليه من المقر ربع ما في يده سهمين فيضمه إلى ما في يد المكذب وهو ثمانية فيصير عشرة أسهم نصفين لكل واحد منهما خمسة وما بقي في يد المقر وهو ستة بينه وبين المجحود نصفين .
قال ( وهذا قول أبى يوسف - C - الذي قاسه على قول أبي حنيفة - C - فأما على قول محمد - C - على قياس قول أبي حنيفة المتفق عليه يأخذ من المقر خمس ما في يده والباقي كما قال أبو يوسف - C ) .
وأصل المسألة ما قال في كتاب الفرائض رجل مات وترك ابنين فأقر أحدهما بابنين آخرين للميت وصدقه أخوه في أحدهما وكذبه الآخر في فعلى قول أبي يوسف - C - الذي قاسه على قول أبي حنيفة - C - يأخذ المتفق عليه من المقر ربع ما في يده وعلى قول محمد - C - خمس ما في يده .
ووجه قول أبي يوسف - C - ظاهر لأن المتفق عليه بقول للمقر قد أقررت بأن الدار بيننا أرباعا فلي ربع كل نصف من الدار وفي يدك النصف فأعطني ربع ما في يدك لإقرارك لي به فإنه لا يجد من قوله نعم فإذا أخذ منه ربع ما في يده ضمه إلى ما في يد المكذب لأنه يقول له قد أقررت بأن حقا في الدار على السواء وإقراره ملزم في حقه .
وجه قول محمد - C - أن المقر يقول للمتفق عليه أنا قد أقررت بأن حقي في سهم وحق المجحود في سهم وحقك في سهم ولكن السهم الذي هو حقك نصفه في يدى ونصفه في يد شريكي وهو مقر لك بذلك وزيادة فلا يضرب بما في يدي إلا بما أقررت لك به وذلك نصف سهم فأنت تضرب بما في يدى بنصف سهم وأنا بهم والمجحود بسهم فلهذا أخذ منه خمس ما في يده وضمه إلى ما في المكذب فاقتسما نصفين لاتفاقهما على أن حقهما في الدار سواء .
وإذا تنازع الرجلان في حائط ووجه البناء إلى أحدهما فهو بينهما نصفين على قول أبي حنيفة - C - وتحكيم وجه البناء لبس وعندهما الحائط لمن إليه وجه البناء وإنصاف اللبن وقد بينا هذا في كتاب الدعوى في الحائط والحصن جميعا فإعادته هنا لفروع ذكرناها على سبيل الاحتجاج لأبي حنيفة C وقال قد يجعل وجه الحائط إلى الطريق فلا يكون ذلك دليلا على أن الحائط غير مملوك له وقد يكون أحد جانبي الحائط مجصصا فلا يكون دليلا على القضاء بالحائط لمن يكون جانبه مجصصا وكذلك قد يكون في أحد الوجهين من الحائط روازن أو طاقات فلا يكون دليلا على ترجيح أحدهما فكذلك وجه البناء .
وأبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - يقولان : في الحصن والروازن كذلك فأما إذا كان الحائط مبنيا بطاقات فالحائط للذي إليه الطاقات عندهما لأن الطاقات بمنزلة وجه البناء والظاهر أن الذي يبني الحائط يجعل الطاقات إلى نفسه لأن الجانب الذي يكون فيه الطاقات يبنى مستويا وإنما يعتبر الحائط من جانب نفسه لا من جانب جاره جاره ولهذا جعل وجه البناء حكما فكذلك الطاقات وقال وإن كانت الروازن في البناء من الآخر فهي مثل الطاقات فهذا اللفظ دليل على أنهما إنما لم يعتبرا الروازن الموجودة في الحائط فقد يحفر ذلك صاحب الحائط وقد يحفر جاره ليدخل فيه الضوء فأما ما كان يعلم أنه مبنى مع الحائط من الروازن فإنه يجعل حكما عندهما بمنزلة الطاقات ويقضي بالحائط لمن إليه استواء تلك الروازن لان الباني للحائط يراعى الاستواء من جانب نفسه لا من جانب جاره .
وإن كان الباب في حائط فادعاه كل واحد منهما وغلق الباب إلى أحدهما فالباب والحائط بينهما نصفين في قول أبى حنيفة - C - وفي قولهما الحائط بينهما والباب الذي إليه الغلق اعتبرا فيه العادة فإن الذي يركب الباب على الحائط يجعل الغلق في جانبه .
وأبو حنيفة اعتبر القياس أن الغلق منتازع فيه كالباب والعادة مشتركة قد يجعل الغلق إلى جانبه وقد يجعل إلى جانبه جاره فكان بينهما نصفين فإن كان له غلقان من كل جانب واحد فهو بينهما نصفين عندهم جميعا لاستوائهما في الدعوى والشاهد بالعلامة ولما تعارض الغلقان جعل كأنه لا غلق على الباب فيقضى به بينهما نصفين كالحائط والله أعلم بالصواب