ومعناه : المساوي والمماثل في الصفات .
A E و ( أحد ) هنا بمعنى إنسان أو موجود وهو من الأسماء النكرات الملازمة للوقوع في حيز النفي .
وحصل بهذا جناس تام مع قوله ( قل هو الله أحد ) .
وتقديم خبر ( كان ) على اسمها للرعاية على الفاصلة وللاهتمام بذكر الكفؤ عقب الفعل المنفي ليكون أسلق إلى السمع .
وتقديم المجرور بقوله ( له ) على متعلقه وهو ( كفوا ) للاهتمام باستحقاق الله نفي كفاءة أحد له فكان هذا الاهتمام مرجحا تقديم المجرور على متعلقه وإن كان الأصل تأخير المتعلق إذ كان ظرفا لغويا . وتأخيره عند سيبويه أحسن ما لم يقتضي التقديم مقتضى كما أشار إليه في الكشاف .
وقد وردت في فصل هذه السورة أخبار صحيحة وحسنة استوفاها المفسرون . وثبت في الحديث الصحيح في الموطأ والصحيحين من طرق عدة : أن رسول الله A قال " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " .
واختلفت التأويلات التي تأول بها أصحاب معاني الآثار بهذا الحديث ويجمعها أربع تأويلات .
الأول : أنها تعدل ثلث القرآن في ثواب القراءة أي تعدل ثلث القرآن إذا قرئ بدونها حتى لو كررها القارئ ثلاث مرات كان له ثواب من قرأ القرآن كله .
الثاني : أنها تعدل ثلث القرآن إذا قرأها من لا يحسن غيرها من سور القرآن .
الثالث : أنها تعدل ثلث معاني القرآن باعتبار أجناس المعاني لأن معاني القرآن أحكام وأخبار وتوحيد وقد انفردت هذه السورة بجمعها أصول العقيدة الإسلامية ما لم يجمعه غيرها .
وأقول : أن ذلك كان قبل نزول آيات مثلها مثل آية الكرسي أو لأنه لا توجد سورة واحدة جامعة لما في سورة الإخلاص .
التأويل الرابع : أنها تعدل ثلث القرآن في الثواب مثل التأويل الأول ولكن لا يكون تكريرها ثلاث مرات بمنزلة قراءة ختمة كاملة .
قال ابن رشد في البيان والتحصيل : أجمع العلماء على أن من قرأ ( قل هو الله أحد ) ثلاث مرات لا يساوي في الأجر من أحيا بالقرآن كله اه . فيكون هذا التأويل قيدا للتأويل الأول ولكن في حكايته الإجماع على أن ذلك هو المراد نظر فإن في بعض الأحاديث ما هو صريح في أن تكريرها ثلاث مرات يعدل قراءة ختمة كاملة .
قال ابن رشد : واختلافهم في تأويل الحديث لا يرتفع بشيء منه عن الحديث الأشكال ولا يتخلص عن أن يكون فيه اعتراض .
وقال أبو عمر بن عبد البر السكوت على هذه المسألة أفضل من الكلام فيها .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة الفلق .
سمى النبي A هذه السورة ( قل أعوذ برب الفلق ) . روى النسائي عن عقبة بن عامر قال : اتبعت رسول الله A وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت : أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف فقال : لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ) .
وهذا ظاهر في أنه أراد سورة ( قل أعوذ برب الفلق ) لأنه كان جوابا على قول عقبة : أقرأني سورة هود الخ ولأنه عطف على قوله ( قل أعوذ برب الفلق ) قوله ( قل أعوذ برب الناس ) ولم يتم سورة ( قل أعوذ برب الفلق ) .
عنونها البخاري في صحيحه ( سورة قل أعوذ برب الفلق ) بإضافة سورة إلى أول جملة منها .
وجاء في بعض كلام الصحابة تسميتها مع سورة الناس ( المعوذتين ) . روى أبو داود والترمذي وأحمد عن عقبة بن عامر قال " أمرني رسول الله A أن أقرأ بالمعوذات " بكسر الواو المشددة وبصيغة الجمع بتأويل الآيات المعوذات أي آيات السورتين " وفي رواية " بالمعوذتين في دبر كل صلاة " . ولم يذكر أحد من المفسرين أن الواحدة منهما تسمى المعوذة بالإفراد وقد سماها ابن عطية سورة المعوذة الأولى فإضافة " سورة " إلى " المعوذة " من إضافة المسمى إلى الاسم ووصف السورة بذلك مجاز يجعلها كالذي يدل الخائف على المكان الذي يعصمه من مخيفه أو كالذي يدخله المعاذ .
وسميت في أكثر المصاحف ومعظم كتب التفسير ( سورة الفلق ) .
وفي الإتقان : أنها وسورة الناس تسميان " المشقشقتين " " بتقديم الشينين على القافين " من قولهم خطيب مشقشق اه . " أي مسترسل القول تشبيها له بالفحل الكريم من الإبل يهدر بشقشقة وهي كاللحم يبرز من فيه إذا غضب " ولم أحقق وجه وصف المعوذتين بذلك