وكانت عقد عليها في شوال قبل الهجرة بثلاث سنين أي في أواخر سنة أربع قبل الهجرة بمكة وعائشة يومئذ بنت ست سنين وذكر بعض المفسرين أن انشقاق القمر كان سنة خمس قبل الهجرة وعن ابن عباس كان بين نزول آية ( سيهزم الجمع ويلون الدبر ) وبين بدر سبع سنين .
أغراض هذه السورة .
تسجيل مكابرة المشركين في الآيات المبينة وأمر النبي A بالإعراض عن مكابرتهم .
وإنذارهم باقتراب القيامة وبما يلقونه حين البعث من الشدائد .
وتذكيرهم بما لقيته الأمم أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رسل الله وأنهم سيلقون مثل ما لقي أولئك إذ ليسوا خيرا من كفار الأمم الماضية .
وإنذارهم بقتال يهزمون به ثم لهم عذاب الآخرة وهو أشد .
وإعلامهم بإحاطة الله علما بأفعالهم وأنه مجازيهم شر الجزاء ومجاز المتقين خير الجزاء . وإثبات البعث ووصف بعض أحواله .
وفي خلال ذلك تكرير التنويه بهدي القرآن وحكمته .
( اقتربت الساعة وانشق القمر [ 1 ] ) من عادة القرآن أن ينتهز الفرصة لإعادة الموعظة والتفكير حين يتضاءل تعلق النفوس بالدنيا وتفكر فيما بعد الموت وتعير آذانها لداعي الهدى . فتتهيأ لقبول الحق في مضان ذلك على تفاوت في استعدادها وكم كان مثل هذا الانتهاز سببا في إيمان قلوب قاسي فإذا أظهر الله الآيات على يد رسول الله A لتأييد صدقه شفع ذلك بإعادة التذكير كما قال تعالى ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) .
وجمهور المفسرين على أن هذه الآية نزلت شاهدة على المشركين بظهور آية كبرى ومعجزة من معجزات النبي A وهي معجزة انشقاق القمر . ففي صحيح البخاري وجامع الترمذي عن أنس بن مالك قال " سأل أهل مكة النبي A أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر " . زاد الترمذي عنه " فانشق القمر بمكة فرقتين فنزلت ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) إلى قوله ( سحر مستمر ) .
وفي رواية الترمذي عن ابن مسعود قال " بينما نحن مع رسول الله A بمنى فانشق القمر " .
A E وظاهره أن ذلك في موسم الحج . وفي سيرة الحلبي كان ذلك ليلة أربع عشرة " أي في أواخر ليالي منى ليلة النفر " . وفيها " اجتمع المشركون بمنى وفيهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن عبد المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحارث فسألوا النبي A إن كنت صادقا فشق القمر فرقتين فانشق القمر " .
والعمدة في هذا التأويل على حديث عبد الله بن مسعود في الصحيح قال : " انشق القمر ونحن مع النبي A بمنى فانشق القمر فرقتين فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال لنا رسول الله A " اشهدوا واشهدوا ) . زاد في رواية الترمذي عنه " يعني واقتربت الساعة وانشق القمر " . قلت : وعن ابن عباس نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان .
وروي ثله عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وجبير بن مطعم وهؤلاء لم يشهدوا انشقاق القمر لأن من عدا عليا وابن عباس وابن عمر لم يكونوا بمكة ولم يسلموا إلا بعد الهجرة ولكنهم ما تكلموا إلا عن يقين .
وكثرة رواة هذا الخبر تدل على أنه كان خبرا مستفيضا . وقال في شرح المواقف : هو متواتر . وفي عبارته تسامح لعدم توفر شرط التواتر . ومراده : أنه مستفيض .
وظاهر بعض الروايات لحديث ابن مسعود عند الترمذي أن الآية نزلت قبل حصول انشقاق القمر الواقع بمكة لما سأل المشركون رسول الله A آية أو سألوه انشقاق القمر فأراهم انشقاق القمر وإنما يحصل عند اقتراب الساعة . وروي هذا عن الحسن وعطاء وهو المعبر عنه بالخسوف في سورة القيامة ( فإذا برق البصر وخسف القمر ) الآية .
وهذا لا ينافي وقوع انشقاق القمر الذي سأله المشركون ولكنه غير المراد في هذه الآية لكنه مؤول بما في روايته عند غير الترمذي .
ولحديث انس بن مالك أن الآية نزلت بعد انشقاق القمر