وإبطال قولهم في اللات والعزى ومناة بنات الله وأنها أوهام لا حقائق لها وتنظير قولهم فيها بقولهم في الملائكة أنهم إناث .
وذكر جزاء المعرضين والمهتدين وتحذيرهم من القول في هذه الأمور بالظن دون حجة .
وإبطال قياسهم عالم الغيب على عالم الشهادة وأن ذلك ضلال في الرأي قد جاءهم بضده الهدى من الله . وذكر لذلك مثال من قصة الوليدين المغيرة أو قصة ابن أبي سرح .
وإثبات البعث والجزاء .
وتذكيرهم بما حل بالأمم ذات الشرك من قبلهم وبمن جاء قبل محمد A من الرسل أهل الشرائع .
وإنذارهم بحادثة تحل بهم قريبا .
وما تخلل ذلك من معترضات ومستطردات لمناسبات ذكرهم عن أن يتركوا أنفسهم .
وأن القرآن حوى كتب الأنبياء السابقين .
( والنجم إذا هوى [ 1 ] ما ضل صاحبكم وما غوى [ 2 ] وما ينطق عن الهوى [ 3 ] ) كلام موجه من الله تعالى إلى المشركين الطاعنين في رسالة محمد A .
والنجم : الكوكب أي الجرم الذي يبدو للناظرين لامعا في جو السماء ليلا .
أقسم الله تعالى بعظيم من مخلوقاته دال على عظيم صفات الله تعالى .
وتعريف ( النجم ) باللام يجوز أن يكون للجنس كقوله ( وبالنجم هم يهتدون ) وقوله ( والنجم والشجر يسجدان ) ويتمل تعريف العهد . وأشهر النجوم بإطلاق اسم النجم عليه الثريا لأنهم كانوا يوقتون بأزمان طلوعها مواقيت الفصول ونضج الثمار ومن أقوالهم : طلع النجم عشاء فابتغى الراعي كمساء طلع النجم غدية وابتغى الراعي شكية ( تصغير شكوة وعاء من جلد يوضع فيه الماء واللبن ) يعنون ابتداء زمن البرد وابتداء زمن الحر .
وقيل النجم : الشعرى اليمانية وهي العبور وكانت معظمة عند العرب وعبدها خزاعة .
ويجوز أن يكون المراد بالنجم : الشهاب وبهوية : سقوطه من مكانه إلى مكان آخر قال تعالى ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد ) وقال ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلنا رجوما للشياطين ) .
والقسم ب ( النجم ) لما في خلقه من الدلالة على عظيم قدرة الله تعالى ألا ترى إلى قول الله حكاية عن إبراهيم ( فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ) .
A E وتقييد القسم بالنجم بوقت غروبه لإشعار غروب ذلك المخلوق العظيم بعد أوجه في شرف الارتفاع في الأفق على أنه تسخير لقدرة الله تعالى ولذلك قال إبراهيم ( لا أحب الآفلين ) .
والوجه أن يكون ( إذا هوى ) بدل اشتمال من النجم لأن المراد من النجم أحواله الدالة على قدرة خالقه ومصرفه ومن أعظم أحواله حال هويه ويكون ( إذا ) اسم زمان مجردا عن معنى الظرفية في محل جر بحرف القسم وبذلك نتفادى من إشكال طلب متعلق ( إذا ) وهو إشكال أورده العلامة الجنزي على الزمخشري قال الطيبي وفي المقتبس قال الجنزي : " فاوضت جار الله في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى ) ما العامل في ( إذا ) ؟ فقال : العامل فيه ما تعلق به الواو, فقلت : كيف يعمل فعل الحال في المستقبل وهذا لأم معناه قسم الآن, وليس معناه أقسم بعد هذا فرجع وقال : العامل فيه مصدر محذوف تقديره : وهوي النجم إذا هوى, فعرضته على زين المشائخ فلم يستحسن قوله الثاني . والوجه أن ( إذا ) قد انسلخ عنه معنى الاستقبال وصار للوقت المجرد, ونحوه : آتيك إذا احمر البسر, أي وقت احمراره فقد عري عن معنى الاستقبال لأنه وقعت الغنية عنه بقوله : آتيك اه كلام الطيبي, فقوله : فالوجه يحتمل أن يكون من كلام زين المشائخ أو من كلام صاحب المقتبس أو من كلام الطيبي, وهو وجيه وهو أصل ما بنينا عليه موقع ( إذا ) هنا, وليس تردد الزمخشري في الجواب إلا لأنه يلتزم أن يكون ( إذا ) ظرفا للمستقبل كما هو مقتضى كلامه في المفصل مع أن خروجها عن ذلك كما تواطأت عليه أقوال المحققين .
والهوي : السقوط, أطلق هنا على غروب الكوكب, استعير الهوي إلى اقتراب اختفائه ويجوز أن يراد بالهوي : سقوط الشهاب حين يلوح للناظر أنه يجري في أديم السماء, فهو هوي حقيقي فيكون قد استعمل في حقيقته ومجازه