ولما كان المضاف إليه ضمير الكفار المعينين وهم كفار مكة ترجح أن يكون المراد من هذا اليوم يوما خاصا بهم وإنما هو يوم بدر لأن يوم القيامة لا يختص بهم بل هو عام لكفار الأمم كلهم بخلاف اليوم الذي في قوله في سورة الأنبياء ( وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) لأن ضمير الخطاب فيه عائدا إلى ( الذين سبقت لهم منا الحسنى ) كلهم .
وفي الآية من اللطائف تمثيل ما سيصيب الذين كفروا بالذنوب والذنوب يناسب القليب وقد كان مثواهم يوم بدر قليب بدر الذي رميت فيه أشلاء سادتهم وهو اليوم القائل فيه شدلاد بن أوس الليثي المكنى أبا بكر يرثي قتلاهم : .
وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزى تزين بالسنام .
تحيي بالسلامة أم بكر ... وهل لي بعد قومي من سلام ولعل هذا مما يشمل قول النبي A حين وقف على القليب يوم بدر ( قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ) .
وفي قوله ( من يومهم الذي يوعدون ) مع قوله في أول السورة ( إن ما توعدون لصادق ) رد العجز على الصدر ففيه إيذان بانتهاء السورة وذلك من براعة المقطع .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة الطور .
سميت هذه السورة عند السلف ( سورة الطور ) دون واو قبل الطور . ففي جامع الطواف من الموطإ حديث مالك عن أم سلمة قالت " فطفت ورسول الله إلى جنب البيت يقرأ ب ( والطور وكتاب مسطور ) " أي يقرأ بسورة الطور ولم ترد يقرأ بالآية لأن الآية فيها ( والطور ) بالواو وهي لم تذكر الواو .
وفي باب القراءة في المغرب من الموطإ حديث مالك عن جبير بن مطعم " سمعت رسول الله A قرأ بالطور في المغرب " .
A E وفي تفسير سورة الطور من صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال " سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) كاد قلبي أن يطير " . وكان جبير بن مطعم مشركا قدم على النبي A في فداء أسرى بدر وأسلم يومئذ .
وكذلك وقعت تسميتها في ترجمتها من جامع الترمذي وفي المصاحف التي رأيناها وكثير من التفاسير . وهذا على التسمية بالإضافة أي سورة ذكر الطور كما يقال : سورة البقرة وسورة الهدهد وسورة المؤمنين .
وفي ترجمة هذه السورة من تفسير صحيح البخاري ( سورة والطور ) بالواو على حكاية اللفظ الواقع في أولها كما يقال ( سورة قل هو الله أحد ) . وهي مكية جميعها بالاتفاق .
وهي السورة الخامسة والسبعون في ترتيب نزول السور . نزلت بعد سورة نوح وقبل سورة المؤمنين .
وعد أهل المدينة ومكة آيها سبعا وأربعين وعدها أهل الشام وأهل الكوفة تسعا وأربعين وعدها أهل البصرة ثمانيا وأربعين .
أغراض هذه السورة .
أول أغراض هذه السورة التهديد بوقوع العذاب يوم القيامة للمشركين المكذبين بالنبي A فيما جاء به من إثبات البعث وبالقرآن المتضمن ذلك فقالوا : هو سحر .
ومقابلة وعيدهم بوعد المتقين المؤمنين وصفة نعيمهم ووصف تذكرهم خشية وثنائهم على الله بما من عليهم فانتقل إلى تسلية النبي A وإبطال أقوالهم فيه وانتظارهم موته .
وتحديهم بأنهم عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن .
وإبطال خليط من تكاذيبهم بإعادة الخلق وببعثة الرسول A ليس من كبرائهم وبكون الملائكة بنات الله وإبطال تعدد الآلهة وذكر استهزائهم بالوعيد .
وأمر النبي A بتركهم وأن لا يحزن لذلك فإن الوعيد حال بهم في الدنيا ثم في الآخرة وأمره بالصبر ووعده بالتأييد وأمر بشكر ربه في جميع الأوقات .
( والطور [ 1 ] وكتاب مسطور [ 2 ] في رق منشور [ 3 ] والبيت المعمور [ 4 ] والسقف المرفوع [ 5 ] والبحر المسجور [ 6 ] إن عذاب ربك لواقع [ 7 ] ما له من دافع [ 8 ] ) القسم للتأكيد وتحقيق الوعيد ومناسبة الأمور المقسم بها للمقسم عليه أن هذه الأشياء المقسم بها من شؤونه بعثة موسى عليه السلام إلى فرعون وكان هلاك فرعون ومن معه من جراء تكذيبهم موسى عليه السلام