فإنه ما أراد وصف عمه بالسوء ولكنه أراد وصف ابن عمه بالسوء . فأضاف مجموع ابن عم إلى السوء ومثله قول رجل من كلب في ديوان الحماسة : .
هنيئا لابن عم السوء أني ... مجاوره بني ثعل لبوني وقال عيينة بن مرداس في الحماسة : .
فلما عرفت اليأس منه وقد بدت ... أيادي سبا الحاجات للمتذكر فأضاف مجموع " أيادي سبا " وهو كالمفرد لأنه جرى مجرى المثل إلى الحاجات .
وقال بعض رجازهم : .
أنا ابن عم الليل وابن خاله ... إذا دجى دخلت في سرباله فأضاف " ابن عم " إلى لفظ " الليل " وأضاف " ابن خال " إلى ضمير " الليل " على معنى أنا مخالط الليل ولا يريد إضافة عم ولا خال إلى الليل .
ومن هذا اسم عبد الله بن قيس الرقيات فالمضاف إلى " الرقيات " هو مجموع المركب إما " عبد الله " أو " ابن قيس " لا أحد مفرداته .
وهذه الإضافة قريبة من إضافة العدد المركب إلى من يضاف إليه مع بقاء اسم العدد على بنائه كما تقول : أعطه خمسة عشره .
وتسمى هذه السورة أيضا ( سورة المضاجع ) لوقوع لفظ ( المضاجع ) في قوله تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) .
A E وفي تفسير القرطبي عن مسند الدرامي أن خالد بن معدان سماها ( المنجية ) . قال : بلغني أن رجلا يقرؤها ما يقرأ شيئا غيرها وكان كثير الخطايا فنشرت جناحها وقالت : رب اغفر له فإنه كان يكثر من قراءتي فشفعها الرب فيه وقال : اكتبوا له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة اه .
وقال الطبرسي : تسمى ( سورة سجدة لقمان ) لوقوعها بعد سورة لقمان لئلا تلتبس بسورة ( حم السجدة ) أي كما سموا سورة ( حم السجدة ) وهي سورة فصلت ( سورة سجدة المؤمن ) لوقوعها بعد ( سورة المؤمنين ) .
وهي مكية في إطلاق أكثر المفسرين وإحدى روايتين عن ابن عباس وفي رواية أخرى عنه استثناء ثلاث آيات مدنية وهي ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ) إلى ( لعلهم يرجعون ) . قيل نزلت يوم بدر في علي بن أبي طالب والوليد ابن عقبة وسيأتي إبطاله . وزاد بعضهم آيتين ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) إلى ( بما كانوا يعملون ) لما روي في سبب نزولها وهو ضعيف .
والذي نعول عليه أن السورة كلها مكية وأن ما خالف ذلك إن هو إلا تأويل أو إلحاق خاص بعام كما أصلنا في المقدمة الخامسة .
نزلت بعد سورة النحل وقبل سورة نوح وقد عدت الثالثة والسبعين في النزول .
وعدت آياتها عند جمهور العادين ثلاثين وعدها البصريون سبعا وعشرين .
من أغراض هذه السورة .
أولها التنويه بالقرآن أنه منزل من عند الله وتوبيخ المشركين على ادعائهم أنه مفترى بأنهم لم يسبق لهم التشرف بنزول كتاب .
والاستدلال على إبطال إلهية أصنامهم بإثبات انفراد الله بأنه خالق السماوات والأرض ومدبر أمورهما .
وذكر البعث والاستدلال على كيفية بدء خلق الإنسان ونسله وتنظيره بإحياء الأرض وأدمج في ذلك أن إحياء الأرض نعمة عليهم كفروا بمسديها .
والإنحاء على الذين أنكروه ووعيدهم .
والثناء على المصدقين بآيات الله ووعدهم ومقابلة إيمانهم بكفر المشركين ثم إثبات رسالة رسول عظيم قبل محمد A هدى به أمة عظيمة .
والتذمير بما حل بالمكذبين السابقين ليكون ذلك عظة للحاضرين وتهديدهم بالنصر الحاصل للمؤمنين .
وختم ذلك بانتظار النصر .
وأمر الرسول A بالإعراض عنه تحقيرا لهم ووعده بانتظار نصره عليهم .
ومن مزايا هذه السورة وفضائلها ما رواه الترمذي والنسائي وأحمد والدرامي عن جابر بن عبد الله قال " كان النبي لا ينام حتى يقرأ ( ألم تنزيل السجدة ) و ( تبارك الذي بيده الملك ) .
( ألم [ 1 ] ) تقدم ما في نظائره .
( تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين [ 2 ] ) افتتحت السورة بالتنويه بشأن القرآن لأنه جامع الهدى الذي تضمنته هذه السورة وغيرها ولأن جماع ضلال الضالين هو التكذيب بهذا الكتاب فالله جعل القرآن هدى للناس وخص العرب بأن شرفهم بجعلهم أول من يتلقى هذا الكتاب وبأن أنزله بلغتهم فكان منهم أشد المكذبين بما جاء به لا جرم أن تكذيب أولئك المكذبين أعرق في الضلالة وأوغل في أفن الرأي .
وافتتاح الكلام بالجملة الاسمية لدلالتها على الدوام والثبات